العشرة المُبشٌّرون بالجنة!!
للرقم 10 الكثير من الدلالات في المخيلة الموريتانية ولعل أشهر مارتبط به العدد 10 هو أسماء الصحابة العشرة المبشرون بالجنة رضوان الله عليهم واللاعب رقم عشرة، والأهم من ذلك أننا سننتخب الرئيس رقم عشرة، في عاشر انتخابات يسمح بها العسكر بعد إزاحته لأب الأمة.
طبيعي جدا أن يبشر الرسول صلى الله عليه وسلم خيرة صحابته، لما علم فيهم من صدق وإخلاص لرسالة الإسلام الخالدة، ولكننا في القرن الواحد والعشرين لا نعلم من سيدخل الجنة من النار أحرى أن نبشره بها، ومع ذلك نسمع الآن كثيرا من يبشرنا بالجنة على يد المرشح الفلاني أو العلاني.
وبما أنه قد ولجنا الحملة الرئاسية لانتخابات 18 يوليو التوافقية، وتقدم لها عشرة فرسان بمالهم وخيلهم ورجلهم كل له جنته عرضها كعرض أحلامه، وطولها كطول أمانيه، يبشر بها من آمن به وأتبعه.
المترشحون العشرة أمامنا مقسمون ثلاثة أصناف في الأغلب الأمور:
ثلث كبير( أحمد، عزيز، مسعود) وثلث وسط ( أعل، صار، جميل) وثلث صغير ودون ذلك ( صالح، أميمو، اصغير، كان) ثلث من العسكر (أعل، عزيز، صالح) وثلث من المعارضة (أحمد، مسعود، جميل) وثلث لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء (أميمو، صار، كان، اصغير).
ثلثهم شارك في انتخابات ماضية مرة أومرات (صالح،أحمد، مسعود،) وثلثهم أول مرة يشارك (أعل، عزيز، جميل، أميمو) وثلثهم مشارك به (كان، اصغير، صار)
كل واحد من العشرة يمنينا بجنته، ويعدنا بإدخال من يؤمن بها أولا وربما لوحده؛ حتى لايضايقه أحد، وفي محاولتنا لتصور هذه الجنان، وفرص وجودها أصلا من عدمه، فإننا سنحاول فقط الحديث عن ثلث هذه الجنان الأقرب للوجود، واستبعاد ثلثيها الآخرين المستبعد حتى الآن. أو الذين لا جنة لهم، بل هم في جنة غيرهم أحوج.
جنة عزيز … حراسها عسكر وطعامها أرز موريتاني.
عزيز العسكري السابق، الذي سيس العسكر بعد أن كانت محرمة عليهم السياسة، وعسكرها بعد أن كانت مدنية، رجل قوي الشكيمة، واندفاعي، صعب المراس والعريكة.
تصدى لانقلابين وأفشلهما، وقاد اثنين آخرين، آخرهما يتأرجح بين الفشل والنجاح. فرض مرشحا وانقلب عليه. اخترع موريتانيا الأعماق فانفجرت في وجهه. حرم الفساد واستغلال أموال الدولة، وكانت حملته السابقة لأوانها بطائرات العسكر بعد أن أعلن استقالته منه.!!
شهد في الأيام الأخيرة سلسلة انسحابات متوالية، لا تحدث عادة إلا بعد هزيمة أحد أطراف اللعبة السياسية هزيمة نهائية. جنته عرضها كلمتان اثنتان (محاربة الفساد وموريتانيا الجديدة). الأولى معروفة والثانية ما المسؤول عنها بأعلم من السائل!؟.
حظوظه للتأهل للشوط الثاني قوية، والخروج منه سالما ضعيفة.
جنة داداه.. الجنة الموعودة من بعث الديمقراطية!
الكل على علم بها، فمنذ زمن بعيد وهو لا ينفك يبشر بها هو وصحبه، حتى إن أعتى معارضيه وألد خصومه متشوق لرؤيتها قبل فوات الأوان. شخص نزاهته واستقامته محل إجماع من الجميع بمن فيهم خصومه. صيته ملأ كل الأرجاء.. وشغل الناس. كثيرا ما يردد: “الحر فيما مشى”، يموت أو ينتصر..
أصبح يمارس السياسة بما هو كائن، بعد ما أعياه ما يجب أن يكون. قاد المعارضة فترة طويلة، صنع فيها ومنها ما صنع، فأردته صريعا في آخر انتخابات. صاحب شعبية ثابتة، وخطاب لا يتغير، وأتباع يسبحون بحمده آناء الليل وأطراف النهار. أصبح فجأة ملاذ كل معارضي عزيز من أهل المخزن، ومحط رحال المغاضبين عليه، وطلاب الثأر، والخائفين من المستقبل.
حظوظه قوية في التأهل للشوط الثاني، وأقوى منها للفوز بالمأمورية إذا تأهل.
جنة مسعود .. حلم وخليط من البشر وبقايا كتاب أحمر.
مسعود سليل حركة الحر، وعبد الناصر الأسمر، ومرشح بقايا أصحاب الكتاب الأحمر. شخص مثير للجدل، صريح حتى الثمالة. قوي في مواقفه مهما كانت، وكان الأقوى بين رفاقة في معارضة انقلاب 06 أغسطس الماضي. خطابه عاطفي، وكأنه مارتن لوثر كينغ عندما يخطب ويقول ” إنني أحلم”
ترأس الجمعية الوطنية بعد صفقة مربحة ومفاجأة مع الرئيس السابق ولد الشيخ عبد الله مقابل التصويت له في الشوط الثاني والتخلي عن رفيق دربه ولد داداه.
سن أول تشريع مصادق عليه من البرلمان الموريتاني يجرم ويعاقب الممارسات الاسترقاقية ضد البشر. تمكن بفضل ابراغماتيته من أن يولج أطر الحر مكاتب الحكومة الوثيرة، بعد أن عانوا من الحرمان سنين ليست بالقصيرة. ملهم لجماهير عديدة من شريحته، وذو مقدرة سحرية على توجيهها في أي اتجاه يريده، مهما كان مناقضا للاتجاه الذي كان يقودها نحوه. قد يفاجأ الجميع ويأتيهم من حيث لم يحتسبوا. جنته هي الوحيدة من بين صويحباتها التي لن يجد فيها أهلها من يخدمهم أو يكون عندهم أجيرا!! قد يكون أهل الشمال فيها أرفع درجة من أهل اليمين ومن السابقين!
على كل يستحق الشعب الموريتاني الطيب كل هذه الخيرات وأكثر، وأن تتحقق هذه الأماني, ومن حقه النهوض والتقدم، غير أنه لا يسعى خلف جنة أي من كان، إذ كل أمله ومبتغاه أن لا يذكي له أحد شرارة نار، قد لا تبقي ولا تذر.