من خصوصيات خريف 2010 في موريتانيا

ربما يتبادر إلى ذهن القارئ أني سأتحدث عن المصائب والأضرار التي خلفتها السيول والأمطار… وما قد ينتج عنها في بلادنا من الأخطار…

ألا وإن ذلك حري بالاهتمام غير أني أود هنا التنبيه على موافقات حصلت في هذا الموسم تستحق وقفة اعتبار …

ذلك أن خريف هذا العام عدى عن كونه في السنة الخمسين بعد الاستقلال فإنه شهد حلول شهر رمضان المبارك وإبان شهر أغسطس خصوصا… مما قد يزيد فرحة الشعب وبهجته … فرمضان شهر الصيام والقرآن… والتقوى والإحسان! وموسم الرحمة والغفران .. وهو خير ونعمة لكل إنسان… ولا يحصي فضله وبركته إلا الله الرحيم الرحمن…
وأما أغسطس ــ وإن انصرم ــ فلست أنسى أن له علينا بركتان !

إحداهما: أن الله يمن فيه بموسم خريف تحيى فيه الأرض بعد الصيف!

وأما بركة أغسطس الأخرى: فأنتم بها أدرى وبتقديرها وحمدها أحرى.. ذلك أنه منذ سنين ما اشتد صيف الظلم واستحكم حيف الحكم إلا قامت للتغيير في أغسطس جهود وهمم… وكأن التغيير في موريتانيا سواء كان مناخيا أو سياسيا لا ينجح إلا إذا كان أغسطسيا!

وما تجربة محمد وصالح وإخوتهما عنا ببعيد وإن كانت لم تأت أكلها كما كان رائدها يريد..

فإن أغسطس 2005 عرف سحابة المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية

فأنبتت النفوس أملا اخضر زهاء 700يوم ..لكن ما لبث أن هاج واصفر من لفح الفساد ، و صار حطاما بعدما حصل لأوردة النظام من انسداد، و لم تنفعه المهدءات ولا الأدوية..حتى جاء أغسطس 2008 “بالعملية التصحيحية ” وما أدراك هيه؟

يومها أعلن ميلاد “موريتانيا الجديد”..فانقسم الشعب والعالم بين فريق للترحيب والتأييد وآخر للرفض والتنديد..ومضى عام ينقص قليلا أو يزيد.. ونحن نصغي لأصوات تطلق البشارة والنداء وتعد بـــ”ـالتغيير البناء” فحلمنا بالعدالة والرخاء والسعادة والهناء بعد نحو خمسة عقود من البؤس والشقاء..فانتفض الشعب مبتهجون لتخطيط الأحياء.. وتجهيز بعض مراكز الاستشفاء.. وتقسيم مساعدات على بعض الضعفاء.. وهتف الجل ينشدون “رئيس الفقراء”.. .
وقد غمرني السرور وشعرت بالفخر والحبور لما طرد اليهود والحرب في غزة تدور..وأغلب العرب حينئذ جمود كالقبور..فبادر رئيس الجمهورية بالقرار الجسور والموقف المشهود المشهور والفعل المحمود المشكور..إذ طهر بلاد شنقيط من رجز المغضوب عليهم …

وقد فرحت فرحا ليس بعيدا من سابقه وأنا أرى وأسمع حربه على الفساد وأهله من أول يوم فكم نبذ على هواء مباشر: أن الرئيسَ بريء من المفسدين وشعبُه؟

ثم ما إن انقشعت غيوم انتخابات يوليو2009 حتى أشرق أغسطس بتنصيب الرئيس وتتويجه المستحق لتنسكب الإنجازات وتتدفق !

فكم كان لكم قصب السبق في تشخيص أدواء الغش والتسيب والتصدي لهما دون مهادنة ولا تهيب؟

وكم طرقتم من مشاريع وأفكار إصلاحية ثيبات و أبكار لم تطمث قبلكم في أي من الفترات؟

وإذاعة القرآن الكريم خير شاهد وأكبر دليل، ومشروع التعريب، وشركة النقل العمومي، وتشجيع التكوين المهني والتقني، ومشاريع التشجير، وتعبيد الطرق وترميمها، وقانون تمديد سن الوظيفة العمومية إلى أربعين، ناهيك عن القرب من المواطنين والإصغاء للمتضررين والمظلومين والوقوف مع المنكوبين ..

وهل كانت جلسة الرئيس المفتوحة قبل أسابيع في قصر المؤتمرات إلا تجسيدا لتفاعلكم مع قضايا الوطن و المواطن وحرصا منكم على الوضوح والشفافية؟

وإن تقديري لما أنجزت السلطة وإعجابي بما أعلنت وأملي في تحقيق ما وعدت.. نابع من ضميري وحبي لوطني ومصالحه العليا..!

فإن كانت السلطة رأس وقلب هذا الكيان الموريتاني! فإن كافة المواطنين أعضاء وجوارح ولكل عضو وظيفة وتعطلها يعني مرض أو موت ذلك العضو! ولا أظن أن أحدا يرضى المرض أو يحب الموت!

انطلاقا من ذلك واستشعارا للأمانة وإحساسا بالمسؤولية فإني تجندت ومن معي من المخلصين نخدم شعبنا طوعا وندافع عن حقوقه ونسعى لمصالحه نتحدى المصاعب والعقبات رغم محدودية الجهود وقلة الإمكانيات! يحدونا الإخلاص والإيمان وغايتنا الرحمن وشعارنا : ” لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا”

وإني أدعوا كافة المواطنين والمواطنات إلى التناغم مع دعوات الإصلاح وبرامج التصحيح..

وأناشد كل أبي أن يبذل جهده ولا يؤتى الوطن من قبله ” وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب”

محمد يحيى ولد سيد أحمد البكاي

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى