عودة ″التوجيهات النيرة″
بسم الله الرحمن الرحيم
أثارت انتباهي _ و أنا أتابع إلى الإذاعة الوطنية _ عدة تصريحات صحفية لوزرائنا ( المؤمل فيهم خيرا) ، و هم يتحدثون إلى الإعلام الرسمي عن زيارات ميدانية في قطاعاتهم ، وقد أوهمتني هذه التصريحات أن الأحاديث مسجلة منذ ما قبل الثالث من أغسطس ، إذ تحدثت كلها عن ( التوجيهات النيرة لفخامة رئيس الجمهورية و عن برنامج معالي الوزير الأول) فهل عدنا حقا إلى نقطة البداية؟ ، أم أن الفترة كلها ما بين الأغسطسين ، إنما كانت استراحة محارب للذين ملأوا الدنيا و شغلوا الناس بطبولهم و مزاميرهم ؟ و هل عادت الإذاعة الوطنية إلى ديدنها الذي تربى عليه مذيعوها من تبجيل الزعيم الأوحد و تعظيم انجازاته التي لا تحصى و لا تعد و تفخيم أصحاب المعالي الوزراء الساهرين على مصلحة الأمة و تنمية البلد.
لا أنكر أنني أصبت بخيبة أمل كبيرة عندما استمعت إلى أعضاء الحكومة المطبقة لبرنامج الرئيس المنتخب من طرف أغلب الموريتانيين في الداخل و الخارج ، إلى الذين كنا ننتظر الإعلان عن أسمائهم على أحر من الجمر من أجل أن تبدأ مسيرة البناء الحقيقي للبلد و تبدأ مرحلة المكاشفة الحقيقية مع المواطنين حول المشاكل الملحة لهذا البلد الفقير التائه بين اجترار ماض بنيت أركانه على ظهور العيس ، و حاضر افتقر فيه إلى المقومات الحضارية و الفكرية لأسس الدولة العصرية و مستقبل مبهم كلما لاح شعاع نور لتلمسه خبا بسرعة لتتحطم الآمال و نعود إلى مرحلة الرجاء و الانتظار من جديد.
كنا نتوقع – و نحن نستمع إلى برنامج المرشح قبل انتخابه – أن نتابع وسائل الإعلام الوطنية و هي تتحدث عن الصوت المبحوح الذي يصدره الجوعى في كل أنحاء الوطن، إلى الحناجر العطشى التي تستغيث من كل جنبات المدن و القرى و الأرياف، إلى أنات المرضى المنبعثة من أعماق الصحراء و ضواحي القرى والمدن و من أسرة المستشفيات، إلى المواطنين البسطاء, المرتبطين بالأرض و لا يملكون عنها فكاكا، إلى الشيوخ الذين أضناهم العوز و ضنوا بأنفسهم عن سؤال الناس أشياءهم، إلى الصغار ذوي البطون الضامرة و الأوجه الشاحبة و الذين ما عرفوا للبر منذ خلقوا طعما، إلى الموظفين أصحاب الرواتب الهزيلة و هم يقاسون متاعب العمل و متطلبات العيش.
كنا نتوقع من الرئيس المنتخب أن يحدث ثورة جديدة في مجال التعاطي مع الشؤون العامة و يقوم بخطوات تقلل من نفقات السلطتين التشريعية و التنفيذية، كأن يسعى للقضاء على مجلس الشيوخ و المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و غيرهما من المؤسسات التي تستنزف المال العام دون ضرورة وجود، و أن يسعى إلى تقليص بنى الوزارات و المؤسسات العمومية التي باتت كلها أخطبوطا من الإدارات و المصالح و التي لا يزاول جلها عملا ذا مردودية على التنمية.
كنا نتوقع الكثيرمن رئيس الفقراء فهل فات الأوان على التوقعات.