البو ولد افكو رحمه الله ..

على الرغم من أن البو ولد افكو جدي لأم، إلا أني لا أكتب عنه الآن لذلك السبب، بل أكتب عن البو كرجل من إمارة أترارزة كان ذا نفوذ كبير و ثروة طائلة استخدم كل ذلك في إعانة الضعيف وغوث الملهوف ..

رجل ضن الزمان بمثله، حظيت به ولاية الترارزة عموما ومقاطعة المذرذرة خصوصا…

هو البو ولد محمد ولد افكو ولد إسحاق ..

ينتهي نسبه إلى عبد النبي ولد تروز، الأب الجامع لقبيلة الطلابين، التي كان البو شيخا عاما لها.

ولد البو حوالي عام 1886م لوالده محمد لأفك و أمه عيشة منت أحمد سالم ول… أعل بيبه البنيوكية.

درس في مدرسة أبناء الشيوخ باندر les fils des chefs حيث تلقى اللغة الفرنسية التي كان يتقنها و كان من أوائل الموريتانيين الذين مارسوا التجارة في أندر، إذ حظي بتوسع كبير في مجالها.

وتوطدت علاقته بالإدارة الفرنسية هناك، والحكم الأميري في عهد الأميرين أحمد للديد وأحمد سالم ولد إبراهيم السالم، الذي كان رجوعه إلى موريتانيا، وبالتحديد المذرذرة، بإقتراح منه، قبله البو مع بعض الشروط الذي لباها له الأمير.

قطن البو في المذرذرة حوالي 1910 وتزوج من أم الخيرات منت إسحاق المرأة الفاضلة المنفقة في سبيل الله و المؤرخة أيضا إذ كان يأتيها المختار ول حامد معتبرا إياها كمرجع، هذه المرأة تنطبق عليها المقولة وراء كل رجل عظيم امرأة ..

يقول أحدهم في البو وأم الخيرات:

هاذ الخيمة مخلمها … بسم المولى متعدله
بوها متعدل و أمها … كيفت بوها متعدله

فتح البو دكانا للتجارة في المذرذرة، خصوصا تجارة الصمغ ..

حيث جلب السيارات لأول مرة إلى المذرذرة عام 1936 لنقل الصمغ إلى أندر، والتي كانت تنقل الناس بالمجان “كميون أهل افكو” الشهير.

كما فتح فيها محلا كبيرا لبيع البضائع، مازال مكانه موجودا إلى يومنا هذا في المذرذرة ..

هذا المحل كان بمثابة مكتب له، ويقع مقابل “البيروه” .. مكتب الحاكم الفرنسي آنذاك، و يأتي إليه ذوو الحاجات المختلفة، سواء من ذوي الفاقة، أو ذوي مشاكل مع الإدارة الفرنسية، وتقضى فيه حوائج الجميع.

يقول محمدن ولد أبن المقداد مادحا له ..

البو من ثقلي ما يمل … و أمر إلا لحكتولو
يوكف و يفعل فيه كل .. فعل و اعود بمفعولو

وفي منتصف أربعينات القرن العشرين، بدأت الأحزاب السياسية في موريتانيا في التبلور ..

فكان البو سباقا للمشاركة ..

ويعتبر عضوا بارزا في حزب الوئام برئاسة أحمدو ولد حرمه ..

بينما اختارت زوجته أم الخيرات و أبنه محمدن عليهم رحمات الله، دعم سيدي المختار ولد يحي انجاي ..

مما يعبّر عن مدى تحضّر الرجل ورقي تفكيره، بقبوله لهذه المواقف الديمقراطية داخل أسرته في تلك الفترة.

وقد ظلت صداقة ابنه محمدن بسيدي المختار ول يحي انجاي إلى وفاة الأخير.

عندما اجتمع حزب الوئام في روصو عام 1951 كان البو من بين الحضور، ممثلا لقبيلة الطلابين، التي كان آنذاك شيخا عاما لها، وقد حضر هذا الاجتماع الكثير من الزعامات التقليدية.

في العام 1953 توجّه البو رحمه الله إلى بيت الله الحرام، ملبيا لله .. وقد سافر في تلك الآونة عن طريق الباخرة مرورا بمصر.

عاش البو في مقاطعة المذرذرة، يخدم أهلها ويعين ضعيفها، ويحمل عن أهلها نوائب الدهر ..

إذ كان كريما جوادا قبلة لذوي الحاجات ..

يقول أحد لمغنيين ..

ينذكرو هوك أجواد. .. فبلد مافيه البو
و إلاجينا للبو زاد. .. كل اكلام و علبو

رجل عاش حياته على الكرم والإيمان و حب المساكين، إلى أن توفي عام 1959 في شهر ديسمبر، ودفن بمقبرة المذرذرة، رحمه الله تعالى، و أنزل عليه سحائب رضوانه.

محمذن باب ولد حمدي

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى