عاجل إلى رئيس الجمهورية …رسالة رقم (2)
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد كان من المفترض أن يتم تخصيص هذه الرسالة لتقديم سلة مقترحات ” ثورية ” لمحاربة الفقر والفساد فذلك ما وعدتكم به في خاتمة الرسالة الأولى.
والذي حدث هو أني وجدت نفسي أمام صورة بشعة من صور الفساد كان ضحيتها هذه المرة بيت من بيوت الله ، الشيء الذي جعلني أحتفظ بتلك المقترحات للرسالة الثالثة على أن أتحدث في هذه الرسالة عن قصة فساد يتعرض لها بيت من بيوت الله.
وقبل أن ألج الموضوع اسمحوا لي يا سيادة الرئيس أن أقول لكم وبصراحة شديدة جدا إن الحماس الذي كتبت به الرسالة الأولى عرف هبوطا حادا خلال الأيام الماضية بفعل إشارات عديدة قد لا تعني بالنسبة لكم شيئا كثيرا ولكنها بالنسبة لنا نحن الفقراء ضحايا الفساد تعني أشياء كثيرة وكثيرة جدا.
أولى هذه الإشارات التي لا تبشر بخير تصاعد وتيرة الهجرة إلى حزب الإتحاد من أجل الجمهورية لدرجة أصبح يتحدث فيها البعض عن قرب ذوبان أحزاب كاملة في هذا الحزب السلطة.
والمفزع هنا هو أن مفتش الدولة كان من أول ركاب زوارق الهجرة العلنية.
فأي حرب على الفساد يمكن أن يخوضها مفتش دولة غارق في السياسة حتى ترقوته؟
وتاريخ الفساد في هذا البلد يقول لنا إن الفساد ينمو ويتسع بشكل متناسب تماما مع نمو واتساع حزب السلطة وكلما كبر حزب السلطة بشكل غير طبيعي أي بأفواج الساسة الرحل فذلك يعني أن الفساد سيتسع بشكل طبيعي.
الإشارة الثانية هي إعفاء وتجريد بعض الموظفين دون أن نعرف السبب في ذلك ، فإذا كان المجردون من مهامهم قد نهبوا مالا عاما أو ارتكبوا أخطاء جسيمة فكان الأولي أن تتم محاكمتهم ومعاقبتهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم ، أما إذا كان الإعفاء قد تم نتيجة لتصفية حسابات ولصراع أجنحة داخل السلطة فلم يكن من الجائز أن تتم إقالتهم بتلك الطريقة المهينة.
ومهما يكن سبب الإقالة وسواء كان من أقيل ضحية أو مجرما فإن تلك الإقالة التي غابت عنا حقيقة الأسباب التي أدت إليها ذكرتنا بعهود الفساد الماضية.
فنحن من حقنا بل ومن أبسط حقوقنا في “موريتانيا الجديدة” أن نعرف ـ على الأقل ـ لماذا أقيل ذلك الموظف ولماذا عين ذلك الآخر.
الإشارة الثالثة هي غياب وزارة للمظالم في التشكيلة الحكومية الجديدة أو على الأقل ديوان للمظالم برئاسة الجمهورية ولقد كنا نحلم ـ على الأقل ـ في عهد ” التغيير البناء ” أن تكون هناك إدارة ما تستقبل شكاوي المواطنين.
وفي هذا السياق تندرج هذه الشكوى ، فكم هو مؤلم أن تُقابل مجموعة من الناس لا حول لها ولا قوة تعرضت لظلم فظيع وهي لا تعرف أي باب تطرق، وكم هو مؤلم أكثر أن تكون تلك المجوعة هي جماعة مسجد رابطت بين صلاتي المغرب والعشاء بدعوة من الإمام من أجل أن ترفع ظلم عن بيت من بيوت الله دون أن تجد لذلك سبيلا.
لقد كنت حاضرا لذلك النقاش ولقد استمعت لكل التدخلات التي كان بعضها يدعوا إلى التسليم بالظلم الواقع أما البعض الآخر فقد رفض أن يستسلم بيد أنه لم يهتد إلى سبيل لمواجهة ذلك الواقع الظالم .
تتعلق القصة بقطعة أرضية على شارع كبير في منطقة مغرية منحتها وزارة التجهيز لوزارة التوجيه الإسلامي وكانت مساحة تلك القطعة 1260(م²) ووزارة التوجيه الإسلامي بدورها منحت تلك القطعة الأرضية لمنظمة خيرية بشرط أن تتكفل تلك المنظمة بتشييد مسجد ومحظرة ومقر للجمعية دون أن يتم تحديد مساحة أي من تلك المرافق الثلاثة.
نصف تلك القطعة الأرضية تم الاستيلاء عليه في وقت مبكر من طرف بعض ” الكازرين ” وهو الآن قد تحول إلى منازل لأولئك المغتصبين ، أما النصف الثاني فقد وهبته أو باعته أو تنازلت عنه الجمعية الخيرية لطرف ثالث (لا أدري بالضبط كيف انتقلت ملكية تلك القطعة من الجمعية إلى الطرف الثالث).
المهم أن ” المالك ” الجديد قرر أن يخصص 120 (م²) للمسجد ويحتفظ لنفسه ب 510 (م²) على الشارع يشيد عليها بعض المخازن والمحلات التجارية.
رفضت جماعة المسجد أن يتم تخصيص ما يزيد على ثلاثة أرباع من المساحة المتبقية لمحلات تجارية في حين لا يخصص للمسجد إلا ربع القطعة البعيد من الشارع.
واستطاعت جماعة المسجد بعد جهد كبير أن توقف البناء في بدايته في تلك القطعة ولكنها في المقابل لم تستطع أن تتوصل إلى حل نهائي يمكنها من تشييد المسجد على المساحة المذكورة مع استعدادها الكامل لتعويض “المالك ” الجديد عن كل ما أنفقه من مال في تلك القطعة الأرضية.
فذلك ما التزم به فاعل خير لجماعة المسجد ولكن المشكلة التي لا تزال قائمة ومنذ ثلاث سنوات تكمن في فشل الجماعة في التوصل إلى حل نهائي يسمح لها بتشييد المسجد بعد تعويض ” المالك” الجديد للقطعة الأرضية وفق ما التزم به فاعل خير.
منذ ثلاث سنوات وجماعة ذلك المسجد المرفقة صورته بهذه الرسالة وهم يصلون في العراء أو داخل ذلك القفص الصغير الذي يزيد السخونة سخونة في أيام الصيف ويزيد البرودة برودة في أيام الشتاء.
والمسجد قد أصبح لغياب حائط مأوى للحيوانات السائبة و أفرشة هذا المسجد أصبحت عرضة لأن تلطخ بفضلات الحيوانات ، فمرة زرت هذا المسجد في وقت مبكر فوجدت فراشه قد لطخته بعض الكلاب السائبة.
فهل يرضيكم أن يظل بيت من بيوت الله عرضة لتلك القاذورات ؟
وهل يرضيكم أن يلوث أشرف مكان في أشرف زمان بتلك القاذورات ؟
وإلى الرسالة الثالثة وفقكم الله لما فيه خير البلد.
محمد الأمين ولد الفاظل
رئيس مركز ” الخطوة الأولي ” للتنمية الذاتية
هاتف 6821727
elvadel@forislam.com
www.autodev.org