الأديب سيدي محمد ولد الكصري
هو سيد محمد بن باب أحمد بن الشيخ بن المختار (الگصري)، (نسبة إلى “گصر البركه” موضع في الجزء الغربي من ولاية تگانت وهو الموطن الأصلي لهذه الأسرة)
.
ولد الشاعر سيد محمد ولد الگصري في ولاية الترارزه وتحديدا في بتلميت، وتلقى تعليمه الأولي (مبادئ النحو والعربية والفقه) على يد والده بابا أحمد ولد الشيخ، بعد ذلك توجه إلى العلامة الشيخ بابا ولد الشيخ سيديا فاخذ عنه العلوم التي تدرس في محظرته.
ظل ولد الگصري رحمه الله يرحل بين أشياخه في بتلميت وأهله في تگانت إلى أن استقر في تكانت بداية القرن الماضي، إلا أنه مع ذلك ظل وفيا لمنطقة الكبله وأشياخه هناك؛ حيث ظل على صلة وثيقة بأشياخه، فقد رثى شيخه باب بقوله:
- صدرايتْ رَكسْ أهل الحاجاتْ = = الْ كان انغرستْ ما تنسلْ
- گالُ عنه طاحتْ ووفات = = غير احمدت العالِ لكملْ
- ما طاحتْ صدرايَ خلاّت = = اجدره وورگه والظلْ.
نبغ ولد الكصري في مجال الأدب الشعبي فاحتل مرتبة متقدمة في مصاف كبار الأدباء بحكم قدرته وتمكنه في هذا المجال؛ حيث كان شعره متماسكا لا تكلف فيه ولا تنافر، كما كان غيورا على الأدب، لا يرى أن كل من هب ودب في متناوله أن يصبح شاعرا أديبا
.
يقول ولد الكصري:
- نبغ نجبرْ حد الْ لبتيتْ = = يتقنْ لبتيت إلى خليتْ
- فيد لبتيتْ انعودْ انجيتْ = = من حق.. درتُ فيد امينْ
- بي غارش عن ضرّيتْ = = بيه الى درت بين أيدينْ
- الْ ماه أمين اعليه، ابتيت = = البظان ال ماه امتين
- وآن شبتْ ؤول آدمْ شابْ = = ضرر لبتيتْ اعليه امتين
- واتركت، عمّلت ارتكاب = = افلمر اخف الضررين.
لم يؤثر عن سيدي محمد ولد الكصري شعر عربي فصيح رغم معرفته الواسعة باللغة العربية وعلومها وآدابها، ولعل مرد ذلك إلى أنه رأى التعبير في الأدب الحساني أكثر جدوائية ووضوحا منه في الفصيح.. فقد نظم به الكثير من المسائل خاصة تلك المسائل التي لم تحظ بالعناية الكافية من طرف أصحاب الفصيح.. مثل منظومته الحسانية حول أحكام الأرض التي يقول فيها:
- شريعت لرض أراعيهَ = = ننظمه للّ يبغيه
- ؤنعزِ گدْ الگايلْ فيه = = عزو اصحيحْ امن اكلامْ الله
- ؤگولْ انبيه ؤ ذ بديه = = واكلام العلمَ ما ننساه.
كما اتخذ سيدي محمد ولد الكصري من الشعر الحساني وسيلة للتعبير عن مشاعره وعواطفه الجياشة، فإذا ملنا إلى استنطاق نصوص هذا الأديب وجدنا أن له –كغيره من أفاضل شعرائنا الحسانيين- عاطفة دينية جياشة، فكثيرا ما نجده نادما على كل ما صدر منه متضرعا إلى الله عز وجل منكسر الخاطر، بإيمان لا يتزعزع.
يقول ولد الكصري:
- نسبگ باسم الله الرحمن = =الرحيم الحمد لله
- ؤصليت اعل سيد عدنان = = ؤسلمت اسلام انگول ؤراه
- خالك واحد من ذ كنت = = مرتاعْ امن اذنوب حت
- تايبْ لكْ يلل مبتّ = = من فعلُ واكلامُ واغناهْ
- كريم ؤغفور الّ انت = = ؤهو جَلبُ شوركْ وساه
- لا اله الاا انت = = محمدرسول الله.
قلما تتخلف العاطفة الدينية في أدب ولد الكصري حتى ولو كان غارقا في ادكار أطلاله ومرابع أهله وأحبته:
- لا بد من دهر ؤراي = = بعد اج، وانعود ارواي
- تشتد اخبار، واغناي = = ذكر فيه أدرَسْ ماهْ اجديدْ
- يسول عن حد امعايَ = = گط ادرك دهر ماه ابعيد
- واتم الدني خلايَ = = ما خسرت، وإتم انواشيدْ
- واكفسْ وإنيمِ والظاي = = ينتزلُ، ذاك الدهر أكيد
- افنَ بنايْ البنايَ = = وانقرض ملوك اصناديدْ
- ؤهذاك ادليلْ اعل افنايَ = = وارحمنِ لا جيتكْ وحيد
- يلِّ ما تفن، وارجاي = = لا خاب افكرمك يالمجيد.
أحب سيد محمد مروج تگانت الخضراء وسهولها الفيحاء.. وققممها الشماء ربما لا لذاتها وإنما لأنه كان يألفها -وهي منازل الأهل والأحباب- أيام اللهو والصفو في ريعان الشباب فهو كما يقول الشاعر الفصيح:
- أمر على الديار ديار ليلى = = أقبل ذ الجدار وذا الجدارا
- وما حب الديار شغفن قلبي = = ولكن حب من سكن الديارا.
فلنستمع إليه وهو يخاطب واد لمريفك:
- كالحمد ال يواد = = لمريفگ واكتن راد
- الله اعليك ابعاد = = الدهر ال غلاك
- ؤخسرت حالت لبلاد = = ؤعدت انت لل جاك
- ماه انت ذاك ؤعاد = = ذ ماه دهر اغلاك
- عدت آن مان زاد = = سيد محمد ذاك.
ويقول أيضا مخاطبا دار إبلغان:
- يامس دار إبلغانْ احيات = = ذاك ال شكيتْ انّ ماتْ
- اگبلْ من تلياعِ وامحات = = من لخلاگ ال خاطيه
- واتلفت اعليه مرات = = كيف ال ناس ش فيه
- واعگبتْ امنين ابعيد ابگات = = وانبيت اتلفت اعليه
- تلفيت من ماخلات = = فظل لاه نكره بيه
- وال نبغ ذ ال موجود = = اتل فالدني راعيه
- مان فيه موجود انعود = = نكرهه واللّ نبغيه.
يعتبر ابن الكصري أحد الشعراء المقلين في غرض الغزل في مقابل الأدب الديني الذ حاز نصيب الأسد من انتاج هذا الاديب إلا أنه مع ذلك لم يهمل هذا الغرض من أساسه:
- الناس اتحيكين = = بانك ما تبغين
- وانك جيتين = = وكال عن تهشم ذيك
- كونك ما تبغين = = ماه شرط افبغيك
- واتمابيك اتجين = = بادواه انتم انجيك
- ولا يفركن ش كاع = = يا اخديج لا تشكيك
- صرتك ذيك امن انواع = = تركك ل واتعسريك.
دفن شيد محمد ولد الكصري في “واد لمريفك” شرق “كصر البركه”.
رحم الله ولد الكصري فقد كان أحد كبار الشعراء الشعبيين الذين سخروا أدبهم لخدمة الأهداف السامية النبيلة.