النص الكامل لخطاب رئيس الجمهورية بمناسبة عبد الاستقلال
وجه رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز خطابا إلى الأمة بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين لعيد الاستقلال الوطني .
نص الخطاب:
“بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيه الكريم
ـ أيها المواطنون،
– أيتها المواطنات،
يسرني بمناسبة الذكرى التاسعة و الأربعين لعيد الاستقلال الوطني أن أتوجه إليكم أينما كنتم بأحر التهاني متمنيا لكم موفور السعادة و الرفاهية.
إن هذا العيد ذكرى خالدة ترمز لتعلق شعبنا بحريته و كرامته و ثقافته الثرية بتنوعها و تعدد مشاربها.
و لا أدل على تعلق شعبنا بهذه القيم من التضحيات الجسام التي قدمها في حقبة الاستعمار بشجاعة و نبالة.
إنها إذا لمناسبة نتذكر فيها شهداء الوطن بكل فخر و اعتزاز و نحيي فيها أبطال المقاومة الذين خلدهم الله عز و جل بقوله:”ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون” صدق الله العظيم.
ـ أيها المواطنون،
ـ أيتها المواطنات،
إن تخليد هذه الذكرى الغالية مناسبة أيضا للتفكير بجدية و موضوعية في مسيرتنا التنموية تدبرا و استشرافا لمستقبل البلد.
و في هذا المضمار، نسجل بارتياح النتائج الايجابية التي حققناها منذ السادس من أغسطس 2008 خاصة فيما يتعلق بمحاربة الفساد و سوء التسيير و الممارسات الشاذة التي تفشت في مجتمعنا خلال العقود الأخيرة.
و في هذا الإطار بالذات تواصل الحكومة معالجة الأزمة الأخلاقية السائدة في الأوساط الاجتماعية لأن القضاء عليها شرط أساسي في إنجاح أية عملية إصلاح.
و هنا أجدد النداء إلى المفسدين و إلى الذين يتاجرون بالنفوذ و يتخذون من الكذب و النفاق رأس مال ليتوبوا إلى الله و يتحلوا بالأخلاق الإسلامية الفاضلة. و من تاب تاب الله عليه كما جاء في محكم كتابه: “إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم و أنا التواب” الرحيم.صدق الله العظيم.
انطلاقا من هذه القناعة، فإننا سنواصل بإذن الله حملة تطهير المجتمع من الأخلاق الشاذة و الممارسات المنافية لديننا و قيمنا مهما كلف ذلك من ثمن.
بهذا وحده ستصلح الإدارة و تنتشر العدالة و تفوح ريح الإصلاح في أرجاء الوطن.
ـ أيها المواطنون،
ـ أيتها المواطنات،
نشرع الآن في تطبيق برنامج طموح نال ثقة الأغلبية خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت في جو ديمقراطي طبعه الهدوء و التعلق بأساليب التنافس السليم كما شهد على ذلك المراقبون الوطنيون و الدوليون.
و طبقا لهذا البرنامج أعدت الحكومة خطة عمل لسنة 2010 سيعرضها الوزير الأول على البرلمان خلال الأيام القادمة و سيتناول فيها حصيلة الحكومة في الفترة الوجيزة التي مضت على تشكيلها و البرنامج الذي تنوي تنفيذه خلال سنة 2010.
و تحتل مكافحة الفقر في هذا البرنامج مركز الصدارة نظرا للعناية التي نوليها لتطوير البني التحتية في البلد بغية الرفع من مستوى معيشة المواطن و دعم قوته الشرائية و توفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها خاصة في مجالي الطب و التكوين.
و لا شك أنكم تدركون العناية الخاصة التي نوليها لهذين المجالين حيث فتحنا مستشفى لعلاج أمراض السرطان و مركزا وطنيا للأمومة و الطفولة هو الأول من نوعه في البلد و مركزا وطنيا لعلاج أمراض القلب إضافة إلى زيادة الطاقة الاستيعابية لمركز تصفية الدم في نواكشوط حيث زود بثلاثين وحدة إضافية لتصبح سعته الإجمالية خمسين وحدة. كما تم تزويد بعض المناطق الداخلية بالتجهيزات الضرورية للقيام بنفس الخدمات.
و ستستمر جهود الحكومة لتزويد هذه المنشآت الصحية بالتجهيزات الطبية اللازمة و بتوفير التكوين و تحسين الخبرات للأطباء حتى يتمكن قطاع الصحة في بلدنا من توفير الأدوية و العلاج للمرضى مما سيساهم في وضع حد نهائي للجوئهم إلى الخارج بحثا عن العلاج.
و في نطاق هذه الجهود، تعكف وزارة الصحة الآن على بناء مركز لاستقبال الحالات المستعجلة حرصا على صحة و حياة المواطنين. إضافة إلى ذلك تشرف وزارة الصحة منذ الشهر الماضي على حملة واسعة النطاق للقضاء على حمى الملاريا و زودت المستشفيات الوطنية بالأدوية الضرورية لتوزيعها مجانا على المصابين بهذا المرض.
أما فيما يخص التكوين و التشغيل، فقد تم افتتاح ستة مراكز يزاول فيها قرابة ألف إطار تكوينا يستمر سنتين في مختلف المجالات التي تشهد فيها السوق المحلية نقصا ملحوظا في التجاوب مع الطلب.
و قد استقبلت الثانويان التقنية في نواكشوط و انواذيبو و بوغي هذه السنة ثمانمائة و خمسة عشر طالبا ، ستون منهم يدرسون للحصول على شهادة الدراسات التقنية العليا و الباقون تنتهي فترة تكوينهم بالحصول على شهادة الدروس التقنية.
و لن يقتصر برنامج الحكومة على هذه الجهود وحدها لمكافحة البطالة حيث ستخلق فرص عمل في القريب العاجل خاصة في مجال الصيد البحري.
و إدراكا منا لضرورة إصلاح الإدارة بغية تقويم مناهج التسيير المالي و الإداري فقد أعلنا حربا على الفساد و سوء التسيير و تم في هذا الإطار اكتتاب حوالي ستمائة شاب لضخ دم جديد في الإدارة من أجل الرفع من مستوى أدائها.
أيها المواطنون،
أيتها المواطنات،
أردت أن أركز في هذا الخطاب على قضيتين تنحصر فيهما جميع مشاكل البلد، ألا و هما الفقر و الأزمة الأخلاقية التي سبق أن تحدثت عنها مرارا و تكرارا.
إننا ندرك حجم التضحيات و الجهود اللازم بذلها من أجل القضاء على هتين الظاهرتين.
لهذا و كما قلت قبل قليل، فان الوزير الأول سيعرض بالتفاصيل الضرورية لخطة الحكومة في هذين المجالين بالذات و في كافة مناحي حياة الأمة خلال الأيام القليلة القادمة من أجل إنارة الرأي العام حول الإرث السلبي الذي تركته لنا الأحكام السابقة و ما نعبئه من طاقات لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي في البلد.
و ليس لدينا من هدف من وراء ذلك سوى اطلاع المواطنين على حقيقة الأوضاع السائدة في البلد.
في الأخير، و في إطار الجهود المبذولة من طرف الحكومة بغية التحسين من الظروف المعيشية للمواطنين، تعكف الحكومة الآن على وضع خطة لتقليص النفقات خاصة بالقضاء على تلك غير الضرورية منها مما سيمكننا من زيادة علاوات الموظفين و وكلاء الدولة زيادة معتبرة فيما يتعلق بالسكن و النقل.
عاشت موريتانيا حرة و مزدهرة.
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته”.