ثلاثية الأبعاد… (سلعة) الصائم…
رمضان… شهر الخير والبركة…
هكذا عهدناه..
عهدنا فيه ذلك العبق الروحي المفعم بحب الخير من صيام وصلاة وصِلات أرحام وزكاة وعمرة وإعمار لبيوت الله…
عهدنا في رمضان تلك المنابر العلمية التي لا يقطعها سوى قراءة قرآن أو مآذن تصدح بالنداء فيتداعى لها المصلون من كل فج عميق…
وفي رمضان من الخير ما يروي غلة الصائم فتبتل العروق ويثبت الأجر إن شاء الله…
وفيه من الخير وكثرة الرزق ما يشبع نهَم الصائم الذي يخرج ضحى من بيته وهو يظن أنه إذا أفطر مساء سيشرب مياه آفطوط الجارية ويتذوق جميع شايات الصين ويأكل كل التمور المحلية والمستوردة ويشرب كل النشويات والحلويات والمخبوزات والملغوفات والرغائف…
كنتُ إذا جئتُ بائع اللحوم لا أكتفي بالرطلين ولا الثلاثة… وإذا جئت المدجنة لا أكتفي بالدجاجتين ولا الثلاث… وإذا جئت البقالة لا أكتفي بالحليب المحلي بل لا بد لي أيضا من حليب مستورد… وإذا جئت المخبزة، مساء، يكون الشره قد بلغ فيَ مداه… فلا أقبل أن أكتفي بالخبزات الأربع الساخنة… فلا ضير إذا كن ستا… وما الفرق بين الست والعشر… لأخذ عشر خبزات… والرهان على سخونتها…
النعناع… لا تكفي منه الصرة ولا الصرتان…
وما تغني دار أبي سفيان من قريش….
زحمة المرور تبقى هاجسا يؤرقني… فأصب لعناتي على سائق السيارة يعترض طريقي…
أرميه بالنظرات وأقول في نفسي لو كان صائما لما سار بهذه الطريقة…
أنظر إليهم وهم ينظمون الأواني، يبردون هذا ويسخنون ذلك… فأقول إن ما أعدوه لا يكفي…
كيف أحصل على ما يسد رقمي من اللحوم وشهيتي من الأسماك…
افكر في قوم وجدوا حوتا عملاقا نائما على الشاطئ فظنوه ميتا… و أخذوا يقطعون من أجزائه لمدة أيام… وعندما استيقظ… نهض بهم فكاد يجرهم إلى عمق المحيط…
لو حصلتُ على ذلك الحوت وأخذت معه حمولة الباخرة التي رست يوم أمس محملة بالبطاطا… (2000 طن) .. و أضفت إلى ذلك ما في مزرعة بريطانية عصرية من أنواع البصل بما فيها العنصل البري… لما أشبعتُ ذلك النهم الصوري…
ويرتفع الآذان… وحبذا لو كانت تطلق عندنا مدافع الإفطار…
عند ذلك أبدأ بالأسودين ثم أعمد إلى هذا الحساء الساخن… فكأس الشاي….
أصلي المغرب… وأنتظر الساعتين والثلاث عل الشهية تفتح لشيء آخر… وإذا بالليل يتقضي والأطباق تتوالى … وأنا لا أتذوقها إلا “حسو طير الثماد ماء الثماد..”……