أسماء الله الحسنى الأحد ” 1 “

العقيدة الإسلامية : أسماء الله الحسنى : الأحد ” 1 ” ـ لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي .

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

أيها الإخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم ( الأحد ) .

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

1 ـ ورود اسم ( الأَحَد ) في القرآن الكريم والسنة النبوية :

هذا الاسم ورد في القرآن الكريم في سورة الإخلاص :

﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ * ﴾
( سورة الإخلاص )

وقد ورد أيضاً في السنة الشريفة الصحيحة ، فعن ابن ماجة ، أخرج ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول :
(( اللَّهمَّ إِني أسألُكَ بأني أَشْهَدُ أنَّكَ أنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلا أنتَ ، الأحَدُ الصَّمَدُ ، الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ، ولم يكن له كُفُوا أحَدٌ ، فقال عليه الصلاة والسلام : والذي نفسي بيده لقد سأل اللهَ باسمه الأَعظَمِ ، الذي إِذا دُعِيَ به أجابَ ، وإِذَا سُئِلَ بِهِ أعْطَى )) .

( الأحَد ) اسم من أسماء الله الحسنى ، ورد في سورة الإخلاص في قوله تعالى :
﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ * ﴾
وورد أيضاً في السنة الشريفة الصحيحة .

ولكن لا بد من وقفة عند اسم الله الأعظم :

اختلف العلماء في اسم الله الأعظم ، فبعضهم قال : الرحمن ، وبعضهم قال : الله ، هذا الاختلاف يحسم بحقيقة رائعة ، وهي أن اسم الله الأعظم هو الاسم الذي أنت بحاجة إليه في ظرف معين ، فإذا كنت فقيراً فاسم الله الأعظم بالنسبة إليك هو اسم الغني ، وإذا كنت ضعيفاً فاسم الله الأعظم بالنسبة إليك هو اسم القادر ، وإذا كنت تائهاً فاسم الله الأعظم هو اسم الهادي ، وكل هذه الأسماء تدور مع الإنسان ، فتارةً التواب ، وتارةً المغني ، تارةً الرحيم ، تارةً القوي ، تارةً الناصر ، فكل حالة أنت فيها هناك اسم من أسماء الله الحسنى هو بالنسبة إليك اسم الله الأعظم .

والذي يلفت النظر أنه ورد في القرآن الكريم في آية هي أصل في هذه الدروس :
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾
( سورة الأعراف الآية : 180 )

إذا كنت مظلوماً فادعُ الله باسمه الناصر ، وإذا كنت مضطراً فادعُ الله باسمه المجيب ، وفي كل حال أنت فيه هناك اسم من أسماء الله الحسنى شفاء لك ، وحصن لك ، وأساس في حلّ مشكلتك .

أيها الإخوة ، المؤمن الصادق يتعامل مع الله تعاملا يوميا ، يتعامل مع الله تعاملا ساعيًا ، المؤمن الصادق يناجي ربه ، يستعين به ، يستغفره ، يتوب إليه ، يتوكل عليه ، يعبر لربه عن محبته ، يا رب ، إني أحبك ، وأحب من يحبك ، فكيف أحببك إلى خلقي ؟
ورد في بعض الآثار القدسية :
(( ذكرهم بآلائي ، ونعمائي ، وبلائي )) .
[ ورد في الأثر ]

المؤمن الصادق له مناجاة مع الله ، المؤمن الصادق يمرغ جبهته في أعتاب الله ، المؤمن الصادق عزيز عزة لا توصف ، لكن أمام الله فهو في منتهى الذل ، في منتهى الانكسار ، في منتهى الخضوع .

وهناك حقيقة تلفت النظر : كلما مرغت وجهك في أعتاب الله عز وجل رفعك الله ، وزادك عزاً وقوةً وحكمةً ، فبقدر ما تخضع له فيما بينك وبينه يرفع شأنك .

أنا لا أتصور أن في الأرض من آدم إلى يوم القيامة إنسانًا رفع الله ذكره كرسول الله عليه الصلاة والسلام ، وأتصور أيضاً أنه من إنسان خضع لله ، وكان عبداً ، وفي أعلى درجات القرب في سدرت المنتهى كرسول الله عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى :

﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾
( سورة النجم )

الإنسان من شانه العبودية ، والله من شأنه الربوبية ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
(( الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي ، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي ، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ )) .
[ أخرجه الترمذي وابن ماجه ]
الله عز وجل يغفر لك آلاف الذنوب :

(( يَا ابْنَ آدَمَ ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً )) .
[ الترمذي عن أنس ]

لكن ذرة واحدة من كبر تحجبك عن الله .

