عودة الإيديلوجيا إلى الساحة الجامعية

بعد سبات طويل استيقظت جامعة انواكشوط من جديد على الصراعات الإيديولوجية وهي تعود بنفس أشد وأقوى مما كان سائدا في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم.

عادت الخطابات تتقاطع وتتباين وتتصارع ، عادت القومية بتاريخها وحاضرها ومستقبلها تبحث عن مكان في جامعة سيطر عليها الإسلاميون طويلا ، وعاد اليسار بخطابه الحالم وشبابه الكادح يبحث عن أنفاس جديدة ، كل ذلك جعل الطالب في جامعة انواكشوط يتشتت بين هذه الأفكار المختلفة في كل شيئ المتفقة على قداسة مبادئها وعظمة رجالاتها في مختلف مراحل الزمن والتاريخ .

ليعود الصراع الفكري للجامعة بشكل جديد وأجيال جديدة وخطابات قديمة جديدة ، مستخدمين في الإقناع والتعبير وسائل غير التي أعتمدها متصارعوا السبعينات .

عادت القومية لرص صفوفها وجمع قواها ، عادت بخطاب جديد المنادون به لايؤمنون كبير إيمان بشقين في قومية واحدة فالبعثيون والناصريون تخلو عن ميراث طويل من التفرقة بينهم مستلهمين التاريخ المشرق والناصع لثورة يوليو المجيدة وأبطالها مستحضرين الدور الكبير والرائد للحكم البعثي للعراق حالمين بتغيير واقع يرون أنه ظلم كثيرا القضايا العربية وجعل من العرب أمة دونية غير ناسين في أنشطتهم وندواتهم وحتى حوارتهم الخاصة أن يقفوا إحتراما عندما يذكر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أو الشهيد القديس صدام حسين المجيد .

في الوجه الثاني من الصورة يبرز الإسلاميون بخطابهم الديني الصالح لكل زمان ومكان جاعلين من مؤلفات مرشديهم ومنظريهم مرجعية ووسيلة لتمرير أفكارهم مستندين إلى حلقات ذكر وأناشيد دينية تقربهم من المتلقين ولا تبعدهم عن الله، ويستضيفون أحيانا إن أقتضت الحاجة بعض قيادييهم في الساحة السياسية والثقافية ، ساعين بكل ذلك لإحتواء ساحة جامعية بدأت تتمرد على خطابهم الرجعي المتزمت كما يصفه مناوؤه.

ويدور الصراع الأقوى على مستوى الجامعة بين الإسلامي والقومي بين المتشبثين بعروبة الدفاع عنها جهاد في سبيل الله والموت دفاعا عنها شهادة ما بعدها شهادة، وبين الداعين إلى الكفر بها ونبذها فهي بقية من الجاهلية ، بين الحزبين يدور صراع قوي ومتشعب وكل حزب بما لديهم فرحون .

غير بعيد من هذا الصراع يقف اليسار بكادحين قلة أتخذوا الخبز “رفيقا”يوميا لحوارات عابرة تستأنس بمطرقة كان لها تاريخ ، باحثين عن آذان كبيرة تستوعب دعوة أممية لجهاد مشروع على الطبقية والتبعية والإقصاء منتظرين أي فرصة لينقضوا على خصوم لم تكفي عقود طويلة من الزمن لتجاوزهم .

في جامعة انواكشوط لا يمكن الحكم بموت الإيديلوجيا فالحوارات الفكرية والصراعات تملأ الساحة وتأخذ من وقت الطلاب أكثر مما تأخذ الدروس والتحصيل العلمي ، وتظهر بارزة في كل نشاط أوندوة أوتظاهرة وحتى أن بعض الأساتذة يشاركون في تقوية هذا الصراع الإيديلوجي ، في زمن طالب فيه البعض بموت الإيديلوجيا وتجاوزها .

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى