المجلسي يلتقي العلماء على انفراد ويعلن موقفه

نواكشوط – ونا – قال الناشط السلفي محمد سالم ولد محمد الأمين الملقب “المجلسي” إنه التقى بأعضاء لجنة العلماء في السجن المدني وحاورهم. وانتقد المجلسي الموجود في السجن المدني منذ نهاية عام 2007، البيان الذي وقعته مجموعة مؤلفة من 25 معتقلا قبل بدء الحوار، وأصبحت لاحقا تعرف باسم مجموعة الـ47

وقال في بيان أصدره، إن السجناء انقسموا في موقفهم من الحوار إلى مجموعتين إحداهما وهي الأغلبية قالت إنها تتبع ما يقوله العلماء ولا رأي لها مع رأيهم، ومجموعة أعلنت تبنيها للتغيير بالقوة، وهناك أفراد ـ وهو منهم ؟ـ رفضوا الانضمام لأي من المجموعتين، ولا يتحدث أحد باسمهم

وجاء في البيان الصادر عن المجلسي ما نصه:

“إن لكل ساع إلى تحقيق هدف معين، أدوات ووسائل يسعى من خلالها إلى تحقيق هدفه، والوصول إلى غايته، وهكذا فإن أداة الداعية الأولى ووسيلته المتقدمة على ما سواها من الوسائل هي الحوار، فهو الوسيلة الأولى للإقناع.

ذلك لأن الكلمة الطيبة هي سلاح الداعية الأول في تبليغ دعوته ونشر رسالته سواء في عرضها على الناس، أوفي الدفاع عنها أمام المخالفين، قال سبحانه وتعالى: “ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين”.
ولا شك أن كل حريص على الإسلام ونشره تتوق نفسه إلى سلم وأمن يتمكن فيهما من تحقيق هدفه في نشر الإسلام وبث تعاليمه.

لقد اعتقدت دوما أن سبيل الدعوة السلمية مثمر إلى حد كبير في هذه البلاد، وسرت عليه بعيدا عن التكفير والإرجاء والغلو والجفاء، ولقد اعتبرت نفسي دوما في ساحة دعوية سلاحي الوحيد فيها الحجة والبرهان مراعيا لباقة الأسلوب وحسن العرض، وآخذا بالمقومات التي تجعل الدعوة أحظى بالقبول وأجدر لنيل المقصود، ولذلك التقيت بلجنة الأئمة والعلماء الداعين للحوار، وأحسنوا استقبالي، وبينت لهم مواقفي المعلومة وشرحت لهم منهجي في الدعوة، وكنت حريصا على أن لا ألقاهم مع أي مجموعة، وإنما بمفردي ومتحدثا عن نفسي، حتى تتبين لي الأمور، ويبقى التساؤل مطروحا، لماذا أُقحم ـ كحال ثلة من الشباب خالية ملفاتهم مما يدينهم ـ فيما يهدف للتخلي عن تهمة لا علاقة لي بها.

ولقد كان طبيعيا أن أتحفظ على مبادرة قام بها بعض زملائنا السجناء تتعلق بنشر بيان رأيت فيه بعض النقص، وأحاطت به حيثيات جعلتني لا أقبل المشاركة فيه ومن ذلك:

1 ـ أنه مجرد إبداء موقف، وهذا ما أبداه وعبر بعض السجناء أكثر من مرة، وبطرق مختلفة.

2 ـ أنه جاء في وقت يعتبر التوقيع فيه عليه اعترافا ضمنيا بمزاولة العنف فيما قبل، والتراجع عنه اليوم، وهو ما وقع بالفعل، فقد عنونت بعض الصحف له بعناوين مثل “هل بدأت التراجعات؟”، وقد تكلم رئيس الدولة عنه فقال حين سئل عنه، وقد وقع عليه آنذاك 25 : “لا بد من اعترافهم بالخطأ وتوبتهم ثم بعد ذلك سننظر في الحوار معهم”، قالها في مؤتمر صحفي في روصو.

3 ـ أنه ليس في ذلك البيان مطلب ولو بإطلاق سراحنا ورفع الظلم عنا، فكلما فيه هو البراءة من التهم، وهذا قلناه للقضاة، أو اتباعنا للعلماء العاملين وحرصنا على أمن البلاد، وهذا أمر يخدم الدعوة إلى الخير، وهو معلوم عنا ضرورة.

4 ـ أنه لم يراع مستوى الملفات، بل جمع بين أنواعها وخلط بين أهلها، سواء في ذلك أهل التهم الخطيرة جدا، وأهل التهم الخفيفة، فلماذا يتكلف البريء في توريط نفسه في أمر كهذا، وما يدرينا ـ ونحن جميعا متهمون ـ بصحة التهم من بطلانها، ولماذا يثبت البعض على نفسه تهمة لم يقم بها أصلا حتى يتراجع عنها، إذا أراد البعض التراجع تماشيا مع تهمته.

5 ـ أنه لم يأت على ذكر بعض ما تعرضنا له من الظلم والأذى، وما تلقيناه من ألوان الإهانة وألوان العذاب، وهاهنا تسكب العبرات ويتقطع الفؤاد أسى، فقد فجعت الأمهات والأخوات، وضاعت الأعوام وازدادت المآسي والأوجاع بتشويهنا والافتراء علينا، ومصادرة رأينا، ومن صودر حقه في التعبير وقيدت حريته فقد صودر اسمى معاني إنسانيته.

6 ـ أنه لم يأت على ذكر الأمر الذي سجنت عليه والمبدأ الذي انطلقت منه، ألا وهو الدعوة إلى الله، حتى يقام شرع الله في أرض الله، فإن مما تنفطر له الأكباد وتتقطع له الأجساد، تغييب شرع الله عن أمور الحكم في هذا البلد الطيب، فغابت حقيقة الإمامة التي هي حراسة الدين، وسياسة أمور الدنيا بالدين، فكان الوهن والانهزام وظهور الفساد وانتشار المنكرات نتيجة منطقية لذلك، هذا فضلا عن اتباع الكفار في سننهم وغياب التميز الإسلامي وولوج باب العولمة وما فيها من تحديات من ضمنها الحرب على المناهج الإسلامية الأصيلة.

7 ـ غياب طلب استعادتنا لحريتنا في ممارسة الدعوة في المساجد وغيرها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر الخير وقول الحق بأليق الأساليب وأحسن السبل.

لقد كان من المهم اعتبار هذه الأمور في بيان وجد زخما إعلاميا أكبر من مضمونه، وقد سألني الأئمة والعلماء المحاورون عن مآخذي على الدولة، فذكرت لهم ضرورة تحكيم شرع الله كله، وحراسة الدين وصيانة الشخصية الإسلامية والحفاظ عليها من لوثة الحضارة الزائفة والتبعية العمياء للكافرين، وغير ذلك، وأن سبيلي في الإصلاح المرجو هو الدعوة بالكلمة متخذا أساليب الإقناع التي تخاطب العقل وتلامس العاطفة.

واليوم ظهر تباين في مواقف السجناء، فالأغلبية لم تأخذ ولم تذكر أي مآخذ ولا أي خلاف مع الدولة، وإنما قالت إنها متبعة لما يقول العلماء وليس لها رأي مع رأيهم، وهي تلقي عليها محاضرات مليئة بروح فضل الرجوع عن الخطأ واتباع الحق، وهذا ما خشيه البعض ممن لم يتلبس بتهمة.

أما الطائفة الأخرى فمنها أفراد يتبنون منهج التغيير بالقوة، ولا ينكرون ذلك، ولعلهم هم المعنيون بالحوار ، أما الأفراد الباقون فإن كل واحد منهم يمثل نفسه ويتحدث عنها بنفسه، وأنا من هؤلاء، عندي انتقادات ومآخذ كثيرة على الدولة، بل وعلى بعض علمائها، ومنهم مشاركون في الحوار جعلني لا أكون من الطائفة الأولى، كما أن لي منهجا في التغيير والإصلاح هو خط الدعوة السلمي، جعلني لا أكون من الطائفة الأخرى.

وإن كنت متهما اليوم بالتطرف والغلو فقد اتهم به كثير من الدعاة والأئمة بل العلماء في عهود ماضية، وشُوهوا في وسائل الإعلام وأُلبت الآراء العامة ضدهم، وهؤلاء العلماء والدعاة منهم اليوم أعضاء في لجنة الحوار ، وقد كانوا مظلومين، بل ظلمهم أيضا آنذاك علماء وهم معهم في لجنة الحوار.

إنه ليس لي من جرم غير أنني من ضحايا عولمة الحرب على الإسلام باسم الحرب على الإرهاب، والحقيقة أنني لست متصفا بما تتهمني به الدولة فأتمادى عليه أو أتراجع عنه، والله المستعان”.

محمد سالم المجلسي ـ السجن المدني بنواكشوط

السجين السلفي المجلسي : السجناء منقسمون وأنا أرفض الانضمام لأي من الفريقين

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى