التضحية الأخيرة: تقنية ثلاثية الأبعاد تكشف تفاصيل مروّعة عن لحظات تايتانيك الأخيرة
كشفت تقنية تصوير ثلاثي الأبعاد متطوّرة عن تفاصيل صادمة تُعيد كتابة فصلٍ من تاريخ أشهر كارثة بحرية في العالم، وهي غرق سفينة “تايتانيك” عام 1912. فقد نجح فريق بحثي دولي في إعادة بناء دقيقة للحظات الأخيرة للسفينة، مُستخدِماً مسحاً ضوئياً عالي الدقة كشف عن أدلة جديدة تُثبت بطولة طاقم السفينة وتفانيهم حتى اللحظات الأخيرة.
تُظهر الصور الرقمية المُلتقطة انقسام الهيكل العملاق إلى قسمين بعنفٍ غير مسبوق، مع وجود فجوات تشبه ثقوباً بحجم صندوق أحذية في الجانب الأيمن من السفينة، ما أدى إلى تسرُّب المياه بسرعةٍ قاتلة. وبتحليل البيانات، توصل الباحثون إلى أن طاقم الغرف الميكانيكية ظلّوا في مواقعهم لإبقاء المولدات الكهربائية تعمل، مما سمح بإرسال نداءات الاستغاثة وإنارة المسارات لإنقاذ مئات الركاب، بينما كانوا يعلمون أن مصيرهم المحتوم هو الغرق مع السفينة.
اعتمد الفريق على تجميع أكثر من 700 ألف صورة التقطتها روبوتات غواصة على عمق 3800 متر، لإنشاء نموذج رقمي متكامل يُظهر أدق التفاصيل، مثل الرقم التسلسلي لإحدى المراوح وفتحات الهيكل الممزقة. وكشفت المحاكاة الحاسوبية أن السفينة لم تنغمر بسبب شقٍّ طويل كما اعتُقد سابقاً، بل بسبب تسرُّب المياه عبر فتحات صغيرة انتشرت على امتداد الهيكل.
أظهرت الصور الداخلية لغرفة المراجل أن صمامات البخار ظلت مفتوحة حتى اللحظة الأخيرة، مما يؤكد روايات الناجين عن جهود المهندسين اليائسة لإبقاء الأنظمة الحيوية تعمل. كما سلطت الصور الضوء على فتحةٍ عميقة في منطقة كبائن الركاب، يُعتقد أن الجبل الجليدي اخترقها، مما يدعم شهادات بعض الناجين الذين رأوا قطعاً من الجليد داخل الممرات.
يُعد هذا المسح الأكثر شمولاً منذ اكتشاف الحطام عام 1985، حيث نجح في توثيق موقع الانتثار الذي يمتد على مساحة 15 كيلومتراً مربعاً، بما في ذلك قطع الأثاث والأدوات الشخصية المتناثرة. ومن المقرر أن تُعرض هذه النتائج في فيلم وثائقي جديد، يُسلط الضوء على البعد الإنساني للكارثة وتضحيات أولئك الذين اختاروا البقاء في الظلام لإنارة طريق النجاة للآخرين.
بهذا الاكتشاف، لم تعد “تايتانيك” مجرد حطامٍ في قاع المحيط، بل تحوّلت إلى شاهدٍ حي على بطولةٍ إنسانية خالدة، وقصةٌ تُحكى بتقنية العصر الحديث.