هجائية البعث العربي الرديئ (2)
بسم الله الرحمن الرحيم
الرادفة
حينما قالت بقية ما ترك آل عبد الناصر من حكاكة القوميين ، ينبغي أن نعمل تمثالا لعبد الناصر، رد عليهم الشعب المصري بقولته المشهورة، نعم، ولكن في تلأبيب، و أيم الله، صدق الشعب المصري ولقد كان صدوقا، رغم الأداهم السود والقيود الحديدية التي مازال يكبله بها آخر من بقي من صحابة عبد الناصر يروي عنه قانون “الشرعية الثورية” بعلو في السند يبتسم فيه كلما ابتسم عبد الناصر فرحا بإزهاق روح طاهرة بريئة أو أنين امرأة ثكلى مفجعة، كما يلبس معطف الحزن و الكآبة في ذات المواضع التي لبسه فيها عبد الناصر حين يذرف دموع البصل أسفا لرحيل عمود استخبارات أمريكية كان صلته المباشرة بخلايا التدمير و التهجير للشعب الفلسطيني.
ولو سئل الشعب الموريتاني عن حزب الصؤاب لقال: ارموا به في مزبلة التاريخ، و لقد سئل وقالها، كان ذلك ذات غدوات انتخابية رئاسية وتشريعية وبلدية، لم يرجع حزب الصؤاب منها حتى بخفي حنين، لأن حنينا نسي نعليه حيث كان يسير في الطريق المعاكس لحزب الصؤاب، لن أستعجل الحديث عن تاريخ هذا الحزب اللقيط وتاريخ مؤسسيه، فإن لي معه وقفة ستذله ذلا يدفن معه عاره وشناره إلى يوم يأتي القوميون تسوقهم جرائمهم لمحكمة العدل، حين “لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار”، أما هذه الصفحات فإنها خالصة لسادتهم وكبرائهم من دون الأذناب و التابعين.
القوميون وحرب إسرائيل
(هل رأى الحب سكارى مثلنا)
لم تدق مسمع التاريخ كلمة “انتصر اليهود”، منذ فجره إلا في العصر الذي تحكم فيه جبناء القوميين، لقد هزم العرب سنة 1948 وفشلت قوات خمس دول عربية هي (مصر وسوريا والأردن ولبنان والعراق) في كسر إرادة إسرائيل عن تثبيت أركانها السيئة في فلسطين، لقد رجعت تلك الدول بقياداته القومية وجيوشها “الباسلة” منهزمة شر هزيمة أما حفنة من شذاذ الآفاق اليهود، أتدرون ماذا كسبت فلسطين من عنتريات الأشقاء في الدم حتى لا أقول الدين ـ فالقوميون أكثر اعتزازا برابطة الدم ـ ، لقد آبوا بالهزيمة و 400 ألف لاجئ فلسطيني، تماما كالقصة التي تروى عن “الذي ذهب من عند قومه ليحط عنهم جباية مد من الزرع فرجع إليهم بجباية شايلة”، لتتابع تلك القيادات مسلسل الذل والمهانة، لقد كان السر في كل تلك الهزائم المتتالية، أن الضباط القوميين كانوا يخبئون قناني البيرة ويلصقون صور الفنانات على الدبابات، في حين كان كل جندي إسرائيلي يودع جيبه نسخة من التوراة، هل سينسى التاريخ أن هزيمة 67 هاجمت فيها الطائرات الإسرائيلية مطارات مصر، ولم تطلق عليها رصاصة ولم يرصد لها أي ضوء أو أزيز، لأن الضباط الذين كانوا على علم بموعد الحرب ـ على الأقل موعدها التقريبي ـ كانوا ليلة العدوان يترنحون سكارى على أنغام عازف الأكورديون فاروق سلامه وألحان كوكب الشرق أم كلثوم في سهرة فنية ماجنة بنادي الطيران بالقاهرة امتدت حتى صباح اليوم الأسود، كانت كوكب الشرق تخدرهم بأغنيتها المشؤومة:
هل رأى الحب سكارى مثلنا ** كم بنينا من خيال حولنا
ومشينا فى طريق مقمر ** تثب الفرحــــــــــة فيه قبلنا
وضحكنا ضحك طفلين معا ** وعدونا فســـــــــبقنا ظلنا
إن تلك السهرة الفاضحة هي التي لا يزال شؤمها يلاحق العرب ولا تزال فلول المنهزمين السكارى منذ ذلك الحين تغذ السير بأرجل مجذومة إلى كامب ديفيد وأوسلو وأنا بولس وغيرها من متتالية الاستخذاء الذليل.
الضباط “الأحرار” والفساد الأخلاقي
(وإنك لتعلم ما نريد)
حينما نذكر الفساد الأخلاقي في قوميي مصر يقفز إلى الذاكرة اسم عبد الحكيم عامر، ذلك الوزير المتنفذ الذي أمضى 14 سنة على رأس المؤسسة العسكرية المصرية، شهدت خلالها العدوان الثلاثي عام 1956 وانفصال سوريا عام 1961 وتورط الجيش المصري في اليمن عام1962 وأخيرا هزيمة يونيو/حزيران عام 1967 التي سميت بالنكسة، وقد اشتهر بعلاقته المحرمة مع الفنانة وردة الجزائرية وارتبط اسمه بها كما ارتبط اسم كثير بن عبد الرحمن بعزة إلا أن كثيرا كان عذري الهوى وعامر كان هواه على طريقة اكلينتون، ومن شدة الترابط بين وردة ووزير الدفاع يقول المصريون أن عبد الحكيم لما توفي وضعوا على قبره وردة.
لم يكن عبد الحكيم عامر وحده من الضباط “الأحرار” فرفيقه في الدرب القذر صلاح نصر كان مشهورا بلياليه الحمراء وفساده الأخلاقي، و الكل يعلم أن أرشيف الماسونية والموساد زاخر بفضائح القوميين العرب من كل الجنسيات والأوطان، ولعل آخر ذلك فضيحة قيادي فتح، ولن ينسى التاريخ فضيحة وزير الخارجيه الليبي الشهير عبد السلام جلود في دمشق التي تم توثيقها وعرضها ـ ليبيا مثابة ومحج البعثيين هذه الأيام ـ ، هذا غيض من فيض، و علاقة رأس مخيط أدخل البحر، وإلا…فلو أن ما في الأرض من شجرة أقلام و النيل يمده الفرات ما نفدت مثالب هؤلاء الخونة السافلين.
البعثيون وايديولوجيا العنف
(الفردوس و الجحيم)
هل يعرف الكثيرون أن حزب البعث أقام تاريخه بقوة الحديد والنار، لست أعني قمع الشعب وإهانة كرامة الأمة وعمليات الاغتيال للمعارضين وأنه كان يعتمد إستراتيجية قمعية تقول:(يجب أن نلقي القبض على كل المشتبه فيهم كإجراء عقابي وعلى كل الأبرياء كإجراء وقائي )، وفي ظرف عشر سنوات من وصوله للحكم في العراق كان ربع الشعب جثثا تحت الأرض وربعه أشلاء في معتقلات الجحيم وربعه يتامى وثكالى أما الربع الأخير فكان في جوقة التزمير والتطبيل.
أول من صلى نار العنف البعثي واكتوى بحريقه رجال البعث أنفسهم، فهل تذكرون قضية القاد السياسيين العراقيين الذين كانوا يرفضون التحالف من حزب البعث محمد الخضري وستار خضير وكاظم عبد الأمير ، ماذا فعلت بهم منظمة حنين الدموية، وجد الأول قتيلا في آذار عام 1970في شمال بغداد واغتيل خضير في نفس العام في شارع الرشيد، وقتل كاظم عبد الامير وكاظم الجاسم والبرزنجي والعبايجي ومجيد حميد وهم من كوادر الخط الأول للحزب المعارض في سجن قصر النهاية وصدمت سيارة مخابرات في خريف عام 1972 شاكر محمود ، عضو اللجنة المركزية ومزقته على جدار مستشفى اليرموك ونجت طفلته ذات الأعوام الأربعة أماني بأعجوبة حيث تعيش اليوم في فرنسا بعد أن أصبحت مغنية اوبرالية ، أما قصة(تفجير وفد العلماء) فأكبر دليل على هذه العقلية الحجاجية الاستبداية، وكانت حكومة البعث أرسلتهم للواسطة بين الحكومة العراقية و الحكومة الكردية، برئاسة الشيخ عبد الجبار الأعظمي الذي تفجر أمام الملا مصطفى البارزاني عام 1971 حيث أهداهم صدام حسين جببا دينية جديدة ملغومة ومسجلا ملغوما وضع سرا في جبة أحد رجال الدين هؤلاء من قبل رجال الأمن الذين اقنعوه بتسجيل كلام الملا مصطفى لتوثيقه وأمروه أن يضغط على زر التسجيل حالما يجلسون مع الملا مصطفى. وما ان جلسوا للحوار وبدأ توزيع الشاي حتى تفجر المجلس بعد الضغط على الزر ، وكان هناك جهاز توقيت آخر لدى سائق السيارة التي أقلتهم وتمزقوا مع الرجل الذي كان يقدم لهم الشاي وكان حاجزا بين الملا وبين الشظايا، ممارسات تعيد للذاكرة ما كنا نقرؤه عن منظمة الحشاشين في العصر العباسي وجميعة اليد السوداء الصربية.
أما عن ظلمات السجون وأقبية البعث الأليمة فسأنقل ما أوردته صحيفة الشرق الأوسط في عددها(الأحـد 09 ربيـع الأول 1424 هـ 11 مايو 2003 العدد 8930 ) تقول:
(كان هناك خيار أمام المعارضين السياسيين الذين يخضعون لأساليب التحقيق الوحشية في نظام صدام حسين: الفردوس أو الجحيم. ولم يكن خياراً روحياً. فـ«الفردوس» كان ما يسميه المسؤولون في مركز الاعتقال السياسي ذي الطوابق الأربعة في الطوابق العليا.
فالسجناء الذين يتعاونون مع المحققين كانوا يحشرون، كل 20 في زنزانة، في غرف مساحتها 8 في 7 أقدام، وهي خافتة الاضاءة وبدون نوافذ. ولكنها أفضل من «الجحيم»، وهو الطابق السفلي. وكان ذلك هو المكان الذي يمزق فيه الجلادون عضلات السجناء، ويعلقونهم برؤوسهم الى الأسفل لأيام عدة، ويحبسونهم في توابيت خشبية(.، ولن تضيع من مخيلة الإنسان العربي صورة ذلك الرجل الذي رماه عدي صدام حسين مقيدا من سبع طوابق لترض عظامه وجمجمته في سادية لم يسبق لها مثيل في التاريخ، ولعل خاتمة ذلك المجازر الدموية التي ارتكبها النظامان البعثيان العراقي والسوري في مدن حلبجة واللاذقية وحماة حيث داست الجرافات آلاف المؤمنين الأبرياء واختنق نفس العدد بالغازات الكيمياوية وكان السبب أن تلك المدن شهدت صحوة إسلامية ومدراس شرعية.
أيها القارئ الكريم
كنت عرفت أهل الخير بسيماهم واهتديت لهم بآثارهم، فكذلك نقص عليك من أنباء هؤلاء الخونة ما نحصن به وعيك وجاءك في هذه خلاصة وذكرى للمؤمنين، تلك صفحات قليلة من سجل كبير دون التاريخ فيه سقوط همم هؤلاء ورقاعة تفكيرهم الشهواني الأرعن، ولا تزال في الكنانة سهام، ستصميهم وتشويهم، ولا يظنن أولئك المتخمون أشباه القادة المتكئون على أرائك الجشع و الطمع أنهم سيفلتون من سيف الحقيقة هم ومرتزقتهم من أشباه الكتاب,,,لا أبدا…الخاسفة القادمة ستكون عن سير أقزام الرذلاء…وإلى هجاء قريب.