“العراويون “
لعل مصطلح “العراويون ” أكثر ما يصدق على هؤلاء “النفعيين” الذين يلمزون المطوعين لحملة التضامن مع غزة والذين لا يرون أبعد من منافعهم الذاتية في تحصيلهم وجمعهم للمال فهم بذلك يشقون لجمع المال ويجمعون الأموال كي يبددوها في ملذاتهم وشهواتهم على راي المثل الشعبي الذي يشبه هؤلاء بالخنزير البري المعروف ب”عر” الذي –كما تقول الاسطورة الشعبية -يقتلع نبتة “تارا” كي يقوي أوداج رقبته ويقوي اوداج رقبته كي يقتلع بها هذه النبته “تار” وذلك في عمل سيزيفي يشبه إلى حد كبير من لا يرى للسائل والمحروم حقا في ما رزقه الله من مال، أو يبدد أمواله في ملذاته وأهوائه.
مناشبة هذا الحديث ما يروج له بعض هؤلاء “العراويين ” على هامش حملة التبرع لسكان غزة من أن قافلة الرباط التي انطلقت قبل يوم بمشاركة رموز من مختلف هيئات المجتمع المدني أن القافلة المذكور عملت على رفع سعر صرف الدولار في سوق الصرف بنواكشوط لتقلص بذلك المعروض للبيع من الدولار بسبب الطلب المتزايد..
ويذهب بعضهم للقول إن فقراء موريتانيا أولى بالتبرع وأكثر خصاصة من غيرهم لكن ما غاب عن هؤلاء أن التبرع لغزة لا يمكن بحال أن يكون بديلا أو مانعا عن المشاركة في مواسم الخير ولا أعمال البر الأخرى من حمل للكل وإغاثة للملهوف وإعانة على نوائب الدهر والتي يظل موسمها مفتوحا طوال العام ولها هيئاتها ومنظماتها بل إن الحسنة تجذب أختها كما يقال ومن بركة الحسنة أن يوفق المرء في أن يتبعها بمثلها و”أحب الاعمال إلى الله أدومها ولو قل ”
فلماذا تكون حملة غزة لدى البعض باعثا على الخير وحافزا للمبادرة والمشاركة في أعمال البر ولدى أخرين فتنة وعقبة كأداء عن البذل والانفاق وهلا اقتحم هؤلاء العقبة حتى يظفروا بالأجر والثواب وحتى يعطوا من انفسهم المثل كما هو حال المئات بل الآلا ف من أبناء هذا الشعب والذين توافدوا على مقر الرباط وانفقوا مما آتاهم الله “لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا” والذين كان أحدهم ينفق ما معه وهو أشد ثقة في ما عند الله “فما عندكم ينفد وما عند الله باق”
لا شك ان سلوك هؤلاء المشككين واشياعهم والذين يكاد الطمع ان يفضح ما في قلوبهم أقرب إلى لمز المنافقين وحزبهم في الصدقات التي تقدم بها بعض من فقراء المسلمين عندما هبوا لتلبية داعي الجهاد والبذل في غزوة “العسرة” فكان سلوكهم المعوج كإيمانهم قرآنا يتلى إلى يوم الدين ” الذين يلمزون المتطوعين من المؤمنين والذين لا يجدون إلا جهدهم …الأيات ، فلطالما حرك الطمع والجزع خبايا القلوب وخطرات الأنفس وما أصدق قول الفاروق عمر رضي الله عنه “جربوهم بالدرهم والدينار ” ليس على مستوى الأمانة فحسب بل أيضا البذل والانفاق.
إنه امتحان صعب وشاق على من في قلبه مرض الشح والبخل لكن من شرح الله صدره للإيمان فإن المال في نظره ليس سوى وسيلة لنيل رضوان الله وابتغاء الأجر والمثوبة..وليس هدفا في حد ذاته.
أعود إلى مصطلح “العراويين ” لأقول إن الأولى بهؤلاء الحزم والتشمير وليس القعود والتقاعس في مجال البذل-على الأقل حتى يصدق عليهم المثل الشعبي الآخر الذي يجعل من “عر” أو الخنزير البري مضرب المثل في الحيطة والحذر فلا يمكن ان يلج جحره إلا وهو يسير القهقرى مخافة أن يكون بداخل الجحر ما لا يقدر على صده أو للاستعداد لأي هجوم قد يأتي من الخارج لذا قالوا “أحزم من عر” ولا شك ان من الحزم والكياسة بذل المال في وجوه الخير لكسب المحمدة في الدنيا والأجر والثواب في الأخرى .أو ومن أجل التعرض لنفحات دعاء الملائكة عندما يرددوا ” اللهم اعط منفقا خلفا ” أما ان يرتضوا لأنفسهم المثل الآخر ويختاروا معسكر البخل والشح واللمز والمشاكسة فإن الانسب في وصفوهم هو “العراويون ” نسبة للحيوان المعروف.
أما أهل التضحية والانفاق والبذل ومن هبوا لنجدة الأشقاء في غزة فهم “الغزاويون ” نسبة إلى غزة الصمود والكرامة والعزة.
—
الخليل ولدخيري
2401921 2-6181960
kalile24@gmail.com002223