معارضة و موالا ة و ذيل قط بري
اسمه ” احماد ” … كانت زوجته تعرف أنه لا يقول من الصدق إلا ما كان زلة لسان سقطت منه سهوا ودون قصد ، أو لنقل كان ( لا يتمطق ) بلغة جريدة ” ش الوح أفش “، كان يشق على الزوجة المسكينة أن يعرف الناس بأن بعلها كذاب ، اصطحبها ذات يوم لزيارة أهلها ، ولم تكن متحمسة لتلك الرفقة رغم الشوق والحنين إلى الأهل خوفا من أن يفتضح كذبه أمام أصهاره ، اتفقت معه على خطة للتخفيف من وقع كذبه على السامعين ، فهي تعرف أنه سيكذب لا محالة ، قضت الخطة بأن تناديه ” احماد ” بدل أن تقول كذبت كلما رأت أنه بالغ في الكذب كي يتراجع عن كذبته ، في الطريق أجفل الحمار الذي كانت تركبه من قط بري مر من أمامه ، حتى كادت المسكينة تسقط ، فقد كان ” احماد ” كان منشغلا بطول ذيل ذلك القط ، بعد أن وصلا إلى وجهتهما تحلق حولهما كل أهل الحي للسلام والترحيب بهما فسأل أحدهم ” احماد ” عن الطريق ، وهل كانت آمنة ؟ وعلى الفور أجابه بأنها لم تكن كذلك ، وأن أخطر شيء لاقياه فيها هو ذلك القط الذي أجفل منه الحمار لطول ذيله الذي يبلغ من البصر .!
عندها نادت عليه زوجته حسب الخطة :
الزوجية : احماد ! (يعني كذبت) .
احماد (مستدركا) : اسمحوا لي لولا خوفي من الكذب لقدرت ذيل ذلك القط بالمسافة بين الخيمة ومناخ الإبل .
الزوجة : احماد !
احماد : إذا لم يكن ذيله بذلك الطول فإن طوله لا يقل عن المسافة بيننا وبين وتد الخيمة !
الزوجة : احماد !
احماد : عجبا لك من امرأة تريدين جز ذيل القط من نهايته !
لم يكن سجال ” احماد ” وزوجته سوى تجسيدا للسجال الدائر هذه الأيام بين المعارضة والموالاة مع فارق أن لا أحد من الطرفين يريد تقويم الآخر مثلما حاولت زوجة ” احماد ” جاهدة أن ترده إلى جادة الصواب ، إنما :
ـ تقول المعارضة إنها ديمقراطية ووطنية وتناضل من أجل الوطن والمواطن لإرساء قيم العدل والمساواة .
ـ الموالاة : أحماد !
ـ تقول الموالاة بأن حكومتها تخوض حربا ضد الفساد وأنها ستحول دون نهب المال العمومي ، وستقضي على الزبونية في إدارة مؤسسات الدولة .
ـ المعارضة : ” أحماد ” !
ـ تقول المعارضة بأنها قادرة على فرض التغيير ، وليست بحاجة إلى الاستقواء بالخارج .
ـ ويكيليكس : ” اهماد ” .
ـ تقول الموالاة بأن حكومتها تولي اهتمامها للفقراء ، وتحارب ارتفاع الأسعار ، وليس لها ذنب إن كان الفقراء كلهم أقزاما لا يستطيعون الوصول إلى ” الارتفاعات” الشاهقة .
ـ المعارضة : أحماد ، أحماد ، أحماد .
ـ تقول المعارضة بأن برنامجها يستقطب كل الموريتانيين لأن كل قادتها مشهود لهم بالنزاهة والإخلاص أثناء توليهم مسؤوليات أيام كانوا من الموالاة في الغابر من الأيام .
ـ المواطن : أحماد
ـ تقول الموالاة بأن الحكومة قطعت أشواطا كبيرة في إصلاح التعليم والتكوين باعتبار أن التنمية البشرية أولوية للباء والتقدم .
ـ نقابة التعليم الحر : هذا هو ” أحماد ” بعينه .
ـ تقول المعارضة بأن الدكاكين التي تبيع للفقراء بأسعار مخفضة هي مجرد ذر للرماد في العيون .
ـ الفقراء : اعطونا بديلا غير ” أحماد ” .
ـ تقول الموالاة بأن الحكومة بنت المستشفيات التي توفر العلاجات المناسبة لكل مواطن أينما كان .
ـ المعارضة : ” أحماد المتصدع ” .
ـ تقول المعارضة بأن أحزابها متماسكة ولها استراتيجية محكمة وتقف من النظام وقفة موحدة ولن تتحاور معه .
ـ الموالاة : ” أحماد ولد الواقف” و …آخرون .
ـ تقول الموالاة بأنها قضت على العبودية وستقضي على مخلفاتها .
ـ برام : ” أحماد ”
ـ تقول المعارضة بأن على النظام أن يعتبر بأحداث تونس الأخيرة .
ـ بريء : لماذا لا يحرق قادة المعارضة والموالاة أنفسهم ماداموا لم يبق لهم الكثير ليعيشوه ولن يبكيهم الشعب ، ويتركوا الشباب الذي يتمنون استنشاق رائحة شوائية ليعيشوا هم ما تبقى لهم من أرذل العمر على جماجمه ، حتى لا سيظل السجال دائرا ويبقى ” أحماد ” هو اللاعب الرئيسي فيه حتى لو تم تبادل الأدوار غدا ، ولا تظل نفس الوجوه ونفس الشعارات التي أفقنا عليها منذ الاستقال إلى اليوم ، ونظل نحن المساكين نلعب دور أصهار ” أحماد ” دون أن يكون لنا حق الاعتراض على أكاذيبه ودون أن تكون لنا الشجاعة في أن نصرخ في وجه الجميع : أحماد ، أحماد ، أحماد … سئمنا أكاذيبكم فغيبوا عن أعيننا ، ولكم في شوارعنا ما يشغلكم من قطط لها ذيول طويلة .
محمد فال ولد القاضي
هاتف/22213776
memoireetgustice@yahoo.fr