880 مليار أوقية قديمة هو حجم التداول على موقع فرصة في موريتانيا. كيف ؟

نعم، هو ذلك. يقول سيد احمد ولد لبغيل مؤسس موقع فرصة للإعلانات المجانية للإعلانات المجانية في موريتانيا إن حجم التداول على الموقع يفوق هذه الـ 880 مليار أوقية قديمة بكثير، وذلك : الأول هو أن المبيعات التي لم يحدد البائع سعرها لم يتم احتسابها في هذا الرقم، والثاني هو أن بعض البائعين يفضلون حذف الإعلان نهائيا بعد البيع بدلا من الإشارة المعتادة “تمت عملية البيع”.
أول سؤال يتبادر إلى الذهن بالنظر إلى هذا الحجم الكبير هو: ما هو نصيب القائمين على موقع فرصة من هذا المبلغ ؟ لكن الإجابة البسيطة على هذا السؤال إجابة لا تصدق. لو كان النصيب هو 5%، كما هو الحال مع سائر الوكلاء، لقلنا إنهم حصلوا على 44 مليار أوقية قديمة، لكن القائمين على الموقع يقولون إن نصيبهم هو صفر، أي أنهم لم يأخذوا أوقية واحدة من هذا المال.
سؤال يجر إلى سؤال آخر: كيف يغطي القائمون على الموقع تكاليف الصيانة، والاستضافة، والتعاطي مع المستخدمين؟
المبدأ الأساسي هو مجانية الخدمة، غير أن الموقع فتح خدمة الإعلانات الترويجية المعوضة مع خدمة الترويج عبر جوجل المعروفة بأدسانس لتغطية تلك التكاليف. لكن المبالغ المتحصل عليها بعيدة كل البعد عن الأرقام “الخيالية” لحجم المداولات.
وحقيقة الأمر أن موقع فرصة للإعلانات المجانية في موريتانيا هو مشروع ثقافي قبل أن يكون مشروعا تجاريا بحتا، وهكذا أراد القائمون عليه أن يكون.
ثقافة التداول عبر الانترنت ما زالت غائبة، والعاملون في هذا المجال يواجهون مصاعبة جمة في إطلاق مشاريع ناجحة، القائمون على فرصة مصممون على تطوير المشروع رغم تلك الصعوبات.
من هم القائمون على المشروع ؟ وما هي خطتهم لتطويره في المستقبل؟ وما هي الصعوبات التي يواجهونها في خلق ثقافة التداول عبر الانترنت في موريتانيا؟
يرى محمد محمود ولد احمد – الشريك الأول للمشروع – إن قوة فرصة تكمن في حجم قاعدة البيانات التي تمتلكها الآن والمؤلفة من 50 ألف إعلان، مما يمكن من تحديد الأسعار الحقيقية للسوق خاصة في المجال العقاري الذي يجد العاملون فيه صعوبة كبيرة في تحديد الأسعار جراء المضاربات والحملات الدعائية المغرضة.
فعندما يعرض أحد منزله للبيع فأول مشكلة يواجهها مع الوسطاء هي تحديد السعر، فكثيرا ما يدخل في دوامة يهدف أصحابها إلى تبخيس العقار باستخدام أساليب متعددة منها ما هو مناف للأخلاق، ولا يراعي الظروف النفسية الصعبة لمن هو مضطر لعرض منزله أو سيارته للبيع. وهنا تكمن قوة أخرى لموقع فرصة، وهي أنه لا يتدخل بين البائع والشاري، فالبائع هو الذي يحدد مواصفات منتجه، وسعره، ويعرض صورا منه، ويترك رقم هاتفه لمن أراد الشراء، بدون وكيل أو وسيط يسعى تارة إلى امتداح المنتج للشاري، أو إلى تبخيسه للبائع.
عملية البيع والشراء عملية معقدة في المجتمع الموريتاني، فالنظرة السائدة هي أن البائع في موقف ضعف، وأن الشاري في موقف قوة، ولا يتحمل البائع أي شيء من شأنه أن يذكره بتلك الحقيقة، خاصة إذا كان البائع شخصا لم يسبق له أن مارس التجارة، يزعجه القول “هذه سيارة قديمة” أو “هذا منزل متهالك، لن تجد فيه نصف السعر الذي طلبته” عبارات تدور على ألسنة الزبائن والوكلاء في الأسواق.
وهكذا يقدم موقع فرصة حلا مناسبا لمن يريد أن يبيع منتجه بكامل الحرية مباشرة للشاري دون أن يفقد جزءا من كرامته في المشادات الكلامية مع الوكلاء في الأسواق.
6400 عقارا و8600 سيارة تم التصريح ببيعها على موقع فرصة منذ تأسيسه 2010 إلى اليوم.
h3-2.jpg

  • يظهر تحليل البيانات المتعلقة بعدد الإعلانات وحجم التداول تزايدا مستمرا طيلة العشر سنوات الأخيرة كما هو مبين في الجدول، فقد صعد عدد الإعلانات من 148 إعلان 2010 إلى 25721 إعلان في سنة 2018.

h1.jpg

  • شهد حجم التداول على موقع فرصة صعودا غير مسبوق سنة 2018 بعد أن انسحاب مكتب الشيخ الرضى من سوق العقارات، إذ انتقل هذا الحجم من 83 مليار أوقية قديمة في 2017 إلى 336 مليار في سنة 2018، ولا تشير المؤشرات إلى الوصول لهذا الحجم في السنة الجارية 2019 التي لم يبلغ التداول خلال العشرة شهور الماضية منها إلا 154 مليارا، وهذا قليل بالنسبة لسنة 2018.

لا نقول إن كل ما يعرض على موقع فرصة يباع فورا، فحركة البيع خاضعة لقوانين السوق، لكن القائمين على الموقع يقولون إنهم لاحظوا أن الاعلانات الواضحة والمعروضة بسعر معقول غالبا ما تباع خلال فترة وجيزة، وذلك ما جعل العديد من الوكلاء يستخدمون موقع فرصة للترويج لمنتجاتهم.
عبر عبد الله ولد علي وهو صاحب أول إعلان ينشر على موقع فرصة عن إعجابه التام بالفكرة، إذ يرى أنها فكرة إبداعية رائدة تلبي حاجة الكثير من الناس.
ويعتبر الطالب اخيار الذي يعمل في مجال المتاجرة بالسيارات إن فرصة أتاحت له مجالا واسعا للتعامل، فقد باع فيها الكثير واشترى الكثير، وقد اتصل بالقائمين على الموقع وطلب منهم خفض الرسوم المفروضة على السيارات، وبرر رأيه بأن الناس يتجهون إلى الموقع لبيع سياراتهم بأقل ثمن ممكن لأن عنوان الموقع هو فرصة، والفرصة لا يمكن أن تكون غالية الثمن بالنسبة لقيمتها الحقيقية.
تبلغ الرسوم 10 ألاف أوقية قديمة على السيارات التي تتجاوز قيمتها 800 ألف أوقية قديمة، و5 ألاف على تلك التي تنقص عن 800 ألف. وجميع الإعلانات الأخرى تعرض بالمجان كالعقار، والأجهزة الإلكترونية، والهواتف، والملابس، والأثاث، كل شيء يباع ويشترى بالمجان على موقع فرصة ما عدا السيارات.
34% هي نسبة المبيعات من المنتجات المعروضة منذ 26 سبتمبر 2010 تاريخ الانطلاقة إلى اليوم، وذلك بالنظر إلى عدد الإعلانات التي تم التصريح ببيعها، وتبلغ هذه النسبة 14% بالنظر إلى السعر.
أما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن جل عمليات البيع تتم دون علم القائمين على الموقع وبدون أي تدخل منهم، ولا يجد أصحابها ضرورة في التصريح ببيعها خاصة في مجال العقار، فإن النسب الحقيقية للمبيعات أعلى بكثير مما يصرح به البائعون، ويقدرها القائمون على الموقع استنادا لتجربتهم في التعاطي مع الزبناء بـ 60% بدلا من 14% بالنظر إلى السعر، وبـ 80% بدل 34% بالنظر إلى العدد.
أكبر صفقة بيع تمت عن طريق الموقع هي الصفقة المتعلقة بسوق في العاصمة نواكشوط بـ مليار ونصف من الأوقية القديمة.

h4-2.jpgهذه طائرة صغيرة من نوع سيسنا cessna 310j تم عرضها على الموقع، وهذه ساعة يقول صاحبها إنها أصلية، وهذا أستاذ للرياضيات يعرض دروس تقوية، وهذا مهندس يبحث عن عمل، فقد أضافت فرصة في نسختها الجديدة خدمات التوظيف والمناقصات مع فضاء خاص بالشركات.
كانوا في البداية عندما يقترحون على أحدهم أن يعرض عقارا أو سيارة للبيع على الموقع يقول معاذ الله، أما الآن فقد تحسنت الأمور نسبيا بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية. وبقيت عوائق متعلقة بضعف التجارة الالكترونية في موريتانيا تحول دون تطور المشروع.
لو كان المواطن في موريتانيا لديه بطاقة ائتمان يسدد بها فاتورة الماء والكهرباء ويتسوق بها في المتاجر لكانت فرص تطوير المشروع أكبر، فيكون من السهل اقتطاع مبالغ رمزية على خدمات الموقع فيتم تجميع تلك المبالغ مع الزمن والعدد حتى تكبر شيئا فشيئا لتغذي المشروع.
لو أن إحدى شركات الاتصال شنقيتل، وماتل، وموريتل، أطلقت في موريتانيا خدمة التحويل المالي عبر الهاتف، كما فعلت شركة أورانج في السنغال، لفتح ذلك الكثير من الفرص لتطوير المشاريع المرتبطة بالتجارة الإلكترونية، لكن موريتانيا ليست سوقا بالمعنى الاقتصادي، والشركات الكبيرة تبقى مترددة في الاستثمار في هذا المجال.

سيد احمد ولد مولود
وكالة صحفي للأنباء

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى