ليبيا , كما نحب أن تكون
ارتبط اسم ليبيا عقودا طويلة باسم القذافي , فأصبحنا لا نعرف ليبيا إلا من خلال القذافي , ولا يلام احد على ذلك , فحتى ليبيا كانت لا تعرف نفسها , وهذه ليست مبالغة , فكثير من أهل طرابلس لا يعرفون الزنتان وكثير من أهل الزنتان لا يعرفون بنغازي , بلد مقطعة أوصالها , لا وحدة لها إلا بالقذافي وحكمة .
ولكن ثورة الشعب الليبي المباركة لم تعرفنا فقط بليبيا , كشعب وكجغرافيا وتاريخ بل عرفت الليبيين بعضهم ببعض , توحدوا في الجبهات , حمل المصراتي الجريح الزنتاني , وبكى الزنتاني على الشهيد من الزاوية , وأصبح كل ليبي يعرف أين تقع كل قرية ومدينة في بلده . كيف وله شهيد أو جريح في كل بقعة وكل قرية وكل مدينة , امتزجت دماء الليبيين في معركة التحرر والتحرير , لا بل حتى نحن أصبحنا نعرفها ونحبها.
وكما ربط القذافي اسم ليبيا به , قام الثوار بربط اسمهم بليبيا , فأصبحت ليبيا الثورة ,
في عصر القذافي كان النظام يمول الإرهاب ويدس الدسائس ويعمل على تقويض الأمن في الكثير من بقاع الأرض , عمل على فصل السودان , ومول عصابات دارفور والصحراء , أرسل الغذاء لمسلمي البوسنة وأرسل السلاح للصرب ليقتلوا المسلمين , وقف إلى جانب العراق ضد إيران وأرسل السلاح لإيران , فضائعه ومؤامراته في الداخل والخارج اكثر من أن تعد , وأبشع من أن توصف .
ولكن ها هي ليبيا الثورة تقوم من تحت الرماد كطائر الفينيق , شابة جميلة , يعشقها الكثيرون , يحاول الكثيرون التقرب منها , نخاف عليها من أناس خارجها ومن بعض من يحمل جنسيتها ويتحدث لغتها .
كيف نحمي ليبيا الثورة ؟ هذا السؤال يؤرق الكثيرين من المخلصين في ليبيا والمخلصين لليبيا خارجها .
وهنا أقول , حماية الثورة الليبية هي في حماية الإنسان الليبي.
نعم يجب أن نحمي الإنسان الليبي , حمايته يجب أن تكون من خلال حماية حريته بالقوانين القوية التي تمنع وتجرم أي مساس بحرية الإنسان , فهي حق أصيل من حقوقه
يجب حماية كرامة الإنسان من ان يتطاول عليها مسئول أو صاحب قرار , حتى ولو كان الفرد مجرما , فلا يجب أن تهان كرامته , لأنه في اللحظة التي نسمح بإهانة كرامة أي إنسان , هو ذات الوقت الذي نهدم فيه كرامة الأمة , فلا كرامة لأمة لا يكرم الإنسان فيها .
إذن كما أسلفت للمحافظة على أهداف الثورة وروحها يجب أن نحافظ على حرية الإنسان وكرامته ..
وهذا يتأتى كما قلت بقوانين قوية صارمة تجرم أي مساس بحرية وكرامة أي مواطن .
ولكن يعود سؤال آخر يتطرق للذهن , كيف نتأكد أن هذه القوانين مهما كانت صرامتها سوف تأخذ طريقها للتنفيذ ؟
وجواب ذلك , ليس بعمل الجواسيس والمخبرين , فهولاء لم يبنوا بلدا أبدا , وسيكونون أول معول يهد كرامة وحرية الإنسان .
الحل الوحيد لمنع الاعتداء على حرية البشر , ومنع إهدار كرامتهم , هو بالإعلام ,
نعم بالأعلام الحر نستطيع أن نفضح أي تجاوز على حرية الإنسان وكرامته , وليس ذلك فقط , بل يعمل الإعلام على منع استشراء الفساد والرشوة والمحسوبية.
هذا ما يحدث في كل دول العالم المتقدم , فالإعلام لا يمنع حدوث الاختراقات , ولكنه يفضحها ويمنع تمددها وتغولها , ومن هنا كانت حرية الصحفي حرية مقدسة في دول العالم المتقدم.
إذن يجب على ليبيا الآن أن تعمل على بناء أعلام حر , حر إلى أقصى حدود الحرية , لا توضع عليه قيود من أي نوع , ولا رقابه من أي نوع , وندع للشارع اختيار الصحيفة أو القناة , وستموت الصحيفة التي لا يريدها الشعب وتقفل القناة التي لا يشاهدها الناس , ولكن لا يمكن أن نترك للحكومة أن تراقب الإعلام , لأن الأعلام هو من يجب أن يراقب الحكومة ويراقب الموظفين العامين , فكيف نسمح بأن يكون من يتم مراقبته هو الرقيب على السلطة التي تراقبه ؟
هذه هي اخطر خطوة يجب أن يصمم عليها الشعب وتعمل على تحقيقها حكومة ليبيا الحرة , الحرية للناس والحرية للأعلام.
وتأكدوا , حينها ستتطور ليبيا , علميا وحضاريا وعمليا وتقنيا , لأن الكل أصبح يراقب ويكشف المقصر.
لندعو الله أن يكون إعلام ليبيا الثورة إعلاما حرا , إعلاما غير مقيد بقيود مهما كان نوعها.
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان
نشر في صحيفة ركاز الليبية الورقية
http://salehalsulaiman.tk