شر البلية ما يضحك
منذ يوم كان لي شرف استضافة خصتني بها غرفة الحوار الحرعلى ” البالتاك ” لمشرفها الأستاذ ” شرتات ” الذي كان بالفعل ” شرتاتا ” في خفة دمه وروحه المرحة ، ولم يكن “شرتاتا” في تركيزه وقدرته على تسيير حلقة نقاش دامت أكثر من ثلاث ساعات أدارها بكل مهنية وحياد قل نظيرهما في عالم اليوم الذي لم يعد فيه مكان للوسط ، فإما مع أو ضد .
كان موضوع الحلقة يدور حول قضية المتطوعين الموريتانيين في صفوف جبهة البوليساريو
و ما تعرضوا له من ظلم على يد جلادي هذه الأخيرة وعن جمعية “ذاكرة وعدالة” ،اهدافها ومطالبها، وقد حضر الحلقة التي كانت تدار من دبي في دولة الإمارات أكثر من 120 مشاركا أغلبهم من دول أوربية وكانوا كلهم تقريبا موريتانيين وصحراويين ، مما ساعد على سهولة التواصل وإثراء النقاش لعلاقتهم بالموضوع ، وقد استطاع مسير الحلقة بحرفية أن يدير النقاش بطريقة رائعة ساهمت في جعل الحوار جادا ومثمرا كانت نتيجته في النهاية أن أخذ المشاركون فيه فكرة عن موضوع المعاناة التي عاشها الضحايا بعد أن كانت معلومات بعضهم عن الموضوع شحيحة وفيها بعض اللبس ، والخلط بين من هم متطوعون ومن كانوا أسرى حرب لدى جبهة البوليساريو .
وبالرغم من كل النواقص فقد كانت الحلقة ناجحة إلى أبعد الحدود ، وبالنسبة لي فقد كسبت منها الكثير ، بدأ من تعاطف أغلب من شاركوا في النقاش مع قضيتنا الإنسانية وانتهاء بتعرفهم على جمعية ” ذاكرة وعدالة ” التي كنت أمثلها في النقاش ، إلا أنه مع ذلك لم تخل الحلقة من بعض المداخلات الطريفة حد السخرية ففي إحدى هذه المداخلات دعى صاحبها الضحايا إلى عدم السير في طريق المطالبة بحقوقهم لأن ما تعرضوا له لا يعد شيئا لما وقع لضحايا آخرين في العالم متناسيا أن سلب إنسان حريته ولو ليوم واحد لا يمكن تعويضه ، فكيف بمن قضى أكثر من سبع سنوات في قبر ؟ غير أن شر البلية الذي يضحك هو ما ذهب إليه أحد المتدخلين وهو ضحية سابق من ضحايا معتقل الرشيد الرهيب ، فقد كرر ما حفظه تحت الإكراه من أن الضحايا جواسيس وقد جندوا على يد ضابط في الجيش الموريتاني ، اسم هذا المتدخل هو : لمّن سيداتي عثمان التلميدي واسمه الذي منحه إياه الجلادون في المعتقل هو ” أحريكف ” ( الكاف فوقه ثلاثة نقاط كي يتم تهجي الاسم صحيحا ) ، أما رقم زنزانته أو على الأصح رقم قبره في ” الرشيد ” فهو 63 .
بعد نهاية الحلقة وبعدما عرفت أن هذا المتدخل هو ” احريكف ” ذهب بي التفكير بعيدا حيث تصورت أنه كان يتحدث من داخل معتقل ” الرشيد ” والجلاد ” ولد ببيت ” واقف فوقه يضربه على البطن ليقول ما قاله ، هل تذكر يا ” احريكف ” ؟ بعد أن استعذت بالله من الشيطان الرجيم ومن الرشيد ومن ” ولد ببيت ” وكل الجلادين ، تذكرت أنهم مسحوا ” الرشيد ” من على وجه الأرض لإخفاء أي أثر للجرائم التي ارتكبت هناك ، بعدها بدأت أبحث عن الأسباب التي جعلت ” احريكف ” يعترف على نفسه وعلى الآخرين بجرائم ما أنزل الله بها من سلطان خاصة أنه لم يعد سرا أن أعلى الهرم في سلطة البوليساريو أعلن منذ زمن بعيد جهارا نهارا بأنهم ارتكبوا جرائم في حق الإنسانية ليس لها من مبرر ، فلماذا لم تنتيه لهذه الحقيقة يا ” احريكف ” قبل أن يقحموك أو تقحم نفسك عن وعي أو غير وعي في متاهة كلها كذب وافتراء لتفضح نفسك أمام الملأ ؟ أم أن صدمة الرشيد لا زالت تلازمك وتحتاج لزيارة مصحة عقلية ؟ في كل الأحوال أعرف أنك لن تكون إلا أنت ، وقد وجدت لك العذر فيما قاله بعض الضحايا الذين تعرفهم جيدا عندما أخبرتهم بما بدر منك حيث قالوا بالحرف الواحد بأن الطبع أملك وطبعك أن تضع نفسك دائما في موقع : ( … ما اروم ماه خناكو ) …………. استغفر الله العظيم .
شفاك الله وعفى عنك ………..
وفي الختام أتوجه باسم الضحايا وباسم جمعية ” ذاكرة وعدالة ” بالشكر الجزيل إلى القائمين على غرفة الحوار الحر ” بموريتانيا الحوار الحر ” وعلى رأسهم الأستاذ شرتات على الفرصة الثمينة التي أتاحوها لنا للتعريف بقضيتنا الإنسانية وللقاء كوكبة من المشاركين شرفونا أن نحاورهم بغض النظر عن موقفهم منا ، والشكر كل الشكر للذين أبدوا تعاطفهم معنا وللذين اعطونا فرصة مخاطبتهم ليسمعوا قصتنا المأساوية .
فطر مبارك سعيد على الجميع
محمد فال ولد القاضي
هاتف : 002222213776
memoireetjustice@yahoo.fr