ولد صلاحي….عميل ….؟؟؟

لقد صدمت –كما الكثيرون- وأنا اقرأ بعض مواقعنا الوطنية وكأنما تتبجح باكتشاف جديد أو اختراع علمي فائق أو سبق صحفي يعز نظيره وهي تتحدث عن تقرير منشور في إحدى الجرائد الأمريكية يتحدث عن السجين الموريتاني في كوانتنامو محمد ولد صلاحي – فك الله أسره وأسر جميع المعتقلين –

ولدي ملاحظات عابرة على الطريقة التي ظهر بها الخبر في بعض المواقع وكأنها تعلن للعالم أجمع أن المواطن المظلوم والأسير المكلوم  منذ تسليمه من قبل السلطات العليا في بلده ليس سوى عميل  لأمريكا ..ليطعنوا هذا "الأسير" من الخلف وليزرعوا في ما تبقى من أحلام العائلة شوك القتاد ..كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا..وستكتب شهادتهم ويسألون

-إن القذف بالعمالة للاستخبارات محلية  كانت أو أجنبية في بلادنا أسهل لدى البعض  من شرب الماء البارد في حمارة القيظ  ..أو تناول الشاي بعد يوم من العمل المضني ..وكأنه شماعة يعلق عليها كل "غضبه" على هذا الشخص أو على تلك  المجموعة ..أو عدم رضاه عن تصرفات زيد  أو مواقف عمرة .أو ليوهم الناس أنه على دراية بالخفايا والأسرار ..أو وفق ما تقتضيه رؤيته للأحداث.أو ..أو …وحتى كبار العلماء والدعاة في هذا البلد لم يسلموا من ذلك "القذف"الجارح   الذي يحول الإنسان من مواطن مخلص في عمله الدنيوي والأخروي-ولا نزكي أحدا على ربه- إلى أجير رخيص يبيع كرامته وعزته مقابل عرض زهيد من متاع  الدنيا …ولا زلت أتذكر أن أحدهم رمى أحد أبرز الدعاة في موريتانيا على الإطلاق بهذه التهمة بدم بارد فلم أتمالك أن سألته : كيف تجرأت أن ترتب هذه الكلمات ؟وكيف أمنت غضب الجبار وأنت ترمي عن ظهر قوس  رجلا سخر وقته وقوته للدعوة والتوجيه والإرشاد..أما تخاف أن  تطالك آية "إن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا …وأنت تعلم أنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون .وكأني بهذا النوع من القذف من باب الكلمة يقولها الرجل لا يلقي لها بالا تهوي به في جهنم سبعين خريفا …ولعلها من "الكلمات " التي تقول لصاحبها دعني ..وحينما سألته عن البراهين كانت الإجابة أوهى من نسج العنكبوت في مهب الزعازع سمعت أحدهم قالها.!!..ولا أدري؟..وما إخال قصة ولد صلاح عن تي ببعيد.. فهكذا للأسف  أصبح استسهال أعراض الناس لدى البعض من مفردات يومياته !!إن كلمة "عميل" في غير محلها لو مزجت بماء البحر لمزجته خاصة إذا تعلق الأمر بمهيض الجناح  في قعر  مظلمة ..

إن هذا الوباء الطافح لا يعتمد ذووه على منطق أو عقل أو برهان ..والغريب أن ينزل لهذا الدرك من تحسبه أسمى وأطهروأكثر اتزانا واعتدالا  ..وليس تأكيد بعض المواقع لعمالة ولد صلاحي-فك الله أسره –إلا جزءا من هذا السلوك الشاذ .

         إن محنة المواطن ولد صلاحي وزميله في المعتقل أحمد ولد عبد العزيز  تتطلب من كل موريتاني شريف أن يقف إلى جانبهما  وإلى جانب أسرتيهما  المكلومتين ومؤازرتهما في محنتهما حتى يأذن الله بالفرج …والعار –كل العار- أن نترك نصرة أخينا ولد صلاحي  ومؤازرة ذويه لننشب أظفارنا وما نملك من ألسنة حداد في عرضه وكرامته ..ونتجاهل أنه الوحيد في ذلك المعتقل الذي سلمته سلطات بلاده "جهارا نهارا " في الوقت الذي كان يمارس فيه نشاطه العملي اليومي بشكل طبيعي..وكأني ذات يوم بنفس الأقلام تعلن على الملأ بنفس الطريقة  أن الأسرة  الموريتانية المنكوبة في اسبانيا ليست سوى شرذمة من العملاء المندسين في الجالية الموريتانية هناك .!! اللهم سلم..

         غريب أمر بعض حملة الأقلام في هذا الوطن العزيز ..في لحظة وتحت وقع تقرير صحفي يحتاج الكثير من فهم الخلفيات والبراهين يتناسون ما تعرض له أخوهم في الدين والوطن من تعذيب  وحشي في أكثر من مكان شمل أنواع التنكيل البدني والنفسي الذي  لو ذاق أحدهم ربع العشر منه لما صمد تلك السنين العجاف ..ولا استعد لأن يبصم بالعشرة على كل تقرير وتهمة…ولو وزع على أهل نواكشوط لجفلت الأسماك من  الهادر الأطلسي إلى قارة أخرى هلعا وفزعا..

نسي هؤلاء –أو تناسوا على الأصح – أن وزير الدفاع الأمريكي الأسبق أعطى أوامر باستخدام أساليب قاسية وخاصة تجاه ولد صلاحي ..مع ما يعانيه منذ سنوات من البعد عن الأهل وشتى الإهانات التي وصلت درجة الوقاحة والحديث عن وجود أمه الطاعنة في السن داخل المعسكر الظالم وحقا "إذا لم تستح فاصنع ما شئت "

إن السبق الصحفي فضيلة ولكنه يتحول إلى ضدها حينما يتحول إلى خنجر سام" يطعن البرءاء في الخلف في وقت هم أحوج ما يكون إلى العون والنصرة ..وكما يعلم الجمع فالبراءة هي الأصل وكذلك الطهارة ..ومن غير المقبول تجاهل محنة ولد صلاحي طيلة هذه الفترة إلا من بعض الإشارات العابرة  أو تذكرها كما ينبغي ثم الانقضاض عليه وعلى نفسية أسرته في لحظة " عري صحفي" غير مبرر وغير مقنع

وليتذكر الذين صدروا عناوين الخبر بعمالة ولد صلاحي لجلاديه بحجة أنه زود الأمريكيين بمعلومات حساسة  أن ثمة ناسا تحت التعذيب والتنكيل وفقدان الأمل والإجهاد الذهني انتزعت منهم معلومات معينة ..ولم يشكل اعترافهم ذلك "عمالة" لمن أعطوهم  تلك المعلومات  المرفوضة  في فقه القانون و اللاغية في قانون الفقه ..بل ربما ساروا بعدها إلى حبل المشنقة …وكما يقول مثلنا الشعبي ( ا ل ماه في الديكة  رجيل)

وإذا كانت أسرة ولد صلاحي قد ردت في الوقت المناسب وبالطريقة والبراهين المناسبة فإن هذه الكلمات تشكل "نصرة" لولد صلاحي من مواطن لا يربطه به سوى الدين والجغرافيا تذكر أهمية  رد المسلم عن عرض أخيه بالغيب ..كما يعز عليه أن يرى ما ستفعله هذه المقولة في نفوس "أسرة الأسير" وما تزرعه من شك زائف  في تسع عجاف  .وهذا أضعف الإيمان ..و تظل نصرته دينا علي " وحتما أن يؤدى كل دين "

أما من يهرعون إلى التخوين .. ولا عليهم أن يصابوا بالسمنة جراء  الولوغ  في الأعراض  .."فلكم دينكم ولي دين"

سارت مشرقة وسرت مغربا             شتان بين مشرق ومغرب

أحمد أبو المعالي :  كاتب وشاعر موريتاني مقيم بالإمارات

Ahmad_aboualmaaly@hotmail.com

 

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى