بعد “استقالته” من التحالف الشعبي التقدمي

النائب الخليل ولد الطيب، أحد قادة التيار الناصري في موريتانيا، قدم أخيرا استقالته من منصب نائب رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي، الذي كان أحد نوابه في البرلمان، التقته يومية “الفجر” وحاورته حول تداعيات الاستقالة، وعلاقته برئيس الجمعية الوطنية، والأطر الناصريين، وموقفه من النظام والمعارضة، وموقعه في الساحة السياسية مستقبلا.. فكان الحوار التالي:

الفجر: بداية هل أقيل الخليل من التحالف أم استقال؟

الخليل ولد الطيب: سؤالكم هذا لم يعد واردا بعد أن اطلعتم على بيان التحالف الذي أصدره بعد استلام مكتبه التنفيذي لنص رسالة الاستقالة التي قدمتها بصفة رسمية يوم 17 مايو إلى رئيس الحزب الأخ الرئيس مسعود ولد بلخير، والتي رأيت من الواجب نشرها بعد صدور هذا البيان الذي تناولته بعض المواقع بصيغ مختلفة، وأنا قدمت استقالتي بكل مرارة وأسف كما بينت في رسالة الاستقالة.

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

الفجر: أثار القرار الأخير المتخذ من طرف المكتب التنفيذي للتحالف والقاضي بقبول استقالتكم من الحزب، الكثير من علامات الاستفهام، هل لكم أن تضعونا في صورة ما حدث؟

الخليل ولد الطيب: ما حدث بإيجاز -ودون لف أو دوران- هو أنني بعد أن تعرضت لحملة دعائية حاول أصحابها يائسين تشويه صورتي الناصعة وتزييف الحقائق، -وكنت أتوقع أن يتصدى زملائي في الحزب بالرد على هذه الحملة الخاطئة لمعرفتهم بطبيعة مواقفي- لكن مع الأسف فقد شارك بعض هؤلاء في الحملة بأنفسهم -كنت قد ذكرتهم في رسالة الاستقالة التي أرجو منكم بالمناسبة نشرها لتتضح الصورة للقارئ الكريم- فما كان فيما بعد عودتي من مهمة قومية قادتني إلى السودان وسوريا إلا أن اتصلت فورا بالأخ الرئيس مسعود، الذي أجدد هنا احترامي وتقديري له، وعبرت له عن عدم ارتياحي لما جرى في مهرجان “تيارت” الذي نظمه الحزب، واعتبرت ذلك موقفا من الحزب، وأنني أصبحت أمام خيارين؛ إما أن أرد على زملائي وأعريهم وأكشف عوراتهم أو أهضم الموضوع، وأننى أختار الخيار الثاني.

لكنني في المقابل أقرر استقالتي من قيادة الحزب والاحتفاظ بعلاقة شخصية به خدمة للمشروع الوطني الذي جمعنا، وأن هذا القرار لن أطلع أحدا عليه، وبعد ساعات قليلة اتصل بي الأستاذ سيد احمد لبات يسأل عن صحة ما سمع، فطلبت منه أن يقول لي مصدره كي أجبيه فقال إن محمد الأمين بن الناتي أخبره الرئيس مسعود فأكدت له صحة الخبر.

وفي اليوم الموالي أصدرت بيان العتاب الذي وجهته لمنسقية المعارضة، والذي تضمن فقرة تقول إن قناعتي الشخصية ستوجه سلوكي وتحدد مواقفي.

وفي 16 مايو بعد عودة الرئيس مسعود من دكار وأثناء حديث ودي معه طلب مني أن أكتب له رسميا بصيغة القرار الذي أطلعته عليه سابقا بصورة شفهية، وفي الغد وبتاريخ 17 مايو سلمته رسالة الاستقالة.. هذه هي الوقائع كاملة غير منقوصة.

الفجر: يقال إن تداعيات الاستقالة بدأت بعد التصريح الذي أدلى به محمد الأمين ولد الناتي أثناء تواجدكم في ليبيا والذي اعتبر فيه أنكم تتصرفون بشكل شخصي ولا تمثلون إلا أنفسكم، ما حقيقة تلك التصريحات وعلاقتها بقرار الحزب؟

الخليل ولد الطيب: لا علاقة للاستقالة بتصريحات محمد الأمين ولد الناتي، وإن كنت أعتبر هذه التصريحات غير واردة، لاسيما من شخص مثل محمد الأمين ولد الناتي الذي يعلم كل شيء عني، وعن كل علاقاتي، خاصة العلاقة التي تربطني بالأخ القائد معمر القذافي.

فمحمد الأمين بن الناتي هو شريك في كل مراحلي النضالية منذ 1980 وكنت وإياه ضمن مجموعة الأطر الناصريين الذين استقالوا من الحزب الجمهوري كما هو معلوم، وكان على اطلاع كامل بما أقوم به من اتصالات؛ سواء على المستوى الوطني أو القومي من موقع الشريك، ويعرف جيدا أن لقائي بالقائد معمر القذافي لا يدخل ضمن نشاطي الحزبي ولا يلزم التحالف وليس باسمه، وبالتالي فقد اعتبرت تصريحه المتسرع طعنة في الظهر لا لزوم لها، ولن تؤثر على علاقتي به، لكنه يعرف أنني أمثل مجموعة هو من بين قياداتها، ويعرف أن هذا اللقاء كان مبرمجا وكان من المقرر أن يكون مشاركا فيه لولا اعتبارات فنية حالت دون ذلك.

الفجر: لوحظ من قرار المكتب أنكم تقدمتم بالاستقالة يوم 17 مايو الماضي أي قبل أقل من أسبوعين من قرار قبولها، هل للتوقيت دلاله معينة؟

الخليل ولد الطيب: بكل تأكيد لا يحمل التوقيت أي دلالة، فالذي حصل أنني قدمت الاستقالة للرئيس في 17 مايو في منزله، فقام الرئيس بإطلاع المكتب التنفيذي في أول اجتماع له بعد تسلمه هذه الاستقالة.

الفجر: تحدثت وسائل إعلام محلية منذ بعض الوقت عن جفاء يطبع علاقتكم بالسيد مسعود ولد بلخير ما حقيقة ذالك؟

الخليل ولد الطيب: إطلاقا لا يوجد جفاء بيني مع الرئيس مسعود، ويمكنكم طرح السؤال عليه كما يمكنكم مطالعة مقابلته يوم أمس مع موقع “صحرا ميديا” التي أكد فيها أن استقالتي من الحزب لن تؤثر على العلاقة التي تربطني وإياه.

الفجر: أين مجموعة الأطر الناصريين الآن؟ هل مازلتم متمسكين بوحدتها؟ وكيف تقيمون وضعيتها الحالية في حزب التحالف؟

الخليل ولد الطيب: مجموعة الأطر الناصريين بعد خروجها من تكتل القوى الديمقراطية، شهدت هجرة بعض أفرادها إلى أحزاب أخرى، في حين دخلنا نحن حزب التحالف وشهدنا استقالة الأخ عبد الله بن باركل من قيادة الحزب سنة 2007.

أما عن الشق الثاني من السؤال المتعلق بموقفي من وحدة مجموعة الأطر، فإنني أعلن تمسكي بوحدة التيار القومي بشكل عام، والتيار الناصري بشكل أخص، وسأعمل جاهدا لذلك ضمن رؤية قومية وفكرية تأخذ في الاعتبار المتغيرات من حولنا، وتتفاعل مع المحيط القومي، بل أذهب أبعد من ذلك لأقول إنني مؤمن بحتمية تلاقي كل القوميين في الساحة الموريتانية الذين يجب عليهم أن يعوا أنهم معنيون بالتلاقي مع الإسلاميين ليشكلوا التلاقي القومي الإسلامي في بلدنا.

الفجر: كيف تنظرون إلى مستقبلكم السياسي بخد الخروج من التحالف، خاصة وأنكم لم تحظوا هذه المرة بدعم زملائكم في التيار الناصري؟

الخليل ولد الطيب: المستقبل السياسي لأي إنسان تحدده مجموعة عوامل واعتبارات موضوعية وذاتية تتعلق بالشخص، وأعتقد أن مستقبلي السياسي لا يمكن حصره في حزب بذاته، صحيح أن التحالف يشكل محطة مهمة من نضالنا السياسي؛ كنا واعين فيها لطبيعة التحديات التي واجهت بلدنا وشعبنا، وقمنا بما أملته علينا قناعاتنا وواجبنا الوطني والقومي،

وأرى أن مستقبلي السياسي سيكون واعدا ومشرقا، أما عن الدعم الناصري لموقفي فأستطيع أن أقول إنني لم أطلب دعم أحد لهذا الموقف ولم أدعُ إليه أحدا لا من الناصريين ولا من غيرهم، لكني أستطيع القول كذلك إني أملك من القدرة والجرأة ومن الرصيد النضالي ما يمكنني من التأثير في الاتجاه الذي أريد إن أردت.

الفجر: أيهما أقرب إليكم اليوم: الأغلبية أم المعارضة؟

الخليل ولد الطيب: الإجابة على هذا السؤال تتطلب تحديدا واضحا لمعيار القرب أو البعد؛ فبالنسبة لي يتحدد مدى قربي من هذا الطرف أو ذاك بمقدار قربه وبعده من قضايا الناس، من هموم الوطن والمواطن ومن قضايا الأمة بشكل عام، وكي أكون صريحا فإنني أعتبر النظام الحالي -ولا أقول الأغلبية- أقرب إلى هموم الناس لأنه يرفع شعارات تهمني وتهم الناس، وقام بخطوات جريئة غير مسبوقة في تاريخ بلدنا السياسي.

وعبر عن إرادة جديدة تمنيناها على كل الأنظمة المتعاقبة فلم نجدها، فقام بها نظام محمد ولد عبد العزيز، ومع ذلك فإن المعارضة الحالية وإن كانت “معارضات” أعتبر نفسي قريبا من بعض مواقفها، وسأعمل جاهدا على أن أكون سفيرا لها لدى الأغلبية، بقدر ما سأعمل على أن أكون سفيرا للأغلبية لدى هذه المعارضة، إدراكا مني بأن المرحلة تتطلب ذك وأن هذا هو دوري، وموقعي الطبيعي يدفعني إلى ذلك حبا للوطن.

الفجر: في رأيكم، هل مازال التعايش بين “الحر” و “الناصريين” في التحالف قابلا للاستمرار، وكيف تنظرون على مستقبله في ظل التطورات الأخيرة في الحزب..؟

الخليل ولد الطيب: التعايش بين الناصريين وحركة الحر تعايش طبيعي، والتحالف بين الطرفين تحالف استراتيجي ومصيري، وأتمنى أن يستمر، وإن كنت أدرك أن هذا التحالف -كأي تحالف- لابد له من رجال مؤمنين صادقين متجردين من الحسابات الضيقة، وأشهد للتاريخ أن الأخ الرئيس مسعود ولد بلخير كان الراعي الأبرز لهذا التحالف، وأرجو أن يستمر في ذلك، وأنا -وكما قلت في رسالة الاستقالة- أضع نفسي تحت تصرفه خدمة لهذا المشروع النبيل، وأتعهد بأن أظل كما كنت مدافعا عن هذا التوجه وسفيرا له في كل مكان.

الفجر: أخيرا، يقال إنكم أقنعتم الناصريين عام 2002 بالتحالف مع حركة الحر بقيادة مسعود، هل تشعرون بعد ثمان سنوات أنكم أخطأتم الاختيار يومها ؟

الخليل ولد الطيب: بكل صدق ودون إطالة، فإنني أعتقد أن أكبر إنجاز حققه الناصريون في موريتانيا، وأعز مكسب عندهم، هو هذا التلاحم الرائع الذي وقع مع تيار الحر بقيادة الأخ مسعود ولد بلخير، ومع أن الفضل في ذلك يعود إلينا جميعا، سواء نحن مجموعة الأطر أو الإخوة في قيادة التحالف، لكن الإنصاف يقتضي القول بأن اللقاء مع الحر كان الدور الأبرز فيه لي شخصيا وللأخ محمد محمود بن الشيخ الذي استطاع أن تتشكل لديه صورة مضيئة عن مشروع حركة الحر وعن شخصية مسعود، من خلال مقابلة أجراها سنة 1996.

عندما كان مديرا لجريدة الموقف مع الرئيس مسعود، هذه المقابلة أفادتنا كثيرا وحفزتنا على البحث بكل السبل للتلاحم معهم ولم يخب أملنا بعد أن تم الاحتكاك إذن خيارنا كان صائبا وموفقا هذه قناعتي وهذا تقييمي.

المصدر : الوطن

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى