أسئلة إلى الجيوش العربية
لماذا ؟ فقط لماذا يتحول جزء مهم من أبناء الوطن إلى أدوات بيد السلطة السياسية في وطننا العربي , لا تتحول إلى أدوات لحماية الحدود من الخطر الخارجي كما يجب أن تكون مهمتهم , بل إلى أدوات لقمع الوطن .
ماذا يختلف الإنسان العربي المسلم عن الإنسان في أمريكا أو أوربا أو اليابان ؟ هل يعقل أن يتحول جندي أمريكي إلى أداة بيد الحاكم السياسي في أمريكا ويترك مهمته الحقيقية في حماية الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها على حدودها وخارج حدودها ’ إلى أداة قتل وسحل وتعذيب الإنسان الأمريكي ؟
لم نسمع عن هذا لا في أمريكا ولا في أي دولة راقية أخرى .
الجيش الذي تم تدريبه وتسليحه ودفع رواتبه من عرق الأمة وأموالها , يتحول إلى يد باطشة بيد من يسرق مقدرات هذه الأمة ؟ هل يعلم أي فرد من الجيوش العربية التي تعمل تحت قيادة تسرق وتقتل وتكتم الحريات إن مخصصاتها تأكل ما يزيد عن ربع دخل الأمة ؟
ربع دخل الأمة يذهب لهم , وهم لا يشكرون من يدفع لهم , بل يشكرون ويسبحون بحمد من يسرق أمتهم .
حاولت كثيرا وضع نفسي مكان ذلك الجندي الذي يقف صباحا ليحيي علم الدولة ويهتف بالولاء لها , وبعد لحظات يخرج في مهمة داخل حدود نفس البلد التي حيا علمها واقسم الولاء لها , يقتل أبنائها وييتم أطفالها ويثكل نسائها .
كم غضبنا لأحداث معسكر أبو غريب في العراق أو معسكرات الخزي في جوانتنامو , ولكن أليست هذه المعسكرات والمعتقلات تقبل عقليا إذا علمنا أن الكثير من أوطاننا ما هي إلا معتقل جوانتنامو كبير ؟
معسكرات اعتقال كبيرة بحجم الوطن يحرسها جيش من أبناء الآمة . ويتجسس على الوطن أبناء آخرون .
أي طاغية في العالم لا يمكن أن يعمل منفردا , بل يجب أن يكون تحت إمرته عدد من العبيد والمرتزقة , يأتمرون بأمره ويحققون له رغباته , يعتقلون من يخالفه , ويقتلون من يقوم ضده , يكتمون صوت من يخرج عليه . ولكن المضحك المبكي كون هذه الأيدي الباطشة هي من أبناء نفس الوطن ونفس البلد ونفس الوطن .
كلما رأيت جندي يطلق النار على مواطن , او يعذب مواطنة , أسأل نفسي , أليس هؤلاء الاثنان أقارب وأهل وأصهار لبعضهما ؟ ألا يفكر هذا الجندي أن ابنه أو أخاه قد يكون على الطرف الآخر ؟
لمصلحة من يطلق هذا الجندي الرصاص ؟ وبماذا يفكر وهو يطلقه ؟
لماذا تكون العقيدة العسكرية للجندي الأمريكي أو البريطاني أو الياباني اقرب للإسلام من عقيدة الجندي المسلم ؟
لماذا الجندي العربي يقاتل المواطن العربي ؟
لماذا الجندي المسلم يقاتل المواطن المسلم ؟
لماذا يكون الجيش العربي بيد المتسلط العربي ليقمع المواطن العربي؟
لماذا يضع الجيش العربي نفسه مكان الحلول السياسية التي يصعب على المتسلط العربي اتخاذها ؟
أسئلة كثيرة , ولكن لا أجوبه .
لأننا نخجل من الجواب ,
يتشدق قادة جيوشنا وضباطها بأنهم يحمون الوطن من فتنة , ومن مؤامرة خارجية , ولكن هل يصدقون هذا ؟
هل حماية الوطن من فتنة تكون بقتل المواطنين ؟
هل حماية الوطن من مؤامرة خارجية تكون بقصف أبناءه ؟
الم تكفي المتسلطين العرين عشرات السنين لكي يحصنوا الوطن من الفتنة والمؤامرة ؟
إن لم يكونوا قد فعلوا , فهذا خطئهم , فيجب أن يزالوا .
يجب أن تتغير العقيدة العسكرية في جيوشنا , وتتغير تغييرا جذريا , وأي تدخل للجيش في الحدث السياسي والواقع الداخلي للدولة يعتبر خيانة عظمى , فهذه ليست مهمتهم . وليست شأن من شئونهم .
يجب على العسكر أن يكونوا على الحدود , فقط على الحدود .
وهذا ينطبق أيضا على الشرطة والأمن , فواجبهم امن المواطن والوطن وليس امن الحاكم .
يجب إلغاء وجود السلاح في المشهد السياسي , يجب إلغاء وجود المعتقلات السياسية , يجب إلغاء التعذيب والضغط في أي شأن سياسي أو فكري .
يجب أن توظف هذه فقط للأمن الداخلي والخارجي للمواطن . ولا تتدخل في الأمور السياسية , فالسياسة والرأي حق لكل مواطن .
من حقي أن أقول ما أظنه صوابا , وانتقد ما أظنه خطأ , بدون أن أخشى من السجن والاعتقال والقتل والتعذيب .
هذا حق من حقوق كل مواطن في أي وطن , فلماذا يحصل عليه اليهودي والنصراني والبوذي والهندوكي ويحرمني إياه حاكمي المسلم ؟
لماذا ينال هذا الحق كل الناس من كل الملل ويحرم منه العربي المسلم؟ هذه أسئلة إلى جيوش العرب , أتمنى أن يفكروا بها
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان