مسلسل الانقلابات والفشل

ولد الرئيس محمد ولد عبد العزيز يوم 20 دجمبر 1956م في مدينة أكجوجت عاصمة ولاية إنشيري حسب الوكالة الموريتانية للأنباء وتتفق معظم المصادر على أن مساره التعليمي توقف مع حصوله على شهادة الدروس الابتدائية بعدها انخرط في الجيش كضابط صف وفي سنة 1980م تمت ترقيته إلى ملازم بوساطة من إعل ولد محمد فال الذي توسط لتعيينه مرافقا عسكريا للرئيس معاوية ولد الطائع حيث أمضى 19 سنة في خدمته كسب خلالها ثقته
وهو المعروف بحسه الأمني ونظرا لانعدام أية مؤهلات علمية أو مهنية لدى محمد ولد عبد العزيز قد تجعله يطمح للسلطة ناهيك عن عامل المصاهرة الذي مكنه من الترقي السريع للسلم العسكري.
بعد الصدمة التي سببها انقلاب صالح ولد حننه يوم 8 أغشت 2003 وما أصاب معاوية جراءها من انهيار نفسي وهلوسة جعل العقيد آنذاك محمد ولد عبد العزيز يتحين الفرصة للانقضاض على السلطة … سافر معاوية ولد الطائع يوم 3 أغشت 2005 لتعزية المملكة العربية السعودية في وفاة الملك فهد فكانت الفرصة
الذهبية ليبدأ محمد ولد عبد العزيز مسلسله الانقلابي.

I- المسلسل الانقلابي لولد عبد العزيز:

1- الانقلاب على معاوية : قبل سفر معاوية ولد الطائع كان قد اتخذ قرارا بتحويل العقيد محمد ولد عبد العزيز إلى حامية لمغيطي ليتزاوج الخوف من جبهة القتال والطمع في السلطة لينجبا الانقلاب الأول.

2- الانقلاب على إعل ولد محمد فال:ساهم مشروع البرنامج الانتقالي الذي عرضه صالح ولد حننه في البيان الذي كان من المفترض أن يلقيه بعد نجاح انقلابه ، وما تضمنه من مرحلة انتقالية يليها تنظيم انتخابات ثم تسليم السلطة للمدنيين ، في رفع سقف المطالب الشعبية في وجه أي انقلاب جديد وهو ما جعل محمد ولد عبد العزيز يقدم إعل ولد
محمد فال (صاحب المنة عليه) للمشهد الأول من المسرحية ليسحب البساط من تحته لاحقا ويجهض مناورة البطاقات المحايدة التي خطط من خلالها إعل ولد محمد فال للبقاء في السلطة.

3- الانقلاب على سيدي ولد الشيخ عبد الله:تم اختيار سيدي ولد الشيخ عبد الله لعدة معايير وهي الزهد وعامل السن والحالة الصحية لإمكانية التعلل بها لاحقا لإزاحته ومن الجدير بالذكر أن محمد ولد عبد العزيز ظل الرئيس الفعلي منذ إطاحته بمعاوية حيث تمكن من التحكم في جميع مفاصل الدولة وأسس شبكة علاقات واسعة في الأوساط السياسية والقبلية استخدمها لاحقا في التمهيد لانقلابه على الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله مستخدما هذه المرة الكتيبة البرلمانية بدلا من كتيبة الحرس الرئاسي وبلغ التصعيد ذروته بانقلاب 6 أغشت 2008 حيث خرج من الظل.

4- الانقلاب على اتفاق دكار:جابهت الطبقة السياسية
والنقابية الانقلاب وسعت إلى إجهاضه بكل ما أوتيت من قوة فأوشكت البلاد حينها أن تدخل في أتون حرب أهلية … انتهت الأزمة السياسية بتوقيع اتفاق دكار الذي حل أزمة الشرعية لمحمد ولد عبد العزيز وألزمه بالمقال بالإقرار بواجبات تجاه المعارضة من ضمنها الحوار والمشاركة السياسية وبعد أن استتب له الأمر انقلب على الاتفاق.

5- الانقلاب على الإتحاد من أجل الجمهورية:بعد أن رأى ولد عبد العزيز مصير الحزبين الدستوري في تونس والوطني في مصر عمد إلى الانقلاب على الإتحاد من أجل الجمهورية عبر تأسيس حزب “العصر”.

6- الانقلاب على القذافي : بعد ما جف ضرع
القذافي الذي يرجع له الفضل في دفع رواتب عمال الوظيفة العمومية أشهر عديدة إبان الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد وكذا تليين المواقف الإفريقية المناهضة للانقلاب ودعم أجندة 6/6 الأحادية ومع هذا كله نرى ولد عبد العزيز ينقلب عليه أخيرا إذعانا للضغوط
الفرنسية.

II – الفشل

أ‌- مركزية القرار : دأب محمد ولد على إدارة الاقتصاد الوطني كما كان يدير كتيبة الحرس الرئاسي حيث عمد إلى مركزة جميع القرارات الاقتصادية والمالية مما أدى إلى شلل شبه تام لاقتصاد البلاد لدرجة أن وزيرا لم يعد يملك صلاحية اقتناء مكنسة لمكتبه دون الحصول على موافقة من الرئيس.ب- العدالة الانتقائية : لم يسلم القضاء بدوره من مركزة السلطة حيث تحول إلى أداة في يد ولد عبد العزيز يضرب بها خصومه السياسيين والماليين مما أدى إلى هروب رساميل كبيرة وفقدان ثقة المستثمرين المحليين والأجانب وهو ما ضاعف من حدة المشاكل الاقتصادية
التي تفتك بالبلد.ج- الاحتكار: استفاد رجال الأعمال المقربين من الرئيس من استهدافه لرجال الأعمال الموالين للمعارضة حيث عمدوا إلى ترسيخ احتكارهم للصفقات العمومية والسوق
المحلي مما أدى إلى ارتفاع الأسعار الأمر الذي نتج عنه انخفاض القدرة الشرائية للمواطن.
د- الفساد الاقتصادي : شرعت الشركات الأجنبية العاملة في بلادنا في نسج شبكة علاقات مع شخصيات نافذة مرتبطة بهرم السلطة من خلال تقديم عمولات ورشاوى سخية من تحت الطاولة تمكنهم من استنزاف الثروات وتلويث البيئة دون أية مساءلة قانونية وكذلك فرض شروط مجحفة في الصفقات المبرمة مع الحكومة ولا أدل على ذلك من اتفاقية الصيد الأخيرة المثيرة للجدل والتي مررها نواب الأغلبية رغم
الاعتراض الشعبي وعدم دستوريتها.

2- فشل السياسة الصحية والاجتماعية:

– تلخص مأساة المواطن أحمد ولد إكويرلّ ، الذي أخذ من غرفة العناية المركزة ورمي في القمامة ، الفشل الذريع للسياسة الصحية لرئيس “الفقراء”.- عمد محمد ولد عبد العزيز إلى تسييس مشروع المصالحة الوطنية فبدلا من محاولة جبر خاطر أرامل وأبناء قتلى الزنوج قام بإصدار أمر بنبش القبور بهدف نكء الجراح وخلق شرخ اجتماعي كما أن الأحداث العرقية المفتعلة في الجامعة
تدخل في إطار هذا المشروع الهادف إلى تمزيق الوحدة الوطنية لتحقيق هدف ضيق وهو إطالة عمر النظام.

3 – فشل السياسة الأمنية:

تعتبر القاعدة الفرنسية في أطار بمثابة ثمن لمباركة فرنسا لانقلاب ولد عبد العزيز كما أنها تشكل بؤرة توتر ومحفز على الإرهاب في المنطقة. إن توريط جيشنا في خوض حرب بالوكالة عن فرنسا يعتبر خطأ تاريخيا يرقى لمستوى الخيانة العظمى.

في حلقة جديدة من مسلسل المغالطات التي عودنا عليها ولد عبد العزيز نراه يعتقل بعض خصومه السياسيين بتهمة الفساد في حين يطلق العنان للمفسدين المقربين منه ليأتوا على الأخضر واليابس والبر والبحر والجو.
سيدي عبد الله ولد صدفي سنسناتي ، أوهايو ، أمريكاsidisadvi@yahoo.com)

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى