الفيلم التركي وجه جديد يبحث عن الشهرة في (غزة وود)

لم يعد الحديث عن السينما الأميركية ( هوليوود) أو حتى عن السينما الهندية ( بوليوود ) يجدي نفعاُ. كل الاهتمام انصرف إلى السينما الفلسطينية ( غزة وود ), هذه الأخيرة تخطفت الأضواء, فتبوأت من الشهرة أعلى الأماكن, وأصبح صيتها لا يشق له غبار.
أصبحت ( غزة وود ) قبلة لمن ينشدون الشهرة ويشتهون النجومية. النتيجة التي خلص إليها هؤلاء هي أن ( غزة وود ) هي المكان الأفضل لتلميع أنفسهم وإشباع طموحاتهم ونزواتهم المريضة.

كانت ( غزة وود ) ولا تزال مسرحاً للأفلام الإقليمية والعالمية. جميع الأقطار تمني النفس بأن يكون لها أفلام هناك في غزة. بعد نجاح الفيلم الإيراني ( دعم المقاومة ) و أفلام ( الشجب والاستنكار ) العربية, شعرت تركيا بغيرة شديدة و قررت أن تخوض غمار المشاركة, وهذه المرة من خلال الفيلم التركي ( سفن كسر الحصار ).

لم يرق لتركيا أن تشاهد أفلام الآخرين وهي تحقق النجاحات العملاقة, فقررت أخيراً أن تشارك.

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

عملت تركيا على إنجاح الفيلم ودعمه بقوة كي يحقق نجاحاً خارقاً للعادة و كي يجلب أعلى العائدات المادية والمعنوية. عملت تركيا منذ البداية على إنجاح الفيلم بشتى الوسائل, حتى و لو كلفها ذلك مقتل تسعة من مواطنيها.

كل البلاد تصنع الأفلام في ( غزة وود ) ليس لتحقيق التسلية و المتعة لمواطنيها, كما ليس من أجل التنافس على السعفة الذهبية في “كان” الفرنسية. بل لتحقق مآربها السياسية تارة ولتلتف حول المناكفات الشعبوية والجماهيرية تارة أخرى.

في ( غزة وود ) الجميع يتباكى على معاناة الفلسطينيين, والجميع يزعم أنه يعمل من أجل فلسطين وتحريرها, لكن الحقيقة المرة هي أنهم لا ينشدون من وراء أفلامهم هذه إلا مصالحهم الشخصية, وكأن بلسان حالهم يقول ( فلتذهب فلسطين وأهلها إلى الجحيم, المهم في الأمر هو أن تنجح أفلامنا ).

أما الفيلم التركي هذه المرة فيستدعي الوقوف مليا والتفكير عميقاً في الأهداف والدوافع الكامنة ورائه.
المخرج السينمائي البارع ( رجب طيب أردوغان ) صمم الفيلم بشكل رائع ودس مواطن مكره بين ثنايا الأحداث ببراعة متناهية, و زاد من جرعة الإثارة في السياق الدرامي للفيلم, ليجعل منه أكثر إثارة أو ربما ليجعله الأكثر إثارة على الإطلاق.
أحداث الفيلم تظهر مواطنين أتراك يبحرون على أظهر سفن محملة بالهدايا, ربما وجهتهم كانت غزة, والهدف من الزيارة هو جلب الدقيق لأهل غزة الذين ينخر بطونهم الدود! وعظام مناكبهم تبدو وتبرز من أسفل ثيابهم كالدبابيس!!
مواطن الإثارة حقاً كانت كثيرة في الفيلم, براعة المخرج لم تتوقف هنا. حيث أصر المخرج على رفضه للمؤثرات التلفزيونية, فجعل مشاهد القتل والدماء حقيقية, جنود تطلق النار و رجال يرشقونهم بقضبان حديدية وعصي خشبية, سقط تسعة ممثلين نتيجة هذه الواقعية المبالغ فيها في الأداء, لكن, كل هذا يهون من أجل إنجاح الفيلم!
من وراء هذا الفيلم ترنو تركيا إلى تحقيق هدفين, ربما لا ثالث لهم:

1) تحقيق مكاسب سياسية: بعد رؤيتها لتعاظم شأن إيران المتزايد في السياسة الدولية, و نجاحها في تطبيق نظرية ( الشغب السياسي ), أرادت تركيا أن تحذو حذو إيران و بذلك تخرج من النطاق الإقليمي والقاري إلى النطاق العالمي, بذلك تفرض نفسها بقوة, فتجبر رواد السياسة على احترام رغبتها الحثيثة بالانضمام للاتحاد الأوروبي.

2) تحقيق مكاسب اقتصادية: من خلال فيلمها الأخير, أرادت تركيا أن ترفع من شعبيتها في أوساط الشارع العربي, وبالتالي تزيد من رواج منتوجاتها في الأسواق العربية, التي تعد أسواق استهلاكية في الأساس. و مغازلة غزة تحديداً, تقف ورائها أيضاً تطلعات اقتصادية, خصوصاً إذا ما شاركت المؤسسات التركية بقوة في حملة اعمار غزة , والتي حشدت من أجلها المليارات.

نجح الفيلم سريعاً, لاقى قبولاً فورياً عند العرب عامة والفلسطينيين على وجه الخصوص, رفعت أعلام تركيا في الميادين العامة, وأخذ البهاليل يشيرون بالبنان إلى ( أردوغان ), فمنهم من وصفه بالرجل الوطني, و منهم من وصفه بالرجل الحر ,ومنهم من ذهب إلى أبعد من ذلك فوصفه بالخليفة !!

حتى عندما شغلت المذياع سمعت بعض البهاليل يغنون و يطبلون للخليفة الجديد!!
توهم الشارع العربي بأردوغان فتوقعوا منه ضربه عسكرية لإسرائيل, وأخذوا يطالبوا الدول العربية التي تقيم علاقات مع تل أبيب بطرد السفير الإسرائيلي, في الوقت الذي خذلهم فيه أردوغان ” صاحب الغرمة” فرفض طرد السفير الإسرائيلي من بلادة !!

لم ينخدع رجل الشارع البسيط بأردوغان فحسب, بل مرت هذه الأكاذيب والخزعبلات على بعض رجال الدين الذين ذهب بعضهم إلى وصفه بالإمام البر والصالح.

أقول لرجل الشارع البسيط, والله انك لم تحزن على شهداء حرب غزة كما حزنت على القتلى الأتراك, لا تنسي أن الطائرات التي قتلت شهداء غزة في الحرب الأخيرة تدربت في مناورات ( صقر الأناضول ) التي تقام كل عام في الأجواء التركية.

وأقول لرجال الدين المخدوعين بتركيا و ( سياساتها الجديدة المشرفة ), خليفتكم البر والعادل ( أردوغان ) هو عضو فعال وأصيل في حلف الناتو الذي يحمل الأفكار الصليبية, و الذي يكن كل العداء للإسلام والمسلمين. أسأل رجال الدين أين خليفتكم المزعوم من إحدى ركائز العقيدة الأساسية ألا وهي الولاء والبراء.

أتحلون لخليفتكم التحالف مع الغرب وتحرمون ذلك على حكامكم, أم أن التكفير يبقى حكراً على حكام العرب. مالكم كيف تحكمون ؟

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى