حتي لا تختلط الاوراق

يعيش الشارع الموريتاني هذه الأيام وقع حادثة محرقة الكتب من طرف المدعو بيرام ولد أعبيدي .
وقد تفرج الكل علي عمليتي المد والجزر اللتين حكمتا نبض الاعلام بكافة اطيافه وخاصة الاعلام الالكتروني الذي يعتبر الشريان المغذي لتطلعات المواطنين العاديين الذين لا تربطهم بالسياسة علاقة ولا مصلحة –وان كانوا هم الهدف وهم من سيسدد الفاتورة في النهاية- إلا ماكان من بنوتهم لرحم هذه الأرض موريتانيا, أم الجميع وحاضنة الجميع والتي ينبغي الا نلعب معها دور


:
” أجير أم عامر” الذي ربته ورعته حق رعايته ولما اشتد عوده اكلها….

جنبنا الله واياكم شر الاكل , فالبحث عنه هو ماأودي بأم عامر ونرجوألا يؤدي بأختها موريتانيا…
وبعد هذا التقديم الموجزأود أن أشير الي ان ما أقدم عليه بيرام هو عمل غير مسموح به لا من الناحية الشرعية ولا الاخلاقية ولا الانسانية,وبيرام نفسه بوصفه حقوقيا أكثر تأهيلا منا نحن –عامة الناس-علي الذود عن كل هذه المناحي ولكن حاجة في نفسه او في نفس غيره ممن لهم اليد الطولي عليه افضت به الي الاقدام علي هذه الفعلة الشنيعة.

ومن هنا كان لزاما علينا الا تشغلنا قضية بيرام عن ماراء الاكمة كما يقال, فبيرام هو سليل مجموعة عرقية من المعروف أن لها قضيتها التي تنافح عنها ولها مشروعيتها التي يفترض الا تسقط بمجرد ارتكاب بيرام او أي شخص آخر لأي خطأ.

فهذا تصرف لا يلزم الا صاحبه لان طبيعة معرفته بالمجال الحقوقي لم تدع مجالا لطرح احتمال حسن النية او الخطأ واذا كانت نتائج التحقيق كشفت او ستكشف عن متعاونين فان الهدف من هذا التعاون حسب فهمنا ليس الاعلاء من شأن فئة الحراطين التي يري بيرام ان انشاء الحركة أصلا كان من أجل مصلحتها, وهنا مكمن الخطر.

فبيرام نال حظه من الشجب والادانة وينبغي الوقوف عند الحد وعدم خلط الاوراق فليس الاول في الاساءة علي الدين علي الاقل من الناحية الشكلية ولكن الجديد فيه هو ان ما فعله بيرام لم يكن سرا الشيء الذي يكرهه الموريتاني فصحيح ان الله لا يحب الجهر بالسوء من القول ولكنه أيضا جل وعلا لا يحب التستر علي السيئ من القول ولا العمل ونهي عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن…

فاذا تم التستر علي فعل المنكر فهذا لا يكسبه شرعية وذلك ما تم لمرات عديدة ومر بردا وسلاما علي الشارع آنذاك ولم ينبس أي كان ببنت شفة….لذا فمحرقة الكتب ندينها ونستنكرها ونمقتها وذلك لعدة اسباب فاضافة الي كونها ظلما للدين ولمالك ولمذهبه كأحد الجسور التي أمنت وتؤمن المجتمع من الانزلاق في الشبهات فهي ايضا اشعلت نار الفتنة وهذا ما نهي عنه الشارع الاسلامي وهو ايضا غير مأمون علي الشارع الاجتماعي بل يقوده الي التباغض والتناحر والتشرذم وهي نار اذا اشتعل اوارها لا فلا احد يستطيع التنبؤ بما سينجر عنها….

وهنا نكرر انه يتعين علينا تفحص ما نكتب وما يصدر منا في الشارع وألا نخلط بين ورقة حرق الكتب وورقة قضية الحراطين التي هي ورقة اجتماعية لها أسبابها ومشروعيتها وطرق ممارسة معالجاتها التي يجب ان تكون بحجم الرد علي ممارسة استغلال هذه الفئة من طرف من يستغلونها فعلا والتي لا أري أن حادثة حرق الكتب بعيدة عن احدي طرق استغلال صاحبها مهما تكن دوافعه . فقد كان حريا ببيرام أن يهتم بمعالجة هذه الظاهرة من جانبها الاجتماعي والذي فيه مايكفل له كل التبريرات التي يبحث عنها ويترك الجانب الديني في مأمن من الريبة والتعريض.

ونتوقف هنا قليلا لنقول ان مجتمعا مازالت توجد فيه بقايا الرق واستغلال الانسان لأخيه الانسان هو مجتمع حري بأن ينتقد الاسياد فيه او من يعتبرون أنهم اسياد. يجب نقاشهم ومحاورتهم قبل غيرهم لأنهم واهمون, فالعبودية في اساسها الشرعي هي استرقاق عقدي قبل أي شيئ لذا فمن يشهد بتوحيد الله سبحانه وتعالي ويؤمن برسالة خاتم النبيئين محمد صلي الله عليه وسلم فقد عصم دينه وماله وعرضه وهذا ما ينص عليه بعد القرآن الكريم و أمهات الكتب التي أحرقها بيرام نفسه.

وهنا حري بنا أن نشير الي ان المجتمع الموريتاني باعتباره مجتمعا طبقيا الي حد انقسامات الاميبا وكل هذه الطبقات تري لنفسها الفضل والجدارة من الناحية التاريخية وأنها المؤهلة للقيادة الاجتماعية فانه يجدر بها ان “تتناصف” أي هي بحاجة الي الانصاف والانصات لبعضها البعض ومن ثم قد يمكنها –الطبقات الاجتماعية- الوصول الي نتائج قد تجديها.

فمهما تكن استفزازية تصرف بيرام فانه كان علينا ان نتحلي بالمسؤولية والاتزان وان تكون نظرتنا ذات بعد استراتيجي بحيث نطرح كل الاحتمالات التي يفترض ان تسيئ الي مسيرتنا الاجتماعية التنموية فلا تنمية خارج مجتمع متماسك ينعم الافراد داخله بالثقة فيما بينهم , الشيء الذي اثبت الواقع عدم صحته فقد كانت ردود الفعل ازاء هذا الحدث كافية لتبين أن البعض يتهم البعض في أقدس شيئ لديه : عقيدته

فقد تبين ان بعض الاصابع تشير الي مكامن خلل في مستوي البنوة لهذا الدين اذ صوب الكل بنادقهم الي مجموعة الحراطين معتبرينها قصرت او ان ماحل بهذه الكتب هو من صنعها لوحدها وهذا ما لم يكن صحيحا فقد نددت هذه المجموعة بهذا الحدث وشجبته, وكانت مشاركتها في المسيرات الاولي اكبر من دليل علي هذا, الا ان الشارع بدا و كأن له موقفا آخر حيث ظهرت الكتابات مابين متهمة او مبررة وهذا خطر فالتبرير ارساء لتهم واهية في الاصل وفي غير محلها فلا مجال لان ننصب أنفسنا محامين عن معتقدات الناس ما لم يتبين لنا زيف ايمانهم بادلة وبراهين واضحة ولها اصحابها المتبحرون من الفقهاء والعلماء وليس كل الناس مؤهلون لذلك.

وفي هذا الميدان تساوي في الخطأ الشارع والحاكم فظهور مجموعة من الائمة في التلفزيون الوطني تنتمي أكثريتها الي هذه الشريحة هو الآخر عمل موجه ولا تقل خطورته علي المستوي الاجتماعي من الناحية الاستراتيجية عن فعلة بيرام,.

وفي هذا الصدد سنذكر بنقطتين مهمتين من وجهة نظرنا:

أولاهما: أن الوحدة الوطنية بحاجة الي اجتماعيين يضعون استراتيجية وطنية جادة تعمل علي مد الجسور لا الي ذر الرماد في عيونها, بواسطة اشاعة الفتن فذلك حتما سيؤدي الي مالا تحمد عقباه.

وثانيهما: مطالبة الكتاب والمثقفين بعدم تسييس القضايا الوطنية وتركها في حدودها فهم محاسبون أكثر من غيرهم باعتبارهم موجهين للرأي العام ومسؤولين عن تنويره وتوعيته لذا تعين عليهم الحياد والموضوعية أكثر من غيرهم.

زينب بنت الجد

المديرة الناشرة لجريدة المحرر

مسؤولة العلاقات الخارجية بشبكة الصحفيات الموريتانيات

22 452416

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى