المرضى في كيفه بين طمع السماسرة و هلع البعثة الصينية
في أواخر العقد السابع من القرن الماضي بدأت جمهورية الصين الشعبية مشكورة في إرسال بعثات طبية مزودة بالأدوية إلى موريتانيا في إطار العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لعلاج مواطني هذا البلد العاجز من حيث البنية التحتية الصحية و المفتقر إلى كادر بشري طبي ، وقد قدموا لهذا الشعب المسكين الكثير و الكثير في ظروف صعبة ، فلهم الشكر على ما قدموا .
و ظل الوضع على تلك الحالة حيث تمضي البعثة سنتين لتعود إلى الصين و تحل محلها بعثة أخرى ، وقد لوحظ أن بعض الأفراد عادوا إلى موريتانيا مرتين و ثلاثا أو أربعا ، سعيا منهم إلى الاستفادة من الرشاوى التي تعود هذا الشعب على تقديمها من أجل الحصول على الدواء في ظل تلك الفوضى العارمة التي عمت البلد في تلك الحقبة.
أما وقد تغيرت الأحوال ، حيث أصبح مركز الاستطباب بكيفه مؤسسة مستقلة يديرها أشخاص أكفاء يسيرون طاقما بشريا قادرا بعدده و بتخصصاته على توفير كل الاستشارات و العلاجات و حتى العمليات الجراحية الاستعجالية في مدينة كيفه مما جعل جل مرضانا في غنى عن خدمات البعثة الطبية الصينية المشبوهة ، لدرجة أنك تجدهم يلعبون الورق في مكاتبهم بمركز الاستطباب دون زائر.
لكن ما يدعو للقلق و الخوف هو أن أعدادا كبيرة من مواطنينا في ولايات الحوضين و لعصابه خاصة سكان الريف من رعاة الحيوان و سكان البدو و الذين يأتون على عجل ، أصبحوا منذ فترة عرضة للتلاعب من قبل أفراد هذه البعثة الصينية ، إذ هم لا يعرفون سوى أن مستشفى كيفه هو ” طب الصين ” و هم بذلك لا يميزون بين الجيد و الرديئ و لا بين الغث و السمين ، فيقعون في شراك السماسرة المنتشرين بأعداد كبيرة أمام مركز الاستطباب بكيفه فيجلبونهم إلى مساكن البعثة الصينية حيث يغيب الوازع الديني و الأخلاقي و الإنساني ، و هناك يقع المريض المسكين فريسة للصينيين و سماسرتهم ، حيث يبيعون له بمبالغ باهظة كمية من الأدوية ضررها أكثر من نفعها كما جربنا ذلك ، فيسلبونه كل ما لديه بكلفة مصاعفة عشرات المرات مستغلين اعتقاده الكاذب في كفاءاتهم و صدق نواياهم.
وقد بلغني من بعض السماسرة أن كل فرد من هذه البعثات يعود إلى الصين مصحوبا بعشرات الملايين من الأوقية ، و هو لعمري نمط آخر من أنماط تبييض الأموال الوطنية.
فلمذا لم تتخذ السلطات الوطنية قرارا بخصوص هذه البعثة التي نحن اليوم في غنى عنها أكثر من أي وقت مضى ؟ !!
و لمذا تطلق العنان لهؤلاء السماسرة يتحركون أحرارا و يتواجدون بين مساكن البعثة الصينية و مركز الاستطباب بكيفه لإيقاع مواطنينا في شراك المفترسين ؟!