مـــــــوريتانيا … بلد الغرائب
غريب أمر بلدنا هذا موريتانيا ومن أغرب ما فيه أنه بالرغم أنه يدعي القائمون عليه الديمقراطية والتنمية وان البلد بخير. ويتهمون كل من يخالفهم بأنه إما متخلف لا يفهم السياسة أو مفسد انتزعت منه بعض الميزات التي كان يتمتع بها في ظل الأنظمة السابقة وبالتالي فان كل الانتقادات التي يقدمها فقط إنما جاءت كردة فعل على أوضاعه الجديدة في ظل النظام الذي يحارب الفساد كما يزعم.
ومن غرائب الأمر وعجائبه ان هذا النظام كرس الفساد وبطرق جديدة تتمثل في حصره في دوائر ضيقة تحيط بالرئيس والمقربين منه.
ومن الفساد ان تباع الثروة السمكية لبلد بأكمله ولمدة خمس وعشرين سنة وكأنه مغلوب على أمره ولا حول له ولا قوة.
وما فائدة ميزانية الدولة البالغة 560 مليارا من الأوقية إذا كانت الأسعار في تزايد متواصل من دون رقيب…
وما فائدة هذه الميزانية إذا كانت لم تستطع ان تحل أي مشكلة من المشاكل التي يجتمع ويعتصم أهلها أمام القصر الرئاسي كل يوم دون أن يجدوا غير التشفي بهم والقول بأنه لولا الديمقراطية وحرية الرأي لما تتظاهروا وعبروا عن آرائهم بكل حرية… وما فائدة التظاهر ان لم تلبى مطالب المحتجين أو على الأقل بعضها.
إضرابات المعلمين والأساتذة
إضرابات العاطلين عن العمل
إضرابات العمال غير الدائمين في الوزارات
إضرابات الصحافة العمومية والمستقلة
إضرابات ضحايا الكزرات
إذا كانت الميزانية تبلغ 560 مليار أليس بالإمكان تخصيص 3 أو 4 مليارات لكل واحد من القطاعات السابقة لحل أزمته علما بأن الجميع لن يتجاوز 20 مليار…..
ومن الفساد ان مهزلة الكزرات والتقسيم العشوائي لكل من هب ودب مدعيا أنه له الحق في قطعة أرضية في نواكشوط. وبعد أشهر وقفت الدولة عاجزة عن حل هذه الأزمة فلاهي تركت الناس في أماكنهم ولاهي أوجدت لهم أماكن يسكنون فيها.
ومن الفساد ان تصنف بلادنا على أنها الأخيرة في كل شيء ومن آخر التصنيفات تصنيف موريتانيا في المركز الأخير بالنسبة للدول العربية من حيث دخل الفرد ونحن البالغ عددنا 3 ملايين نسمة وكأننا نعيش في القرون الوسطى.
ومع ذلك لا يجد أحد وزرائنا حرجا حين لم يجد شيئا يبرر به فشل قطاعه أمام نواب البرلمان فوصف رئيس الدولة فقال (بأنه إنسان عظيم) لكي يضمن بقاؤه في منصبه وكأنه لا يمكن أن يعيش من دون أن يصفق للرئيس.
ومن الفساد أيضا أن يوقف التفتيش في بعض الوزارات وبأوامر عليا.
ومن الفساد أن يعسكر كل شيء في هذه الدولة فالرئيس عسكري ووزير الخارجية عسكري وحتى البرلمان يديره عسكري هو العربي ولد جدين بعد ان اختفى رئيسه ليختفي معه الوجه المدني للبرلمان.
وحتى ان الطابع العسكري بقي هو الحل السائد حيث رابط الشرطة في المعهد العالي لفترة حتى حلت أزمته وحتى أننا سمعنا رئيسه يهدد بتدخل الشرطة وكأنه يتحكم في الشرطة أو أنه لا حل من دون الشرطة.
وحين عجزت وزارة الصحة بجميع مدنييها عن حل ووقف إضراب عمال الصحة كان لزاما ان يؤتى بعسكري هو رئيس المخابرات لكي يحل الأزمة وفعلا حلها…
وكل هذا لا يراد منه التهجم على أي شخص أو التقليل من قيمة العسكر لأننا نعتبر أن العسكرية مهنة نبيلة ولكننا ضد إقحامها في كل مظاهرو قيادات البلد بل يجب ان تحافظ على دورها وهو حماية الثغور.
بقلم: هدى منت محمد الأمين
hodamedlemin@yahoo.com