عزيز في حوار مع الشرق الأوسط: قدمت تنازلات.. وأبواب الحوار مفتوحة

سوسن أبو حسين _ قال الجنرال محمد ولد عبد العزيز، الذي قاد انقلاب السادس من أغسطس (آب) الماضي على الرئيس المنتخب في موريتانيا، إنه قدم أربعة تنازلات إلى المعارضة لحل الأزمة السياسية القائمة في البلاد منذ الانقلاب. وأوضح في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط»، عبر الهاتف، انه استقال أخيراً من قيادة المجلس الأعلى للدولة والجيش، وفضل الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 6 يونيو (حزيران) المقبل «من أجل الوطن» و«إخراج البلاد من الظروف التي تمر بها».

وأكد أن أبواب الحوار مفتوحة مع المعارضة أثناء وبعد الانتخابات، لكنه عاد وانتقد خصومه الذين قرروا مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقررة، وقال إن الذين قرروا المقاطعة يعلمون أنهم لن يحصلوا على شيء خلال الاقتراع. وقال أيضاً إن المعارضة تعمل لتحقيق مصالح وأهداف شخصية تتمثل في الوصول للسلطة فقط. وانتقد أيضاً المعارضة لسعيها، كما يقول، إلى الحوار مع قوى الخارج (الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي) من دون أن تتجاوب مع حوار الداخل. وتمكنت «الشرق الأوسط» من الوصول إلى الجنرال ولد عبد العزيز هذه المرة بصعوبة بسبب انتقاله من القصر الرئاسي إثر تقديم استقالته. لكن بعد الوصول إليه جاء صوته عبر الهاتف كالمعتاد مرحباً بـ«الشرق الأوسط»، وبنبرات صوت واثقة من الفوز في الانتخابات الرئاسية. وشدد خلال الحوار مراراً على أهمية مشاركة كل الموريتانيين في بناء بلدهم وتجنيبه الصدام والفوضى وعدم الاتجاه إلى الخارج لحل المشاكل الداخلية. وفيما يلي نص الحوار:

* ما هي أولويات المرحلة المقبلة في موريتانيا؟

ـ الاستقرار وترسيخ الديمقراطية ومحاربة الفساد، لأن موريتانيا عانت ومشكلتها الأساسية هي الفساد. استمرار الحوار بين جميع القوى الموريتانية والعمل معاً من أجل تغيير حقيقي يخدم مصالح جميع الشعب الموريتاني، والاهتمام بالتنمية والبناء وتحسين مستوى معيشة المواطنين.

* ماذا عن الحوار مع المعارضة، وهل ستستمرون في سياسة الحوار، حتى في ظل الاتهامات التي توجهها لكم المعارضة؟

ـ نحن حاورنا جميع الأطراف، لكنهم متأكدون من عدم حصولهم على شيء في الانتخابات. هم يقاطعون الانتخابات وأعلنوا عدم المشاركة لأسباب شخصية تتمثل في الوصول للرئاسة فقط. لذلك رشحت نفسي للانتخابات، وفضلت المشاركة من أجل إخراج البلاد من كل الظروف التي تمر بها. أنا مشارك في الانتخابات الرئاسية من أجل الوطن وهذا هو الفارق بيني وبينهم. رغم كل ما حدث فإن باب الحوار مفتوح دائماً أثناء وبعد الحملة الانتخابية واليوم، لأننا في وطن يستوعب الجميع. كلنا موريتانيون والمشاركة في العملية الديمقراطية حق وواجب حتى نرسخ أسس الديمقراطية التي تكفل حياة متوازنة لكل أبناء الشعب الموريتاني، وأن تعطى الفرص لكل الأجيال والفئات وتوزع الوظائف والثروة بكل شفافية وعدل.

* من الذي يعطل الحوار وماذا تريد المعارضة؟

ـ الحوار مطروح وأبوابه مفتوحة، ونحن لا نعرف سياسة فرض الواقع من طرف واحد، وإنما نؤمن بأن الجميع يساهم في حركة التغيير. نحن لا نفرض الحوار وإنما ندعو إليه لأننا أبناء وطن واحد، ويؤسفني أن تخرج المعارضة بالحوار إلى الخارج، ومع الخارج مثل الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي. نحن فنعمل من الداخل ومع كل أبناء الوطن لأن التغيير مطلب شعبي وقد استوعب الشعب الموريتاني التجربة وعرف الفرق بيننا وبين المعارضة، وأصبح اليوم يسير مع حركة التصحيح ويساند التغيير، بعدما اكتشف حجم التشويش والتضليل الذي كانت تقوده رموز المعارضة منذ صيف العام الماضي. اليوم، فهم الشعب الموريتاني اللعبة، (أي) تبني المعارضة لسياسة التحريض والخروج إلى الشارع لإثارة الفوضى والمشاكل وعدم الاستقرار وإحداث شلل في الحياة السياسية. ما يهمنا هو الوطن ومصالح الشعب الحيوية والحفاظ على موارده. نحن مستعدون لتقديم أي تنازلات من اجل تحقيق الديمقراطية والاستقرار. منذ البداية قدمنا تنازلات، ولم تتجاوب معنا المعارضة، وهذا يؤكد رفضها للديمقراطية والتمسك بالمصالح الشخصية.

* ما هي التنازلات التي قدمتموها للمعارضة الموريتانية؟ ـ فتحنا باب الحوار خلال ما سمي «الأيام التشاورية»، وقد شاركت فيها كل القوى الموريتانية وبنسبة 85% من الشعب. شمل الحوار المجتمع المدني وموريتانيا العمق ورؤساء القبائل وكل رجال البرلمان. استمر الحوار بعيدا عن أي وجود للجيش أو للمجلس الأعلى الانتقالي. وبحث (المشاركون) كل الأوضاع في موريتانيا وقرروا السير في الانتخابات وحددوا موعداً لها هو 6 يونيو (حزيران) 2009. كان هذا أول دليل على رغبتنا في العمل من أجل موريتانيا وأول تنازل للمعارضة في نفس الوقت. كل المتابعين للشأن الموريتاني يعرفون معنى إعطاء الفرص للمنتديات العامة للديمقراطية للقيام بدورها في بناء المستقبل السياسي للبلاد. التنازل الثاني كان عندما دعوت الجميع للمشاركة في الحكومة وأبقيت عليها منذ اليوم الأول لحركة التصحيح على الرغم من وجود عدد كبير من الوزراء الذين كانوا يعملون مع الرئيس السابق. قمنا بعد ذلك بتعديل حكومي في إطار الرغبة في توسيع المشاركة. والتنازل الثالث هو إعلاني الاستعداد للاستقالة من السلطة والجيش، وأن تكون مهمة المجلس الأعلى للدولة هي أمن وحماية البلاد ودعم الاستقرار. والتنازل الرابع أنني تنازلت عن الرئاسة لصالح مجلس الشيوخ الذي يدير البلاد حاليا من دون أي تدخل مني أو من العسكر كما يسموننا.

* بماذا تفسرون خروج المظاهرات في الشارع الموريتاني، وحدوث صدام بين الشعب والشرطة من حين لآخر؟

ـ نحن قلنا للمعارضة إن الشارع مفتوح والمظاهرات متاحة ومسموح بها، لكن التظاهر يحتاج إلى تنظيم والحصول على إذن مسبق. ولأن وزارة الداخلية هي المسؤولة عن الأمن، فلابد من إجراء ينظم العمل السياسي حتى لا يحدث أي صدام أو فوضى في الشارع الموريتاني تضر بمصالح البلاد والشعب وحتى نتجنب أي خسائر في الأرواح. * لماذا لا تحصل المعارضة على هذا الإذن، وهل ترفض وزارة الداخلية ذلك؟

ـ وزارة الداخلية على استعداد لإعطاء هذا الإذن لأنها مسؤولة عن الأمن، لكن المعارضة لا تعترف بالوزارة والحكومة، وتقول إنها تملك كل شيء مثل الجيش والشرطة. لهذا من الحكمة أن نتحلى جميعا بروح المسؤولية والعمل معاً من أجل كل الموريتانيين، وليس لصالح أفراد أو مجموعة أشخاص كل اهتمامهم يدور حول شخصهم والوصول للسلطة.

* هل تخشى المعارضة مثلاً أن تكون نتائج الانتخابات لصالحكم؟ ـ نحن نعمل من أجل موريتانيا، وليس لصالحي، أو لصالح أي فرد في موريتانيا، وقد سبق أن عرضت تشكيل لجنة لمراقبة الانتخابات، وطلبت من المعارضة أن تشكل هي بنفسها هذه اللجنة وفق ما تريده من شخصيات محايدة. لكنهم يفضلون مقاطعة الانتخابات الرئاسية، ومع ذلك نحن مستعدون لأي تنازلات تخدم الاستقرار في موريتانيا.

* ماذا قدمتم للشعب الموريتاني منذ توليكم السلطة في 6 أغسطس (آب) الماضي؟

ـ ليس من طبعي الحديث عما فعلت، لأنني أقوم بواجبي تجاه أبناء بلدي. لكن في إيجاز، ركزنا على بناء البنية التحتية، من طرق وكهرباء ومياه للشرب، وتحسين مستوى معيشة المواطنين والاهتمام بالتوظيف، وقمنا بتوزيع المواد الغذائية على الفقراء وتخفيض الأسعار، والتخطيط للأحياء العشوائية، والإعلان عن مشاريع للري والزراعة والاهتمام بالقرى، وتقديم كل ما يحتاجه المواطن من خدمات. ونأمل الانتقال إلى خطط متوازنة في التنمية تحقق الحياة الكريمة للمواطنين، وفى نفس الوقت نؤسس للحياة الديمقراطية على ضوابط ترقى بالحياة السياسية في البلاد.

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى