هذا عام فيه يغاث الناس وفيه”يُعصرون”

  • قبل الإفطار بقليل جلست أمعن النظر في المائدة أمامي تطبيقا للمأثور عندنا من القول بأن إطالة النظر في الإفطار تزيد من حدة البصر ، ولأن حدته عندي تنقص 2,5 درجة ، فقد أمعنت النظر كثيرا في وجبة إفطاري حتى كادت تبيض عيناي المذيق ( الزَر يق ) فأشحت بوجهي عن القدح الوحيد أمامي حفاظا على ما تبقى لي من بصر ، ولأن اللحظات الأخيرة قبل الإفطار تطول على الصائمين طول ليلنا ، كان لا بد لي من شيء أشغل بـه نفسي خلالها ، فلم أجد أفضل ولا أرخص ثمنا من القراءة دون فهم أو تدبر ، وخلال تصفحي لأحد المواقع وفي خاتمة مقال لأحد الكتاب وجدت ما يبشر بأننا نحن الفقراء قد ننوع هذا العام وجبات إفطارنا بحيث يشمل الكثير من الأصناف بما في ذلك ” العصير ” . ففي ذلك المقال الذي أرى أنه يصلح لأن تؤسس عليه مدرسة ” أدبية ” تعنى بمدح الحكام وتثمين ما أنجزوا وما لم ينجزوا ، وبعد أن ” أبدع ” كاتبه في الثناء على رئيس الجمهورية حتى كاد يتغزل عليه ، ختم ببشرى عظيمة قال فيها مخاطبا سيادته : ” أنحُ هذا النحو أيها العزيز فزمن السنين العجاف قد ولى وهذا عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ” .
  • لم أتمالك نفسي وأنا أقرأ تلك الخاتمة المقتبسة من قصة يوسف عليه السلام حتى وجدتني أنادي أم العيال :
  • – أين العصير ؟
  • – أي عصير ؟ ومتى كنا نعصر غير ( الزر يق ) ؟
  • – ألم تعلمي ؟ هذا عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ؟
  • – أعلم أن ذلك العام كان في العصور الغابرة ، أيام حكم عزيز مصر! .
  • – لكن تلك الأيام عادت اليوم مع حكم عزيزنا ، و إن لم تصدقي فتعالي واقرئي هذا المقال وتذكري أن العزيز نفسه بشر في لقائه بنا ( نحن الشعب ) بأن كل السنبلات خضر ، وأن المطر سيأتي هذا العام ، وبأن ” الحرب ” على البقرات العجاف مستمرة حتى يأمن ملاك البقرات السمان على بقراتهم وكل أنعامهم .
  • بعد أن قرأت أم العيال المقال كاملا ، كانت مفاجأتي كبيرة حين اكتشفت لأول مرة أنها تفهم في فن الصرف وبناء الفعال :
  • – لكنك لم تلاحظ أن الفعل ( يعصرون ) معطوف على الفعل ( يُغاثُ ) المبني للمجهول والمعطوف تابع للمعطوف عليه ، لذلك وجب بناء الأخير للمجهول ليصبح ( يُعصَرُونَ ) .
  • – قاعدة نحوية صحيحة ، ولكن لما يُعصر الناس ؟
  • – لتخرج أرواحهم ويصبحوا قبورا يسهل سوسها .
  • بهذا التفسير المنطقي إلى حد كبير لفكرة عصير أو ” عصر ” الناس والذي يقترب كثيرا من واقعنا ، استطعت فهم نبأ كنت قد قرأته ولم أصدقه ، فقد تناقلت بعض وسائل الإعلام أن الحكومة الموريتانية قدمت عرضا باستضافة ملك ملوك الجن معمر القذافي ، وبأن هذه
  • الاستضافة

  • مشروطة بعدم تعرضها للضغط الدولي من أجل تسليمه لمحكمة الجنايات الدولية ، ولم يرد في العرض أنها ( أي الحكومة ) تخشى من الضغط الشعبي الداخلي الذي لا شك أنه سيرفض بشدة خطوة من هذا النوع لما تمثله من تجاهل واحتقار لمشاعر الشعب الموريتاني الذي تربطه بالأشقاء الليبيين أكثر من رابطة ، إلا إذا كان مرد هذا التجاهل هو معرفة هذه الحكومة بأن الشعب كله قد تم ” عصره ” ولم يعد فيه من يمتلك غير ” لا ” واحدة يدخرها ليوم الرحيل كي يبدأ بها الشهادة .
  • محمد فال ولد القاضي
  • هاتف / 22 21 37 76
  • memoireetjustice@yahoo.fr

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى