الشيطان الكامن في التفاصيل..!!
كان بودي أن أتحاشى – بطريقة النقد والتمحيص – اي فعل أو قول أو حدث يحدث على وقع إصابة رئيس الجمهورية في حادث إطلاق النار الذي بدأ منذ أيام يتحول إلى فضاء واسع رحب صنعته أولا هشاشة المنطلق الأمني وثانيا عوامل الإثارة التي أتاح من خلالها هذا الحادث لكل الكائنات وخصوصا الطفولية والتي تتغذى على الشائعة وتصنعها ومنها “الشيطان” الذي من المعروف أنه يكمن في التفاصيل، فرصة السباحة على الظهر وبالطرق البهلوانية، وعكس التيار.. متحدية كل منطق وواقع في حياة الناس وخصوصا في مجتمع كمجتمعنا يتقبل الأمر على علاته، ويسلم للاقدار ولا يتجار بمآسي الناس، ويتعدى طلل الحادث ليقفز على الاستغلال القاصر إلى أفق المستقبل والتطلع لتجاوز كل معضلة إلى حل وتوافق وتصالح دون الركون لمكامن الخلل والإطلاع من وراء الحجرات بدون استئناس ولا استئذان!!..
لئن كان من الغرابة بمكان محاولة استغلال هذه الحادثة من طرف المناوئين فإن الأغرب لعمري هو تعامل أجهزة الدولية الامنية والعسكرية معها ومحاولتها الميؤوس منها في إجبار المشاهد والقارئ على تقبل الرواية والبرهنة على صدقها، في عصر “الإشاعة” و”الفيس بوك” وسياسة التدجين الإعلامي وفبركة الاحداث.. فليس من الموفق ابدا أن تحاول الدولة بمؤسساتها – بطريقة تجعل منها الطرف المفقود في إدارة هذه اللعبة – لعب دور المكمل لرواية صنع منها الإعلام حالة غامضة لتثبت فرضية الاختلاف والصراع على إثبات حدوث “خطأ” من غيره.
إن على السلطات التعامل مع حساسياتها وإدارتها بطريقة السلطة لا بطريقة السياسة، فلو ظل الساسة وحدهم من يلعب اللعبة ويختار الدور، مع أو ضد، مصدق أو غير مصدق، فحينئذ يمكن لنا بالفطرة وبدون تكلف نحن الشعب البسيط والعامي – بصفتنا العنصر الوحيد الثابت وجودها في اللعبة وهو المتلقي – أن نحدد مكاننا ونقبل الأمر على طريقتنا في التعامل مع الصراعات السياسية ونستطيع حينها – في كلا الحالتين – أن نحافظ على كمية الاهتمام الزائد الذين نتناول به القصص الرسمية والسياسية ونستمسك بصدق رواية الرئيس عن نفسه من مطلق أن “المرء فقيه في نفسه…” وأن نواجه تشكيك الآخرين بالقول “إل أحن من الأم كهان…” باللهجة العامية..
من مخاطر الدور الذي أريد للعسكر لعبه، أو أراد بعضهم لعبه أن الرواية الرسمية كانت مشكك فيها وأصبحت مشكوك فيها.. فعندما استضافت التلفزة الضابط وبدأت التفاصيل تسطر على قرص الإعلام المدمج وظهر على الأقل للناس الأقل مبالاة والأضعف إدراكا أنه لا زال هناك – بالنسبة للطرف الذي لعتب السلطة دوره ما يجب العمل على تصويغه للناس – مما يثبت أن المناوئين ربما صدقوا. فمن لم يصدق حديث الرئيس عن نفسه من المستبعد أن يصدق حديث ضابط صغير..!!
هكذا ومثلما هو الحال دائما يكمن الشيطان في التفاصيل ويلعب الدور الأهم وهو دفع العقلاء إلى العمل بالعواطف ويستخف البعض بهواجس العواقب فيقدم على المشاركة بطريقة غير موفقة في صنع الشك..!!
لذلك لم ألمس وأنا أسمع أحاديث الناس من عمق الشعب أكثر من الشكوك التي جاءت كمدد في حينه لجيش التشكيك، فماذا بعد التفاصيل هل هناك شيء لم يقل أم أن شيئا لم يقل لحد الساعة؟.. هكذا كانت نتائج مقابلة الضابط مع التلفزة – حسب رأيي المتواضع – فلماذا لا يشكك المشككون في الغرض منها، أم أن المشككون ومثير الشك اتفقوا من حينهم على أمر قد قدر.. ولله الأمر من قبل ومن بعد..
بقلم: سيدي ولد محمد فال