التعيينات الدبلوماسية في موريتانيا -الكتاب الأبيض
كتاب ابيض حول التعيينات الدبلوماسية ليوم 12 بريل
كان علي أن أبادر بكتابة ما اكتبه اليوم منذ وقت بعيد، لكنني قاومت ذلك دوما متعللا بواجب التحفظ المهني، و تجنبا للتفسيرات المغرضة التي يمكن أن تبث حول ما اكتب. لكن ذلك الخيار تغير جوهريا بعد صدور مذكرة التحويلات في سفاراتنا و قنصلياتنا في الخارج يوم الاثنين الماضي 12/04/2010.
تلقيت الخبر صباح الثلاثاء، و في ذلك اليوم كنت في داكار لترتيبات تتعلق بالجامعة حيث احضر أطروحتي للدكتوراه، ومباشرة جهزت نفسي لاتجه إلى نواكشوط في اليوم الموالي. و أمضيت صباح الخميس متنقلا بين المكاتب المركزية في الوزارة و مستمعا إلى تعليقات مختلف الأطراف على هذه المذكرة. و ما يتسرب عن ردود فعل الوزيرة على ما ورد في المواقع الالكترونية من خيبة أمل لمجموعة من المستشارين الدبلوماسيين بعد هذه المذكرة. و عندها حسمت الأمر و خلصت إلى أن الكتابة في هذا الموضوع لم تعد حقا و إنما أصبحت واجبا.
أو قل إنني شعرت – كما لم اشعر منذ سنوات – بالعجز التام عن مقاومة سلطة الكتابة. ولم آل جهدا في محاولة إقناع نفسي بالتراجع دون جدوى. لقد اقتنعت بعمق أن ساعة إعلان الحقيقة دقت و أن تأجيل كشف مستورات و فضائح لوبيات الفساد التي تختطف وزارة من اكبر وزارات السيادة في بلادنا لم يعد يجوز و لو للحظة واحدة.
نداءات إلى المفتشية و التلفزة و الاذاعة :
بداية أوضح لكل تلك القوى الطفيلية التي تسللت بطريقة غير مشروعة إلى مراكز النفوذ في وزارة الشؤون الخارجية في عقود “البيات القانوني” في بلادنا، وأصبحت تقدم نفسها باعتبارها الدبلوماسيين الحقيقيين وكهنة القطاع، أن ما أفعله اليوم لا علاقة له بخرق واجب التحفظ ولا كشف أسرار الدولة الموريتانية ودبلوماسيتها.
على الجميع أن يتعلموا أن العمل في وزارة الشؤون الخارجية ينقسم إلى قسمين:
أ) العمل الدبلوماسي بمعناه الحقيقي المتعلق بتسيير علاقات موريتانيا مع الدول والمنظمات الدولية وهذا القسم ينقسم في علاقة بموضوعنا إلى قسمين:
1 – قسم يتعلق بالجانب العلني الرسمي حول خطاب موريتانيا تجاه العالم الخارجي. وعلى هذا المستوى ينبغي أن يكون الخطاب مكثفا وأن يستخدم وسائل الإعلام ومختلف وسائل الاتصال الجماهيري لتوصيل خطاب موريتانيا وترويج ثقافتها ونظامها وشراكتها ومصالحها المتبادلة مع الأطراف الأخرى. ولا علاقة لهذا المستوى بالسرية ولا بالصمت، إلا عند بعض أولئك الذين يعينون في وظائف دبلوماسية دون أن تكون لديهم القدرة على صياغة جمل شفهية أو مكتوبة، فتجدهم بكما صما في الملتقيات الدولية، “مكره أخاك لا بطل”. وعند ما تسأله لما ذا تصمت وقت الكلام، يجيبك: “أنا دبلوماسي”. وهذا هو النهج الدبلوماسي السليم. لحاها الله دبلوماسية العي والجهل.
2 – قسم يتعلق بالمفاوضات والاتصالات السرية بين وزير الخارجية الموريتاني أو أعضاء الوفود الموريتانية أو الدبلوماسيين من مختلف الرتب مع ممثلين لأطراف أخرى. وهذا هو المجال الذي يفترض أن تسود فيه السرية والتحفظ ويلزم المسئول فيه بالسرية الكاملة والعودة إلى مركز القرار في النقاط الحساسة. و المركز هنا هو رئيس الجمهورية، إذ أن الدبلوماسي حتى ولو كان سفيرا أو وزير خارجية، إنما هو وكيل بصلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.
والعجيب في الأمر أنه على هذا المستوى بالذات في وزارة خارجيتنا اليوم تضعف السرية، لتجد أكبر أسرار جولات الوزير ومفاوضات الوفود الموريتانية مع دول الجوار والدول العظمى تخرج إلى العلن وتتسرب بسهولة إلى الصحافة. السبب سادتي بسيط هو أن بعض المسئولين الذين يكلفون بقيادة أو عضوية الوفود لا يتوفرون غالبا على خبرة اللغات الأجنبية ولا خبرة المعلوماتية، وأغلبهم يعجزون عن التحرير باللغة العربية ذاتها. وللتغطية على عجزهم يلجئون إلى أشخاص من خارج الوزارة لنجدتهم، وهم أشخاص ليست عليهم مسؤوليات، ولا يدركون خطورة ما يسربونه من معلومات. أي أن ذلك “الدبلوماسي الكبير” الذي يأخذ وقته للتدرب عل كيفية عقد ربطة العنق والجلوس على مقعد موريتانيا في المؤتمر هو رهينة لسكرتير أو شخص أجنبي على الوزارة.
ب – القسم الثاني من العمل في وزارة الخارجية هو المرتبط بالتسيير الإداري والمالي لهذه الوزارة. وعلى هذا الصعيد لا تختلف الوزارة في شيء عن أي من الوزارات الأخرى، وليست لهذا البعد أية علاقة بأعمال السيادة. والوزير والأمين العام والمدير ورئيس المصلحة والسفير والمستشار وغيرهم هم في هذه الحال مجرد موظفين برتب مختلفة، مطالبين بالعمل وفق الضوابط الإدارية والمالية لا غير.
وللأسف فإن الوزراء والأمناء العامين والمدراء تعودوا على مغالطة أشخاص الوزارة والمتعاملين معها، والقول إن رئاسة الجمهورية تتدخل في هذه المجالات وأنها جزء من مجال السيادة الخاص برئيس الجمهورية، وواقع الحال وحقيقة الأمر خلاف ذلك. وهم بهذه الطريقة يتهربون من المساءلة القانونية ومن تبرير القرارات والإجراءات والاختيارات التي يقومون بها. ويتهربون على الخصوص من واجب الشفافية في التسيير. وللأسف فإن الهيئات المسئولة عن الرقابة المالية في الدولة أحيانا تتعاطى مع هذه المغالطة وتتجنب زيارة وزارة الخارجية.
وأقل ما يجب في هذا السياق اليوم هو توجيه السؤال إلى المفتشية العامة : لما ذا لا تزوروننا في وزارة الخارجية ؟! هل صدقتم نظرية أن وزارة الخارجية يسيرها رئيس الجمهورية ؟!
وحذار سادتي في رقابة الدولة أن تعتقدوا أن المفتشية العامة بالوزارة تكفيكم مئونة العمل، إذ أن النظم التي تحكم عمل هذه المفتشية لا تسمح لها بالتفتيش إلا بأمر من الوزير. وأزيدكم بأن هذه المفتشية محرومة من كل الوسائل، و قد عملت في الشهور الماضية طويلا بإشراف مفتش عام متقاعد يطالب يوميا بتسليم عمله. وعندما عين فيها مفتش عام جديد عين له مفتش مساعد واحد رغم أن النظام يفرض تعيين مفتشين مساعدين. وهذا المفتش العام المساعد ليس له لحد الساعة مكتب خاص به، وذلك حتى تدركوا إلى أي حد يغيب التفتيش وتغيب الرقابة المالية والإدارية في هذه الوزارة.
وأنا أقولها بصراحة : إنني اليوم أكتب وأنشر حقائق تمس هذا المجال وأنا على يقين أن ذلك هو الذي يساير نص وروح المسار الذي اختاره رئيس الجمهورية وفرض على الإعلام العمومي ذاته السير فيه، وإن هذا الخيار هو الذي ينسجم مع احترام سيادة ومصداقية البلاد.
وأنتهز الفرصة لأطالب التلفزة والإذاعة الوطنيتين بالالتفات إلينا في وزارة الخارجية، ودعوة وزيرتنا إلى برامجهم الحوارية المباشرة، وأنا جاهز للعمل مع القائمين على برامج هاتين المؤسستين الموقرتين في أي برنامج حواري ينظمونه. وأعلم القائمين عليهما أن الصراحة التي أخذت تسود برامجهم بدأت تساهم في دفع عملية الإصلاح وفي محاربة الفساد، وهي من أولويات برنامج رئيس الجمهورية وحكومته.
الوزارة البريد و السفارات اللافتات:
ولكي أكون دقيقا أقول : إن مذكرة التحويلات الواسعة في البعثات الدبلوماسية والقنصلية في الخارج ليست هي ذاتها مبرر ومقصد الكتابة إلا بما هي القطرة التي أدت إلى تدفق الكأس. و قناعتي هي أن كأس الفساد وكأس الشلل وكأس الانعدام شبه الكامل لأداء فعال، وبالطبع كأس توقف الإبداع وجفاف ينابيعه كانت ملأى مسبقا.
إن هذه الوزارة التي تخصص لها الحكومة واحدة من أكبر الميزانيات الوزارية وتستنزف دوريا رصيد البنك المركزي من العملات الصعبة يعتبر أداؤها اليوم صفرا، مقارنة إلى ما هو مطلوب ومنتظر منها.
وإذا كان نشاط الوزارة يتوزع ما بين الإدارة المركزية في نواكشوط والبعثات الدبلوماسية والقنصلية في الخارج، فما عليك إلا أن تلقي نظرة بسيطة على المجالين لتدرك صحة هذا الوصف.
إن الإدارة المركزية اليوم لا تتجاوز في حدود عملها مستوى سكرتارية للبريد الوارد والصادر. وعند ما تدخل مكاتب الوزارة لا تجد نشاطا حقيقا إلا في مكاتب السكرتارية. وهذا ما يفسر لك ما يقوم به بعض المديرين في الوزارة عند ما يمنح حق التوقيع في غيابه لسكرتيرته ويحجبه عن مساعده أو عن رؤساء المصالح التابعة له. وفي المقابل لا يتجاوز العمل في المصالح والإدارات شرب الشاي وتداول الشائعات حول تحويلات تمت وأخرى في الطريق.
وحتى هذا الجانب شكا الأمناء العامون المتعاقبون من النقص الكبير الحاصل فيه، بسبب ضعف مستوى السكرتيرات ورؤساء الأقسام والمصالح في اللغات، ما يوقعهم في أخطاء جسيمة في توجيه البريد، وخلط البريد المستعجل بالبريد غير المستعجل. وهو ما يدفع أيضا الكثير من السفارات الأجنبية في نواكشوط إلى تجنب المسار العادي للبريد والاتجاه إلى الأمين العام أو الوزير أو مدير القطاع المعني دون المرور بالقنوات الطبيعية للبريد.
وهذا أيضا ما دفع في السنة الماضية غداة تعيين الوزيرة إلى تأسيس خلية للتقويم والمتابعة عين فيها سبعة من المستشارين سعيا إلى سد هذه الثغرة. وهي الخلية التي قضي عليها أخيرا بجرة قلم وسلمت مكاتبها إلى إدارة جديدة مستحدثة هي إدارة المعلوماتية. وأنا على يقين أن هذه الإدارة ستمركز ذات المهمة .
وبالنسبة للبعثات الدبلوماسية في الخارج التي يخصص لها الجزء الأكبر من ميزانية الوزارة فإن كل منصف يعرف أن مهمتها بالكاد تتجاوز حدود موقع أو مكتب يوفر لموريتانيا عنوانا يرفع فوقه العلم وتوضع عليه اللافتة. و ذلك تأمينا لرمزية وجود علاقات لموريتانيا بدولة أو بمنظمة دولية ما.
وأكبر العارفين بالشلل الذي تعاني منه البعثات الدبلوماسية الخارج هو وزيرة الخارجية نفسها، ولهذا نجدها منذ عينت في سفر متواصل، ربما لأنها أدركت أن ما تسعى إليه من زيادة عدد شركاء موريتانيا في الخارج ونسبة شراكتها معهم لا يوجد في الميدان هناك سفير ولا قنصل ولا مستشار يمكنه القيام فعليا به.
وفي أحيان كثيرة تعجز هذه البعثات حتى عن مجرد تنسيق أعمال السفر والضيافة للوفود الموريتانية الرسمية، فأحرى أن تكون بعثات ناشطة وفاعلة على كافة الأصعدة، وقادرة على رفع مستوى التبادل التجاري والثقافي وتعزيز أواصر الثقة السياسية بين موريتانيا والطرف الآخر المعني. و واقع الحال يشعرك بأن المهمة الحقيقة للبعثة الدبلوماسية هي توفير فرصة السياحة وتغيير الجو وحل مشكل البطالة والحاجة المادية لأعضائها لا أكثر.
الشتاء الدبلوماسي و إيديولوجيا رواتب العملة الصعبة:
ما هي أسباب هذه الوضعية؟ ومن يتحمل المسؤولية عنها ؟
بالتأكيد ليس النظام الحالي وليست الوزيرة الحالية، فالأمر يتعلق بتركة تراكمات طويلة يقف خلفها مزيج إرادات إفساد فردية معزولة و إهمال ولا مبالاة شاملة من طرف الإرادة السياسية العامة، طيلة حقبة تمتد – حسب تحليل أستاذي التقي ولد سيدي أحد أبرز وجوه الدبلوماسية الموريتانية – من يوم الإطاحة بالأستاذ المختار ولد داداه و حتى اليوم. أو قل إنها بدأت مع انتهاء العصر الذهبي للدبلوماسية النشطة والمبدعة مع المختار ولد داداه وحمدي ولد مكناس. العصر الذي يمكن القول فيه إن الدبلوماسية الموريتانية لم تكن مجرد قطاع وزاري نشط وناجح، وإنما كانت مقوما مركزيا لإنجاح بناء الدولة الموريتانية وتوطيد استقلالها وتأمين استقرار بنيتها المالية والمصرفية وأمنها الغذائي.
حقبة حكى لنا الأستاذ التقي ولد سيدي في دروسه عن تاريخ الدبلوماسية الموريتانية واحدة من الحكايات التي كان شاهدا عليها، عندما شكر الرئيس الصيني للرئيس المختار ولد داداه قائلا له : إن الرئيس الأمريكي نيكسون قال لي : أتعرف من يقف وراء إقناعي بإقامة علاقات دبلوماسية معكم لأول مرة إنه رئيس دولة إفريقية صغيرة اسمها موريتانيا. ما يعني أن الدبلوماسية الموريتانية كانت حاضرة في المجال الدولي إلى حد أنها هي من مهد لقيام علاقات دبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة.
وبالتزامن مع انكماش الإرادة السياسية إلى الداخل وتقوقع موريتانيا على ذاتها وتخليها عن نهج الدبلوماسية النشطة والرائدة في إفريقيا والعالم العربي، اكتشف قادة الفساد رواتب الدبلوماسيين في الخارج، فتبنوا إيديولوجية جديدة في الفساد تقوم على أن الابن أو القريب أو الصديق أو الزبون الذي لم تستطع أن تجد له موقع وزير أو أمين عام في إحدى الوزارات فعليك تعيينه مستشارا في الخارج. و من يومها أصبح التعيين في الخارج ومنح رخصة للصيد والتعيين مديرا أو محاسبا لإحدى المؤسسات العمومية مفاتيح النجاح الرئيسية في عالم الإثراء بدون سبب.
من يومها بدأت تتراكم لوائح أسماء بدون وجوه – شبيهة بلائحة الثلاثاء الماضي – أصحابها لا يدخلون مكاتب الوزارة إلا مرة واحدة في العمر بمساعدة الدليل، وذلك لاستلام جوازات سفر دبلوماسية وتذاكر، تنقل أحدهم من عالم الحلاقين والباعة المتجولين إلى عالم الأطر الدولية السامية، ثم لا يعود أبدا إلى وزارته ولا يتصل في موريتانيا إلا بعنوان واحد هو وزارة المالية ومصالحها.
ذلك هو العصر الذي امتد قرابة ثلاثين سنة عندما تخلى التعيين في البعثات الدبلوماسية عن أن يكون تكليفا بمسؤولية، يطالب صاحبها بالرفع من مستوى علاقات موريتانيا بالدولة أو الإقليم الذي يوجد فيه، ليصبح “صك اليانصيب” الذي يخرج بضربة حظ أحدهم نهائيا من عالم البطالة والفقر والفشل.
المسابقة الدبلوماسية الغلطة رقم 1
وفي لحظة حاسمة في فجر شتاء الدبلوماسية الموريتانية هذا، تخرجت من المدرسة الوطنية للإدارة عام 1984 – إذا لم أخطئ في تحديد التاريخ – الدفعة الوحيدة المكتتبة عن طريق مسابقة مهنية في تلك الحقبة، لتقضي فترة من التجول في أروقة وزارة الخارجية، دون أن تجد من يعبر لها حتى عن علمه بأن هناك دبلوماسيين تخرجوا، فأحرى أن يرحب بهم ويستقبلهم. عندما بدأت المجموعة تتململ وتعبر عن استيائها قامت لوبيات الفساد – التي لا بد أن منها عناصر كانت تستعد في تلك الأيام للحظوة بصك اليانصيب الدبلوماسي – بإيصال الأخبار إلى الوزير.
عندها استقبل الوزير جماعة الدبلوماسيين المهنيين، ولست أعلم بالتأكيد هل كان ذلك بطلبهم أم بطلب منه، وانتهت الجلسة بعد أن قال لهم بكلمة واحدة : إن اكتتابكم كان غلطة ارتكبتها المدرسة الوطنية للإدارة وهي غلطة لن تتكرر بعد الآن.
وللتذكير فإن هذه المجموعة التي يشارف الكثير من أعضائها اليوم على التقاعد احتلت المراكز القيادية لاحقا بين السفراء أو وزراء الخارجية. وكان من أعضائها السيد / محمد السالك ولد محمد الأمين وزير الشؤون الخارجية لاحقا، وقد خرج عن صمته في ذلك الاجتماع وصاح في وجه الوزير: إذا كانت هذه الوزارة تركة ورثتها عن أبيك أو أمك فيمكنك طردنا منها، أما وهي وزارة الموريتانيين جميعهم وأنت مجرد عامل فيها فلا معنى لما قلته.
وبالفعل طرد الوزير الدبلوماسيين المهنيين، وأعطى أوامره للحرس بمنعهم من دخول مكاتب الوزارة، لتعلن تلك الحادثة وأدا نهائيا لأحلام إمكانية العودة إلى العصر الذهبي للدبلوماسية الموريتانية.
لكن ما لا يفهمه هذا النوع من المسئولين واللوبيات التي تدفعهم إلى مثل هذه الخيارات، أنه يمكنك بالقوة تارة وبالغش والمخادعة تارة أخرى فرض إجراءات مخالفة لكل القوانين والأعراف، لكن الزمن كفيل بتعديل موازين القوة، بينما موازين الحق، حتى ولو غلبت، حتى ولو منع الحرس أصحابها من الدخول، تظل ثابتة وراسخة.
وتلك هي سنة التاريخ التي صدقت فيما بعد في حالة هؤلاء الدبلوماسيين المعلنين “أشخاصا غير مرغوبين بهم” في وزارتهم، فقد دخلت المجموعة في معركة قضائية مع الوزارة، انتهت بالحكم لصالحهم ودمجهم في السلك الدبلوماسي.
ودارت الأيام حتى عشنا تلك اللحظة في تاريخ وزارة الخارجية التي كان فيها وزير الخارجية واحدا منهم، والأمين العام كذلك ومجموعة من السفراء والمدراء المركزيين في الوزارة.
المسابقة الدبلوماسية الغلطة رقم 2
ويبدو أن ذلك الرجل المستشار إضافة إلى قوته الشخصية التي يعكسها موقفه الحازم في مواجهة التصريحات الظالمة للوزير، قد اكتسب بعد قرابة العقدين والنصف من العمل الدبلوماسي في الإدارة المركزية وفي مختلف عواصم العالم رؤية جديدة للإصلاح، وعندما استلم المسؤولية في الوزارة قرر المبادرة بتطبيق برنامج إصلاحي شامل.
لكنه رغم مهنيته العالية كدبلوماسي وخبرته الكبيرة لم يغلق عليه أبواب مكتبه مع شلة قليلة لاتخاذ القرارات الأهم، وإنما بادر إلى فتح حوار ونقاش واسعين مع أطر وموظفي القطاع لمعرفة ما ينبغي القيام به. وقد وصلت إلى يدي بالصدفة وثيقة – عندما كنت أعمل مسئولا عن لجنة مكلفة بتنظيم أرشيف الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الثنائية ومتعددة الأطراف الموقعة من طرف موريتانيا – هي نص تقرير الاجتماع الكبير بأطر الوزارة الذي عقده الوزير محمد السالك ولد محمد الأمين لمناقشة الخطة الإصلاحية للوزارة.
وكان الحضور بالطبع مكونا من جماعات الموظفين القادمين من كل حدب وصوب إلا من السلك الدبلوماسي، وكان في الحضور يومها عدد من أعضاء هذه المجموعة التي حصلت في مذكرة الثلاثاء الماضي على “صك اليانصيب”، وجاء في أهم خلاصات كلام المتدخلين : إن الوزارة بحاجة إلى اكتتاب أطر وكفاءات تضخ فيها دماء جديدة وذلك على نحو مستعجل.
وعليك أن تتساءل لماذا الاكتتاب المستعجل للكفاءات المجربة ما دامت المجموعة التي عمدتها المذكرة الأخيرة متحصلة على تلك الكفاءات. ما حدث يومها هو أن أفراد هذه المجموعة أنفسهم اعترفوا بان الكفاءات معدومة في الوزارة، و عليك أن تحاول حل هذا اللغز.
هنا قرر الوزير وبحضور زعماء لوبيات الفساد المتسللين في الظلام إلى وزارة الخارجية تكرار الغلطة التي قال له وزيره عام 1984 أنها لن تتكرر، والمبادرة بالتنسيق مع وزير الوظيفة العمومية ووزير المالية بتنظيم مسابقتين إحداهما داخلية تسمح بالاكتتاب المباشر لخمسة عشر مستشارا من الفئة “أ” بالوظيفة العمومية بأقدمية لا تقل عن خمسة عشر سنة، وخارجية لاكتتاب عشرين مستشارا من خريجي الجامعات في مجالات القانون والاقتصاد، منهم مهني واحد يكون من الفئات ما تحت الفئة “أ” بأقدمية معتبرة.
وقد شارك في المسابقة الداخلية لـ 15 مستشارا أزيد من 80 مترشحا من مختلف الوزارات، إلا وزارة الخارجية حيث لم يكن فيها أحد يستحق مواصفات الفئة ” أ” فأحرى أن تكون له الأقدمية المطلوبة. أما وزارات الداخلية والمالية والوظيفة العمومية والتعليم فقد ترشح منها ولاة ومديرون مركزيون من أعلى المستويات. وهذه المسابقة هي التي توجت باكتتابنا نحن مجموعة المستشارين الـ 15.
أما مجموعة الـ 19 مستشارا فقد قدم أزيد من 1000 مترشح ملفاتهم لتنجح مجموعة الدبلوماسيين الشباب الذين درسوا سنتين في المدرسة الوطنية للإدارة. وكان من بينهم المدير العام لتشريفات الدولة الحالي. أما المقعد الوحيد الداخلي في هذه المجموعة فقد تنافس عليه كثير من المسئولين منهم مديرون مركزيون بوزارة الخارجية وفاز به المستشار الحسن ولد احمدو، الذي كان يومها كاتبا للضبط .
وفي ذات السياق بادر الوزير إلى إعداد وإقرار نظام أساسي للأسلاك الدبلوماسية والقنصلية في الوزارة، كما بادر إلى استدعاء واسع لموظفي القطاعات الأخرى المعارين في الخارجية وردهم إلى وزاراتهم، ومنهم مجموعات كانت في الخارج. كما أصدر مذكرات تنظيمية تحدد وفق ضوابط وطاقات الميزانية وأولوية البلدان ومستوى العلاقات معها وحجم الجالية الموريتانية فيها عدد الدبلوماسيين من مستشارين وكتاب وملحقي شؤون خارجية وحتى من موظفين غير دبلوماسيين كعمال السكرتارية والحراسة و السياقة.
الانتفاضة المهزومة للوبي الفساد الدبلوماسي:
لكن لوبيات المكتتبين في فترة الظلام والمحسوبية، والتعيين عبر الهاتف، و عبر تدخل زوجات وصديقات المسئولين، قررت التعبئة الشاملة لمنع نجاح هذه الخطة الإصلاحية، و شنوا حربا شعواء لمنع دمج مجموعتنا في السلك الدبلوماسي بطريقة سلسة وهادئة.
وقد أديرت المعركة ضدنا على كافة الأصعدة وكان مركز التخطيط والتنسيق لها في الإدارة الإدارية والمالية وفي ديوان الوزير.
وخاضوا المعركة على جبهتين:
– الأولى: جبهة قانونية مسرحها الوظيفة العمومية تهدف إلى منع دمجنا في السلك وفقا لما تم إعلانه في المسابقة وبطريقة تلغي أقدميتنا.
– الثانية: جبهة إدارية داخل الوزارة تعمل على إقناع الوزراء والأمناء العامين المتعاقبين بأننا نشكل خطرا عليهم وأننا في صراع معهم.
ولحسن الحظ فإن المجموعة بدون بضاعة في مجال القوانين الإدارية. لذا فانه بالرغم من نجاحهم المحدود في إطالة أمد إجراءات الترسيم لدى الوظيفة العمومية ووزارة المالية، كان مآل جهودهم و جهود رسلهم إلى الوظيفة العمومية ومحاولاتهم لفرض اكتتابنا ككتاب شؤون خارجية في وضعية تدريب الفشل الذريع.
عندها بادروا إلى كتابة رسالة رسمية باسم الوزارة للوظيفة العمومية يطلبون منها عدم مراعاة الأقدمية في الترسيم، فردت عليهم ردا قانونيا صارما وأنهت قرار الترسيم الذي يرتبنا في الدرجات الأمامية في السلك الدبلوماسي، حيث إثنان منا برتبة وزير مفوض وبقية المجموعة برتبة مستشار أول درجة سادسة أو درجة خامسة. وهذه الرتب اليوم تمثل القمة في السلك الدبلوماسي.
وأثناء هذه المحاولات وبعد تدخل أحد قدامى الدبلوماسيين الموريتانيين وأكثرهم خبرة بالنصوص القانونية المنظمة للقطاع ودعوة الأمين العام يومها لأفراد من مجموعتنا واتفاق الأطراف في ذلك لاجتماع على أن الرسالة التي كتبت إلى الوظيفة العمومية كانت غلطة، صاح مدير مركزي كبير في وجوه زملائنا مهددا بما يشبه استخدام العضلات لمنعنا من الترسيم في رتب تتفوق عليه.
وبحمد الله طويت تلك الصفحة وتم اعتمادنا برتبنا وعلاماتنا القياسية لدى الوظيفة العمومية ووزارة المالية في نفس الوقت.
لكن لوبي الفساد لم يمل وتابع المعركة في حصنه الحصين، حصن الشائعات والدعايات المضادة في ديوان الوزير ومكاتب وأروقة الوزارة. ولم تدخل لوبيات الفساد جحورها إلا أسابيع قليلة، في فترة الرجل الصارم الذي هددهم في الاجتماعات وهو السفير الوزير ولد ابن احميدة.
إدارة الأزمة في عهد ولد محمدو:
لكنهم عادوا إلى تأجيج الحملة ضدنا عندما وصل الدكتور محمد محمود ولد محمدو، واستغلوا انشغال الرجل بالرحلات الخارجية في المرحلة الانتقالية التي عين فيها لتغيير الواقع في الوزارة. وكانت مهمتهم صعبة في البداية حيث أن الوزير ولد محمدو كان على معرفة جيدة بالمجموعة عندما قدم لنا عروضا في قاعة الاجتماعات بالديوان شفعت بمناقشات اطلع من خلالها على كفاءات المجموعة. وحيث كان يعتمد في عمله عندما كان مديرا للمنظمات الدولية اعتمادا كبيرا على اثنين من زملائنا الأكفاء في مجال التحرير واللغات الحية. وهذا ما جعله يطالب مجموعتنا بأن تحضر له سيرا ذاتية مرفوقة بطلبات حول خيارات للتحويل في البعثات الدبلوماسية.
ومباشرة بدأت حملة من الشائعات لإقناع الوزير بأننا نعمل ضده وأننا لا نحترمه، وأخرجوا من الدرج ورقة بالية اسمها التكوين في المدرسة الوطنية للإدارة وضغطوا بكل الوسائل بما فيها استعطافنا واستدعاء مدير المدرسة الوطنية للإدارة للمساعدة في إقناعنا بقبول التكوين. وفي الأخير قبلنا تكوين الأشهر الأربعة وذلك لأننا بالنهاية حريصون على زيادة معلوماتنا ولسنا في عتبة الجهل التي يتخبط فيها أعضاء تلك اللوبيات وتمنعهم من إدراك متعة البحث والدراسة، وكانت فرصة نادرة للتعرف على تجارب دبلوماسيين متخصصين وأساتذة جامعيين مقتدرين في مجالات القانون والعلاقات الدولية والاقتصاد.
وقد انتهز الأمين العام السابق الفرصة في تلك الفترة ومرر مذكرة تعيينات واسعة على مستوى أقسام ومصالح الإدارة غيرت معطيات الواقع ودمجت أفرادا لا علاقة لهم لا بالسلك الدبلوماسي ولا حتى بأي من أسلاك الوظيفة العمومية في وظائف دائمة بصورة مخالفة كليا للقوانين الإدارية المعمول بها.
وعندما انتهت فترة التكوين المسرحية جاءنا أمين عام الوزارة متأخرا كالضيف في حفل التخرج الذي نظمته المدرسة الوطنية للإدارة بمناسبة تسليم إفادات نهاية التدريب، ولأنه لم يكن مبرمجا للحديث طلب الحديث – وليته سكت – إذ أنه اكتفى بشكر المجموعة وتهنئتهم طالبا منهم الركون إلى الراحة في انتظار أن تحتاج إليهم الوزارة، و انه هو شخصيا بصدد مراسلة مختلف دول العالم طالبا لنا تكوينات. وهذا الخطاب عندما تسمحوا لي بترجمته بلغة نفهمها نحن في وزارة الخارجية فان معناه سيكون : “لا داعي للقدوم إلى مكاتب الخارجية، ورغم أننا لن نعطي أوامر للحرس بمنعكم من الدخول إلا أن حضوركم ليس محل الاحتفال، ونحن نحتاج اليوم إلى الإعارة من كل الوزارات والاكتتاب حتى من الشارع، أنتم لوحدكم استريحوا لا نحتاجكم حاليا. وسعيا إلى أن تنشغلوا عنا بأشياء أخرى نحن بصدد توجيه رسائل لكل دول العالم طالبين لكم تكوينات، فاصبروا من فضلكم بعيدا عن مكاتبنا”.
منت مكناس وآمال ووعود عودة العصر الذهبي
وطويت صفحة الوزير ولد محمدو وجاءت السيدة الناه منت مكناس الزعيمة السياسية المعروفة وابنة الوزير العلم حمدي ولد مكناس فارتسمت لدينا آمال جديدة. ولم يطل الانتظار فقد بادرت الوزير إلى دعوتنا إلى الاجتماع بها في الديوان. وفي ذلك الاجتماع طلبت منا أن نقول بصراحة كل ما لدينا.
وركزت في كلمتها على أنها قادمة ببرنامج إصلاحي شامل وأننا نحن بالذات سنكون المحور المحدد لمصير هذا الإصلاح. وأعلنت تشكيل خلية تابعة للديوان إسمها خلية المتابعة والتنسيق تتكون من منسق عام وستة منسقين مساعدين أربعة منهم من مجموعة المستشارين الخمسة عشر والثلاثة من المستشارين الشباب العشرين.
وتناولنا الحديث جميعنا بعد أن اتفقنا على نسيان ما مضى وفتح الصدر رحبا لهذه الوزيرة الجديدة. وكنت أول المتدخلين سيدتي الوزيرة. وسأذكرك – إذا لم يكن لوبي الفساد البارع في عمليات غسيل أدمغة المسئولين – قد نجح في جعلك تنسين خطواتك الماضية.
لقد كنت الجالس بالضبط عن يمين الأمين العام، وأشدت بقوة بتعيينكم وقلت إن ذلك التعيين أعاد لنا حلم الوالد المرحوم حمدي ولد مكناس ونستبشر به خيرا بما هو مؤشر على عودة محتملة إلى العصر الذهبي للدبلوماسية الموريتانية. وقلت إن تأسيس هذه الخلية وتعييننا فيها بالرتب والاعتبار المذكور يكفي بالنسبة لنا لنسيان كل ما مضي، فما نبحث عنه ليس هو الامتيازات المالية بالعملة الصعبة، وإنما “الرأسمال الرمزي” المعنوي.
وإذا حاولت أن تتذكري جيدا، ستتذكرين أن الأمين العام السابق بعد أن أشاد بمجموعتنا وأشاد بمذكرة تكوين خلية التنسيق والمتابعة، قال : لقد كنت أعرف أن معظم مذكرات التعيين التي أصدرناها كانت مذكرات غير قانونية، وكان القلق يلازمني في كل مرة نصدر فيها واحدة من تلك المذكرات، إلى أن تمر فترة الستين يوما، وهي فترة التظلم كما يحددها القانون تمهيدا للطعن الإداري. لكنها كانت دوما قرارات الوزير ولا تمكنني مخالفتها. أما اليوم فأنا أتلقى الأوامر من وزيرة جاءت للإصلاح، وعلينا أن نطوي تلك الصفحة ونعمل بروح جديدة.
وفي ذلك اليوم سكتنا وأسكتنا أحد الزملاء الذي توتر وقال متشنجا للأمين العام: لماذا توقع على ما تعرف أنه غير قانوني. وكان كل ذلك تقديرا منا لوصولك حديثا إلى مركز المسؤولية في الوزارة.
وسكتنا منتظرين ما وعدتنا به من إصلاح جذري في مجال التعيينات ومنتظرين تلك اللائحة العجيبة التي وعدتنا ووعدنا مسؤولون آخرون بأنها قيد الإعداد، و التي عند ما تعلق سيستدير الجميع بعد قراءتها راضين سواء ظهرت أسماؤهم فيها أم لم تظهر.
خيبة الأمل الكبرى بعد خيبات:
لكن خيبات الأمل توالت عند ما صدرت تعيينات عديدة متفرقة لا تحترم المعايير الإدارية السليمة، ثم شفعت بإصدار هيكلة جديدة للوزارة نوقشت وأقرت في الظلام. و هي تحكم بجرة قلم وعلى وفق هوى شخص أو شخصين – هما من أعدها – بالإعدام على خلية المتابعة والتنسيق التي أنشئت بمقرر وزاري مرقم لدى رئاسة الجمهورية، ويعمل بها سبعة مستشارين قيل لهم، في مذكرة إدارية رسمية إن رتبهم تتراوح بين رتب مدير ومدير مساعد وأنهم يستحقون العلاوات المناسبة لذلك.
ولم يتم التشاور مع أي من أعضاء هذه المجموعة ولا حتى مع المنسق العام للخلية. فقط اكتفى الأمين العام الجديد بمطالبة من بقي منهم في المكتب بتسليم مفاتيحه إلى الإدارة الجديدة المنشأة وفقا للهيكلة الجديدة وهي إدارة المعلوماتية، تماما كما تقول للبواب الذي فصلته أن يسلم لك مفاتيح الباب.
وها هي الضربة التي قصمت ظهر بعير آمال نهاية عصر نفوذ لوبي الفساد والسياحة المجانية، وهدر الموارد وتعيين عديمي الكفاءة باسم العمل الدبلوماسي، بصدور هذه المذكرة التي تحوي ازيد من 50 تعيينا في المراكز الحيوية في البعثات الدبلوماسية التي تحتاج فيها موريتانيا إلى كفاءات حقيقية وفعالة للتمكن من تطوير علاقاتها بالدول والمنظمات الدولية في المناطق المعنية.
سيدتي الوزيرة
سأقولها لك صريحة : لم تولد لدي هذه المذكرة الحد الأدنى من الشعور بالتقبل الذي راهنت على أنه سيكون رد فعل الجميع عند تصدر، وبالعكس فقد ولدت لدي خيبة أمل حقيقية، وبدأت تقنعني بما قال لي ذات يوم أمين عام سابق للوزارة في جلسة مصارحة في مكتبه – قال لي ذلك الأمين العام – : لا تتعبوا أنفسكم من منكم لديه علاقات و وساطات سوف يعين في أعلى المناصب وليس من الضروري أن يكون كفئا، ومن ليست لديه مثل تلك الوساطات سيقضي سنوات طويلة في هذه الأروقة وربما لن يعرف التعيين يوما.
و قد وصلتني معلومات بأنك غاضبة مما كتب في بعض المواقع حول هذه المذكرة، وأنك رغم ذلك لا تبالين به، إذ أنك مقتنعة 100% بشفافيتها وبسلامة ونزاهة المعايير التي بنيت عليها، و لهذا السبب فأنت ماضية في تطبيقها ورافضة لأية مراجعة لها.
فأخبريني بربك – إذا كان ذلك كذلك – لما ذا لم تضعوا تلك المعايير والمقاييس علنيا أمام الجميع واكتفيتم بتوقيع مذكرة ليست بها حتى الإحالة إلى المواد والنصوص القانونية التي تمنح الأمين العام الصلاحيات لتوقيعها ؟! لما ذا لم تقوموا بحملة شرح وإقناع مسبقا لتجنب ما أكتبه أنا اليوم وما كتبته المواقع الأخرى؟!
لما ذا تجمعون السير الذاتية والشهادات والوثائق التي بحوزة مختلف أشخاص القطاع بهدف دراستها والمقارنة بينها لإجراء انتقاء مدروس وعادل ومستجيب لمتطلبات المهمات الدبلوماسية المطروحة، ثم لا توفرون لنا أية قاعدة بيانات يمكن الاعتماد عليها لفهم “صكوك اليانصيب” وألاعيب الحظ التي ميزت هذه المذكرة؟!
لوبي الفساد يقرر و الوزيرة تمرر:
سيدتي الوزيرة
هذا القرار مهما قلت ليس قرارك أنت و إنما هو قرار
لوبيات الفساد التقليدية المتحكمة منذ عقود في وزارة الخارجية. اللوبيات التي أحاطت بك وأغلقت دونك الأبواب – ولم تستطيعي منعها من ذلك للأسف – لتقدم لك بعيدا عن الشهود المستقلين صورتها عن واقع القطاع وأشخاصه، وأصدرت أنت قرارك على أساس تلك الصورة، دون أن تكلفي نفسك عناء الاطلاع الميداني على قطاع تعتبر علاقتك به جديدة، ودون الاستماع إلى رأي قادة الرأي والخبراء النزهاء في الوزارة، ودون تكوين لجة فنية تجمع قدامى المختصين وتمثل مختلف مجموعات الموظفين العاملين في القطاع.
سيدي الوزيرة
لا يوجد وزير في العالم مهما كانت خبرته في القطاع الذي يعمل فيه ومهما كان حجم المعلومات المتوفرة لديه عنه ومصداقيتها يستطيع اتخاذ القرارات لوحده.
لا بد للوزير في كل مرة من مستشارين ولجان عمل تساعده على بناء التصور وتحضير القرار. وعليه فمن الخطأ أن يعتقد الوزير مهما كانت كفاءته واستقلاليته وحزمه أن قراراته صادرة عن إرادته الخاصة لوحدها. إذ أن ذلك عند ما يحدث فإنما سيكون مصدره التوهم والتخيل، عندما لا ينتبه ذلك الوزير إلى أن المستشارين، حتى دون أن يشاورهم، بنوا المعلومات والتحليلات التي أسست قراره على مستوى الشعور كما على مستوى اللاشعور.
بناء على ذلك فإن الضامن الأول لسلامة القرار الإداري للوزير هو سلامة اختياره للمقربين والمستشارين الذين سيعتمد عليهم في اتخاذ القرار. وفي هذا السياق ليس أمامه سوى خيار من خيارين لا ثالث لهما :
1. اعتماد معايير موضوعية ومهنية وتعيين مستشارين أو سؤال خبراء ذوي أقدمية وخبرة في القطاع يشتهرون بالنزاهة والإخلاص.
2. اختيار مستشارين والتعاون مع مقربين وفقا للمزاج والخصوصية الشخصية أو تبعا للصدفة بقبول رأي أولئك الذين يجدهم أي مسول حوله متقربين ومتملقين، وتلك هي جماعة الانتفاعيين الأزلية التي تدور حول ذوي المال والنفوذ كما يدور الذباب حول المائدة.
ويبدو أنك سيدتي الوزيرة وقعت ضحية للوبي الانتفاعيين ولوبي الفساد في الوزارة، ولم يبادر أي من الحكماء الصادقين في السلك الدبلوماسي إلى التبرع برأيه لك، أو فعل ولم تستمعي له، أو لم تبذلي جهدا في البحث عنه، فوقعت فريسة سهلة للانتفاعيين.
لقد فعلوها بك كما فعلوها بالوزير ولد محمدو، عند ما مرروا مذكرة إدارية هي مذكرتهم وهم من اختاروا أسماءها وحملوك أنت لوحدك مسؤوليتها.
ولا بد أنك ستتذكرين اليوم ما قاله صاحبنا الأمين العام السابق في الجلسة التي جمعتنا نحن وأنت وهو: “لقد كانت تلك قرارات غير شرعية وكنت أخاف تدخل القضاء الإداري ولكنني لست المسئول وإنما الوزير ولد محمدو هو الذي أمر بذلك”. ولعلك إذا تذكرت ذلك ستتأكدين أنهم لن يحركوا ساكنا للدفاع عنك عند ما أحملك أنا المسؤولية أو يحملها لك رئيس الجمهورية أو الصحافة أو الرأي العام، بل سيكذبون وسيقولون إنهم نصحوك بخلاف ذلك وأنك أنت من اتخذ القرار.
عند ها فيما يخصني أنا لن أصدق ما قالوه، لأنني أعرف أنه قرار مافيا الفساد التي خدعتك وكذبت عليك في المعطيات لا قرارك أنت، وأنا واثق من صدق ما نقل لي أنك قلته : من أنه لا توجد علاقات شخصية تربطك بالذين ظهرت أسماؤهم في هذه اللائحة.
سيدتي الوزيرة
ضمن عناصر المخادعة والكذب التي مارسها عليك لوبي الفساد ما، وصلني أنك قلته في بعض اللقاءات لتبرير هذه المذكرة : من أن الخطأ الوحيد الذي تعرفين أنه وقع فيها هو عدم قيامك باستدعاء المستشارين في الخارج إلى الإدارة المركزية تطبيقا لمبدأ التناوب الدبلوماسي، خوفا من القوى المتنفذة التي تقف وراء هؤلاء المستشارين الذين، يعتقدون أنهم ولدوا ليخلدوا في البعثات الدبلوماسية في الخارج وأنك على أية حال قمت بتحويل بعضهم من بلد إلى آخر، تربية لهم وترويضا على أنه يمكنهم التنقل، وذلك تحضيرا لإعادتهم إلى نواكشوط.
حقا تلك واحدة من مخادعات لوبي الفساد. هؤلاء الذين عينوا في الخارج معظمهم قادمون من الشارع وتعينهم مذكرة إدارية بسيطة يوقعها الأمين العام وتعزلهم أخرى، فكيف للمسئول الأول في الوزارة أن يخاف منهم، وهو الشاهد على أن رئيس الجمهورية الذي يستمد منه هو نفوذه، يجرد يوميا من مناصبهم أشخاصا لا تعينهم إلا المراسيم الرئاسية أو القرارات الحكومية.
لما ذا سيدتي الوزيرة عند ما شعرت بأن ضغوط المفسدين الأقوياء عليك كبيرة ومطالب الشفافية من الدبلوماسيين متصاعدة لم تحدثي رئيس الجمهورية، وهو من يفرض عليكم الصرامة والنزاهة والشفافية في التعيينات أسبوعيا ويعطيكم لذلك أمثلة حية، فيقدم دعمه لك.
لما ذا لم تطالبي بتشكيل لجنة ثلاثية تمثل وزارة الخارجية والوظيفة العمومية والمالية لدراسة القرار قبل اتخاذه، وهو القرار الذي تحتاج فيه الخارجية إلى دعم هاتين الوزارتين معا، واختيار كهذا يجنب وزارة الخارجية تكاثف الضغوط عليها لوحدها.
أسئلة إلى جانب أخرى كثيرة تثيرها آليات تسيير الموظفين في هذه الوزارة وتثيرها المعايير المعتمدة في اختيار هؤلاء الأشخاص الذين رهن بهم مستقبل علاقات موريتانيا بإيران وتركيا وأوربا وغيرها.
نهاية عصر الصمت المذل للسلك الدبلوماسي
سيدتي الوزيرة
إذا كان اجتماعك بنا بعيد وصولك إلى الوزارة قد عرف تشنج واحد من الزملاء وهو يسمع اعتراف الأمين العام بأنه وقع مذكرات غير قانونية وعين أشخاصا قادمين من الشارع لا معرفة للوظيفة العمومية بهم، فإنني أبلغك اليوم بأن الغضب انتشر وعمنا جميعا، سواء منا من صرح بذلك مثلي أو من لم يصرح.
وأعلمك أنني، ولا شك أن مجموعة من زملائي إن لم يكن كلهم سيكونون معي، سنطرق كل الأبواب التي يتيحها القانون لمواجهة هذه المذكرة والعمل على إلغائها، تماما كما ألغيت عديد المذكرات السابقة التي حاول لوبي الفساد تمريرها، ورفضتها إما الوظيفة العمومية باعتبارها تخرق قوانينها أو وزارة المالية باعتبارها تخرق مبادئ القانوني المالي وشروط التسيير الحسن لموارد الدولة. و كما ألغى لوبي الفساد مقرر خلية التنسيق و المتابعة المرقم لدى رئاسة الجمهورية. وليس من المستحيل أن يأتي إلغاء هذه المذكرة اليوم من طرف القضاء الإداري عند ما سنحرك الدعوى القضائية وفقا للإجراءات القانونية الملائمة.
سيدتي الوزيرة
سأفعل أو سنفعل ذلك، ليس لأننا حرمنا من الوظائف التي اكتتبنا من أجلها ولا من الرواتب العالية للمستشارين الدبلوماسيين في الخارج، وإنما لأسباب أخرى أهم عندي وعندنا من كل ذلك :
1. هذه المذكرة صفعة وإهانة للسلك الدبلوماسي وانتصار مهين لكل الذين عملوا في السنوات الماضية على فرض أمر واقع، مفاده أنه لا اعتراف بوجود فئة اسمها الدبلوماسيون المهنيون. وذلك هذه المرة عن طريق إقناع الوزيرة بأن لا يظهر في هذه المذكرة أي دبلوماسي مهني، إلا حالات قليلة من أولئك الذين تسللوا في الظلام وبمخالفة لقانون الوظيفة العمومية.
2. لقد وضع لوبي الفساد في الإدارة المالية والإدارية وفي الديوان بصماته على هذه المذكرة حيث لم يظهر من عمال القطاع فيها إلا تلك المجموعة التي تسللت خلال سنوات الجفاف في الخبرة، و سنوات الاكتتاب خارج المسابقات و التعيين عبر الهاتف، لتصبح رؤساء مصالح وأقسام بحكم الأمر الواقع، وأغلبهم إن لم أقل مجموعهم لا ينتمي إلى أي من أسلاك الوظيفة العمومية. والكثير منهم ليس حتى من عقدويي الدولة. وعند ما تفتح ملف الواحد منهم لدى الإدارة المعنية بتسيير الأشخاص ستجد سيرة ذاتية مليئة بالادعاءات، وإذا وجدت باكلوريا فمن الممكن أن تجدها مزورة، وستجد أن خبرتهم باللغات والتحرير والمعلوماتية معدومة.
3. أن الصبر على انتظار إصلاح بدون احتجاج ولا رفع للأصوات في وزارة الخارجية قد طال، ولم يعد بالإمكان الاستمرار فيه. وهذه المذكرة في نظري إعلان تصديق نهائي على ما حاول إقناعي به ذلك الأمين العام للوزارة، من أنه لا أمل في التعيين إلا عبر وسائل الوساطة والمحسوبية، و من أن الخبرة والكفاءة ليستا معايير محددة في هذا المجال.
4. لقد توصلت إلى أننا بصمتنا عن طرح مطالبنا المشروعة ورفع الصوت بها لما يقارب الثلاث سنوات، بقدر ما فرطنا في حقوقنا وكرامتنا، فرطنا في واجبنا اتجاه المهمات والمسؤوليات التي اكتتبنا من أجلها، والتي اعتبرت بمقتضى إعلان المسابقة مطالب مستعجلة يحتاجا القطاع الدبلوماسي يومها.
وبتوالي الخروق القانونية وتراكم الإجراءات المخلة بالتوازن وبمصالح القطاع، غدا صمتنا وهدوءنا بمثابة لقاح معقم برر لقادة الفساد في الوزارة استمرارهم واستئسادهم في مواجهة مشروع إصلاحي للقطاع نحن رموزه، ونحن المسئولون تاريخيا عنه.
سلبية وهدوء جعلت سهلا على كل مسير للوزارة يسعى إلى حرمان موريتانيا من هدف تكوين سلكها الدبلوماسي النجاح في تحقيق هدفه. “سلك دبلوماسي” هو نحن ونحن هو، ما دام الجيل المكتتب في السبعينات وبداية الثمانينيات قد تقاعد أو هو على أعتاب التقاعد.
الوزيرة بين إما و إما:
سيدتي الوزيرة أمامك خياران وعليك الاختيار قبل فوات الأوان :
1. أن تعودي إلى ذاتك، وتتذكري أنك ابنة حمدي ولد مكناس رمز العصر الذهبي للدبلوماسية الموريتانية، ووزيرة في حكومة الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي جعل من إصلاح الإدارة ومحاربة الفساد مفاتيح مشروعه الإصلاحي، وتبادري إلى توقيف العمل بهذه المذكرة والدخول في تشاور مباشر مع عمال القطاع وتشكيل لجان فنية تضم قدامى الدبلوماسيين وتمثل مختلف أجيالهم، حتى يمكن الخروج من ذلك بقرار متوازن ينسجم مع حقوق موظفي القطاع، ومتطلبات نجاح الإدارة المركزية والبعثات الدبلوماسية في تحقيق الأهداف التي تفرضها المرحلة، وفقا للبرنامج المرسوم من طرف رئيس الجمهورية والوزير الأول، و وفقا لخطاب التكليف الذي وجه إليك.
وليس في القيام بإجراء كذا أي مؤشر على الضعف، ولا يمكن أن يقلل من مكانتكم ولا تقديركم، وإنما سيكون بالعكس دليلا على الشجاعة وصحوة الضمير في مواجهة ضغوط لوبيات المفسدين وانتقاما لنفسك من تلك اللوبيات.
2. أن تستعدي لمواجهة معركة ستخوضها ضدك مجموعة من الموظفين يعتمدون على مطالب قانونية عادلة ويتحركون في إطار القانون. ولا تستبعدي عند ما تبدأ مواجهة كهذه أن ينظر إليك الرأي العام باعتبارك رمزا مدافعا عن نهج فاسد في تسيير الوزارة عمره عقود من الزمن. أي أنك ستحملين – حتى وأنت لا تتحملين – كل الأخطاء المرتكبة في الماضي وفي الحاضر، بينما سنعتبر نحن – أو سأعتبر أنا إذا بقيت وحدي في المواجهة – رموزا وحاملين لمطالب الإصلاح والشفافية والنزاهة والكفاءة في تسيير القطاع.
وهنالك شيء واحد أؤكده لك أن هذه المجموعة التي أنتمي إليها هي المجموعة الوحيدة في وزارة الخارجية التي لا جدوى من وراء إقصائها وتهميشها، فالأمر يتعلق بموظفين دخلوا سلك الوظيفة العمومية في الثمانينات وبداية التسعينيات، وليس هنالك زعيم قبلي ولا وجيه ولا مسئول يمكنه الضغط عليهم لأن اكتتابهم تم بمسابقة، بخلاف أولئك الذين وضعتهم هذه المذكرة غير المتوازنة وغير المدروسة في الواجهة، فالكثير منهم لا يوجد في كشف راتبه سوى العلاوات، وعند ما يزاح من منصبه يفقد راتبه ويتوجه إلى الشارع، فهم ليسوا موظفين رسميين وتعيينهم خرق للقانون، والقانون لا يحميهم وإنما تحميهم الوساطات والاتصالات الهاتفية والضغوط التي يمارسها عليك وعلى أي وزير آخر من عينوهم.
زورونا من فضلكم سيادة الرئيس
لكن الحقيقة الكبرى والمبدأ المرجعي والحكم الفاصل في هذا الخلاف بيننا وبين السيدة الوزيرة وبيننا وبين لوبي الفساد في وزارة الخارجية يتحدد على مستوى آخر. من هو المسئول أمام الشعب الموريتاني وبمقتضي الدستور عن تسيير السياسة الخارجية للدولة وكذا تسيير القطاع الدبلوماسي، وذلك المسئول هم من يجب التوجه إليه ليفصل بيننا، ويحكم في نازلة هذه المذكرة وفي مختلف مشاكل تسيير القطاع الدبلوماسي المطروحة اليوم.
لنقلها بوضوح : إن الوزير والمدير ليسوا المسئولين الحقيقيين، لأنهم لم ينتخبوا من طرف الشعب ليكونوا الناطق الرسمي باسم الجمهورية في الداخل والخارج. المسئول الحقيقي هو رئيس الجمهورية الذي انتخبه الشعب ليكون رأس السلطة التنفيذية، والحكومة بأكملها إنما تستمد سلطتها من رئيس الجمهورية، وقطاع الخارجية بالذات الذي يعتبر الناطق باسم الدولة والممثل لها أمام الدول وأشخاص النظام العالمي يستمد سلطته من السلطة التي خولها الشعب لرئيس الجمهورية، وبقية المسيرين للقطاع من وزير أو سفير أو مدير لا يتجاوز مستواهم حدود صلاحيات وكلاء فوضهم الرئيس التصرف في بعض صلاحياته.
وهذه حقيقة تستحق التذكير اليوم لسببين رئيسيين:
1. أن وزراء الخارجية المتعاقبين عودونا على القول أنهم مقيدون في صلاحياتهم وأن رئيس الجمهورية هو الذي يأمر فيما يخص مذكرات التعيين وغيرها. ودأب لوبي الفساد في الوزارة على عزف هذه الأغنية كلما مرروا قرارا لا يمكن الدفاع عنه بأي حال من الأحوال. أما الحقيقة التي يعرفها الجميع في الوزارة فهي أن رئيس الجمهورية لا يتدخل في مثل هذه التفاصيل الصغيرة ولديه من الهموم الكبرى ما يشغله عنها وقد فوض صلاحياته لهم فأساءوا استخدامها، وبدل أن يشكروه على ما فعل، جازوه جزاء سنمار بتحميله مسؤولية قرارات خاطئة لم يتخذها ولم يوضع على مكتبه أساس الملف الذي بنيت عليه.
2. إن الوقت قد حان لكسر هذا الطوق وهذا الحاجز الذي فرضوه طويلا بيننا وبين رئيس الجمهورية، رغم أن وزارتنا هي ألصق الوزارات بميدان صلاحيات الرئيس، ومكاتبنا هي الأقرب إلى مكتبه، ونراه يوميا يمر من أمامنا متوجها إلى أبعد المناطق من القصر الرئاسي في نواكشوط وفي داخل البلاد في زيارات مفاجئة و غير مفاجئة، بينما لم يوفروا له يوما مناخا يدفعه إلى زي
المصدر : وكالة الأخبار المستقلة
ملاحظة : يبدو أن المقال جاء نقصا وعكذا ورد في النسخة الأصلية