تعليق عجوز… في الطرف القصي .
ألا تكفي خمسون سنة من الإحباطات والفشل المتلاحق للنخبة السياسوية المحنطة كي تتقاعد ؟ أليس من حق هذا الشعب أن يبحث عن وجوه جديدة قادرة على لعب أدوار جديدة ؟ من الذي يحكم علينا بأن نظل في مركز انعدام جاذبية التطور؟
أسئلة ملحة لازالت تبحث عن أجوبة تتجاوز أخرى شفاهية وتبريرية هي الأكثر شيوعا عند النخبة المحنطة موضوع التناول .
***
ما أشبه ليلة نخبتنا السياسية ببارحة ذلك الشاب الذي يروي لنا الموروث الشعبي قصته حين عاد إلى حي أهله بعد خمسين سنة طوح فيها في بلاد الله الواسعة فتحلق من حوله الأهل وهو يحدث من أخباره عجبا بعد أن جاب بلاد الصين والاتحاد السوفياتي حتى رمى عصا الترحال في بلاد الفرنجة وما تعرض له من أهوال وسجون واضطهاد وهو يخوض في نضالات مريرة كي لا يعود ، كما عاد ، خاوي الوفاض إلى من ينتظرون رجوعه بفارغ الصبر بما يعلقونه من آمال جسام على عودته … جلس الشاب مسترسلا في أسلوب مشوق وذرابة لسان فائقة حتى وصل إلى القول إنه خاض غمار تجربة ذات حدين يمن أن تفيد إذا ما سلم مقاليد الأمور ويمكن أن تجلب ما لايمكن تصوره من الأضرار إذاحدث العكس … حينها علقت عجوزساخرة في الطرف القصي قائلة :
” الواعر ماه أًًًًَل إفوت الغايب الواعر ألا ذاك أل اجيب ” فأرسلتها مثلا يضرب في أن نتيجة الفعل أهم من الفعل ذاته .
وهنا مكمن الشبه حين تتبجح النخبة السياسية بأنها ناضلت على مدى خمسين سنة وتمثلت نتائج هذا النضال في ثلاثة إنجازات هي : تأميم ميفارما لتصبح أسنيم ، وهو تأميم أملته الظروف ولم يكن بدعا من سلسلة تأميمات طالت العديد من الدول العربية بدء بجمهورية مصر العربية ، علاوة على أنه لم يعد بكامل النتيجة المتوخاة منه على الوطن والمواطن حيث كان مجرد انتقال سلس من تعرض الثروة المعدنية للنهب الخارجي إلى نهب داخلي أكثر ضراوة واستنزافا ولعل واقع مدينة أزويرات خير مثال حي على ذلك حيث يحكي لسان حالها جاور الماء تعطش؛ ويتمثل الانجاز الثاني : في استبدال الفرنك الافريفي بعملة وطنية كانت الفائدة منها إلى غاية السادس من أغسطس حكرا على دائرة ضيقة مكونة لهذه النخبة ولرؤوس الأنظمة التي تمالأت معها حتى صار شيوعيو موريتانيا، استثناء من القاعدة العامة، أباطرة مال وثراء فاحش يعرفه الداني و القاصي من أبناء هذا الوطن ؛ أما الانجاز الثالث: فهو التعريب الذي ولد مفرغا من محتواه ليظل عنوانا عريضا للاستهلاك الدعائي ،بل قل كان كارثة على التنمية البشرية في هذا البلد الذي استعاض أبناؤه من ازدواجية اللغتين التي كانوا يمنون بها بازدواجية الجهل بهما معا .
تلكم هي الانجازات التي ترى هذه النخبة أنها حققتها على أرض الواقع ، أما الوحدة الوطنية فقد شهدت تصدعات وانكسارات تحت سلطانها تمثلت في أحاث 66 19 وأحاث 1989 م … من باب تناقضات اديالكتيكية أثبتت إفلاسها عبر العالم.
وفي الميدان الصحي فقد ظل الوضع مزريا وذلك لأنه لا يعني هذه النخبة التي وفرت لنفسها إمكانيات هائلة من أموال هذا الشعب تخولها أن تتعالج في أرقى مستشفيات العالم بعيدا عن المستشفى الوطني الوحيد والمستوصفات التي تعتبر مقابر جماعية لمن يريد من الطبقة الفقيرة ميتة سريرية معوضا عنها.
ولم يكن التعليم أوفر حظا حيث تم احتكاره على أبناء هذه النخبة المحنطة من خريجي أعرق الجامعات والمعاهد الفرنسية والانجليزية ولألمانية والأمريكية …ممن يعرفون الآن بكبار الأطر الذين يخلفون آباءهم في توارث سافر للمناصب والألقاب الإدارية كان إلى غاية السادس من أغسطس من آكد التابوهات .
وعلى العموم ، فقد حولت هذه النخبة مخصصات البنى التحتية إلى غنيمة كبيرة تتقاسمها واضعة أمام تطورها خطا أحمر لا يجوز أن تتجاوزه ولذلك فهي تدافع الآن باستماتة وصلت حد التحالف مع الكيان الصهيوني والاستقواء بالخارج ، لأن الأمر من وجهة نظرها يستحق التضحية بالغالي والنفيس حتى يتم احتكار المناصب المدرة للنفوذ والدخل الذين يضمنان مستقبل الأبناء الكرام كبار الأطر ممن يملكون خبرة الآباء وقدرتهم على بقاء البلد في مستوى عال من التخلف يضمن التحكم فيه بكل سهولة ويسر.
وكلنا يعرف أن عصر حرية الموريتانيين وديمقراطيتهم بدأ بقراءة بدر الدين ،وببها ، وموسى ، وولد مولود، للديالكتيك الماركسي قراءة لا ترى أبعد من المربع ألجداري لبيت العمل السياسوي السري الذي تأكدنا فيما بعد أن المؤامرة على الحرية ذاتها وعلى منا بع أرزاق هذا الشعب … كانت تدار من داخله.
إن ما تشكله هذه النخبة من عبئ ثقيل على اقتصادنا وديمقراطيتنا الفتية يجعل كل واحد منا مسئولا عن القيام بكل ما من شأنه إزاحتها عن كاهل هذا الشعب الذي أوصلته أنانيتها وثعلبيتها إلى ما هو فيه من فقر وجهل ومرض وسوء سمعة خصوصا أن الفرصة سانحة بوجود رجل يحاربها نهارا جهارا… لا مراء في وطنيته ولا جدال في كاريزماتيته .. مرشح الإجماع الوطني الشعبي الجنرال القائد محمد ولد عبد العزيز.
بقلم/ نبغوها بنت عينين.