الفرسان الثلاثة والكعكة الموريتانية
سربت الصحافة الوطنية نبأ تخليد السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز لأعياد الميلاد في مدينة مراكش مع الرئيس الفرنسي نيكولا سركوزي ومدير المخابرات الخارجية المغربية “لادجد” ياسين المنصوري خلال زيارة لم يعلن عنها مما يدل على سرية وأهمية الأجندة المدرجة على جدول أعمالها.
تعتبر هذه الزيارة مثيرة للريبة خصوصا أن البلدين لهما أطماع إستيراتيجية في بلدنا ، ففرنسا تعتبر موريتانيا مستعمرتها السابقة وتتدخل في شؤونها السياسية من حين لآخر عبر إنقلابات عسكرية متتالية هددت الأمن والإستقرار وقوضت ديمقراطيتنا الفتية ، أما المغرب فهو عرّاب السياسة الخارجية الفرنسية في غرب إفريقيا وله أطماع توسعية في موريتانيا ويحاول دائما الإبقاء على نظام موالي له في نواكشوط حتى وإن كلفه ذلك استخدام القوة كما هو شأن إنقلابي 16 مارس 1981 و 6 أغشت 2008 وهنا أود تسجيل الملاحظات التالية:
1- إن تغلغل المخابرات المغربية في موريتانيا وعملها في وضح النهار يفسر لنا مدى الحماية التي يتمتع بها أفرادها من قبل النظام ويكون ذلك مُبَررا إذا علمنا أن الرئيس وعدة وزراء وسفراء يحملون الجنسية المغربية وتربطهم علاقات مشبوهة مع دوائر النفوذ في الرباط.
2- إن الكتيبة البرلمانية التي انقلبت على الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله هاهي اليوم تبيع ولاءاتها للمغرب ويظهر ذلك من خلال الهجوم المكثف على النائب القاسم ولد بلالي عندما ندد في إحدى جلسات البرلمان بشراء المغرب لذمم بعض الأحزاب السياسية والنواب مثل نائب مدينة أكجوجت (إبن عم الرئيس) المصطفى ولد عبد العزيز الذي عبر عن دعمه الكامل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في ندوة نظمتها كلية الحقوق التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش يومي 23 ، 24 مارس 2010 حول موضوع “الصحراء المغربية” و “رهانات الحكم الذاتي” .. وبعد عودته طالب تحت قبة البرلمان بسحب إعتراف موريتانيا بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وغير بعيد عن سرايا كتيبة البرلمان تم تعين الرائد سيدي محمد ولد محم رئيسا لمحكمة العدل السامية المتخصصة في محاكمة رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين والتي كانت الكتيبة البرلمانية تطالب الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله بتعيين شخصية وطنية محايدة تحظى بثقة المعارضة والموالاة رئيسا لها فهل النائب سيدي محمد ولد محم شخصية محايدة تحظى بثقة جميع الأطراف وقادرة في الظرف الحالي على محاكمة الرئيس محمد ولد عبد العزيز وزمرته بتهمة الخيانة العظمى؟
3- إن اكتتاب المخابرات الخارجية المغربية “لادجد” لعشرات الصحفيين الموريتانيين يعتبر أمرا بالغ الخطورة وينم عن تغاضي الحكومة الموريتانية عن أنشطتها في بلادنا ، فهذا النوع من الصحافة يلعب دورا حيويا في تهيئة الرأي العام لتقبل الأجندة المغربية ويهاجم القوى الوطنية وأصحاب الضمائر الحية ممن يقف في وجه المخطط المغربي بنشر أخبار مزيفة ومضللة ومقالات تحت أسماء مستعارة أحيانا أو سيلا من التعليقات وتنشط هذه الخلايا في الموقع الإجتماعي “الفيس بوك” تحت أسماء نسوية مستعارة وبصور فاتنة أحيانا ودون صور أحيانا أخرى.. كما يقوم أفراد هذه الخلايا بزيارات دورية مشبوهة للمغرب حيث عاد بعضهم من هذه الزيارات وهو يتغنى على غرار “المغرب الجميل” و “ليالي مراكش” وحسب مصادر مأذونة فإن المخابرات المغربية قد احتفظت بتسجيلات فاضحة لهؤلاء لمنع تغيير مواقفهم.
أما فيما يتعلق بالمخصصات المالية التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرا لدعم الصحافة فإنني أرحب بها مبدئيا لكنني قلق حول الدوافع والشروط وآلية التوزيع حيث إن الحكومة فشلت في توزيع الإعلانات الحكومية على الصحافة بشكل عادل مؤثرة المطبلين ونفس الشئ سيكون مصير المخصصات الحكومية المعلن عنها.
4- فيما يخص الجانب الدبلوماسي أذكر أن المغرب عبر للرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله عن بالغ استيائه من جلوس وزير الخارجية الموريتاني السابق محمد السالك ولد محمد الأمين بجانب وزير الخارجية الصحراوي محمد سالم ولد السالك في بعض المؤتمرات الدولية التي حضرها البلدان إلا أن الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله لم يتخذ أي إجراء ضد وزير خارجيته ويرى المراقبون أن وزير الخارجية المغربي في جميع زياراته لموريتانيا قد تجنب لقاء وزير الخارجية محمد السالك ولد محمد الأمين وذلك باختيار أوقات زيارات يكون الأخير فيها خارج البلاد كما أن هذا التحفظ كان من أسباب الإنقلاب على نظام سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ومن الجدير بالذكر أن وزير الخارجية السابق محمد محمود ولد محمدو ووزيرة الخارجية الحالية الناهة بنت مكناس دأبا على الجلوس بجنب وزير الخارجية المغربي في المؤتمرات التي شاركوا فيها وهنا أشير إلى أن تعين الناهة بنت مكناس ذات الولاء المغربي في منصب الخارجية يحمل دلالة عميقة.
إن تعيين بلاها ولد مكية الذي يحمل الجنسية المغربية ونجل ضابط في الجيش الملكي المغربي سفيرا لموريتانيا في الجزائر ليس عملا إعتباطيا وتبدو عليه بصمات المغرب جلية .. أوشك هذا التعيين حينها أن يشكل أزمة دبلوماسية بين موريتانيا والجزائر وذلك عندما تحفظت الجزائر في البداية على قبول أوراق إعتماده.. لتعتمده أخيرا وعلى مضض.
5- إن مجئ الدكتور الشيخ ولد حرمة إلى بلد لم يراه قط وتأسيس حزب سياسي ليصل بعده إلى حقيبة وزارية تعتبر مهمة عمل .. ليطلق بعد ذلك تصريحات نارية يهاجم فيها الجزائر بهدف تأزيم العلاقات الموريتانية الجزائرية لترتمي موريتانيا أكثر في أحضان المغرب.
6- إن الآلة التقنية الضخمة للمخابرات المغربية في موريتانيا والتي تتألف من موريتل والأجهزة الإلكترونية المتطورة الموجودة في السفارة المغربية تجعل المغرب على اطلاع تام بدقائق الأمور وفحوى مكالمات المسؤولين العسكريين والسياسيين والعامة مما يمكنه من تسيير كل الملفات بتحكم تام.
7- لايمكن للزيارة السرية التي قام بها الرئيس محمد ولد عبد العزيز للمغرب أن تمر دون تعليق ذلك أنها عمليا زيارة تقديم ولاء إلتقى خلالها بمدير المخابرات الخارجية المغربية “لادجد” ياسين المنصوري والرئيس الفرنسي نيكولا سركوزي .. أجندة اللقاء مثيرة للجدل خصوصا في ظل الوجود العسكري الفرنسي في مدينة أطار (الموريتانية) الذي كان ثمن تأييد فرنسا لإنقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز .. إلتقى الجنرال محمد ولد عبد العزيز الرجلين قبل إنقلابه على الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في زيارات سرية وهاهم الفرسان الثلاث يجتمعون في لقاء سري فهل هنالك إنقلاب جديد من نوع آخر؟
سيدي عبد الله ولد صدفي
سنسناتي/أوهايو/أمريكا
sidisadvi@yahoo.com