ردا على بيان اتحاد قوى التقدم
بسم الله الرحمن الرحيم
الاتحاد من أجل الجمهورية
بيــــــــــــــان
كان منطلق الدعوة إلى نظافة السجال السياسي، والتي كانت العنوان الأبرز في بيان الاتحاد من أجل الجمهورية، المنشور بتاريخ 20 يونيو 2011، قناعة راسخة لدى الحزب بضرورة التعالي عن التجريح والتقريع والإفك والشطط والبهتان، في الزحام والتنافس الساخن بين الأفكار والمواقف والرؤى السياسية المتباينة؛ وهي دعوة، لو أنها لاقت آذنا صاغية، لكانت مقدمة لفكرة ميثاق وطني لأخلاقيات التعاطي السياسي، يوقف تهافت الخطاب، وانحدار السجال إلى مزالق الشتائم الشخصية ونهش الأعراض.
ومن المؤسف حقا، أن غالبية أحزاب المعارضة، وهي المثقلة بأوزار الفساد والإحباط والشيخوخة السياسية، لم ترفع رأسا بدعوة النظافة في السجال السياسي، بل إن بعض تلك الأحزاب اعتبرها مناسبة لكيل المزيد من البذاءات للاتحاد وللأغلبية الحاكمة؛ ذلك ما فعله- على الأقل- حزب اتحاد قوى التقدم الذي نشر في 23/06/2011، بيانا اشتمل على ما يربو عن عشرين(20) إساءة متعمدة، تتناول قيادات الاتحاد من أجل الجمهورية، ورجالات السلطة السياسية والدولة، وصنوفا جديدة وعديدة من المكابرة تجاه سياسات وبرامج ومشاريع سلطة الأغلبية الحاكمة، وتجاه أوضاع البلاد الاقتصادية والاجتماعية، وتجاه الفئات الوطنية المهمشة المستهدفة ببرامج التنمية المستدامة، ثم صب جام غضبه على أغلبية الشعب الموريتاني الملتفة حول برنامج رئيس الجمهورية الجاري تنفيذ فصوله على كافة الصعد، منذ 18 من يوليو 2009.
ولا يكتفي اتحاد قوى التقدم في بيانه بحشد الإساءات، بل يشدد حملته على الاتحاد من أجل الجمهورية، بذريعة أنه لم يحفل بما زعم قوى التقدم أنه وثيقتان نشرهما عن حالة البلد منذ أيام، ولم يرد عليهما. ونحن في الاتحاد، ودون أن نعتذر عن عدم تناول تلك المزايدات السياسية التي يسميها وثائق، بالدراسة والرد، فإننا نكتفي بإحالة نظره إلى وثيقة أخرى، نراها أكثر أهمية في السياق، وقد أصدرها منذ أيام رفيق درب سياسي طويل، وزميل لقوى التقدم في منسقية أحزاب المعارضة، هو التحالف الشعبي التقدمي، وكانت بعنوان:”كيف ومتى يكون الموقف صحيحا؟” وتقدم وثيقة التحالف شهادة مهمة عن وثائق وخيارات ومواقف قوى التقدم، حيث تصفها بأنها: «تحاليل ومواقف سياسية لا تنم عن فهم دقيق، ولا عن تريث قبل إصدار الأحكام التي تحتاج إلى كثير من الإنصاف والتوازن، فضلا عن كونها كثيرا ما تأتي على خلاف ما أراد أولئك أو زعموا…»(نهاية الاستشهاد) إنها شهادة “شاهد من أهلها” وقديما قيل: أهل مكة أدرى بشعابها؛ أما من قبلنا نحن، فلا تعليق.
لكن تعليقنا ينصب على إنارة الرأي العام الوطني، حول المغالطات التي شغلت الحيز الأكبر من بيان قوى التقدم، وجرى الحديث فيها عن ديون المؤسسات الوطنية الكبرى، وعن مشاكل سكان العشوائيات، وتدهور حالة التعليم، وغياب البنى التحتية، وتسيب الحالة المدنية، والتحريض على الانقلابات والانقلابات المضادة، ولن نزيد هنا على تذكير الرأي العام الوطني، بما يعرفه الجميع من أن هذه القائمة الطويلة، لا تعدو أن تكون- بكل بساطة- جانبا يسيرا من الركام العائد إلى عهود الفساد المتتابعة، والتي كانت العناصر التي تقود اليوم اتحاد قوى التقدم، على الدوام، سدنتها وبطانتها في كل أحوالها وأطوارها؛ حيث مارسوا ذلك الدور سرا وهم في فسطاط المعارضة، وجاهروا به علانية وهم في قطب الموالاة، وذلك بشهادة رفقاء الدرب الحركي، وزملاء النهج السياسي، والمعاصرين من خارج تلك الأطر؛ فهم-دون غيرهم- من يتحمل الجزء الأكبر من فساد تلك النظم المتعاقبة.
ولقدعزف بيان قوى التقدم، وطبل كثيرا، حول ظاهرة ارتفاع الأسعار، وإن من واجبنا، ومن حقه علينا، أن نلفت نظره إلى أن الرأي العام الوطني قد شب عن الطوق، ولم يعد تلك الدهماء المرتهنة دوما للمغالطات والمزايدات والتدجين، وهذا الرأي العام الوطني يدرك تماما أن أمر الأسعار يتعلق بانعكاسات أزمة عالمية، امتد تأثيرها إلى مختلف أرجاء العالم، واصطلت بنارها الشعوب والحكومات في كل مكان؛ وكان الفارق لدينا أن حكومتنا انتهجت خطة شجاعة سريعة ومبتكرة، ضمنت بها التخفيف من وطأة آثار الأزمة بشكل متواصل، ليس على ذوي الدخل المحدود من المواطنين فحسب، وإنما على غيرهم من فئات المجتمع؛ لكنها بذلك أغاظت -حتما- بعض السماسرة واللوبيات التي طالما امتهنت التأزيم، وأدمنت الإثارة السياسة، بلا سبب.
وأخير، يسألنا بيان اتحاد قوى التقدم: أين كنا حين عكف حزبهم- وهم يقصدون القمة والقاعدة معا- يعكفون في غرفة عمليات على ما سموه وثيقتين؟ وجوابنا هو- بكل بساطة- أننا كنا في الميدان مع المناضلين في انتشارهم فيما بين باسكنو وانجاكو، نتحسس آلامهم ومشاكلهم، ونتطلع معهم إلى آمالهم؛ كنا نشكل مجموعات التفكير عالية المستوى، لإعداد الوثائق والدراسات العلمية الاستيراتيجية، عن مستقبل الحكامة الرشيدة، وإصلاح مناهج التربية والتعليم، وتثمين المصادر البشرية بالمرفق العمومي؛ كنا ننظم المسيرات الكبرى والمهرجانات الحاشدة بيانا لمواقفنا الواعية من مستجدات الشأن الوطني والإقليمي والدولي، وبكلمة واحدة كنا نؤدي أمانة بناء المشروع المجتمعي الطموح الذي وعدنا به الموريتانيين، وقد بدأوا يقطفون ثمراته اليانعة، بنى تحتية، ومنشآت تعليمية وصحية وخدمية، و تحكما في التقري العشوائي الفوضوي، وضبطا للعمران المدني، وتوفيرا للماء الفرات، ولجما للفساد والمفسدين، وانحيازا ثابتا ودائما وصادقا إلى للفقراء والمهمشين، مع استرجاع ألق وسمعة ونجاعة الدبلوماسية الموريتانية في العالم.
الاتحاد من أجل الجمهورية
27/06/2011