نحن نريد وزيرا …..
إن حديث الساعة اليوم بين الأطباء الموريتانيين هو عن عزم وزارة الصحة استجلاب أطباء من الخارج وكأن مشاكل الصحة اليوم في بلدنا هي المصادر البشرية.!!!
إلا أن الجميع يعلم أن قطاع الصحة اليوم يشهد فوضى وفسادا و ركودا لم يسبق له مثيل في تاريخ الدولة الموريتانية رغم ما أعطي القطاع من اهتمام وما بُذل من مجهودات جبارة في السنوات الثلاثة الاخيرة من اقتناء أحدث الأجهزة والمعدات إلى بناء وترميم المستشفيات المتخصصة في العاصمة و في داخل البلد, و كذلك محاولات تنظيم الصيدليات و مراقبة دخول الأدوية و مضاعفة ميزانيات التسيير للمؤسسات الصحية …..إلا أن الواقع اليوم شيء آخر و القطاع منهار تماما وإليكم أمثلة واقعية ومُعاشه وملموسة على ذلك الانهيار:
• تم قطع الاتصال و التنسيق بين المستشفيات والوزارة وأصبحت المستشفيات تحت رحمة المديرين مما تسبب في تدني الخدمات والنظام في الكثير منها ، و كذلك عزوف الأطباء و المرضى عنها,، فمثلا عند ما تزور مستشفى الأمومة و الطفولة تجد أن مئات الإستشارات المسجلة هناك قامت بها القابلات والممرضون وهذه هي قمة إهمال الأمومة و الطفولة و التلاعب بها في مستشفى متخصص ومليئ بالأخصائيين.
• تم كذلك إهمال مراقبة وتفتيش جميع المراكز الصحية مما أدى إلى نفاد رأس مال جميع صيدليات هذه المراكز و انتهاء صلاحية الأدوية الموجودة بها وتعطل الكثير من المبردات و فساد مواد التلقيح الموجودة بها مما تسبب بكثير من المشاكل للمواطنين .
• سوء إدارة المصادر البشرية من طرف الوزير, حيث أدخل إلى أنواكشوط أغلبية الأطباء و من أغلب الولايات الداخلية (ليتمكن من إدخال أقاربه) مما جعل الأطباء الباقون في الداخل يدخلون إلى نواكشوط اقتداءَ بأقارب الوزير الشيء الذي تسبب في تعطل الخدمات الصحية في الداخل ، وتكدس الأطباء في العاصمة وخير مثال على ذلك المستشفى الجهوي بألاك حيث مدير المستشفى قريب الوزير غائب عن عمله منذ سنة و لا يأتي إلا ليستلم الميزانية حيث يتقاسمها مع المدير الجهوي وهو أيضا قريب الوزير ولا يأتي إلى مكان عمله أيضا إلا في المناسبات المماثلة.
ولذلك لا يمكن القول أن هناك نقص في المصادر البشرية ما دمنا في هذه الدوامة من الفوضى و الفساد و المحسوبية.
• شهد السوق الوطني في الفترة الأخيرة فوضى عارمة في انتشار الأدوية المزورة و ذلك بعد ما رأت عصابات التزوير تخلي وزارة الصحة عن واجبها في هذا المجال و إغفاله تماما , فأصبحوا يصولون ويجولون بدون أي رادع و قاموا بفتح عشرات محلات بيع الأدوية مما انعكس على صحة المواطن و أدى إلى ظهور الكثير من الأمراض الخطيرة والغريبة.
• أما في ما يخص استجلاب الأطباء من الخارج فالفكرة مبدئيا سليمة بل وجيدة جدا جدا و لكن يجب ان تسبق بالخطوات القانونية التالية:
• استدعاء عشرات الأطباء التابعين للوظيفة العمومية, والذين لا يقدمون أي خدمة عمومية وعملهم مقتصر على المجال الخصوصي.
• استدعاء عشرات الأطباء المحولين إلى المستشفيات في نواكشوط والداخل والذين لم يلتحقوا قط بمكان عملهم و يزاولون العمل الخصوصي تحت تغطية من الوزارة و من مديري المستشفيات المحولين إليها.
• بعد ذلك يتم إحصاء الأطباء الوطنيين و إعادة توزيعهم بطريقة عادلة وشفافة يرضى عنها الجميع لأن القانون يجب ان يكون فوق الجميع.
و أخيرًا يجب ان تعلم الوزارة أن هناك ايضا عشرات الأطباء الوطنيين الذين قدموا خدمات جبارة رغم قلة الرواتب و ضعف الإمكانيات المادية ، وقد صبروا على تلك الظروف الصعبة من أجل الوطن و المواطنين و لذلك ليس من العدل و الإنصاف و ليس مقبولا,بعد تحسن الظروف المادية للبلد ان يُستجلب طبيب اجنبي يحمل نفس الشهادة التي يحملها الطبيب الوطني ثم يكون الوطني أقل راتبا من الأجنبي.
و انطلاقا مما سبق لاشك أنك أخي القارئ تشاطرني الرأي بأننا في أمس الحاجة إلى وزيرا للصحة يسهر على صحة المواطنين و يحافظ على مكتسبات القطاع و يعمل جادا ليلا و نهارا على تنفيذ سياسة محكمة لحل هذه المشاكل العالقة و الغير قابلة للتأجيل.
الدكتور: محمد ولد أممد