نهاية شهر مشتعلة سياسيا وحقوقيا

أحداث سياسية متسارعة شهدتها الساحة الوطنية نهاية الشهر الماضي، كان في مقدمتها بامتياز حراك حركة 25 فبراير التي أحيت ذكرى انطلاقتها الثانية بالإضافة لحركة لا تلمس جنسيتي وشباب أحزاب منسقية المعارضة المعروف اختصارا ب – مشعل- ،وكان قبلها بيوم واحد مظاهرة لحزب التكتل الديمقراطي بزعامة أحمد ولد داداه لتتوالى الحركات الإحتجاجية
من أحزاب سياسية أخرى أبرزها حزب تواصل الذي أقام وقفة بمكان التظاهرات المعروف(ساحة مسجد ابن عباس) تحت عنوان “الوطن في خطر”، فما هي دلالة كل هذه التحركات ؟ ولأي شيء تهدف ؟ خاصة أنها – أي الأحزاب- عجزت لحد الآن عن إسقاط النظام،تطبيقا للشعار الذي حملته طيلة الفترة الماضية.

كما أشرت في البداية كانت حركة 25 فبراير السباقة لإشعال نار الحركات الاحتجاجية نهاية الشهر ، من خلال الفترة التي أخذتها للإعداد لهذه الذكرى التي انطلقت حاملة شعارات محاربة الفساد والمحسوبية و رحيل العسكر كمطلب أساسي، إلا أن هذه الحركة تعرضت هجمة شرسة من قوات مكافحة الشغب التي رمت كميات كبيرة من مسيلات الدموع واعتقلت بعض الزملاء من الحركة لتطلق سراحهم فيما بعد،و ليعودوا لنفس الساحة كنوع من الانتصار المعنوي على شرطة النظام وليتم تأجيل مطلب رحيل العسكر إلى وقت آخر من مسيرة الحركة المتواصلة بعزم وإرادة إن شاء الله، كان يوم الأحد 24 فبراير هو الآخر على موعد مع مظاهرة احتجاجية لحزب التكتل صب فيها الحزب جام غضبه على النظام متهما إياه بجر البلاد إلى الهاوية من خلال الصراع المفتعل مع رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو الذي يهدف رئيس النظام – الجنرال محمد ولد عبد العزيز- من خلاله لتصفية حسابات مع الرجل، وهو ما قال رئيس حزب التكتل أنه استهداف مباشر لا يصب في مصلحة البلاد على الإطلاق خاصة أنه يوفر وظائف عديدة للمواطنين، حزب التكتل حذت حذوه أحزاب المعارضة الأخرى والتي من أشهرها حزب تواصل الإسلامي الذي قام بمظاهرة حملت عنوان” الوطن في خطر” نحت نفس المنحى الذي سار عليه حزب التكتل معددين مجموعة من العوامل والأسباب التي تأكد مضمون شعار تظاهرتهم. بعد كل هذه الحركات والمظاهرات طلع علينا الحزب الحاكم (المحكوم) لينتقد بشد الأحزاب المعارضة معتبرا أنها عادت لما قال إنه ” خطاب القذف والتجريح والعنف اللفظي”.

في خضم هذا كله أعلنت اللجنة المستقلة للإنتخابات يوم الخميس 28/02/2013 عن إجراء الانتخابات البلدية والتشريعية في الفترة ما بين 15 سبتمبر و15 أكتوبر 2013 لتضع بذلك ضغطا متزايدا على أحزاب المنسقية التي إلى الآن لا تزال متمسكة بخيار الرحيل (الفاشل) الشيء الذي سيضعها أمام تناقض صارخ فهي إما أن تعلن استعدادها لدخول هذه الانتخابات والترتيب لها وهو ما يعني تخليها عن شعار الرحيل الذي طالما أعرب قادتها عن تمسكهم به أو ترفض المشاركة فيها وهو أمر مستبعد لأنه سيكون انتحار سياسي خاصة أنها فشلت لحد الساعة على إجبار النظام على تقديم تنازلات تذكر للجلوس معها على مائدة حوار جاد، من جهة ثانية تعتبر هذه الانتخابات ضربة قوية لمبادرة رئيس حزب التحالف ورئيس البرلمان السيد مسعود ولد بلخير التي أعلن عنها الشهر الماضي في احتفال بهيج لا يعكس بالضرورة مستوى نجاح المبادرة، إذ لا يبدو في الأفق أن هناك بوادر لقبول الأطراف بها حيث ردت أحزاب المعارضة بمظاهرات فردية ولم يتضح لحد الساعة وجهة نظر النظام من المبادرة التي يبدو أنها ستلقى مصير مظلم بناء على المعطيات السابقة.

من ناحية أخرى تشهد الساحة الوطنية حراك حقوقيا متزايدا خصوصا من جانب حركة إيرا التي تقوم بجولات عدة داخل البلاد كانت آخرها الجولة التي أخذت الحركة إلى ولاية تكانت أحد معاقل وأوكار العبودية دون منازع، إلى ذلك أعلن المفوض المكلف بحقوق الإنسان محمد عبد الله ولد خطرة أن موريتانيا مستمرة في مجال الالتزام بحقوق الإنسان من خلال تعاونها مع الآليات الأممية الخاصة بحقوق الإنسان وهو ما ينفيه تماما ما ورد في خطاب اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التابعة للأمم المتحدة في 30/ 12/2012 ، حيث أعربت عن قلقها بشأن الرق إذ أن عدد كبيرا من الأشخاص يعمل في هذه الوضعية وكذلك الأوضاع اللاإنسانية الصعبة التي تواجهها المرأة بشكل عام والانتهاكات الحقوقية ضد القصر بشكل خاص الذين يتم التحرش بهن والدوس على كرامتهن في حين لم تحرك الحكومة ساكنا بل الأدهى من ذلك هو ظهور نوع من الحرس الديني جديد معادي للمنظمات الحقوقية يتهمها بالكفر منصبا نفسه وصيا على المجتمع في حين هو العدو الأول والأخير للمجتمع وللدين من خلال رأيته الضيقة التي يفرض على الكل دون استثناء.

إذا كخلاصة لنهاية شهر فبراير المشتعل بالأحداث السياسية والحقوقية نتمنى أن يستمر المناضلون المناهضون للعسكر خاصة حركة 25 فبراير لأنها هي الأمل الوحيد المتبقي لهذا الشعب ،كما نتمنى مزيدا من الإقناع من الأحزاب السياسية بخطها السياسي الذي يركز أساسا على إسقاط النظام، كما يحدونا الأمل بتحقيق نتائج اجتماعية ايجابية لمنظمات المجتمع المدني التي لاشك تعمل في ظروف اجتماعية صعبة يتوجب عليها الصبر للوصول لتلك الأهداف المنشودة. .

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى