حمد ولد بوعماتو: أب الفقراء
بتفاعل كبير، يتابع الرأي العام الموريتاني، ما بات يعرف بـ”ملف ولد بوعماتو” الذي يعيش أزمة بدأت تتكشف أكثر عبر فرض ضرائب تجاوزت 5 مليارات من الأوقية، على مجموعة بوعماتو، وتعمد سحب أرصدة الشركات العمومية من البنك العام لموريتانيا GBM المملوك لولد بوعماتو، واليوم يردنا خبر إحالة نائب المدير العام لهذه المجموعة إلى السجن، وربما نسمع غدا عن ختم كافة مؤسسات المجموعة بالشمع الأحمر، فمن يدري ؟! ليكون ذلك آخر مسمار يدق في نعش “مجموعة بوعماتو”، أكبر مجموعة مالية خصوصية في تاريخ البلاد.، خاصة بعد اقتياد مدير هذه المجموعة إلى السجن المدني.
وهنا وباسمي شخصيا، وباسم كل الغيورين على وطنهم، والممتنين لرجل الأعمال: محمد ولد بوعماتو، فإني أطالب، فخامة الرئيس السيد: محمد ولد عبر العزيز بوقف مثل هذه الإجراءات التي سيتضرر منها الجميع باستثناء رجل الأعمال نفسه، وهنا أورد بعض الأمثلة ممن سيتضررون بشكل مباشر وغير مباشر:
ـ رواد مستشفى العيون من الفقراء وذوي الدخل المحدود الذين يوفر لهم هذا المرفق الصحي، منذ 10 سنوات، كل الخدمات التي لم تستطع الدولة توفيرها لهم من: استشارات وفحوص وأدوية ونظارات طبية وحتى عمليات جراحية كانت ستكلفهم مالا قبل لهم به، ويكفينا أن نقرأ الإحصاءات التالية عن شهر يناير 2013 فقط، من السنة الجارية، لنعرف كيف أن هذا المستشفى ينوء بما لم تستطعه المستشفيات العمومية: فقد قدم 3054 استشارة، و 176 عملية تخدير، فحوص مخبرية 57، توزيع 1048 نظارة طبية، 396 عملية جراحية مختلفة، و 2030 من مختلف الفحوص.
ـ المساعدات الاجتماعية للفقراء والمحتاجين الذين تراهم يحيطون به حيث ما حل ويترصدونه حيثما كان. حتى أولئك الذين لا يسألون الناس إلحافا تجده يبعث لهم ما يسد احتياجاتهم مهما كانت، فمثلا قام بإهداء سيارة رباعية الدفع إلى إحدى الشخصيات العمومية دون من ولا أذى؛ لأن يداه غلات عم نفعهما؛
ـ خلق بطالة جديدة: آلاف الموظفين الذين قامت مجموعة BSA بتوظيفهم مباشرة، في مختلف المجالات، سيتأثرون حتما وسيجدون أنفسهم، بين عشية وضحاها، ملقون على قارعة الطريق بلا ذنب اقترفوه، والدولة التي يفترض أن تأويهم هي من كان السبب في تفقيرهم. ضف إلى ذلك مئات الوظائف المرتبطة بصورة مباشرة وغير مباشرة بالنشاط الاقتصادي لهذه المجموعة؛
ـ هناك تأثير سياسي كبير لتفكيك هذه المجموعة، لا يمكن إغفاله، ويتعلق الأمر هنا بشريحة عريضة من المواطنين، وخاصة طبقة الفقراء، الذين يراهن عليهم الرئيس، سيخسرهم حتما حينما يوجه ضربة كهذه إلى من يلوذون به في حالة العسرة، بل إن هناك من يعتبر هذا التصرف ظلما لم يكن متوقعا من سيادة الرئيس، وهو مستعد للانسحاب من صفه، وأنا شخصيا، أحد هؤلاء الذين نصروا وانتصروا للسيد الرئيس وبرنامجه الانتخابي، ولكن لا يمكنني أن أسكت عن ظلم يقع على أي مواطن، أحرى مواطن أعتبره أب للفقراء، وأعتقد أن هناك كثيرين مستعدين لأن يحذوا حذوي؛
ـ الجانب الاقتصادي: رغم الانتعاش الاقتصادي الحاصل في موريتانيا وتطلعات وآمال الفاعلين الاقتصاديين الخصوصيين الموريتانيين بشأن الاستغلال المعقلن لفرص الاستثمار المتعددة والمتنوعة المتوفرة في موريتانيا، فإن هذه الخطوة قد أجهضت كل أمل في أي استثمار جديد، لأنه ببساطة قد يلقى نفس المصير، و”رأس المال جبان”، وإذا كان هذا حال الاستثمار الوطني فما بالك بالاستثمارات الأجنبية التي يحسب أصحابها ألف حساب قبل الدخول في شراكة اقتصادية من أي نوع.
وأخيرا، فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا الظلم الواقع على رجل الأعمال وعلى مدير أعماله، وسنبذل كل ما في وسعنا، وكل ما أوتينا من قوة من أجل رفع الظلم عن هذين المواطنين اللذين وقعا ضحية مؤامرة سياسة لا تمت بصلة لما يشاع من تهرب من الضرائب، بل إن الضرائب ليست سوى فزاعة وسوط يسلط على كل من له رأي سياسي يخالف الرأي الرسمي، حتى وإن وجد منذ أكثر من سنة خارج حدود الوطن.
وهنا نربأ بأن تنصاع السلطات القضائية لمثل هذه المؤامرات التي، إن استمرت، ستجر البلد إلى ما لا تحمد عقباه، وعليها أن تحافظ على استقلاليتها حتى لا تنجر إلى ألاعيب السلطة التنفيذية، ويبقى السؤال الكبير والملح: لمصلحة من تسير الدولة في طريق تفليس أب الفقراء ؟ وربما نسمع غدا عن تفليس آخرين لا ذنب لهم، ليقول لسان حالهم “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”.
بقلم: عبد لله بشيلول
ت: 33605080