باحث موريتاني يحاضر بمعرض الشارقة الدولي للكتاب
ضمن النشاطات الثقافية المواكبة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحادية والثلاثين؛ ألقى الباحث والشاعر الموريتاني محمد الأمين بن محمد المختار مساء أمس الجمعة في المقهى الثقافي بالمعرض، محاضرةً بعنوان “اللغة العربية هوية وطن”، وكان في تقديمه الناقد المصري عبد الفتاح صبري، بحضور جمهرة من المهتمين وزوار المعرض.
استفتح المحاضر بأبيات للشيخ محمد الخضر حسين، يصف بها حال العربية في النصف الأول من القرن الماضي، يقول فيها:
عَذيري مِنْ زَمانٍ ظَلَّ يَجْنـي *** عَلى الْفُصْحى لِيُرْهِقَها فَسادا
حَثا في رَوْضِها الزَّاهي قَتاماً *** وَأَنْبَتَ بَيْنَ أَزْهُــــــرِها قَتادا
وَلَوْلا أَنَّ هذا الذِّكـــــــرَ يُتْلى *** لَرَدَّ بَياضَ غُرَّتِها سَــــــوادا
ثم انتقل إلى الحديث عن مكانة اللغة العربية، بوصفها لسان أفضل الكتب المنزلة القرآن الكريم ولسان الأمة الإسلامية جمعاء، بما يجعلها عابرة للعرقيات والعصبيات، وموحِّدةً للأمة الإسلامية على تنوع ثقافاتها وتباعد أقطارها، ومستشهدا بقول الإمام الشافعي: «فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده، حتى يشهد به أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، ويتلو به كتاب الله، وينطق بالذكر فيما افترض عليه من التكبير، وأُمر به من التسبيح والتشهد وغير ذلك، وما ازداد من العلم باللسان الذي جعله الله لسان من خَتمَ به نبوته، وأنزل به آخر كتبه كان خيراً له…».
كما تطرق إلى موقع اللغة العربية في حفظ هوية الأمة، معتبراً أن اللغة هي أخص خصائص الهوية لجميع الأمم، ولذلك نجد الدول التي تحترم نفسها معنيةً تمام العناية بحراسة لغاتها القومية في عصر العولمة وتداخل الثقافات؛ ففي فرنسا مثلاً تقرر تشديد إجراءات الحصول على الجنسية الفرنسية، حيث صار يشترط على طالبها أن يكون ملمّاً باللغة الفرنسية بشكل يسمح له بتدبير حياته اليومية في فرنسا، كما يجب أن يقدم وثائق تثبت ذلك. وفي ألمانيا وفي إنجلترة تؤكد قوانين التجنيس نفس تلك المعاني.
وأفاض المحاضر في الحديث عن معنى الهوية العربية، التي رأى أنها تعود إلى “مكارم الأخلاق” العربية التي جاء النبي صلى الله عليه وسلم ليتممها، ولكي نعيد إليها الاعتبار فلا بد من إعادة الاعتبار للشعر العربي “ديوان العرب”، وتضمينه في مناهج التعليم، بالقدر الذي يمنح الطلاب جرعات كافية من “الهوية العربية” المبثوثة في ذلك الشعر الأثيل.
وختم المحاضر بتقديم نماذج مختارة من الشعر العربي، تحمل خصائص الهوية العربية، من قبيل الشجاعة والإباء والإقدام، قبل أن يفتح المجال لمناقشات الجمهور.