هل تطيح حرب القاعدة بعزيز ؟؟؟

نشر هذا المقال في موقع صحفي بتاريخ : لأحد 12 سبتمبر 2010، اي قبل اسبوع واحد من هجوم القوات الموريتانية على معاقل تنظيم القاعدة في الصحراء المالية والذي ادى غلى سقوط العديد من القتلى بين الطرفين.
ولذا اعدنا نشر المقال.
تعيش موريتانيا منذ مدة فترة حالكة بعد حشر رأسها في مواجهة شبح الصحراء المتصاعد ” تنظيم القاعدة ” , مواجهة دخلت في إطارها منعرجا خطيرا باعتبارها المضغة الضعيفة ضمن جسم دول الساحل و الصحراء , فبدءا بهجوم القاعدة الأول على لمغيطي مرورا بتورين ثم المواجهات في قعر موريتانيا والقتل المتعمد والاختطاف كلها خطوات تعبر عن مدى تغلغل القاعدة كتنظيم داخل الوسط الموريتاني ولعل العدد الهائل من الشباب الموريتاني في التنظيم يعطي صورة عن مدى التعاطف الذي كسبته قاعدة المغرب العربي و الصحراء في موريتانيا .
جاءت حرب الخميس الهجومي على تنظيم القاعدة 22 يوليو 2010 من طرف ” الجيش الموريتاني ” لتدشن مرحلة جديدة من طبيعة العلاقة بين الطرفين , مع ما تركته هذه العملية من جروح نازفة في جسميهما على حد السواء , ولا أدل من ذلك قتل القاعدة البشع للرهينة الفرنسي بعد إنتهاء العملية , وفشلهما معا في تحقيق الهدف الذي رسمت له مسبقا .
وتمكن قراءة الزج من طرف النظام السياسي الموريتاني بالجيش من عدة أوجه الأول شغل الجيش بعيدا عن الأزمات السياسية ثانيا شغله بمهمته المنوطة به ألا وهي الدفاع عن الحوزة الترابية.
بيد أن العملية الأخيرة قد تلحق الأذى بحالة الاستقرار في البلاد، مما قد يؤدي إلى نتائج سلبية لعل أفظعها الإطاحة بالنظام السياسي القائم عبر دعم دول جوار ودول غربية مختلفة .
وعموما تظل منطقة الصحراء الكبرى إحدى أضعف المناطق وأكثرها إستراتيجية لكي تعزز القاعدة هجماتها وتظل موريتانيا بدورها البلد الأضعف في المنطقة لاعتبارات جغرافية مختلفة .
حتى نفهم الحرب على القاعدة
- ” الحرب الوسيلة التي لا تلجأ إليها الدول إلا بعد فشل جميع الوسائل , والعمل على مواجهة القاعدة هو تعبير عن غياب هدف غير السلاح لتحقيق إبعاد شبحها “
إن الحرب على القاعدة ليست حرب الجيش بقدر ما هي حرب الشعب الموريتاني فلا بد لكي نكسب الرهان من خلق الشعب المسلح الذي يساهم جميع أفراده رجالا ونساءا كل فيما يخصه ويقتنه ’ فلا نصر على القاعدة إلا إذا ههبنا جميعا باختلافاتنا السياسية , ذلك أن إشتراك كل فرد من أفراد موريتانيا في المعركة يجعل كل قرية كل مزرعة كل مصنع كل حي قادرين على الثبات أمام العدو وتكبيده الخسائر وتصبح البلاد بذلك بركان يبتلع كل ظلامي قاعدي , ذلك أن من يكسب المعركة هو الذي يهدد بالطعنات ويوجهها أكثر من عدوه , والهزيمة نصيب من ينهار أولا .
لئن كانت القاعدة البادئ الأول في الهجوم على موريتانيا إلا أن مواجهة موريتانيا للقاعدة في هذا الظرف لا مصوغ لها وحتما ستتواصل رحلة قتال جبهة القاعدة ” فمن لا يملكون إدارة الهجوم يفقدون القدرة على الدفاع , والأحلام الرومانتيكية الساذجة ليست وسيلة للبقاء ” , أعلنت الحكومة الموريتانية عن عملية الخميس في صيغة تشي بزهو المنتصر، وتناست ” أن الانتصار في معركة قد لا يعني الهزيمة الحقيقية للأعداء , فحينما لا تتوفر العوامل الحقيقية للنصر ـ والتي أولها القضاء نهائيا على العدو ـ يصبح أي نصر مرحلي عملية تضليل وإستمرار للسير الخطأ بفعل إغراء الخصم.
لقد كان النصر ولا يزال بداية الهزيمة , ولا زالت الهزيمة بداية النصر ” , إذن لم ننتصر بعد على القاعدة ولم نبعد هجومها المرتقب في أي وقت , وفي كل الأحوال المباغتة الموريتانية لتنظيم القاعدة من طرف الجيش الموريتاني لم تكن ذا أهمية وبلا مبرر ذلك أن الدولة الضعيفة هي التي تهاجم العدو , وإلا لما ذا لا تهاجم السلطة السياسية الموريتانية القاعدة في الوقت الحالي في ظل إحتمال هجوم مرتقب في أي وقت لقاعدة أو لتجمع موريتاني في الحوض الشرقي وأي بقعة من أرضنا , مما يحتم إيقاف هجوم فعلي للقاعدة ضد الجيش الموريتاني , إلا إذا كان الهجوم الأول في الظاهر هجوم قبل هجوم للقاعدة وفي الباطن محاولة فاشلة لتحرير جرمانو , لماذا لا نتحرك بسرعة إنتقاما لقتلانا في لمغيطي والغلاوية والنعمة وفي أنواكشوط لماذا لا نتحرك لإبعاد شبح الخوف الذي أصبح ينتاب العديد من سكاننا في الشرق الموريتاني إذا كنا نتحرك فعلا في أي وقت أصبحنا نشعر أننا مهددين في وطننا فكل المسوغات التي صاغها النظام الحاكم حول هجومه المباغت للقاعدة من قبيل ” العملية جاءت لاستباق هجوم كان تنظيم القاعدة يخطط له ” هذا الأمر تكذبه الدلائل والوقائع الحالية ذلك أن الجميع وبما فيها مواطنينا البسطاء في العديد من أرضنا الغالية يرتقب أي منهم هجوم دامي للقاعدة للانتقام.
في ظل هذا الوضع لملا تهاجم سلطتنا القاعدة أو تباغت اللعينة قبل تنظيم مخططاتها الإجرامية ضد أي من منشآتنا الهامة , ونحن الذين قال قائدنا أنه ” حينما يتبين لنا أن هناك تهديدا أو خطرا ما فسنتحرك داخل موريتانيا أو خارجها للدفاع عن بلادنا وصد أي هجمات محتملة”, ولذا وبكثير من الموضوعية الهدف من عملية الخميس في كل الأحوال ورغم كل الادعاءات القولية والتصريحية من طرف الجميع لم تكن سوى محاولة لتحرير جرمانو الذي اختطف خارج الأراضي الموريتانية واحتجز خارجها أيضا.
ومن هنا يظهر مدى الغرق الذي وقع فيه نظام عزيز , وتظل السلطة السياسية إذن هي الخاطئة والمهزومة لا الجيش ذلك أن السياسة هي الفكر ومن الطبيعي إخضاع وجهة النظر العسكرية لوجهة النظر السياسية , حيث أن الهدف السياسي هو الذي يحدد حجم الحرب فإن كان الهدف كبيرا كانت الحرب كبيرة الهدف , وإذن لم تكن الحرب على القاعدة عملا سياسيا فحسب ولكنها أداة من أدوات سياسة نظام عزيز وإستمرار لعلاقاته السياسية , فمواجهة القاعدة إمتداد لسياسة النظام ولكنها عملت بوسيلتي العنف والقوة , فقد بدا واضحا أنه لما وصلت المشاكل السياسية بسياسيينا للباب المغلق حولوها للعسكريين ليفتحوا لهم ما أغلق عليهم وليطواعوا لهم ما صعب عليهم ( الحوار ) ولعل الحراك الذي شهدناه مباشرة بعد عملية الخميس خير دليل .
