ثقافة النفاق

ليس الغرض النبش في العيوب والماضي القريب وإنما من باب “ذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين” صدق العلي المتعال و لأن الكل يأمل خيرا في قائد البلاد الجديد وفي الوضع الجديد والمخزون المعدني وغيره من خيرات البلاد، فبالعودة بالذاكرة إلي العهد القريب، فقد اجتمعتم أنتم أصحاب البرلمان وأصحاب الحزب، مثقفون، علماء، فقهاء، مهندسون، أطباء، وزراء وخرجتم بعد مداولات وسهرات وناس يترقبون فكان القرار: إضافة خط أحمر علي علم موريتانيا والحجة المقاومة و تخليد الشهداء، واختلف الفقهاء، أيكون الخط الأحمر أفقيا أم رأسيا ليحسم الخلاف وتخرجوا للشعب بتلك النتيجة التافهة خط أحمر، كلف الدولة 6 مليارات أوقية، البلاد أحوج إلي صرفها في الصحة والغذاء والتعليم، “حبة جعلتم منها قبة” يا أصحاب الحزب، لا بد من تذكيركم بها علي الأقل كي لا تندفعوا في تصرف مماثل وتكلفوا الدولة مبالغ أخرى باهظة لرسم صورة أرنب علي الراية وتبرروا ذلك ,بأن تازيازت يكثر فيها صيد الأرانب، مهزلة انصاع وراءها كبار شخصيات البلد.

مشكلة البلد لم تكن “أولئك العسكر” وحدهم إنما رأس مشكلة موريتانيا هي النخبة المثقفة ,التي تتهافت علي حيازة رخص صيد، مناصب، فلل، سيارات رباعية الدفع، قطع أرضية، طبلوا لهذا وذاك وماضون معظمهم إلا من رحم الله في نفس الطريق، 100 يوم علي المأمورية الجديدة، أتركوا الرجل وشأنه، فعلي عاتقه مسؤوليات جسام، ولا تنسوا أنه موظف يتقاضي راتبا، فان أحسن يكون قد حلل معاشه وإن أساء فأمره إلي الله، لقد آن الأوان أن تتغير موريتانيا، وأن تنشغل الأحزاب – ان كان لابد من الاحتفاظ بها – فيما يفيد البلاد و العباد، مواقف تافهة قريبة العهد، الحكم علي المسيء بالسجن سنتين مع غرامة مالية 60 الف أوقية والمفارقة الكبرى أن يصدر مثل هذا الحكم عن محاكم الجمهورية الإسلامية الموريتانية “بلاد المنارة و الرباط” مهزلة تغاضيتم عنها يا أصحاب الحزب، مثقفين، علماء وزراء، مهندسين ولو أنكم رفعتم الغرامة إلي مليار أوقية وهو حق عام وفي الغالب لا يدفع لكان أصون لماء الوجه وأكثر سترا وردعا للمسيء و لغيره مستقبلا.

مبادرات، حراكات وإثارة نعرات، حراك لعلمين، البيظان، لكولر، اخوك الحرطاني، حلف تنسويلم، تجمع أهل كوبني، مبادرة الشيخ فلان، مبادرة أسرة علان، مسرحية أعادت البلاد الي الوراء وباعدت بين شرائح المجتمع في حين ترزح العاصمة في ظلام، شوارع قلب العاصمة إنارتها تكاد تكون معدومة، عاصمة مظلمة، والمستشفيات، واللحوم، لا مسلخات والأوساخ والقاذورات و… و…

الدولة كانت تسير وفق مزاج وقرارات مرتجلة، لقد اختلف الاخوة الخليجييون في رمضان، وتأثر الكل لمصابهم ونزاعهم ولكن كان علي موريتانيا أن تظل علي موقفها، الإصلاح بين ذات البين لا الوقوف مع هؤلاء ضد هؤلاء، مقابل ماذا ؟ أموال، لا فالكل إخوة ومرحب بهم وبسفرائهم غير مطرودين، أما الحجة أن هؤلاء دعموا الإرهاب ومولوا حزب تواصل بالمال والسلاح، فهي حجة غير صحيحةن وأصحاب تواصل لا يعرفون السلاح، ولم يعرفوا بالاحزمة الناسفة انما شوهدوا في رمضان وهم يزودون السوق بأحزمة وربطات البطاطس والبصل والتمور، معهد العلماء كذلك لا علاقة له بالقنابل والأسلحة ولا صلة له بالعنف لا منهجا ولا مدرسين، المعاهد الإسلامية الأخرى التي أغلقت كذلك، تصرفات غريبة، تهور وممارسات دافعتم عنها يا أصحاب الحزب وأنها من تعليمات القائد .

مصيبة البلد لم تكن القائد فحسب، انما الحزب ولجان الحزب وعلماء الحزب وفقهاء الحزب ودكاترة الحزب ومهندسي الحزب ومناضلي الحزب و … لكن في الأمة خير ولابد سيطفو فليتكاتف الكل علي القضاء علي ثقافة النفاق، فالخير موجود والبلاد قادمة علي خير كثير، معادن وخيرات، حق لها أن تستغل وان يعم نفعها علي الجميع، فثمة مخزون هائل من الفوسفات قرب كيهيدي بدأ يستغل الآنن فعلي الدولة أن تذلل الصعاب وتسارع في حل مشكلة نقل هذا المنتج الحيوي الهام ببناء سكة حديد او توسعة النهر في الجهة الموالية أو إعداد ميناء انجاكو للتصدير، وهناك في اكجوجت مخزون هائل من خامات الحديد يحتاج كذلك مصانع للتعامل معه وسكة حديد لنقله إلي ميناء تانيت ومشروع الغاز الكبير، خيرات واعدة وعلي النهر آلاف الهكتارات الزراعية، علي الدولة التعاقد مع دولة السودان أو المغرب لخبرتهم في المجال الزراعي وتسليم لهم النهر بأكمله وشمامه ليعملوا قفزة نوعية بالبلاد في المجال الزراعي طبعا مع مراعاة ساكنة المنطقة، أما علي مستوى الإدارة فعلي الدولة جلب طواقم أجنبية من ماليزيا وبلدان شرق أسيا ليتولوا أمور الإدارة و تسيير المنشآت لسنوات حتي يرسموا نموذجا للمواطن الموريتاني فيتعلم احترام النظام وأوقات العمل والتعامل مع الناس، فنحن أهل موريتانيا نعاني من فوضي ولامبالاة في الصميم، صاحبها كبر وبرجوازية وغرور ونزوح للترف غريب أهله يحتاجون سنوات يتولى عنهم آخرون أمور الدولة حتي يتشكل لديهم مفهوم الدولة والوعي الحضاري ليواكبوا موجة العصر.

· البشير ولد بيا ولد سليمان

طيار عسكري سابق، الآن في مجال الاستثمار وجلب المستثمرين لموريتانيا

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى