وثيقة سرية تتهم ولد بوعماتو بــ “التحايل والاختلاس”

ورد الخبر هكذا في موقع وكالة الأخبار المستقلة :


الأخبار

وثائق: ولد بوعماتو مارس “تحايلا واختلاسا ” كلف الدولة مليارات

a1-111.jpgانواكشوط (الأخبار – خاص) – أظهرت وثائق سرية حصلت عليها “الأخبار” ضلوع بنوك موريتانية، أبرزها بنك رجل الأعمال النافذ محمد ولد بوعماتو، في عمليات تحايل واختلاس ضريبي كبدت الخزينة الموريتانية خسارة فادحة ناهزت 4.25 مليار أوقية.

وقالت الوثائق السرية إن البنك الموريتاني العام (GBM)، المملوك لولد بوعماتو وهو أحد أبرز المقربين من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، حاز قصب السبق في تلك الممارسات ليصبح “نموذجا” للتدليل على حجم انتشار ظاهرتي التحايل والاختلاس الضريبي في القطاع المصرفي الموريتاني.

وقالت الوثيقة إن المعطيات التي ظل يقدمها ولد بوعماتو إلى الإدارة العامة للضرائب تظهر رقم أعمال مع الزبائن بحجم 523.232.095 وذلك في وقت بلغ فيه حجم رقم الأعمال مع سوماغاز وسوملك لوحدهما 579.469.012 أوقية، دون احتساب بقية الزبائن من الشركات الحكومية الأخرى فضلا عن الخواص.

  • اختلاس الضرائب
    a2-53.jpg

حذر التقرير من وصول التحايل والاختلاس إلى مستوى يصعب تقديره لكنه كان صرخة في واد (الأخبار)

ونبهت الوثيقة إلى أن البنك الموريتاني العام (GBM) ومن خلال خفض رقم أعماله في تصريحه إلى مصالح الضرائب، يخفض تلقائيا ترتيبا على ذلك حجم الضرائب التي يجب عليه دفعها.

وهكذا خفض (GBM) رقم أعماله لسنة 2006 ويخفض، ترتيبا على ذلك، الضريبة الجزافية الدنيا (IMF) والضريبة على الأرباح الصناعية والتجارية (IBIC) المصرح بهما.

ووفق الوثيقة الموقعة في 08 يوليو 2008، بشهر قبل الانقلاب على ولد الشيخ عبد الله، فإن أغلب البنوك التجارية في موريتانيا تقوم باستخدام مناورات تزويرية فيما يتعلق بتصريحاتها الضريبية. حيث يمكن اكتشاف التناقض بين التصاريح المقدمة إلى المصالح الضريبية وتلك المقدمة إلى البنك المركزي. ومن خلال مقارنة المعلومات المقدمة إلى الطرفين، إجمالا، تستخلص الوثيقة وجود فارق يناهز 4.249.821.515 أوقية تمثل خسارة الدولة عام 2006 وحده.

والأخطر من ذلك، كما يقول التقرير، أن هذه المخالفات لا تتعلق فقط بالتزوير بمعنى الكلمة، بل تتعلق أيضا بـ”اختلاس المداخيل الضريبية” التي تجبى من الزبائن وتكدسها البنوك بدلا من دفعها إلى الدولة. وكمثال على ذلك اختلاس الرسوم على تقديم الخدمات (TPS) التي تجبيها البنوك باسم الدولة ولا تتم إعادة دفعها بشكل تلقائي.

وتتهم الوثيقة كافة البنوك في موريتانيا، باستثناء “باميس” و”شنقيط بنك”، بالتورط في مثل هذه الممارسات وتخلص إلى مبالغة بنك ولد بوعماتو (GBM) على نحو خاص فيها.

  • عقبات “السر المصرفي”

a3-44.jpgالصفحة الأولى من الاتفاق المريب بين ولد بوعماتو وإدارة الضرائب (الأخبار)



وفي هذا المنحى يقول التقرير الذي رفع إلى الرئيس الموريتاني يومها سيدي ولد الشيخ عبد الله إن بنك ولد بوعماتو صرح سنة 2006 بأن إجمالي الرسوم على تقديم الخدمات في عملياته مع زبائنه تبلغ 69.705.538 أوقية، وذلك في وقت يصل فيه الرقم الذي تمت جبايته، على أساس تقديم الخدمات، من “سوماغاز” و”سوملك” وحدهما 96.877.400 أوقية.

وفي سنة 2007، صرح البنك الموريتاني العام بجباية 68.132.084 أوقية كرسم لتقديم الخدمات من مجمل زبائنه وذلك في وقت تصل فيه المبالغ التي تمت جبايتها فقط من الشركتين 218.912.442 أوقية.

وعانت مفتشية الدولة، في مساعيها للتحقيق في المخالفات المالية، من عقبات أبرزها عدم تعاون البنك المركزي الموريتاني تعللا بقانون “السر المصرفي” للتحفظ على العمليات المالية، على الرغم من فتوى المحكمة العليا لصالح تزويد مفتشية الدولة بالمعطيات اللازمة لقيامها بمهمتها المتمثلة في مراقبة الأملاك العمومية ورصد المخالفات ذات الطابع الاقتصادي.

  • تصفية للحسابات

a4-32.jpgالصفحة الثانية من الوثيقة التي منحت “صك غفران مصرفي” لولد لوعماتو بين تمت جرجرة نظرائه أمام المحاكم (الأخبار)



أما وزارة الاقتصاد والمالية، من جانبها، فلم تقم، حتى تاريخ الوثيقة التي حصلت عليها “الأخبار”، بأي إجراءات من أجل استرداد المبالغ المالية التي خسرتها الخزينة العامة بسبب المخالفات المالية المذكورة.

ويأتي تجاهل السلطات لضلوع ولد بوعماتو في عمليات احتيال واختلاس كبدت الخزينة الموريتانية مليارات الأوقيات، في وقت تمت فيه مساءلة كثيرين من بينهم رجال أعمال كبار وبعض صغار المسؤولين.

فقد اعتقلت السلطات الموريتانية رجال الأعمال محمد ولد انويكظ وعبدو محم واشريف ولد عبد الله ولم يفرج عنهم إلا بعد تعهد بدفع 2.5 مليارات أوقية تقول الحكومة إنهم حصلوا عليها بطرق غير شرعية من البنك المركزي.

كما دفع اتحاد أرباب العمل الموريتانيين مبلغ 400 مليون أوقية للخزينة من أجل الإفراج عن ولد الوقف ورفاقه وذلك في إطار تفاهمات اتفاق داكار.

وفي هذا المنحى أيضا تعتقل السلطات الموريتانية حاليا مفوض حقوق الإنسان السابق محمد الأمين ولد الداده وتطالبه بإرجاع مبلغ 250 مليون أوقية تقول إنها اختفت من المفوضية التي كان يديرها.

كما تواصل انواكشوط اعتقال المدير السابق لصناديق القرض والادخار أحمد ولد خطري مطالبة إياه بإرجاع مبالغ تقول إنها اختفت خلال تسييره للمؤسسة.

ويدل استهداف أشخاص عديدين، أغلبهم معارضون للحكومة الحالية، في وقت تم فيه توشيح ولد بوعماتو على كون “الحرب على الفساد” التي تعلنها الحكومة مجرد أداة لتصفية الحسابات، كما يقول مراقبون.

  • شكوك خطيرة

a5-11.jpgفتوى المحكمة العليا التي تلزم البنوك بتقديم كافة المعطيات إلى أجهزة التفتيش (الأخبار)



وقد اقترحت الخلية القانونية في رئاسة الجمهورية على الرئيس الموريتاني حينها سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله أن تقوم وزارة المالية (إدارة الضرائب) بالتعاون مع البنك المركزي الموريتاني بمباشرة “تحقيق سريع” حول حقيقة عمليات المخالفات الضريبية فضلا عن اتخاذ التدابير اللازمة لتصحيح الوضع، وذلك نظرا لـ”خطورة الشكوك” التي تحوم حول الأمر وكذا حجم الخسارة التي تتحملها خزينة الدولة.

وقد أمر ولد الشيخ عبد الله، بإطلاع محافظ البنك المركزي على فتوى المحكمة العليا ودعوته إلى “التقيد بها”، واعدا بأن يتحدث مع الوزير الأول، الذي توصل بنسخة من الوثيقة، بشأن الأمر، طبقا لما تظهره عبارات بخط يده على هامش الوثيقة. لكن ولد الشيخ عبد الله نفسه غادر الحكم بعد أسابيع وبقيت كلماته حبرا على ورق.

الرئيس المدير العام للبنك الموريتاني العام (GBM)، محمد ولد بوعماتو، رد على مراسلة إدارة الضرائب بشأن المبالغ المستحقة على مؤسسته معربا عن استغرابه حصول المفتشية العامة للدولة على معلومات بشأن العمليات المالية لبنكه “نجهل طبيعتها ومضمونها” مؤكدا أنها “خاضعة للسر المصرفي”.

  • “صك غفران” مصرفي

واعتبر ولد بوعماتو، في الرسالة المؤرخة في 3 أبريل 2008، أن مثل هذه الإجراءات “لا تؤدي إلا إلى اللبس”. وأشار إلى أن البنوك ترفع تقارير مختلفة إلى البنك المركزي بعضها مؤقت قبل تصريحاتها الرسمية وبعدها، كما أن البنك المركزي يقوم بتدقيق تلك المعطيات ويقوم في الغالب بطلب تعديلات عليها.

وأشار ولد بوعماتو إلى اتفاق وقع بين مؤسسته وبين وزارة المالية في 15 يناير 2007 يقضي بتسوية الضرائب المستحقة على مؤسسته، مطالبا بإطلاعه على نسخ من التقارير المالية التي على أساسها تتم مطالبته بدفع متأخرات ضريبية كما طالب بمهلة شهر لكي يقدم ردا مناسبا.

الاتفاق الذي يشير إليه ولد بوعماتو يشير في مادتيه الأولى والثانية إلى اعتراف بنك موريتانيا العام (GBM) بشرعية الحقوق المترتبة عليه والبالغة 179.225.870 أوقية (ما بين ضرائب وعقوبات) على أن تتنازل إدارة الضرائب عن جزء من المبالغ المتعلقة بالعقوبات ويسدد البنك الحقوق البالغة 169.532.453 أواق والعقوبات البالغة (بعد الاتفاق) 7.270.071 أوقية.

ويشير الاتفاق إلى أن دفع البنك لتلك المبالغ، وهي جزء ضئيل من التحايل والاختلاس الذي مارسه بنكه، “سيمثل وصلا ضريبيا” وهوما يشبه “صك غفران مصرفي”.

وهكذا تمكن البنك الموريتاني العام (GBM) من تشريع حيازته للأموال التي جباها من الزبائن لصالح الحكومة وتلك التي تهرب من دفعها للخزينة، وإخلاء ذمته من كل الضرائب، بما فيها الضريبة على الأرباح الصناعية والتجارية (IBIC) والضريبة الدنيا الجزافية (IMF) ورسم تقديم الخدمات (TPS) والضريبة على رأس المال المنقول (IRCM) والضريبة على الرواتب والأجور (ITS) وضريبة الأجور التي يسددها رب العمل (taxe d’apprentissage) إضافة إلى ضريبة القيمة المضافة، وذلك في وقت تتم فيه جرجرة آخرين أمام المحاكم وشرطة مكافحة الجرائم الاقتصادية.


إقرأ أيضا:

“الأخبار” تكشف بالوثائق ما قيل إنها مساع لولد بوعماتو لتفليس شركة “سوماغاز”
صوملك: حين يساهم الجميع في الإفساد…!

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى