مَنْ رفع الحظر عن موريتانيا ؟.. ومن يجني الثمار ؟

اليوم وبعد الإعلان الرسمي عن رفع الحظر الأوروبي على الطيران المدني الموريتاني (شطب موريتانيا من اللائحة السوداء للاتحاد الأوروبي)، أود أن أنبه صناع القرار والرأي العام إلى صعوبة المحافظة على هذا الوضع الجديد والنفيس.

تلك المحافظة التي لا تتأتى دون معرفة حقيقة العناصر المتظافرة لتحقيقه، والعوامل المؤثرة في تمكينه واستمراريته، وبغض النظر عن العمل المضني والشاق (والذي استمر لأكثر من 700 يوم في مكاتب وأروقة الوكالة الوطنية للطيران المدني، تلك الفرق الوطنية التي وصلت الليل بالنهار في معركة متعددة الجبهات، متجردة من جميع إلتزاماتها الأسرية والصحية بل وحتى حاجاتها الإنسانية)، فإن المعركة القادمة هي التحدي الأكثر حسما في الصراع المستمر لتلبية الحاجة الملحة للأمن والسلامة في مجال الطيران المدني و الكامنة وراء أهلية وأداء مهندسي ومفتشي الوكالة الوطنية للطيران المدني وإدارة كل ذلك.

وأود في هذا السياق التذكير ببعض النقاط التي كنت قد عرضتها في مقال سابق والتي أعتبرها الركن المكين الذي تنبغي المحافظة عليه وتنميته لبلوغ الأهداف المنشودة.

  • التدقيق الأخير لمنظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو)

في اختتام التدقيق الذي قامت به المنظمة العالمية للطيران المدني (الإيكاو) للوكالة الوطنية للطيران المدني مؤخرا، احتلت موريتانيا المرتبة الأولى في مجموعة دول (آسكنا) والمرتبة السابعة في إفريقيا من حيث أمن وسلامة الطيران المدني، متجاوزة بذلك المتطلبات القياسية اللازمة من المطابقة مع النظم والمعايير الدولية، مما يحقق الشروط المطلوبة لرفع الحظر الأوروبي الذي فرض على الطيران الموريتاني.

حققت الوكالة الوطنية للطيران المدني في هذا التدقيق نسبة نجاح تجاوزت 72 في المائة، مع العلم أن فريق المدققين ضم ممثلين أوربيين وأنه هو ذات الفريق الذي قام مؤخرا بالتدقيق لدولة فرنسا. هذا الفريق ضم أيضا بين عناصره ثلاثة مدققين من الفريق الذي أجرى التدقيق لموريتانيا سنة 2008 .

عندما أعلنت الوكالة الوطنية للطيران المدني قبل 700 يوما هدفها بتحقيق المرتبة السابعة إفريقيا في مجال أمن وسلامة الطيران المدني، اعتبر ذلك دربا من الخيال الواهم والمغرر للرأي العام حسبما تناولته وسائل الإعلام، لأن هذه المرتبة تحتلها الشقيقة المغربية، ومن بعدها دول أخرى ذات إمكانيات هائلة ماديا وبشريا مسخرة للمحافظة على ذلك الترتيب الذي تحتل موريتانيا فيه موقع الكعب، ناهيك عن النتيجة المزرية والمشينة 13 بالمائة فقط من المطابقة للمعايير الدولية للأمن والسلامة، 13 بالمائة هي النتيجة التي حصلت عليها موريتانيا في تدقيق المنظمة العالمية للطيران المدني في سنة 2008 .

ترى كيف استطاعت موريتانيا رفع هذه التحديات في فترة وجيز جدا؟ وكيف استطاعت تبوأ هذه المكانة المرموقة إقليميا وعالميا؟ بل كيف تم كل ذلك؟

الجواب على تلك الأسئلة يكمن في خلق الأهداف والقدرة على تحريك العاملين نحوها، ويتطلب الأمر الكفاءات، والقدرات، والمهارات، وفهم الدوافع، وتطبيق النماذج، و إبراز القدوة، والقناعات، والاهتمامات، والتغيير، والوجهة، والتحفيز، والتدريب، و التدخل عند العجز، والتمكين، والثقة في العاملين، والبيئة المحفزة للعمل، والحرية، والمرونة، والفضول، والتخصص، والأخلاق، والإرادة، والإدارة، والفكر القوي، والرأي الراجح، والقوة الجسمية، والتركيز على نقاط القوة، والبحث عن المساعدة في نقاط الضعف.

بعبارة أخرى تطلب الأمر قدرات قيادية عالية ذات معارف وعلاقات واسعة ونظرة مستقبلية بعيدة، تتجاوز مداءات الإدارة المحدودة والضيقة، ذكية، متوازنة، شجاعة ومبادرة، ذات مصداقية وكفاءة وإلهام.

وهذا بالفعل هو ما أحدث الفرق الكبير بين وضعية مزرية بالأمس ونصر كبير مبين اليوم، فقد بادرت الوكالة الوطنية للطيران المدني باكتتاب المختصين في مجال الطيران المدني واستجلاب الخبراء والمدربين وإرسال البعثات والمتدربين في مختلف المجالات، قامت كذلك بالمشاركة في المنتديات والمؤتمرات واللقاءات الإقليمية والدولية، تابعت أيضا وحللت النجاحات والإخفاقات الإقليمية والدولية في مجال الطيران المدني، استقرأت واستخدمت النماذج والتجارب الأخرى، تابعت وحضرت التدقيقات التي جرت خلال السنتين الماضيتين لبعض الدول ودرست واستنتجت.

استطاعت تحقيق كل ذلك النجاح الباهر من خلال تلك القيم الواضحة والتي جسدت في شكل القدوة، مما ساعد على وضوح الرؤية وإلهام تلك الرؤية المشتركة، وتخيل المستقبل وإشراك الطاقم في الرؤية، وتحدي الواقع والبحث عن الفرصة، وتنمية التعاون، وإعطاء الصلاحيات، والتشجيع، ومكافأة الإنجازات الفردية، والاحتفال بالإنجازات الجماعية، وعدم المعاقبة على الخطأ، والمعاقبة على تكرار الخطأ.

  • رسالة منظمة الطيران المدني الدولي (ايكاو) إلى مورتانيا بعد التدقيق

منظمة الطيران المدني الدولي (ايكاو)
Ref. :AN 19/42.126 confidential-SMM46454
الأمين العام

السيد ابوبكر الصديق ولد محمد الحسن

المدير العام

الوكالة الوطنية للطيران المدني

وزارة التجهيز والنقل

ص.ب 91

نواكشوط – موريتانيا

عزيزي ولد محمد الحسن،

أود الإشارة إلى الجهود التي بذلتها موريتانيا لحل أوجه القصور في مراقبة السلامة، والتي تم تحديدها أثناء القيام بالتدقيق في ابريل نيسان 2008 ضمن برنامج (منظمة الطيران المدني الدولي) العالمي للتدقيق حول مراقبة السلامة الجوية USOAP، نظام النهج الشامل CSA .

وقد أظهرت موريتانيا إجراءات حاسمة وفعالة لإحداث تغييرات إيجابية في مجال الطيران في نظام مراقبة السلامة الجوية بالتطابق مع الأحكام الواردة في مرفقات اتفاقية شيكاغو للطيران المدني والإجراءات المرتبطة بها، موريتانيا كذلك حافظت على التواصل المستمر والفعال مع منظمة الطيران المدني الدولي عبر برنامج (USOAP) والمتابعة المستمرة (CMA) من خلال التحديث المنتظم لخطة العمل التصحيحية (CAP) على نظام الإبلاغ والتحليل المتكامل المندمج لاتجاه السلامة لمنظمة الطيران المدني الدولي (iSTARS) ، كما أفادت التقارير بأن الدولة نفذت بالكامل الإجراءات التصحيحية الكبيرة المقترحة في (CAP) ، بما في ذلك تعديل التشريعات والأنظمة الفنية للطيران المدني، وإعادة هيكلة الوكالة الوطنية للطيران المدني في موريتانيا، والتحديثات المتعلقة بعمليات إصدار الشهادات، والمراقبة المستمرة للمشغلين الجويين، بما في ذلك الموافقة الفعالة لخفض الفصل الرأسي في الحدود الدنيا العمودية(RVSM) ، ومعايرة معدات الطائرات.

للتحقق من صحة التقدم الذي حققت موريتانيا في التغلب على النقص في مراقبة السلامة الجوية، أرسلت منظمة الطيران المدني الدولي بعثتين للتحقق والتدقيق(ICVMs)، في ابريل وسبتمبر من 2012على التوالي. بعد التدقيق ICVM الأول تم تخفيض النقص(LEI) من 67 في المائة إلى 42 في المائة، والنتائج الأولية المستمدة من التدقيق ICVM الثاني تعكس LEIانخفاضا كبيرا في مقدار النقض في مراقبة السلامة الجوية، تقريبا 30 في المائة فقط. التقدم المحرز في المجالات التقنية لعمليات الطائرات (تم تحديث LEI النقص من 60 إلى 23 في المائة) وصلاحية الطائرات للطيران (تحديث LEIالنقص من 52 إلى 20 في المائة) وهذا النتائج تستحق الإشادة الثناء. النتائج الأولية تظهر أيضا تحسنا كبيرا في مجال خدمات الملاحة الجوية (تحديث LEIالنقص من 87 إلى 37 في المائة).

في ضوء ما تقدم، أود أن أغتنم هذه الفرصة لأعبر عن شكر و تقدير منظمة الطيران المدني الدولي لموريتانيا على الالتزام القوي والإجراءات الفعالة المتخذة لمعالجة أوجه القصور الرقابي في نظام سلامة الطيران. نثمن أيضا بلوغ موريتانيا وتحقيقها لمستوى عال من التنفيذ الفعال للقواعد والمعايير ذات الصلة الموصى بها من طرف منظمة الطيران المدني الدولي وكذلك الإجراءات المرتبطة بها، موريتانيا تساهم إلى أبعد الحدود مساهمة كبيرة في تعزيز سلامة الطيران.

تفضلوا بقبول فائق الاحترام

ريمون بنجامين
النص الأصلي باللغة الانكليزية

  • الآفاق المستقبلية

من البديهي أن المحافظة على هذا الجهد العظيم والكبير والذي حقق نتائج ملموسة على أرض الواقع، لم يحدث بالصدفة وإنما تم بناء على مجموعة من العناصر المتضافرة والتي كان العنصر البشري أكثرها فاعلية وحسما (اكتتبت الوكالة الوطنية للطيران المدني 45 منهدسا في مختلف ميادين الطيران، وقامت بتكوينهم وتدريبهم ودمجهم في الوسط المهني)، ثم حسن التخطيط والتدبير، ورصد الإمكانيات اللازمة لذلك، ووضع الأهداف وبلوغها.

ان حزام الأمان لهذا الإنجاز النفيس هو تلك الخطة التي وضعتها الوكالة لبلوغ هدف جديد هو ( 15% LEI ) والتي أطلقتها مباشرة باستراتيجيه واضحة المعالم والرؤى، بعد تحقيق -بل وتجاوز- الأهداف السابقة.

Batta122000@yahoo.fr
محمد ولد أبات ولد الشيخ

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى