أشباحنا خلفكم أيها الجلادون

تعليقا على موضوع سابق كنت قد حاولت فيه الرد على بعض تفا هات أحد جلادينا في مقابلة استفزازية أجرتها معه تلفزة العيون ، اتصل بي بعض الضحايا يقولون بأنه كان علي أن أفضح سيرته الذاتية ، خاصة ما يتــعلق منها بــــدوره في تعذيب وقتـــل المـــوريتانيين في معتقـــــلات البوليساريو ( بالخصوص معتقل الرشيد ) ، وكذلك اختباؤه في الأراضي الموريتانية بعد أن ضاقت به الأرض وتخلى عنه من كانوا يحمونه ، وبالرغم من أنه لا يشرفني أن أكتب عن سيرة شخص كل ما ميزه أنه ممن لطخت أيديهم بدماء إخوتي وأذاقوهم الذل والمهانة إلا أنني سأذكر بعض المحطات في
حياة هذا الجلاد والتي يهمني أن يعرفها ذوو الضحايا وكل ذي ضمير حي يأبى الظلم ويكره الظالمين .
لقد بدأ ” نجم ” هذا الجلاد بالظهور سنة 1982 عندما زجت قيادة البوليساريو بالمتطوعين الموريتانيين في السجون ، وكان لا بد من إيجاد أناس قلوبهم متحجرة لتكون لهم القدرة على تعذيب وقتل الأبرياء دون أن يعرفوا ما ذنبهم , وكان من ” حسن حظ ” صاحبنا أن يكون ممن وقع عليهم الاختيار ليكونوا على الأقل مناشف قذرة تمسح فيها الجرائم التي أظن أن الأرض التي ارتكبت عليها اهتزت لهولها وأن تجريف معتقل الرشيد من أساسه جاء استجابة من الله لنداءات تلك الأرض ليزال من على ظهرهـا مكان أزهقت فيه أرواح كان أصحابها يشهدون لا اله إلا الله . أما المحطة الثانية في
تلك السيرة غير المشرفة فهي اختفاء هذا الجلاد لسنوات في الشمال الموريتاني ، وليس في ذلك من غرابة ، فموريتانيا كانت وستبقى البلد الثاني لأي صحراوي دون منة من أحد ، إنما وجه الغرابة في أن يظل الجلاد يرتع ويمرح دون استحياء ولا خوف أمام الضحية في بلده , ومع ذلك فقد نجد له العذر إذا ما عرفنا أن ثقافة الاحتقار لموريتانيا والموريتانيين كانت هي الثقافة السائدة التي كان يتلقاها على يد أسياده الجلادين الكبار .
قبل أن أمسك القلم لكتابة هذه الأسطر علمت أن جلادنا المكابر بعد نشر وتداول الموضوع السابق ( شجاعة ووقاحة ودموع تماسيح ) أعلن أنه يتحدى من يثبت تورطه في انتهاكات لحقوق الانسان ، وهذا حقه وليس متوقعا منه أن يعترف بجرائم هو يعرف أنها ستلف حبل المشنقة حول رقبته لو تحققت العدالة يوما بفتح تحقيق شامل حول تلك الانتهاكات التي لا يوجد من هو ادرى منه بها حسب ما ورد في مقابلته ، وسأبادله التحدي بالتحدي وأدعوه إلى زيارة موريتانيا ـ وله الأمان ـ لمقابلتي مع مجموعة من ضحاياه وساعتها نعرف مدى صدق المثل الحساني القائل ” أربع عينين إلى أتقابلُ
…..؟” ولقد كنت أتوقع منه شجاعة أكثر اقتداء بأحد أسياده السابقين والذي لا يبعد عنه كثيرا حيث هو ، فقد كان يتباهى بأنه لم يقتل ولم يعذب غير الموريتانيين وربما لا يكون كاذبا إن اقتدى بسيده لأن ” سطوع ” نجمه بدأ مع مسرحية ” الشبكة الموريتانية ” ، أم أن السيد ( بمد السين ) الوالي الحالي والمدير سابقا لم يعد المثال الذي يحتذى به بعد أن مسح سكين القتل في سراويل الثلة ثم تعجل في ” العودة ” قبلهم ؟ كان بودي أن أعلق باسهاب في هذا المقام على بعض الافتراءات التي وردت في مقابلة هذا الجلاد خاصة منها ما يتعلق بانتهاكات حقوق الانسان التي تهمنا كضحايا
موريتانيين إلا أنني سأكتفي هنا بالإشارة إلى ملاحظتين قد لا يكون انتبه إليهما الكثير ممن تابعوا المقابلة ، الأولى أنه نزل على رأسه الطير عندما وصل في الحديث إلى ما سمي بالشبكة الموريتانية سنة 1982 فلم ينبث بكلمة عما تعرضنا له من تعذيب وتقتيل لأن ذلك نبش عن سكين الذبح التي كان هو ومثاله يذبحون بها الأبرياء والتي ربما يخاف ان يذبح بها يوما ما ، والملاحظة الثانية أنه من البديهي أن كلامه كان موجها بالأساس للصحراويين في المدن الصحراوية ، لكنه نسي أو تناسى أنهم من نفس طينة الصحراويين والصحراويات النبلاء الذين كان لهم الفضل في اخراج
الضحايا الباقين على قيد الحياة من المعتقلات سنة 1988 ، وكانوا كذلك سببا في أن يفقد هو وأمثاله أرذل مهنة وأقبح هواية ( تعذيب المظلومين والتلذذ بأناتهم ) .
إذا كان كشف القليل من الحقيقة قد أفزعك يا ( فليبي ) فماذا ستقول انت وشركاؤك غدا لرب العالمين يوم تاتي كل نفس تجادل عن نفسها ؟ اما في الدنيا فلدينا ما يطمئنك ويعزيك ولو إلى حين :
1/ اننا ضحايا ذقنا طعم الظلم ولا نريد لأي كان أن يتجرع من الكأس التي شربنا منها ، فكل ما نريده هو تحقيق العدالة فيك أنت وشركاؤك كل حسب ما يثبت عليه من جرم , لذا ادعوك الى العمل بالمثل الشعبي ” خير اكلامك يا ام اكعدي اعليه ” .
2/ انك لست المطلوب الوحيد لنا فمعك العشرات والمثل يقول ( الموت في عشرة انزاه ) ولا أظن أنك ستكون غير راض عن ادراج اسمك مع مدرائك وشركائك السابقين فازال الوقت مبكرا كي تتبرأ منهم ومازلت لم تر العذاب كي تقول لو ان لي كرة .
3/ اننا على يقين من أن العدالة التي نطالب بها في حقكم قد لا تتحقق اليوم أو غدا ، لكننا مؤمنون بأنها ستتحقق في يوم من الأيام ،
لأننا أصحاب حق مؤمنون به باقون وراءه حتى النهاية ولن تفلتوا منا ولو غيرتم جلودكم ، وإن متنا فستبقى أشباحنا خلفكم . إن خرجتم للشارع ستطلع لكم ، إن آويتم إلى الفراش فهي تنتظركم ، إن خرجتم لاستنشاق الهواء ستخنقكم ، إن أغمضتم أعينكم سترونها في مخيلتكم ، إن متم فأرواح اخوتنا تنتظركم ، مهما فعلتم فأشباحنا دوما خلفكم .

لكم منا السلام ( بضم السين وبكسرها ) .

محمد فال ولد القاضي

الأمين العام لجمعية ذاكرة وعدالة

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

هاتف : 002222213776

memoireetjustice@yahoo.fr

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى