صندوق الإيداع والتنمية CDD الغول الذي سيبتلع كل المؤسسات والمشاريع العمومية
بعد أن ابتلع صندوق الإيداع والتنمية، “مشروع القرض الزراعي”، من المنتظر أن تمتد يده لاحقا، إلى العديد من المؤسسات العمومية : وكالة النفاذ الشامل، وكالة تنمية كهربة الريف، وكالة الماء الشروب، وكالة تشغيل الشباب، مشروع ترقية الحجارة…ولائحة ضحايا هذا الغول، ستطول وتطول.
فعندما تم الإعلان عن إنشاء هذا الصندوق، ظن الكثيرون أنه سيكون عبارة عن بنك للتنمية، خاصة وان موريتانيا تفتقد كثيرا لمثل هذه النوعية من البنوك، بعد تجربة “إتحاد بنوك التنمية” UBD الفاشلة.
إلا أن تعيين المدير العام للصندوق بمرسوم رئاسي، ومنحه نفس الامتيازات الوظيفية التي يتمتع بها محافظ البنك المركزي، وكون جهة الوصاية على الصندوق هي رئاسة الجمهورية، كلها أمور تؤكد أن الأمر لا يتعلق بمجرد مؤسسة مالية تعنى بالتنمية، بل يتجاوز ذلك بكثير.
لقد ظلت المؤسسات والمشاريع العمومية، التي تم إنشاؤها في العهود السابقة، الشغل الشاغل لولد عبد العزيز دائما، حيث أتهمها الرجل وفي أكثر من مناسبة بأنها أوكار يعشش فيها الفساد.
ولأن إغلاق تلك المؤسسات، لم بكن ممكنا، إذ سينجر عنه تسريح مئات العمال، وهو أمر لا قبل للنظام به، تم البحث عن طريقة تسمح بالمحافظة على تلك المشاريع والمؤسسات، وفي نفس الوقت تجعلها تحت الرقابة الدائمة للقصر الرئاسي.
وهكذا تم إنشاء هيئة جديدة وبتسمية فضفاضة، “صندوق الإيداع والتنمية”، لتتولى مهمة ابتلاع تلك المؤسسات الواحدة تلو الأخرى، ووضعها تحت مجهر القصر الرئاسي، الذي يبدو أن “ساكنه” من أكبر دعاة المركزية.
وقد دخلت هذه العملية حيز التنفيذ، الأسبوع الماضي، ببيان مشترك قدمه وزيرا المالية والتنمية الريفية، في مجلس الوزراء، يتعلق بإنشاء هيئة داخل صندوق الإيداع والتنمية، مختصة في تمويل القطاع الريفي، مما يعني ابتلاع القرض الزراعي والقرض الحيواني، وقد لا تكون وكالة تنمية كهربة الريف ADER.، بأحسن حظا منهما
وقبل ذلك قام الصندوق بإنشاء مكونة داخله، تعنى بدعم التشغيل، في ما اعتبر بداية لعملية سحب البساط، من تحت أقدام الوكالة الوطنية للتشغيل.
ولا يستبعد أن يقوم الصندوق، في الفترة القادمة، باستحداث هيئة للخدمات القاعدية، تعنى بالماء والكهرباء والتقنيات الجديدة للإعلام والاتصال، فيبتلع بذلك وكالة النفاذ الشامل، والوكالة الوطنية للماء الشروب والصرف الصحي دفعة واحدة.
ثم تظهر هيئة تعنى بالسكن الاجتماعي فينتهي أمر مؤسسة “إسكان”، وأخرى لترقية الحجارة المصنعة فيختفي مشروع الحجارة المصنعة، وهكذا دوليك، ليتحول الصندوق حديث النشأة في النهاية، إلى “مغارة عالي بابا”، ويصبح أكبر إمبراطورية مالية حكومية، عرفها البلد في تاريخه.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سينجح صندوق الإيداع والتنمية في الحرب على كل هذه الجبهات؟، وهل ستنتصر المركزية، في زمن تنزع فيه جميع حكومات العالم، إلى اللامركزية، باعتبارها أفضل وسيلة، لتسيير البلاد والاستجابة لاحتياجات العباد؟.
لننتظر ونرى
آراء حرة