العلامة المحدث محمد بن أبي مدين
هو محمد بن أبى مدين بن الشيخ أحمد بن سليمان بن أحمد سالم بن محنض اشفغ بن الفالل بن باركل بن يعقوب بن ديمان بن موسى بن محنض امغر خامس الخمسة الذين عرفوا باسم تاشمشة.
وأمه فاطمة الزهراء بنت الشيخ سيدى باب بن الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدى الكبير بن المختار بن الهيبه بن أحمد دوله بن أبى بكر بن انتشايت بن محمد بن محم من قبيلة أولاد أبيير.
نسبه :
يتسلسل نسب صاحبنا إلى جده الثانى عشر ابتداء من والده المباشر، الذى هو خامس الخمسة الذين عرفوا باسم تاشمشة . لكن الآراء حول نسب كل واحد من هؤلاء الخمسة مضطربة ، فصالح بن عبد الوهاب، فى كتابه الحسوة البيسانية، في أنساب بني حسان تطرق إلى نسب اليعقوبيين بفرعيهم، إديقب و أهل باركلل وذكر أنهم ينتمون إلى عبيد الله ابن حسان، أما المؤرخ الكبير المختار بن حامد يرى أن تاشمشة قبائل فى الأصل من سكان سوس جاؤوا إلى آدرار حوالي القرن الرابع عشر الميلادى وكانوا أهل علم وصلات ويمتهنون التنمية والتجارة، مسالمون وسكنوا مع مدلش. وهنا كان العامل المشترك بين المؤرخين عدم ذكر نسب تاشمشة ، فالأول خصص أنهم خمسة رجال أجتمعوا إثر ميثاق تعاقدوا عليه و ليس بينهم أي صلة نسب. و الأخر عمم بأنهم قبائل. ويضاف إلى هذين الرأيين ما كتبه الشيخ سيد محمد بن الشيخ أحمد فى رسالة وجهها إلى حاكم الترارزة آنذاك، جعل فيها أن نسب بنى ديمان ينتمى إلى عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنهما.
-مولده ونشأته وثقافته:
ولد محمد بن أبى مدين فى أوائل القرن العشرين الميلادي، ويرجع بعض المصادر إلى أنه ولد سنة وصول كبولانى إلى اخروفة يوم 24/1/1903م الموافق1321هـ وقد نظم بعض الشعراء وصول كبولانى إلى موريتانيا بقوله :
في عام شاكس على البظان قد طلع الكافر كبولانــى .
إذا ولد صاحبنا سنة 1322هـ الموافق 1903م، ومن المؤكد أن وفاته كانت ليلة الاثنين بتاريخ 8/11/1976. بالمستشفى الوطني بانواكشوط ودفن بأبي تلميت وقد نظم عبدالحي ابن التابه الكمليلي مؤرخا وفاته.
محمد نجل ابي مدين في ست مع التسعين نعيه يفي
في يه ذالقعدة واللسان لم يف بما له من الفضل علم
بدأ قراءة القرآن مبكرا عندما وصل الخامسة من عمره على غرار ما يفعل عمدة الموريتانيين علي الأستاذ محمد المصطفى بن أبن الأبييرى ثم الأميجنى المتوفى سنة 1941م. وفى حدود العاشرة من عمره تولى جده الشيخ سيدي بابه تدريسه بنفسه، وربما كان من أهم أسباب اعتكاف محمد وتخصيص جل حياته للحديث وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم إشراف جده الشيخ سيدي بابه المباشر على تكوينه العلمى والأخلاقى ، من هذه الملازمة الدائمة، وطيلة واحد وعشرين سنة تقريبا، درس محمد فيها العلوم الدينية على الشيخ سيدي بابه، ثم بعث فى قلبه حب العلم و التعلم وكساه حلية الدنيا بالإرشادات القيمة والتوجيهات النيرة التى جعلته عاشقا للمعرفة، وناصبها أمام عينه ومتخذها الوسيلة الوحيدة لنيل الدنيا.
وفى إطار هذا التكوين العلمى و الأخلاقى فإن والده الغوث أبا مدين لم يأل له جهدا من تفقيهه بالعلوم العربية من لغة ونحو وصرف وبلاغة ودرس عليه أيضا المنطق والبيان والشعر. وظل صاحبنا سعيدا بهذا المحيط الذى يعيش فيه حتى توفى باب بن الشيخ سيدي سنة 1342هـ الموافق1924م فألحقه والده بمدرسة العلامة الشهير يحظيه بن عبد الودود فأتم متون مادتي النحو و الصرف. وفى هذه المدرسة احتك بأكابر تلامذة يحظيه كالعالمين الجليلين : محمد عال بن عبد الودود ومم الجكنى وأخذ عنهم. ومما يؤكد وجوده في هذه المحظرة نظم أحمد محمود ابن عبد الحميد الملقب مم في شمائل العلامة يحظيه ولد عبد الودود وذكر بعض خريجي مدرسته.
وابن أبي مدين واحمد جكنا من بالعلوم والعلو يعنى
ونجل أبوه العظيم الشــان والحسنان من بني جكان
وكمساجلته مع زميله وشيخه كما صرح بذلك محمذن بن محمد المكنى بميميه ابن محمذن المعروف بالمحجوب بن المختار بن محمذن بن محمد الأمين بن أشفغ سائلا عن حرف يلتبس مع الإسم في اللفظ يقول في الطويل
أبن لي يا شيخي عــن إســـم معرف بحرف وذاك الحرف كالإسم في اللفظ
وقد أوجبوا حذفا لذا الحرف فلتـجب بنظم فإن النظــم أسهل للحفظ
فأجابه محمذن في بحر الطويل
رأيتـك يا من قد غدا شـيـخ شيخه وأحظاك بالفهم المسدد من يحـظي
إلى لفظ ال ذي الوصل في أي من بها يعرف ذات الوصل أو مأت باللفظ
ثـــــم بعد الفترة الوجيزة التى قضاها بهذه المدرسة و التى لاتربو علـى سنتين تـقريبا، من سنة 1924م إلى 1926م ، رجع قافلا إلى ذويه ، مشتغلا ومنكبا ومنعكفا على المطالعة والتحصيل، جاعلا نصب عينيه منهجية الإمام الشافعى المتمثلة فى أبياته التالية:
علمـى معى أينما يممت يتبــعنـى قلبى وعاء له لا جوف صندوق
إن كنت فى البيت كان العلم فيه معى أوكنت فىالسوق كان العلم فىالسوق
وظلت هذه المنهجية العلمية التى رسمها الشافعى للأمة الإسلامية طريقة معبورة وسبلا مستخدمة من طرف نبلاء كل جيل من الأجيال الماضية وعبرالقرون السالفة،وذلك من أجل نيل السعادة و المعرفة ولعل صاحبنا أيضا اقتبس زيادة على تعلقه بمنهجية الشافعي الأنفة الذكر،من وصية الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيد المختارالكنتى التى وردت فى الأبيات التالية :
أبنى إن العلم علق أنفس فى مثله سمحا تباع الأنفـــــــس
من لم يفز منه بحظ وافر يحيى به فهوالفقيرالمفلـــــــس
وهو للعواطل زينة و ملابس للعرى تستره ونعــــم الملبـــس
إن عنه تستغنى فأجمل زينة و إذا له تحتاج فهو منفــــــس
إن تغترب يكون القريب وإن تضم تنجد وإن تركن إليه يكيــــس
علاوة على هذه المنهجية التى كانت هى السبيل الوحيد لاكتساب جل المعارف والاقتباس من الوصية المذكورة فوق فإن محمد بن أبى مدين أخذ جل دراساته النظرية فى مدرستى باب ويحظيه ،وتأثر بطباع شيخيهما لكنه و الحق يقال كان تأثره بباب أكثر لأسباب عدة : منها أنه تربى مع باب طيلة 21 سنة ، يشاطره فى حركاته وسكناته ويلازمه أوقات مطالعته للكتب و يتلقى منه الدروس مباشرة ويقتبس منه اقتفاء أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كل الأمور حتى فى حياته الشخصية اليومية .إضافة الى هذا فإن محمد أول حفيد رآه باب يعيش بجانبه وكذلك قوة الصلة وشدة الروابط التي كانت تربط باب بذوى محمد ، والده وجده.
لكن محمد بن أبى مدين ورغم ما اكتسبه من المعرفة من هاتين المدرستين كان حريصا على امتصاص العلم من أي مصدر جادت له الأقدار أن يعثر عليه مستعينا بالتقييد و المنهجية فى العمل و الحفظ فلقد قام برحلات فى الداخل من أجل اجتناء المعرفة حيث أنه مكث عدة أشهر بتجكجة يجمع تراث العلامة سيدى عبد الله بن الحاج ابراهيم”4″ من أصول وحديث، ومختلفمؤلفاته فى شتى الفنون العلمية ولم يقتصر صاحبنا على هذا الحد بل كثف اتصالاته مباشرة أو بواسطة الكتابة للعلماء فى الداخل و الخارج. وكان يعتبر أن كل فائدة معرفة لذلك كان يقيد كل ما سمع سواء كان فى ظلام حالك توفرت له الشروط أم لم تتوفر.
وقد قام بجولات عديدة عبر العالم العربى فى مهمات كلفته بها دولته سمحت له بمقابلة بعض الشخصيات البارزة وبعض أعلام القادة فنراه يلتقى مع الحبيب بورقيبة والملك فيصل إبان زيارة قادته إلى كل من تونس و السعودية سنة 1965م ويمدح كلا منهما بقصيدة مستهلا مدح الأول بالمطلع التالى:
إلى حبيب أخى العلياء لابسهــا محيي السنة الغراء وحارسهــــــا
و فى الثانى يقول :
قل للخطوب إذا أئتلت لاتنجلى فصل الخطوب بضربة من فيصل
ونشرت هاتان القصيدتان فىالصحف التونسية والسعودية وفىنفس الجولة تم لقاؤه مع الرئيس السوري آنذلك؛ نورالدين الأساسىالذىأهداه نسخة من تاريخ ابن عساكروفى نفس المناسبةاتصل بأميرالكويت فانتهزهذه الفرصةالذهبية لزيارة قبورالأنبياء ببيت المقدس فى القدس والضفةالغربيةالأردنية والتقىبعلماء هذه الأقطاروراسلهم فيمابعد.وفى سنة 1972م توجه إلىطرابلس كعضو فى بعثة موريتانيا إلى جمعية تطبيق الشريعة فى جمهورية ليبيا حيث التقى بالقذافى ومدحه بقصيدة مطلعها:
بشرى لنابلقاء العادل الناهى عن المناكرفخرالعصــــرالأواه
وفى يناير 1976م توجه ثانية إلى طرابلس من أجل المشاركة فى الملتقى العالمى للحوارالإسلامى المسيحى فاستقبله القذافى وأخذ عنه بعض الدروس فمدحه بقصيدة أولها:
لقائد الثورة العصماء أخلاق تأرجت من شذاها اليوم آفاق
وفى نفس السنة 1976دعى من طرف الحسن الثانى من أجل المشاركة فى الحلقات الرمضانية حيث قضى هنالك شهرا كاملا من العمل الجاد، مشتغلا طيلة النهار بالمحاضرات والندوات العلمية فى الجامعات ومخصصا ليله لنسخ كتبه حيث كان من المقرر أن تطبع على نفقة العاهل المغربى.هذا بالنسبة لعمله فى الخارج أما على الصعيد الوطنى فلقدكان عضوا فى اللجنة العليا للشؤون الإسلامية وشارك فىندوتى1961و1962 اللتين نظمتهما وزارة العدل آنذاك ومن خلالها برزالتباين بين المذهب السلفى الذى كان يتبناه محمد والرأى الفرعى المالكى الذى ينتمى إليه جل المشاركين،الشيئ الذى جعله وحيداعندالتصويت،واقفا ضد الجميع وكان رده عندما يسأل فىهذاالمجال لست وحدى معي رسول الله صلىالله عليه وسلم وكفىبه حزبا. وهذا يبرهن لناعلى مدى اهتمام صاحبنا بالحديث وسيطرته علىجل حياته حتىقال فيه العلامة محمدسالم بن عبد الودود البيتين التاليين:
سعى آباؤك العظماء شوطا ونلت الشوط بالسعى الحثيـــث
ففاتوا فى القديم معاصريهم وفت رجال عصرك بالحديـث
محمد بن أبى مدين معبر للأحلام:
ولقد عرف صاحبنا بتعبير الأحلام وكانت تشد الرحال إليه من أماكن بعيدة لتفسيرها وربما كان يعرض عن ذلك بالصمت فقط أو بقوله أضغاث أحلام ولكنه كثيرا ما يفسرها تفاسير غريبة شوهد بعضها ، فلقد سأله بعض الأقارب عن رؤيا رأها فى المنام مفادها أنه خاطبه والد امرأة قريبة فى شأنها وقال له أتعطون فلانة فى ثلاث نعاج فأجاب محمد مؤولا هذه الرؤيا إن خطيب هذه المرأة سيعيش ثلاث سنوات و الله أعلم وسأله آخر أنه رآى رجل يدعى شيخ سلا وعلى رأسه تاج فأجابه قائلا : إن محاولة انقلاب ستقع ضد الحسن الثانى فىسلا لكنه سينجو منها و الله تعالى أعلم : و لقد شاء القدر أن الحادثتين وقعتا بعد ذلك بقليل لكن كان يرد على من يسأله عن المقاييس التى يعتمد عليها في تفسير الأحلام : ليس لدى مقاييس إنما هي خطرات أتوهمها فما رأيته حسنا أجيب به وما رأيته غير ذلك أسكت عنه .لكن الناس لم ينثنوا عن سؤاله وربما كان يمازح بعضهم قائلا لهم: ما عندكم من المرائى ؟
-آثاره
لقد خلف محمد بن أبى مدين آثارا كبيرة ومتنوعة تغطى مختلف النواحى المعرفية التى كانت تنتشر فى عصره وفى محيطه ويمكن تصنيف هذه الأثار إلى قسمين : نثر وشعرفالنثر يتألف من كتب تتفاوت فى الحجم و الأصالة وأجوبة وفتاوى أما الشعر فمشتمل على أنظمة فى شتى الفنون العلمية وديوان شعرى، فقدجمع منه 1450بيتا.
1- النثر
ا- العلوم الشرعية
– شن الغارات على أهل وحدة الوجود وأهل معية الذات مخطوط
– الصوارم و الأسنة فى الذب عن السنة مطبوع
– تعليق على فاتحة الكتاب مخطوط
– تحرير المسألة فى الاختلاف فى البسملة حقق سنة 83/84.
– الطرفة المليحة فى أخبار المنيحة موضوع بحثنا.
– مناسك الحج مخطوط
– غزوة بدر الكبرى مخطوط
– نصيحة إلى الشعب الموريتانى مخطوط
– الوسيلة مخطوط
ب- التراجم
– ترجمة ناصر الدين وحرب شرببة مخطوط
– نزهة الرانى فى ترجمة الشيخ سيدى الثانى مخطوط
– الأجوبة و الفتاوى
– قضية غزو الفضاء مخطوط
– الدرر الملفوظ فى أجوبة الشيخ المحفوظ مخطوط
– الأمالي فى أجوبة محمد بن محمد اليدالى مخطوط
– فتاوى فى شرعية تعلم أبناء المسلمين للغة الفرنسية
– فتوى فى زكاة السفن
– مصطلح الحديث
– شرح ألفية العراقى مخطوط
– اللغة
– تسهيل الورود إلى تحفة الودود فى المقصوروالممدود مخطوط
2 – الشعر
– انظمة علمية فى بعض المسائل اللغوية أوالسنية أوالمعتقدات أوآراء شخصية أو تعالج موضوعا عاما
– ديوان شعرى جله متعلق بالمدح أو الرثاء
– مكانته الاجتماعية والسياسية :
لقد تبوأ محمد مكانة عالية بين قومه وفى مجتمعه ووطنه حتى غدا مضرب المثل فى العزوالسمو حتى أنه كان مودع أسرار ومكاتب أكثر قبائل منطقته سواء كانت من حسان أم من الزوايا أم من سارفى ركبانهما وتثبت تواريخ بعضها أنه نال هذه الثقة منذ شبابه وكانت كلما نشبت خصومة بين فريقين من محيطه يلجآن إليه من أجل تسوية هذا النزاع أو يسعى هو فى إخماد ناره.فمكانته الاجتماعية ومعرفته وخطابته مكنته من أن يكون وسيطا وصاحب نفوذ لدى النائبات التى تنبثق أحيانا فى مجتمعه .فلقد تمتع بنفوذ سياسى واجتماعى ودينى تجاوز حدود البلاد إلى مختلف الأقطار المجاورة ويعود ذلك إلى ما جمعه من خصال البذل و التواضع وسعة العلم وما اشتهر به من مواقف حاسمة كوقوفه فى المسجد النبوى يحدث عن رسول الله صلى الله عليه سلم ويروي الأحاديث متصلة الأسانيد إلى صاحب هذا القبر مشيرا إليه بأصبعه كما كان يفعل مالك ابن أنس.
وكان كثير الزيارة للمغرب الأقصى، محاضرا مفيدا، مشاركا في الملتقيات العلمية، التي يحتشد ويحتفل فيها العلماء وطلبة العلم، وقد بثّ في كثير منهم حبّ السلف والتعلّق بنهجهم الرشيد السديد.
وقد ابتعثته حكومة بلده سفيرا في مهامّ دينية وثقافية وسياسية، التقى كثيرا من العلماء والزعماء، مما أكسبه صِيتا طيبا في البلاد التي زارها، وأفاد صداقة جملة من العلماء والقادة.
ثناء أهل العلم عليه:
قال العلامة النابغة تقي الدين الهلالي:
هو العلامة السلفي المحدث الأصولي المفسر الأديب الشاعر المتفنن.
وهذا الرجل نادرة زمانه يحتاج إليه أساتذة الأزهر وأساتذة الجامعة الإسلامية بالمدينة، وكل جامعة عربية، لا أقول الطلبة، بل الأساتذة!
ومن سوء حظ العرب في هذا الزمان: عموم الجهل والتقليد فيهم، وسَيْرِهم على صراط معوجّ؛ لأنهم لا يعتبرون العلم، وإنما يعتبرون الشهادات المُزَيَّفة التي يحصل عليها كثير من الدوابّ! فيتسنّمون أعلى المراتب في الجامعات، وهم صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ، فوالله الذي لا إله إلا هو لو ظفر بهذا الرجل أساتذةُ الجامعات في أوروبّه؛ لاستفادوا من علمه، وبذلوا النفس والنفيس في خدمته، ولكن كما قلنا: من ضلالات العرب أنهم يتركون العين ويطلبون الأثر!
باعتمادهم على الشهادات، فهم كما قال الشاعر:
ولو لبس الحمار ثياب خزّ *** لقال الناس يا لك من حمار
فكذلك الجاهل إذا أخذ الشهادة من الجامعة يقول الناس: يالك من عالم! وإذا لم تكن له شهادة يقول أشباه الناس: يالك من جاهل!
هذا كلام النابغة الرحال الجوال السائح في أرض الله النابغة الهلالي ، المدرّس في كثير من أشهر معاهد وجامعات العالَم، في الهند، وألمانيه، والمدينة، والمغرب، وليس من كلام أخدان الزوايا، وأحلاس التكايا!
وقال الشيخ تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله في موضع آخر:
العلامة المحقق فخر بلاد شنقيط، بل فخر بلاد المغرب في هذا الزمان: محمد بن أبي مدين اهـ.
وقال الشيخ المختار بن حامد الشنقيطي :
وقد سافرت معه للمشاركة في ندوة الحسن الثاني بالمغرب، وألقى محاضرات ودروسا إسلامية على نهج السلف، وناظر العلماء ودعا إلى التمسك بالكتاب والسنة واتباع ما كان عليه السلف، وانتقد التصوف ورد على أهله اهـ.
وقال تلميذه النجيب محمود بن أحمد وفقه الله: الشيخ محمد بن أبي مدين، رحمه الله، عالم محدّث، ولُغوي شهير، وقد درست عليه مصطلح الحديث، وهو من أبرز الدعاة السلفيين في عصره، ومن أقواهم ردودا على المبتدعة الضُّلاّل، وهو سبط الشيخ باب ولد الشيخ سيديا وخِرِّيج مدرسته، وقد نهج نهجه في اتباع السنة، كما أنه تأثر بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وبكتب ابن قيم الجوزية —– وكان له نشاط بارز في الدعوة السلفية في عدد من الأقطار الإسلامية اهـ
.
وقال صديقه الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله: إنه عالم سلفي العقيدة، رد على المبتدعة وبيّن أخطاءهم، وكانت في مكتبتي قصيدة جيدة له تناول فيها الرد على الأشاعرة اهـ.
وقال الشيخ السلفي الصنديد بُدّاه بن البوصيري: إنه العالم المحدّث السُّني السَّني اهـ.
المصادر:
ملتقى أهل الحديث
ابراهيم بن محمد بن أبي مدين
Category: أعلام