نقبل أي حاكم إلا الحمار

  • خلال الأسابيع الماضية صدم الموريتانيون – على غير عادتهم – لانتشار خبر الحمار الذي قاد في ما يبدو محاولة انقلابية فاشلة ، وليس مصدر الصدمة هو فشل المحاولة فقد مر علينا من الفشل ما يجعل الأمر عاديا ، إنما الغريب أن يأتي هذا التصرف ” الحماري ” في وقت تدعو فيه جميع نخبنا السياسية و” الحمارية ” لحوار وطني يضع حدا للعبة ” توم وجيري ” بين المعارضة والموالاة ويودع إلى الأبد عصر الانقلابات والبيانات .
  • صحيح أن ” حمارية ” الحمار ليست عائقا دون أن يتبوأ منصبا رفيعا في دولة منذ فجرها الأول وشعبها يساق كالأغنام نحو المجهول ، و ما إن تهب رياح التغيير عليه حتى تقف كخازوق يستبرئ به من لا يتقن أحكام الوضوء ، ثم يعتلي منبرا ويخطب في الأغنام عن الطهارة والحضارة وعن تاريخ الثورات وفن الحكم الرشيد .
  • وصحيح أن الحمار ليس أقل شأنا ولا أدنى مؤهلا من كثير ممن حكموا البلاد واستعبدوا العباد ، بل إن أغلبهم إن لم يكنوا كلهم ساروا في تسييرهم للبلد وفق النظرية ” الحمارية ” القائلة : ” إلى اشربتْ آنَ يسوَ الحاسي يدّكْدَكْ ” .
  • وصحيح أيضا أن الحمار في تاريخنا كله كان أكثر عطاء من حكامنا ، وكنا نجل عطاءه ونقدر له الجهد الذي يبذله من أجلنا حين عجز الحكام عن البذل ، لكننا مع ذلك نستنكر طموحه للتحكم في رقابنا كما فعل بنا أسلافه من قبل ، واستنكارنا لهذا الطموح ليس لأن صاحبه حمار ، وليس انتقاصا من قدرته على حكمنا فنحن شعب يكفي بيان (1) لإخضاعه للقادم الجديد حتى ولو كان جحيشا ، لأننا لم نرض بشيء ـ بعد رضانا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد (ص) نبيا ورسولا ـ سوى رضانا بالتوقيع على وثيقة تسليم رقابنا للمتسللين ليلا إلى أحلامنا ، ولم نقل يوما للحمار أنت حمار خوفا من رفسه ، لكن أن يأتي في عصر الديمقراطيات هذا الحمار الشارد يريد أن يعيدنا إلى عهد ” استحمير ” فذلك ما لم نعد نرضى به ، فنحن نقبل بأي حاكم إلا الحمار .
  • في كل مرة نصحو فيها على البيانات المرقمة كنا نبدأ العد من جديد ولا نكاد نكمل حتى ينادي المنادي أن قد بدأ العد من جديد ، كأننا نبني درجات هرم من البيانات حتى خاف شعراؤنا أن نتحول إلى بلد ” المليون بيان ” ، وحتى تندر علينا الأغراب بأننا الشعب الذي ينام كل واحد فيه وتحت وسادته بيان (1) جاهز ليذيعه في اليوم التالي ، ولعل ذلك ما جعل الدور يأتي على حميرنا لتجرب حظها في الحكم فيندفع ذلك الحمار الوقح نحو القصر الرئاسي ليذيع منه بيان الحمير الأول متحديا كل الأعراف المتبعة في استلام الحكم عندنا من احتلال للإذاعة والتلفزيون أولا وتلاوة البيان منهما ثانيا بكل اللغات التي نفهمها جميعا ونصدق ما جاء فيها من أكاذيب على معرفتنا أنها لا تملأ مخلاة أحرى أن تملأ ” مزودا ” . فهل كنا سنصدق الحمار عندما ينهق بعد أن شبع من عشب الحديقة في القصر الرئاسي لا قدر الله ؟ .
  • محمد فال ولد القاضي
  • memoireetjustice@yahoo.fr

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى