خبير في التربية : “التلاميذ الذين يتلقون الدروس بلغتهم الأم يحصلون على نتائج أفضل”

نواكشوط – صحفي – قال الخبير محمد سالم ولد مولود خلال كلمة ألقاها الجمعة بقصر المؤتمرات بمناسبة تسلمه لجائزة شنقيط إن التلاميذ الذين يتلقون الدروس بلغتهم الأم يحصلون على نتائج أحسن بكثير مقارنة مع التلاميذ الذين يدرسون باللغات الأجنبية وذلك في جميع المواد، وقال إنه لم يتمكن أي بلد من الإقلاع اقتصاديا بالاعتماد على لغة أجنبية.
وقد استقبل جمهور القاعة تصريح ولد مولود بحماس معتبرين إياه دعما للمجهود المبذول من أجل إعادة الاعتبار للغة العربية بأسلوب جديد.
وهذا نص الخطاب :

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين
” رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي”
معالي الوزير الأول
معالي الوزراء أعضاء الحكومة
السادة المنتخبون
السادة أعضاء الحكومة
السيد رئيس مجلس جائزة شنقيط
سادتي، سيداتي
يشرفني أن أقف أمامكم اليوم لاستلام جائزة شنقيط للدراسات الإسلامية لهذه السنة، فاسمحوا لي – سادتي سيداتي – أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان لأعضاء المجلس الذين أشرفوا على تقييم العمل.
كما يسرني ويشرفني أن أتقاسم الشرف مع العالم الفذ الذي طالما استمعت وشاهدت محاضراته ومداخلاته بكثير من الإعجاب والفائدة، امين ولد الشواف.

العمل الذي نال ثقة أعضاء لجنة التحكيم يتناول موضوع المحظرة.
تلك المعلمة العلمية التي نالت في السابق قسطا لا بأس به من اهتمام الباحثين والكتاب، على أني أتفق مع الأستاذ أبى بكر ولد احمد في قوله إن المحظرة تستحق معهدا متخصصا للبحث في خصوصياتها واستخلاص العبر من أساليبها التربوية وتاريخها وإنتاجها عبر العصور.
لا يفوتني هنا أن أشيد بالعمل الفريد من نوعه الذي قدمه الأستاذ الخليل النحوى، أعنى كتابه “بلاد شنقيط: المنارة والرباط”.
كما لا يفوتني أن أذكر ما قدمه الفقيد العلامة الموسوعي المختار ولد حامدن في إطار تعرضه لـ “الحياة الثقافية لموريتانيا” وغيرهما من الباحثين والكتاب والجامعيين الذين لا يتسع المقام لذكر أسمائهم والذين ساهموا كلهم في التعريف بهذه المؤسسة الفريدة خاصة في عالمنا العربي والإسلامي.
بيد أن القراء الأجانب، خاصة الفرنكفونيين، لم يمنحوا الفرصة للتعرف على هذه المؤسسة التربوية الخاصة ببلدنا بما فيه الكفاية، فوددت أن أساهم في ملء ذلك الفراغ لمواصلة المجهود الذي سبقني له بجدارة الكاتب الدكتور القاسم ولد احمد بكتابهL’enseignement traditonnel en Mauritanie où l’école « à dos de chameau » 1997
ومن قبله السفيرالدكتور يحظيه ولد سيد احمد في أطروحته التي قدمها باللغة الفرنسية–في رومانيا.
L’essor du monde arabe contemporain passera par l’éducation ou n’aura pas lieu.1984

تناول البحث نظرية التعليم اللامصنف : حالة التعليم الإسلامى المحظرى الموريتاني وله هدفان أساسيان:
الأول: استعراض التصنيفات.
والثاني، ربط هذا النقاش بالمكانة التي يشغلها التعليم المحظري الإسلامي في النظام التربوي على ضوء التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية للمجتمع الموريتاني وإمكانية ربطه بالتعليم النظامي.
فقد ظهرت مستجدات نظرية ومفاهيم جديدة تعين على الربط بين مختلف صيغ العمل التربوي كالتعليم للجميع والتعليم مدى الحياة.
إن المشكلة المطروحة في موريتانيا تعني المواءمة بين المعارف التي يطغى عليها الطابع الديني المكتسب في المحاظر والمعارف الدنيوية المكتسبة في التعليم النظامي.
إن المحاظر أي جامعات الصحراء كما يسميها ابن أحمدو تواجه في خضم تحديات العولمة، مشكلة التوفيق بين الحاجة إلى تخطي مرحلة توفير المعرفة الرمزية إلى مرحلة المشاركة في التنمية.
وفي وجه هذه المعضلة، يتشكل نموذجان:
ـــ المحاظر التي تدرج في مناهجها محتويات مثل العلوم، والرياضيات واللغات الأجنبية.
ـــ والمحاظر التي تتحفظ على تغيير مناهجها الأصيلة.
يركز البحث في أحد فصوله على نظام المحظرة التعليمي، ويرسم جدولا وصفيا لهذه المؤسسة الفريدة، قبل الكلام عن أصلها، وطريقة عملها، والمشاكل التي تواجهها اليوم، والآفاق المفتوحة أمامها.
وفي الجزء التجريبي من البحث، تحليل لأربعين مقابلة، منها ما هو مع كبار العلماء أمثال الشيخ محمد سالم بن عدود رحمه الله والعلامة حمدا ولد التاه و الشيخ محمد ولد أحمد مسكه والشيخ ياب ولد محماد ومنها ما هو مع غيرهم من الكتاب والباحثين الاجتماعيين والصحفيين، وكذا بعض المتخصصين في مجال التعليم النظامي وآباء التلاميذ، وفق منهج نوعي في استقراء المحتوى وهو التحليل البنيوي الذي يهدف لإظهار أطروحات المشاركين.
وقد مكنتنا المراجعة النظرية واستعراض الأدبيات من معرفة مدى تعقد الحقل التربوي وخاصة الغير رسمي. ورأينا الخلط الواقع في هذا الزمن ما بين مصطلحات مثل ”التربية ”، ”التعليم”، ”التوجيه ”…إلخ. مما قادنا إلى طرح السؤال التالي: ما هي التربية؟
ومن بين الخلاصات التي توصلت إليها هذه الدراسة، أن الدمج بين منهجي النظام المحظري والتعليم النظامي ليس أمرا مرغوبا فيه لدى أكثرية المستجوبين، خاصة المشايخ، إلا بشروط معينة لأن المحظرة تلعب دورا رمزيا تجب المحافظة عليه من جهة، وهو من جهة أخرى في حكم المستحيل نظرا للفوارق الموجودة بين النظامين خاصة فيما يتعلق بالمحتوى والمناهج التربوية والتمويل.
ما دمنا في موضوع التربية اسمحوا لي في الأخير أن أشاطركم فكرتين توصلت لهما بعد 25 سنة من الاهتمام بمشاكل التربية خاصة في البلدان النامية مثل بلدنا.
أولا مسألة لغة التعليم: من المفروغ منه عند الباحثين في المجال أن التلاميذ الذين يتلقون الدروس بلغتهم الأم يحصلون على نتائج أحسن بكثير مقارنة مع التلاميذ الذين يدرسون باللغات الأجنبية وذلك في جميع المواد.
يشير تقرير لليونسكو إلى أنه من بين البلدان العشرين الأوائل الأكثر إنتاجا أكاديميا في العالم يوجد تسعة بلدان يعتمدون لغة وطنية في التعليم والبحث العلمي والحياة العامة والبلدان المعنية هي: روسيا، تركيا، النرويج، كوريا الجنوبية، اليابان، الصين، هولندا، الهند، وإيطاليا،. لم يتمكن أي بلد من الإقلاع اقتصاديا بالاعتماد على لغة أجنبية ولا أظن أن موريتانيا ستشكل استثناء لهذه القاعدة.
المسألة الثانية التي أود الإشارة إليها هي ضرورة إعطاء التعليم القاعدي الأولوية في الاستثمارات العمومية لأن الدراسات مجمعة على أنه ليست هنالك مردودية اقتصادية للتعليم ما بعد سنوات الابتدائي وسنوات الإعدادي الثلاث، وبعد هذه المراحل تكون مردودية التعليم للأفراد لا للمجتمع.
كل الدول التي تمكنت من الخروج من التخلف وحققت النمو الاقتصادي أدرجت هذين المبدأين في سياساتها التربوية: اعتماد اللغة الأم في تدريس العلوم والتقنيات، وإعطاء الأولوية للتعليم القاعدي.

محمد سالم ولد مولود


إضافة سيد احمد ولد مولود

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى