بعد تزوير إنتخابات 18 يوليو، موريتانيا نحو منعطف جديد من التأزم والتوتر المخيف

بعد اتضاح مستوى التلاعب والتأثير المتنوع على الانتخابات الرئاسية يوم 18 يوليو2009، بدأ المسرح السياسي الوطني يدخل منعطفا جديدا يسوده الهدوء الحذر الذي قد يكون على وجه راجح ذلك الهدوء المعهود في مثل هذه الأزمات والذي يسبق العاصفة الهوجاء المدمرة بوقت قليل خادع لأصحاب المفهوم القاصرة والإدراك العاطفي البعيد من التحليل الموضوعي المتوازن!!!.

أجل، بغض النظر عن موقف اللجنة المستقلة للانتخابات والمجلس الدستوري، مع أو ضد النتائج المؤقتة التي أعلنتها وزارة الداخلية، فإن البلد لاشك مقبل على تجاذب خطير بين جبهتين، جبهة الديمقراطية وجبهة الانقلابات وتسويغها في البداية في ثوبها الأصلي (العنف) أو تبريرها في قالبها الجديد (الانتخاب والاقتراع المزور على نطاق واسع لا يحتاج إلى شرح أو أي مقدار من التبيين والإقناع. حيث سيدعي كل فريق الأحقية فيما سيتجه إليه، من حكم أو معارضة، وللحقيقة والتاريخ تبقى مهزلة 18 يوليو بعيدة عن المصداقية والأسلوب السليم لتقلد منصب الرئاسة وقيادة الوطن، ولا يعقل أن تكون –هذه المهزلة-طريقا موصلا للإستقرار وحسم الجدل المتواصل المتصاعد منذ 3 أغسطس2005 ومرورا بـ6 أغسطس2008.

ومهما تعقل زعماء المعارضة الجديدة لمهزلة 18 يوليو أو محاولة تشريع الإنقلابيين عن طريق صندوق الاقتراع المغشوش، فإن الجو الآمن والسياسي متجه للأسف إلى التصعيد والصدام المنذر بمعطيات أمنية وسياسية ومعيشية جديدة هي الأخرى، وأكثر إنحدارا وتأزما وتعقيدا. وقد تفرز عقليات أكثر راديكالية، وقربا من لغة العنف المباشر، أو حتى الدخول في معترك المواجهة الفعلية (الرفض الميداني والإعتقالات)، الموصلة إلى نقطة النهاية ربما لنظام عزيز الهش!!!.

إن حسم العملية الانتخابية-على هذا الوجه الصبياني البدائي غير المتوقع من لدن أي محلل أو متابع موضوعي محايد، سيدخل جميع الأطراف في مواجهة تفرضها طبيعة النتيجة نفسها. لأنها أولا تشريع لانقلابيين، ولأنها بوجه خاص تشريع مزور مكشوف لا يستسيغه صاحبه نفسه-الجنرال الانقلابي عزيز- حيث بدا ضعيفا مرتبكا، لأنه يعرف نسبيا ما تعنيه هذه الحماقة التي أقدم عليها. قد يتم التزوير مثل ما حصل مساء السبت 18 يوليو2009، لكن هذا التزوير سيعمق الاحتقان والاحتقار للشخص الأول الذي تزعمه ولسائر المدبرين الرئيسيين والمتزلفين الكبار الممهدين للمؤامرة المخزية الظالمة المهددة لعافية المجتمع والسلم الأهلي وللوجود الضعيف المهزوز للكيان السياسي المسمى الجمهورية الإسلامية الموريتانية. ويبدو أن هذا التلاعب كان مخططا له من قبل وبإتقان، وعن سبق إصرار وترصد وتعمد، لأنه لم يخفه على يبدو ومشاركة زعماء المعارضة، وأهم القادة السياسيين، والممتهنين لها _أي السياسة- منذ عقود من الزمن. وحتى عندما أعلن عن إحتمال عودة ومشاركة الزعيم الوطني الكبير السيد الرئيس معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع، لأن الأعمى كما يقال في المثل المحلي عندما يدعوك إلى الرمي فهو قد أعد حجارة لذلك الغرض مسبقا!!!.

وللإيهام بأن الأمر مجرد تغلب انتخابي تقليدي، أعلن قبل انتهاء الحملة بقليل، لأنه سيفوز في الدور الأول، كما حصل بصورة طبيعية بالنسبة له، لأنه يعلم السر المهني للتزوير الذي وقع بقدر رهيب واسع منتشر، ومفاجئ بالنسبة لغيره من المرشحين وأنصارهم لأنهم خدعوا وغدروا بعمق واحتقار وخسة ووحشية كما كنت أتوقع ، وخلال أيام سيضيع الجميع بفعل جهل الطاغين المتغلب عزيز وإصراره على كرسي الحكم بأي ثمن، وبأي أسلوب، ولو احترق العريش المتآكل أو انكفأت السفينة المتموجة منذ سنوات. أما الآن للأسف فحان وقت الغرق الحتمي-حسب المؤشرات والسنن-لا قدر الله إن لم يتدخل العقلاء داخليا لمنع ذلك، عن طريق الشجاعة والمواجهة السلمية الراشدة، مهما كلف من جهد او وسيلة أو خسارة ظاهرة مؤقتة محدودة عابرة!!!.

إن قبول هذه النتائج، مثل ما فعل البعض هو عين التكريم للانقلابات وغصب الإرادة الشعبية العارمة غير القابلة للإخفاء أو التدليس أو التزوير!!!، ورفضها ومنع المهزلة من التجسيد والتواصل-وليس مثل ما فعل حزب تواصل- هو طريق النصر الأكيد القريب إن شاء الله.

إن الرفض الحازم المتجذر لهذه المهزلة-من قبل قادة المعارضة وأنصارها الكثير ما شاء الله-يبشر بتجاوز مضمون إن شاء الله لهذا التلاعب الفج الضعيف، ليعلم أنصار الانقلابي والانقلابات أنه كان خير لهم الدور الثاني أو الثالث، أو فشلهم في الدور الأول مما لجئوا إليه من زور وبهتان وإفك مبين، صاغوه في دعوى نجاح الجنرال عزيز…
اللهم سلم….سلم…..

المصدر : صحيفة البداية

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى