العربية تتحدى التوقعات: جمع “حليب” الذي حيّر المعلمين والدارسين!!
في لغتنا العربية كنوزٌ نحسبها بسيطة، لكنها تخفي مفاجآت تُظهر عبقرية اللغة وتعقيداتها؛ واحدة من هذه المفاجآت دار حولها جدلٌ مؤخراً، عندما فشل عشرات المدرسين وطلاب الجامعات في تحديد جمع كلمة *حليب*، ليكشف أستاذ لغة عربية عن إجابةٍ قلبت التوقعات رأساً على عقب!
على عكس الاعتقاد الشائع بأن “حليب” كلمة تُستخدم للمفرد والجنس معاً (كالذهب أو الماء). يؤكد علماء الصرف أن لها جمعاً وارداً في القواميس وإن ندر استخدامه. فكلمة “حليب” في الأصل هي صيغة *مبالغة* من الفعل “حَلَبَ”، بمعنى “ما يُحلَب”، وعند جمعها تتحول إلى *أَحْلِبَة* وفقاً لوزن “أَفْعِلَة” الذي يجمع الصفات مثل “قَمِيص” إلى “أَقْمِصَة”.
السبب يعود إلى طبيعة الحليب كـ*مادة غير مُعدَّدة*، فعادةً ما يُشار إليه كمفهوم عام، مثل:
-اشتريت لتراً من الحليب.
-الحليب مفيد للصحة.
أما إذا أردنا الإشارة إلى أنواع أو أوعية متعددة، فيُستعاض عن الجمع بأساليب مثل:
-“عبوات الحليب”.
-أنواع الحليب النباتي”
-“أكواب الحليب المعلَّب”.
وهنا يظهر السبب الخفي لندرة استخدام “أحلبة”، فالعقل يربط الحليب بالمادة الجامدة، لا بالأشكال المنفصلة!
عندما طرح الأستاذ الجامعي السؤال على منصات التعليم، تباينت الإجابات بين:
-“حليب لا جمع لها” (بناءً على الاستخدام).
-“حُلُوب” (جمع خاطئ لخلطه مع الفعل).
-“حليبَات” (بتأنيث الكلمة وهو شائع لكن غير معتمد).
لكن المفاجأة كانت عندما كشف أن ” *أحلبة*” هو الجمع الصحيح، مستشهداً بمراجع مثل “معجم لسان العرب” لابن منظور، الذي يذكر: *الحَلِيبُ: اللبن المُحلوب، وجمعه أَحْلِبَة”*.
هذه الحالة تطرح إشكاليةً لغويةً كلاسيكية: هل نلتزم بما ورد في القواميس حتى لو كان مهجوراً، أم نعتمد ما شاع!!؟ الإجابة تكمن في *السياق*:
-في النصوص الأدبية أو البحوث العلمية: يُفضل استخدام “أحلبة” لدقته.
-في الحياة اليومية: يُستحسن تجنبه لغرابته، واللجوء إلى أساليب البديل (كـ “أنواع الحليب”).
هذا الجدل يذكرنا بأن العربية، رغم ثرائها، ليست ساكنة. فبعض كلماتها “تَنقرض” لعدم الحاجة إليها؛ بينما تُولد كلماتٌ جديدةٌ بتغير العصور فـ”أحلبة” قد تكون غريبة اليوم، لكن من يدري!؟ ربما تصبح دارجة إذا تكرر استخدامها في الأدب أو الإعلام، لتثبت أن مفاجآت العربية لا تنتهي!!