وفي كل من المستحيل بل الصعب الفصل بين البعد العسكري والسياسي لعدم اقتصار الحرب على الجيوش في ميدان المواجهة بل تتعداها لتشمل جميع الميادين ذلك أن تهديد شبح القاعدة يطال كل المجالات وبخاصة في بلد كبلدنا المترامي الأطراف , لقد زال وذهب الزمن الذي كانت فيه الحرب محدودة وإلتحام المتحاربين في مكان معين يستخدم فيه , نحن في عصر الحرب الشاملة , لعل أروع خدمة قدمتها لنا مواجهة القاعدة توحيد رؤى القادة السياسيين في ضرورة مواجهة الأوضاع الصعبة , توحيد موريتانيا المجزأة سياسيا , ولعل أغرب ما جعلني أستغرب كثيرا أن الكثيرون رأوا أن موريتانيا ـ فرنسا هما من أوقف المواجهة مع القاعدة بل العكس هو الصحيح أن القاعدة أوقفت الحرب , فاستسلام القاعدة يقف وراء إنهاء الحرب بعد أن شعرت أن المصلحة ليست من مصالحها , ولو كانت تشعر بقدرتها على المواجهة فإنها ستستمر على المواجهة إلى أجل غير مسمى , وحقا لم يحقق الطرفين أي نتائج , ولا تزال موريتانيا بذلك بلد ليس سيد نفسه ما دامت القاعدة بإمكانها أن تملي إرادتها كما نملي عليها إملاءاتنا بعد جرنا لها لمواجهة لم يكن يحسب لها حساب.
يتحدث النظام القائم عن بسط الجيش الموريتاني سيطرته على الأراضي الوطنية والقدرة الهائلة التي أصبح يملكها في إمتلاك زمام المبادرة وغزو القاعدة في عقرها , متناسي منظري جيشنا أن ” أن الدولة الضعيفة تغري الخصم على العدوان ” وعلى كل الهجوم المباغت للقاعدة يجد فيه النظام القائم مصلحة كبيرة وحلاوة طعمها لذيذ وذلك بتدفق أموال طائلة عليه لمواجهة خطر الإرهاب وعدم فرار المجتمع الغربي من دعمه حتى وإن طبع مع قمة المناهضة .
نحن والجيش والنظرة السليمة
لا يخالف أي فرد مهما كان على أن كل الموريتانيين بأغلبيتهم ومعارضتهم يساندون الجيش ومع الجيش ومن أجل الجيش وفي الدفاع من أجل الجيش لكن علينا أن نفرق بشكل قاطع بين الجيش وقرار السلطة الحاكمة , فالجيش لم يقرر مواجهة القاعدة ولم يتجه لذلك وإنما الذي واجهها هو النظام السياسي القائم لا الجيش , موريتانيا تنتظر من الجيش تخليصها من العدو العابر للحدود , والجيش ينتظر الأمر من قادته وقادة الجيش يصارعون السياسيين على السلطة الله المستعان .
جيشنا بحاجة لتحكيم الإستراتيجية العسكرية المتمثلة في فن استخدام القضية بأقصى حد , وفي كل تظل الثقة كبيرة به لتحقيق خطوة هامة في مواجهة ظلام القاعدة حتى ينتزعها أو يبعدها عن حدودنا ويضعها أمام شروط تحس أنها مهددة .
إن المؤسسة العسكرية في ظل مواجهة القاعدة مطالبة بعدم بعثرة قوات الجيش مما من شأنه إرهاق التموين والإمداد ويسهل ابتلاعها من طرف غول الصحراء الأمر الذي سيضطرنا لإتباع الإستراتجية الطويلة الأمد الرامية لأتعاب العدو وإنهاكه معنويا , ذلك أن القاعدة تتبع سياسة هامة جدا حيث تقوم بتدريب أشخاص أو عصابات وتوفدها لخطوط الجيش الموريتاني لتسديد ضربة سريعة تهدد أمن الجيش وتنهك قواه وتحكم معنوياته وتجبر جزءا منه على التبعثر حتى ولو كان الهدف من التبعثر البحث عن العصابات والقضاء عليها .
علينا جميعا بمختلف أطيافنا السياسية والفكرية الإيمان بالحرب المقدسة على القاعدة مما يرفع الروح المعنوية لدى أفراد القوات المسلحة ذلك أن أفراد الجيش جزء من أفراد الشعب وارتفاع معنوياتهم مسألة لها تأثيرها على قوة الدولة , وإذا كان أفراد الشعب لا يؤمنون بحربنا على القاعدة التي يحارب من أجلها الجيش فإن الهزيمة ـ لا قدر الله ـ هي نصيبنا.
إن الحديث عن الجيش ليس جريمة ولا خطا أحمر , فالدولة ليست مجرد جيوش , والجيش رغم أهميته هو مولود من مواليد الدولة الديمقراطية وليس خالقا لها , لذا لا أفهم ولن أتفهم البتة القداسة التي يحاول البعض أن يلبسها للجيش , ويرفض مناقشة علاقته بالسياسة في ظل نظام ديمقراطي في بلد ديمقراطي وكأن الجيش شيء والديمقراطية شيء والحكم شيء .
بين أبي الأمة وأبي فقراء الأمة
- ” الصحراء والقاعدة … الحربان المدمرتان “
أبي الأمة في عصره شهدت موريتانيا تطورا وإنتعاشا طال مختلف الميادين , لكن خطأ حرب الصحراء كافيا ليدمر كل هذا البناء ويتركه كصفر , أبي فقراء الأمة هو الآخر إرتبط إسمه بمرحلة حاسمة في مسيرة التاريخ السياسي للبلد إذ إنتقل من قائد إنقلابات إلى قائد حروب حيث قاد لحد الساعة حربان مقدستان بدءا بالحرب المقدسة على الفساد ثم أخيرا الحرب العظمى على القاعدة ولم تأتي كل هذه الحروب بنتيجة تذكر , فلا الفساد توقف مد استشرائه.
وفي النهاية بلغت مع الحرب على القاعدة مع الرجل حدا كبيرا إذ كان من بين مبرراته التي جعلته يثور على سلفه عدم تمكنه من مواجهة القاعدة . وفي نهاية المطاف لم يحسم قائد الانقلابات والحروب أي حرب من الحروب حسما نهائيا فلا يزال في الخطوة قبل المنتصف من الوصول إلى بداية الإنتصار في كلا الحربين . أبي فقراء الأمة إنتقل من الحكم للحكم بعد إغتصاب فاحش للديمقراطية الموريتانية التي كان ينظر العالم لها كنموذج يحتذى به , وأتى بأسلوب العسكر الخشن واستعمل القوة للإنغضاض على الحكم بعد إقالته من منصبه كقائد للحرس الشخصي لرئيس الجمهورية , ثم إستقال ليدخل البلد لأول مرة في أزمة سياسية تطلبت من القادة السياسيين إعلان حج دكار الأكبر , و رغم ذلك يعرف البلد اليوم في حكمه تحولات هامة على شتى الأصعدة ونمو مقبول , لكن كل ذلك قد يذهب أدراج الرياح إذا واصلنا في الخطأ المتكرر .
أوجه الشبه والتشابه
حدثت أزمة لغة في عهد رئيس الجمهورية الأولى أبي الأمة وبالمقابل حدثا شبيها بأزمة 1966 جرى في زمن العزيز تلافاه قبل توسع مستواه , نسقت فرنسا للتخلص من داداه حينما قرر التعريب وظلت تتحين الفرصة التي تمكنها من إنهاء حكمه . واليوم من المتوقع أن تصل فرنسا مرحلة تثور بها ثروتها على صديقها الغالي والذي جلبته , فحينما تزداد أخطاء عزيز التي لا ترضي فرنسا والتي إغترف منها ما هو كافي لإستشاطة الغضب الفرنسي فإنها لن تتوانى عن إسقاطه .
الأمس شبيه باليوم
تحالفت موريتانيا مع المغرب عسكريا ودبلوماسيا في مواجهة البوليساريو وحليفتها الجزائر، فركزت جبهة البوليساريو هجماتها العسكرية على موريتانيا بوصفها الحلقة الأضعف في الصراع، واستطاعت قواتها أن تتابع الضربات تلو الضربات حتى أعطت الإستراتيجية البوليسارية العسكرية نتيجتها حيث دخل نظام المختار ولد داداه في أزمة اقتصادية وأمنية خانقة دفعت بالجيش الموريتاني إلى الإطاحة بحكمه في 10 يوليو / تموز 1978 الذي وجد نفسه في خضم الصراع الصحراوي في الوقت الذي تتابعت فيه سنوات الجفاف العجاف على موريتانيا وفاقمت الحرب منها.
اليوم تتحالف لنا موريتانيا وفرنسا وإن بشكل غير مباشر في مواجهة القاعدة التي ستعمل بكل ما أوتيت من قوة على التركيز على الحلقة الأضعف في صراع مواجهة القاعدة , ولن يكون أما القاعدة كبير عرقلة في توجيه الضربات تلو الأخرى لموريتانيا , وحتما إذا ما إستطاعت أجندة القاعدة السودواية الفاشلة تحقيق مبتغاها فإن النتيجة أمام سقوط العديد من جنودنا الأشاوش هي الإتجاه نحو الإطاحة بنظام ولد عبد العزيز, ذلك أنه وإن كان عزيز حسن من أوضاع الجيش وعمل على الاهتمام به إلا أنه في نفس الوقت عمل على إبعاده والزج به ميادين الحدود خوفا من حصول أمر ما , ورغبة في تحصين الحدود من وجه آخر , إلا أنه وفي كل الاحتمالات فإن الجيش إذا ما شعر بوجود هدف ونية غير حسنة من خلال إبعاده وإدخاله حرب لا ناقة له فيها ولا فائدة فإنه في هذه سيتجه للخيار الحاسم دوما .
منذ فترة وجد عزيز نفسه محشورا في مواجهة غول الصحراء , ففرنسا دفعته للمشاركة في الهجوم على القاعدة وأعلنت تأييدها له في حرب القاعدة , الجزائر ترفض وتستنكر العملية وتتهم النظام الموريتاني بالخروج على اتفاق تيمنراست , المغرب لا يتحرك ولا نسمع له أي رد ولكن في كل الأحوال سيكون عكس الموقف الجزائري الغاضب من تحركات النظام الموريتاني في مواجهة القاعدة , مالي ترحب بمطاردة الإرهابيين على أرضها .
الجزائر .. فرنسا .. والإنقلاب القادم
أحضرت فرنسا نظام عزيز أو باركته بعد تخوف من أسلمة نظام ولد عبد الله , واليوم يتجه عزيز نحو خطوة لا ترضي ساركوزي فرنسا من خلال مقايضته القاعدة بتبركة إسبانية وتواطئ مالي , أمام هذه الخرجات العزيزية فإن فرنسا في ظل فشلها في تحرير رهينتها ونجاح إسبانيا في تحرير رهائنها , غاضبة أكثر فأكثر جراء تلقيها وجعتان موت الرعية الفرنسية وتبادل نظام موريتانيا مع القاعدة الصحراوي بشكل غير مباشر , ونجاة بذلك الرعايا الإسبان , و ستقف الجزائر بشدة في وجه أي طموح لنظام موريتانيا في تصدر مواجهة القاعدة ولو تطلب الأمر التعامل معها للتكالب على النظام الموريتاني الساعي لبسط ريادة الحرب على القاعدة في منطقة سيدتها الجزائر كقوة مأثرة ومتصدرة لقيادة القاعدة .
الفشل في مواجهة القاعدة والانقلاب القادم
حتما تبني موريتانيا نهج المواجهة مع القاعدة تلك إستراتيجية فاشلة وستكلف نظام موريتانيا فاتورات قد لا يتحمل تكاليفها وإن وقفت ورائه كل الدنيا , ذلك أن ما فشلت فيه دول جوار لما مكانتها العسكرية والسياسية لا يمكن على الأقل أن نربح نحن فيه بشكل كبير فعلينا أن لا ننجر نحو الجحيم تحت أي ذريعة , وكل أمنياتي أن لا ينقلب عزيز إلى مخلب القط الفرنسي في منطقة الصحراء .
تأملات في دوافع الإنقلاب على عزيز
” مشكلتنا الكبرى بموريتانيا أننا يحكمنا رئيس يرى القوة العسكرية هي الحصانة”
إذا لم تتغير مغامرة عزيز والقاعدة فإنه الجيش قد يضطر لإنهاء هذا مسلسل اللعبة الفرنسية الموريتانية لمواجهة القاعدة , إذ تركز عمليات القاعدة لحد الساعة على الجيش , فإن استمرت الوضعية على ما هي عليه ورأى الجيش أن مشاركته في هذه المواجهة لا طائل من ورائها فإنه في هذه الحالة سيضطر إلى إيقاف القرار السياسي القاضي بمواجهة القاعدة ذلك أن أي حرب هي حرب سياسية بالدرجة الأولى , فحرب القاعدة ستتجاوز تأثيراتها وتبعاتها مجرد مواجهة إلى محاولة جنونية من القاعدة ضرب منشآت إقتصادية هامة وذلك لحشر النظام الحالي في خضم أزمة متعددة الأوجه تعمل على إسقاطه بالقوة للدخول مع القاعدة في مرحلة تهدئة غير مباشرة .
مهما كان موريتانيا وضعت نفسها في على حد تعبير بعض الكتاب ” داخل الأنشوطة الجهنمية للحرب المفتوحة على السلفية المسلحة ” ويظل النظام الموريتاني أمام خياران أكثر من إثنان إما المواصلة مع الغرب في حربه ضد القاعدة وهذا ما قد سيدفع به إلى تدخل أطراف أجنبية في شؤونه , وفي نفس الوقت تلقي ضربات مؤلمة من طرف القاعدة ستكون مبرر متكرر للآخر بالتدخل وجلب غضب الدول المجاورة ومصوغ كافي لإنهائه بالوسيلة التي قدم بها .
أما الخيار الثاني الهدنة مع القاعدة مع أن ذلك يغصب الأسياد , وفي كل الأحوال لن يتمرد النظام الحالي على سياسة الغرب اتجاه الإرهاب وإن هو عمد إلى التمرد وتعاطف مع القاعدة يكون بذلك فتح باب التدخل الدولي في موريتانيا لإنهاء نظام موريتانيا المتعاطف مع القاعدة.
مستقبل الانقلابيون على عزيز
إذا ما تم الانقلاب على عزيز فإن المنقلبون سيواجهون صعوبة في إقناع الشارع الموريتاني بهذا الأسلوب المفاجئ , وسيكون عزيز في وضع لا يحسد عليه حيث سيعمد العديد من عامة الشعب على محاولة إعادة الرجل وسيعمل آخرون في الجيش نفسه على إعادته, ذلك أن الناس أينما كانوا وفي أي زمن يظلون أسارى لشعارات يرفعونها ويرددونها حتى يصدقوها ويحاولوا العيش والأداء ضمن إطارها , ولنا أن نتذكر جميعا مهما كان موقفنا من الانقلاب دعما أو شجبا أنه حينما يصل أي فرد كان إلى الحكم دون أن يكون معدا إعدادا حقيقيا للقيادة ودون أن يكون في مستوى شعبه , يكون وصوله على هذا النحو المسار الأخير الذي يدق في نعش حياته .
لا نختلف البتة حول قوة النظام الحاكم بموريتانيا وأهميته خاصة في وقت كهذا , لكن كم قائد قوي أجبر على الإبتعاد عن الحكم , وكم قائد ساهم في بناء كبير لهذا البلد مع ذلك إنتهى مساره في الحكم .
وأخيرا : بدلا من التفجع والبكاء على الأطلال لعله من الأجدى الاهتمام بما هو آني بما يستحق من يقظة عقلية ووضوح رؤية بعيدا عن جلد الذات أو تعزيتها بأوهام لا تجدي نفعا , ولنعلم حكاما ومحكومين أننا نغرق في مشكلات مستفحلة نتيجة سياسة قصيرة النظر متعسفة أدخلتنا جميعا في مأزق يستوجب اليوم اعتماد سياسة أكثر ثقة بالذات.
وتذكروا معي ” موريتانيا دولة لا تزال تكافح من أجل البقاء في ظروف صعبة ” ” والقاعدة في حمأة معركة لا تتوقف في صراع تعترف به قبل غيرها ” فهل فهمتم ما أريد قوله ؟ أشك في ذلك !!!!!!!
المعلوم ولد أوبك همدي
Aoubeck42@yahoo.com