للتقريب : جاءك ضيوف كثر ، وما عندك شيء تقدمه لهم ، إلا كأس لبن أضفت خمسة أضعافه ماء ، وجعلته شراباً سائغاً ، الكأس من اللبن قبِل خمسة أضعافه ماء ، لكن لا يقبل قطرة نفط واحدة ، لأن هذه القطرة تفسده .

لذلك : ” رُبَّ معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً ” .

(( لو لم تذنبوا ، لخفت عليكم ما هو أكبر )) .

يا الله ! ما الذي هو أكبر من الذنب ؟ قال :

(( العجب )) .

[ الجامع الصغير بإسناد حسن عن أنس ]

فشأن العبد أن يتذلل لمولاه ، لكن المشكلة أن الذين شردوا عن الله يستكبرون على الله ، وهو يتذللون ، وينبطحون أمام عبد لئيم ، فإن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لعبد لئيم ، والعبد اللئيم لا يرحم ، ولا يسترضى ، ولا يؤمَن جانبه ، فإن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لعبد لئيم .

2 ـ بين اسم ( الأَحَد ) والواحد :

أيها الإخوة ، ( الأحد ) من مشتقات الواحد ، الواحد ( الأحد ) ، فالواحد مفتتح العدد ، أول عدد واحد ، أما ( الأحد ) فهذه للنفي ، ما جاء من أحد ، أما الواحد فللإثبات ، جاء واحد من القوم ، في الإثبات تستخدم لفظ ( واحد ) ، وفي النفي تستخدم لفظ ( أحد ) ، ما أطلّ علي أحد من الخلق ، ودعوت قوماً فجاءني منهم واحد ، الواحد لا شريك له ، لكن ( الأحد ) لا مثل له ، وهناك فرق بينهما ، الواحد من حيث الكم ، أما الأحد فمن حيث النوع ، فالواحد لا شريك له ، أما ( الأحد ) فلا مثل له .

لذلك قال تعالى :

﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾
( سورة مريم )
السمِيّ المشابه ، هل تعلم مشابها لله عز وجل ؟ كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك .
أما الأحدية فقالوا : هي الانفراد ونفي المثلية ، والانفراد لذاته ، وصفاته ، وأفعاله .

3 ـ من معاني ( الأحد ) :

من معاني ( الأحد ) أنه يحتاجه كل شيء في كل شيء ، وليس محتاجاً إلى شيء ، يحتاجه كل شيء في الكون في كل شيء ، وليس محتاجاً إلى شيء ، أحد صمد ، وجوده ذاتي ، أما الإنسان فعبد لله ، وجوده معتمد على إمداد الله له .

لذلك ورد في القرآن عبيد وعباد ، والفرق بينهما كبير ، العبيد جمع عبد القهر أما العباد جمع عبد الشكر ، فأيّ إنسان ولو كان ملحداً ، ولو كان كافراً ، ولو كان فاجراً هو عبد لله ، بمعنى أن حياته متوقفة على إمداد الله له ، لو توقف القلب فأملاكه بالمليارات تنتقل إلى غيره ، كان رجلاً فأصبح خبراً ، قال تعالى :

﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ﴾
( سورة المؤمنون الآية : 44 )
حتى العتاة ، الطغاة ، المستكبرون ، الملحدون ، الكافرون هم عبيد لله قهراً ، وكل مكانتك الاجتماعية مبنية على ذاكرتك ، وهناك حالات فقدِ الذاكرة ، كل مكانتك الاجتماعية مبنية على حركتك ، وأقل خثرة من الدم في أحد شرايين الدماغ تنتهي الحركة ، كل مكانتك الاجتماعية ، من عقلك ، والعقل قد يذهب فجأة .

فلذلك أي إنسان مهما كان قوياً ، ومهما كان متجبراً فهو عبد لله قهراً ، هذه عبودية القهر ، لكن المؤمن حينما عرف الله ، وأحبه ، وأقبل عليه ، وأطاعه ، وتقرب إليه فهذا عبد لله أيضاً من نوع آخر ، هذا عبد الشكر ، لذلك عبد القهر تجمع على عبيد .

﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾
( سورة فصلت )
بينما عبد الشكر تجمع على عباد .

﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
( سورة الإسراء الآية : 65 )
فرق كبير بين عبيد وعباد .

أيها الإخوة الكرام ، ( الأحد ) الفرد ، الذي يحتاجه كل شيء في كل شيء ، وليس محتاجاً إلى شيء ، ويستحيل أن تحيط به .

﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾
( سورة البقرة الآية : 255 )

علم ما كان ، وعلم ما يكون ، وعلم ما سيكون ، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون .

أيها الإخوة ، من خصائص أسماء الله الحسنى أن الصفات الفضلى لله عز وجل أثبتتها النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة ، لكن هناك خصيصة دقيقة ، النفي المجمل والإثبات المفصل .

يمكن أن تمدح إنسانا ، وأن تقول : هذا ليس لئيماً ، ولا بخيلاً ، ولا مجرماً ، أعوذ بالله ، هذا مدح ، من كمال الأدب مع الله عز وجل أن تنفي عنه النقص إجمالاً ، ومن كمال الأدب مع الله عز وجل أن تثبت كماله تفصيلاً ، هو رحيم ، ودود ، غني ، لطيف ، من كمال الأدب مع الله أن تنفي عنه النقص إجمالاً ، ومن كمال الأدب مع الله أن تثبت صفاته الفضلى تفصيلاً ، بعضهم قال في قوله تعالى :

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾
( سورة الأنعام الآية : 115 )
﴿ كَلِمَةُ رَبِّكَ ﴾

هي القرآن الكريم ، والقرآن الكريم بين دفتيه كل ما في القرآن الكريم لا يزيد على شيئين ، أمر وخبر ، فالله أمرَك أو أخبرَك ، فأمره عدل ، وخبره صدق ، ما بين دفتي كتاب الله أمرٌ وخبرٌ ، أمره عدل ، وإخباره صدق ، هذا معنى قوله تعالى : ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾ .

بعضهم قال : القرآن حمّال أوجه ، يعني : يا عبادي منكم الصدق ومني العدل ، تتفاوتون عندي بصدقكم ، الصدق له معانٍ عميقة جداً ، المعنى الساذج البسيط الذي يتبادر إلى ذهن كل الناس أن الإنسان إذا حدثك فهو صادق ، هذا المعنى صحيح ، لكن هناك صدق الأقوال ، وهناك صدق الأفعال ، أن تأتي أفعالك وفق أقولك .

مَن هم الأنبياء ؟ الذين ما رأى الناس مسافة إطلاقاً بين أقوالهم وأفعالهم ، مَن هم المنافقون ؟ الذين رأى الناس بوناً شاسعاً بين أقالهم وأفعالهم .

فيا عبادي منكم الصدق ، ومني العدل .
أو :
﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾

هذا تمهيد ، بعضهم قال : لا ، ما بين دفتي القرآن وصف للواحد الديان ، وأمر وخبر ، فسورة الإخلاص تعريف بالله ، فهي ثلث القرآن ، هذه السورة تعدّ عند بعض العلماء ثلث القرآن الكريم .

أيها الإخوة ، السبب أن أصل الدين معرفة الله عز وجل ، هذه كلمة للإمام علي رضي الله عنه : أصل الدين معرفته ، وشرف العلم من شرف المعلوم ، فمن الممكن أن تكتب دراسة مطولة على قصيدة الإلياذة لهوميروس ، قصيدة قيلت في عصور قديمة جداً ، وكلها ضلالات وآلهة وشرك ، فإذا درس الإنسان هذه القصيدة دراسة مفصلة ، وإنسان درس أسماء الله الحسنى ، فشرف العلم من شرف المعلوم ، وفضل العلم بالله على العلم بخلقه كفضل الله على خلقه ، فكلما ارتفع مضمون العلم ارتفع المتعلم ، وكلما ارتفع موضوع العلم ارتفع المتكلم .

لكن أيها الإخوة ، طرقُ معرفة الله عز وجل ثلاث ، يمكن أن نعرفه من آياته الكونية من الكون ، خلقه ، ويمكن أن نعرفه من آياته التكوينية أفعاله ، ويمكن أن نعرفه من كلامه قرآنه ، آياته الكونية عن طريق التفكر ، وآياته التكوينية عن طريق النظر ، وآياته القرآنية عن طريق التدبر .

آياته الكونية عن طريق التفكر :

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ .
( سورة آل عمران )

أما آياته التكوينية أفعاله :

﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾
( سورة الأنعام )

مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر ، مستحيل وألف ألف ألْف مستحيل أن تعصيه وتربح ، مستحيل وألف أَلف ألف مستحيل أن تقبل عليه وتُذل ، ومستحيل وألف ألف أَلف مستحيل أن تُعرض عنه وتعز ، سبحانك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت .
أما آياته القرآنية :

﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾
( سورة محمد )

إذاً : هناك طرق ثلاثة لمعرفة الله : خلقه عن طريق التفكر ، وأفعاله عن طريق النظر ، وقرآنه عن طريق التدبر .

أما العلوم فتقسم إلى أقسام ثلاثة علم بخلقه ، هذا اختصاص الجامعات في الأرض ، علم الفلك ، الفيزياء ، الكيمياء ، الرياضيات ، علم الذرة ، علم النفس ، علم الاجتماع ، علم النفس التربوي ، الجغرافيا ، التاريخ ، علم بخلقه ، والعلم بخلقه أصل في صلاح الدنيا .

والمسلمون إذا أهملوا اختصاصاً هم في أمس الحاجة إليه ، وتفوق بالاختصاص عدوهم ، أثموا جميعاً ، وعلم بأمره ، هذا اختصاصات كليات الشريعة في العالم الإسلامي افعل ولا تفعل ، الحلال ، والحرام ، والقرض ، والوكالة ، والحوالة ، والكفالة ، أحكام الزواج ، أحكام الطلاق هذا علم بأمره .

النقطة الدقيقة : أن العلم بخلقه ، وأن العلم بأمره يحتاجان إلى مدارسة ، كلمة مدارسة تعني أستاذا ، طالبا ، كتابا ، محاضرة ، مراجعة ، حفظا ، تلخيصا ، امتحانا ، شهادة ، هذه مدارسة ، فالعلم بخلقه يحتاج إلى مدارسة ، والعلم بأمره يحتاج إلى مدارسة ، لكن نتائج العلم بخلقه ، ونتائج العلم بأمره هذه المعلومات تستقر في الدماغ ، قد يكون الإنسان أمهر طبيب في الأرض ، وهو لئيم لؤماً لا يوصف ، قد يكون بأعلى اختصاص ، ويسلك سلوكاً لا يرضي .

فالعلم بأمره وبخلقه معلومات دقيقة جداً تحتاج إلى ذاكرة ، إلى متابعة ، إلى دراسة ، إلى انتباه … والنتيجة معلومات تستقر في الدماغ ، ولا علاقة لها بالسلوك .

إن العلم به يحتاج إلى مجاهدة ، قال بعض علماء القلوب : جاهد تشاهد ، العلم به يحتاج إلى ضبط الجوارح ، ضبط اللسان ، ضبط الدخل ، ضبط الإنفاق ، ضبط البيت ، يحتاج إلى بذل ، إلى عطاء ، إلى خضوع لله عز وجل ، إلى عمل صالح ، إلى تضحية ، إلى إنجاز للوعد ، تحقيق للعهد ، يحتاج إلى أخلاق ، من ثمار العلم به أن الله يلقي في قلبك الآمن ، والأمن أثمن نعمة على الإطلاق .

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
( سورة الأنعام )

والله أيها الإخوة ، في قلب المؤمن أمنٌ لو وُزِّع على أهل بلد لكفاهم .

ومن ثمار معرفة الله عز وجل الرضى ، السكينة تسعد بها ولو فقدتَ كل شيء ، وتشقى بفقدها ، ولو ملكت كل شيء ، الحكمة ، السكينة ، الرضى ، الرحمة ، النور يقذف في قلبك ، ترى الحق حقاً والباطل باطلاً .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾
( سورة الحديد الآية : 28 )

من ثمار العلم به : أن العقل يهتدي ، وأن النفس لا تشقى .

﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾
( سورة طه )

لا يضل عقله ، ولا تشقى نفسه ، من ثمار معرفة الله عز وجل : أنه لا خوف على هذا المؤمن ، ولا هو يحزن ، هاتان الكلمتان غطتا الماضي ، والحاضر ، والمستقبل .

﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
( سورة البقرة )

لا يضلك عقلك ، ولا تشقى نفسك ، ولا تندم على ما فات ، ولا تخشى مما هو آت ، كل الخير ، كل السعادة ، كل الرضى ، كل السلامة ، كل الذكاء في معرفة الله ، وطاعته :
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى