نموذج الدولة الصحراوية: تقرير.. أم تدمير مصير؟
- ما كان لمثل هذا اللعب بالألفاظ ليغري باستحقاق تصدر هذا الموضوع
- ،لولا اتساع دوائر الالتباسات المفاهيمية والتصورية والإدراكية لقضايا
- جوهرية وتصيبها بالتكلس والتصلب المزمن في المجتمعات الصحراوية.
- فيبدو أن الوصم التي طبعها العلامة ابن خلدون على جبين البدو
- الرعويين الصحراويين،بنعتهم بالمنافين للحضارة والمخربين للعمران، مازالت
- تحتفظ بمصداقية التأطير النظري لظاهرة تمفصل المجتمع الصحراوي. وقد فسر
- الوظيفيون تلك النزعة من خلال الدوافع الايكولوجية التكيفية مع الشح
- الصحراوي في الماء والمرعى، وما يفرضه ذلك من تجزؤ زمري أسداسا وأخماسا
- وأرباعا في المجال الجغرافي القادر على تلبية الحاجات الضرورية لكل
- الكائنات الحيوانية والنباتية.
- .
- و قد تجسد ذلك التمفصل كقيمة محورية صحراوية، وسوغ استبطان العداء
- لمظاهر المركزية الحضرية أو السلطوية (هذا) في مقولات حب الحرية
- والتمرد..التي تتخذ في سياقات أخرى طابع التوحش والفوضوية والتوهم
- والهلوسة بإمكانية تحقيق الأشياء بمجرد إلصاق الأسماء والصفات بها، بصرف
- النظر عن المعطيات الموضوعية، مثل حجم الجماعة ونوع تركيبتها المهنية…
- صحيح ـ حسب رؤية العلامة(سيمل)ـ أن الجماعات الصغيرة أكثر تأثيرا على
- أشخاصها نتيجة لما تزود به المنتمين إليها من شعور خاص بالانتماء
- والعضوية الفاعلة والمؤثرة في مجرى الأحداث الجماعية، ومن ثم القدرة على
- تحديد مرجعياتهم العقلية، و المواضيع المفكر فيها، وقواعد التفكير والحكم
- على الأشياء من خلال زاوية الترشيح الإدراكي للجماعة بإطاره المقنن بمنطق
- أولي معشري, ولكن حين يتعلق الأمر بأغراض أخرى، مثل حجم الجيش والنقابات
- والوطن الكبير يكون ذلك أجدى من الحجم الصغير، من حيث إمكانية الديمومة
- والفاعلية المنتظمة التي تنافي التجزؤ.
- .
- وفي إطار هذا السياق، فهل كتب على الصحراويين في شمال إفريقيا أن
- يستمروا في الارتهان إلى التطلع “بعدة آلاف نسمة ” إلى نموذج سجن الدولة
- المرير لمصائر وعقول وتطلعات ” 3 مليون نسمة ” في موريتانيا منذ 50 سنة
- واستمرار خضوعهم لاعتباطية الطبيعة؟
- وهل قدر على مصائر حوالي 100 مليون من سكان ما يسمى” بالمغرب العربي”
- وهو الحجم القادر على تحقيق تقسيم العمل الحديث والنهوض بتشغيل أجهزة
- الدولة الحديثة، أن تستمر مصالحهم مهدرة ريثما يجرب الصحراويون تخطيء ما
- ذهب إليه ابن خلدون منذ 6 قرون ونيف، ولو بطريقة سريريه، تثبت مصداقيته
- في نهاية المطاف, ونشر عدوى التجزؤ في كل أرجاء المنطقة، ومن ثم استمرار
- مصير البوابة الرئيسية ” زوج بغال” ـ التي تعني ” بغلان” باللهجة
- المحليةـ موصدة بين الجزائر والمغرب منذ 20 سنة، وهي ترفع لافتة “
- بالمتفق عليه ” الوحيد، “اسمها ” في كلا الاتجاهين ” زوج بغال، زوج
- بغال”؟