لمصلحة من عرقلة مسيرة البناء؟!

بسم الله الر حمن الرحيم

من الطبيعي في مجال السياسة أن تتحين المعارضة الفرص، وأن تستغل المناسبات لتسجيل مواقف وكسب مواقع في صراعها المحتدم والمشروع مع السلطة في الأنظمة الديمقراطية.

ومن الأكيد أن الظروف الحالية التي تمر بها البلاد كانعكاس لما يعتمل في محيطها الإقليمي تتيح للمعارضة الوطنية والديمقراطية من الفرص ما من شأنه – لوتم استغلاله بإيجابية- أن يرفع من مستوى أدائها وينعكس ببالغ الأثر على مدى تقبلها لدى الرأي العام المحلي.

فتجذير النظام الديمقراطي والفصل بين السلطات وتعزيز الحريات العامة وتدعيم السلطات الرقابية قانونيا وعمليا وضمان تسيير شفاف للموارد العمومية كلها مطالب جوهرية ذات أولوية قصوى لدى الرأي العام فضلا عن أن غيابها الكلي هو المحرك الأساسي للمطالب الشعبية التي تحولت إلى ثورات في بعض البلدان العربية.

لكن الأكثر تأكيدا هو خطورة تنكب الواقع والتنكر لما هو قائم واستغلال الظرف نفسه لنكران الفرادة التي حققتها بلادنا خلال السنتين الأخيرتين في مجال بناء الديمقراطية ودولة المؤسسات ومحاربة الفساد والعناية بالأجيال الصاعدة من القوى الشبابية والطبقات الفقيرة والمهمشة والمصالحة مع الذات سياسيا واجتماعيا وحضاريا.

إن انزلاق معارضتنا الملحوظ نحو تبني الموقف الأخير يعتبر تنكرا فظيعا لأبجديات العمل الوطني الديمقراطي واحترام ضوابطه من خلال العمل عبثا على إسقاط واقع سياسي يتسم بالاستبداد ومصادرة الحريات العامة ونهب ثروات الشعوب في كل من تونس ومصر على وضعنا المغاير تماما الذي يغيب فيه أي سجين للرأي و ينفرد نزلاء سجونه بميزة أصحاب الجرائم وناهبي المال العام، فضلا عن سيادة الحريات العامة والتي يشهد لها ما يعرفه برلماننا من نقاشات ساخنة تجتاز كل الضوابط والخطوط وما تعرفه ساحتنا الإعلامية من إزدهار كان مبعث الإشادة والتنويه من المنظمات الدولية المهتمة بميدان حرية الصحافة.

إن عدم الظهور العلني للمعارضة حتى الآن، والاكتفاء بالاختفاء وراء مجموعات شبابية غرر بها لمساومة النظام لا يمكن أن يخفي حقيقة الفشل وفقدان الذرائع التي كان المواطن ضحية لها طيلة عقود من الزمن تحت حجج التشغيل والتوسع في الخدمات العمومية وحقوق الإنسان بعد أن تحقق للمواطنين ما كان يصبون إليه في هذه المجالات وغيرها من طرف السلطات الحالية.
إن اصطدام حملة التشكيك في تلك الانجازات المتحققة في ظرف قياسي (أقل من سنتين)، بإرادة المواطنين وتقدير الرأي العام لهذه الإنجازات، ألجأ الطيف المعارض إلى استجلاب العوامل الخارجية من خلال الترويج لأطروحات جعلت المراقب الدولي الحصيف والأكثر وعيا يحكم باهترائها وتهافت الأسس المبنية عليها.

إن أبرز رموز هذه المعارضة، من جيل واكب تأسيس الدولة الوطنية الحديثة وهم بذلك مسؤولون سياسيا وأدبيا عن ضياع خمسة عقود من عمر هذه الدولة، فشلوا فيها عن تقديم أي مكسب للشعب الموريتاني يمكن أن يكون دعامة حقيقية لبناء موريتانيا قوية ذات شعب فخور بالانتماء إليها.

إن حاجة الشعب الموريتاني اليوم إلى معارضة حقيقية ونزيهة و مسؤولة توازي حاجته إلى موريتانيا آمنة مستقرة ومزدهرة اقتصاديا واجتماعيا، يحدوه أمل كبير من خلال ما تحقق له في ظرف وجيز من أن يصبح ذلك واقعا معيشا.

وإلا فإن معارضة تموه الحقائق وتحاول تضليل الشعب ولا تعبأ بأمنه واستقراره وتنظر لمستقبله ومستقبل بلده على مقاسات أطماعها، تعتبر مطالبة بإثبات مشروعيتها بوصفها معارضة وطنية.

عيسى ولد الراجل

إطار وعضو اللجنة السياسية لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى